الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة تحليلية فى خطاب رأس الدولة السودانية عبدالفتاح البرهان فى ولاية نهر النيل.

عبير سويكت

2022 / 7 / 16
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


عبير المجمر(سويكت).

وسائل التواصل الإجتماعية السودانية ضجت منذ الأمس الخميس الموافق 14 يوليو 2022، بمقطع فيديو "مبتور "، لا بداية له و لا خاتمة، لخطاب منسوب لرأس النظام السودانى، رئيس مجلس السيادة، و القائد الأعلى للجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، أثناء تواجده بولاية نهر النيل، و قد حوى الفيديو جزئية معينة من الخطاب، تم بتر ما قبلها و ما بعدها، و تم تناقل المقطع و تداوله بصورة كبيرة خاصةً من القوى السياسية الحزبية، مروجين له على أعلى مستوى.

فى الوقت ألذى انقسمت فيه اراء الوسط السودانى بين معارض و مدين للخطاب، من جانب، و متفق و مؤيد للخطاب، من جانب أخر ، بينما آخرين لزموا الحياد لحين استيضاح الرؤية، و الكشف عن الفيديو كاملًا.

الجانب المعارض لخطاب البرهان و المدين له خاصةً من القوى السياسية و الحزبية أستندوا فى رأيهم على الآتى :

- ان هذا الخطاب على حد قولهم يثبت عدم أهلية البرهان لقيادة أي من مؤسسات الدولة.

- كما أضافت القوى السياسية الحزبية فى بيانات لها على ان الخطاب عنصرى، جهوى، يهدف لمحاولة حشد قبلى لحضانة اجتماعية لما وصفوها "بحكومة الانقلاب".
- موضحين فى ذات الوقت انه يجب إنهاء ما أسموه "بالانقلاب"، بأعجل ما يمكن للتمكن من تدشين عمليات الإصلاح الضرورية، والعاجلة في القطاع الأمني والعسكري.

فى ذات السياق تعالت أصوات معارضة لموقف قحت متهمةً إياها :
- بمحاولة الاستثمار فى الأزمات و الفتنة، و السعى دومًا لإحداث الوقيعة بين مكونات الشعب المختلفة و الجيش السودانى، و التحريض المستمر ضد الجيش و قياداته، لتحقيق مكاسب ذاتية رخيصة ضد المصلحة الوطنية.
- كذلك وصفوا موقف قحت بمحاولة التأليب ضد الجيش و قياداته، و محاولات خلق الفتن بغرض المتاجرة فى الازمات القومية.
- كما وصف البعض موقف قحت بأنها بعد ان فشلت سياسيًا فى الرجوع للسلطة، و الاستيلاء على إرادة الشعب ألذى لفظها، أصبحت تصطاد فى الماء العكر لكسب سياسى ذاتى رخيص، غير حقيقي، و لصنع شعبية وهمية .
- بينما تساءل البعض أين كانت خطابات ما اسموها مجموعة "أربعة طويلة"، فى إشارة للحرية و التغيير المجلس المركزى، عندما صرح القيادى البارز وجدى صالح فى خطاب وصفه البعض "بالخطاب العنصرى البغيض "، فى فترة إعتصام القصر، واصفًا آنذاك المجموعات المتظاهرة امام القصر، و كان اغلبها الحركات المسلحة من ابناء الهامش بوصف " ما بشبهونا و لا بنشبهم"؟متسائلين اين كانت قحت و بيانات الإدانة انذاك؟ فى الوقت الذى وجدت فيه تصريحات وجدى صالح أبرز قيادات قحت إدانة من مختلف الفئات المجتمعية السودانية عدا قحت الحزبية ، التى صمتت وقتذاك و لم تنطق ببنت شفة.

- فى ذات الصدد هناك فئات مجتمعية اخرى قررت التزام الحياد الى حين الإطلاع على الفيديو كاملًا لتقييم خطاب البرهان .

ختاماً المعروف أثر و تأثير الصحافة و الإعلام فى حياة الفرد، و تشكيل الرأى العام، و قيادته فى مسارات معينة، و قد تناقلت بعض الصحف و القنوات الفضائية "خبر" مقطع الفيديو المبتور المتداول فى الأوساط الاجتماعية، و المنتشر عبر وسائل إعلامية، و كان من المفترض التعامل معه بمهنية ، و المهنية فى الخبر تتطلب الاستناد على أركان الخبر الخمس, متمثلة فى ال W5 :
‏When, Where, What, Who, Why), متى، أين، ما، من، لماذا ؟و التحقق من المصدر Source Fiable, و الأهم من ذلك ال Contexte, نقل المحتوى بكل شفافية و مصداقية، و عدم إخراج الموضوع عن صياغه، آو تأويله و تحريفه، و تشويهه ، أو تفسيره بما يتخالف مع الرسالة المقصودة منه.

فى علم ال (Communication , Information), و من أساسيات ال Shema de Communication
، التى تشمل عناصر الإتصال الرئيسية(المرسل، الرسالة،الوسيلة المستخدمة، المستقبل)، وهدف المرسل ، و استجابة و تفاعل المستقبل مع المرسل يعتمد بشكل كبير على "الرسالة"، و الوسيلة المستخدمة فى الإرسال، لكن يبدو ان الوسيلة المستخدمة فى إرسال رسالة البرهان لم تكن أمينة بالشكل الكافى، حيث تم بتر الرسالة تعمدًا، لتشويش اهم عنصر فى عملية الإتصال ألا و هى "الرسالة"، و عملية البتر و التجزئة كان الهدف منها ان تصل الرسالة مشوشة، و مشوهة لشئ فى نفس يعقوب، و المعلوم فى آليات الإتصال أنها مختلفة، منها: Communication -dir-ect, Communication in-dir-ect, الإتصال المباشر، و الإتصال الغير مباشر، و المحفوف بالمخاطر أحيانا هو "الإتصال الغير مباشر" الذى يصعب فيه التحديد، و الرسالة الغير مباشرة ترضخ لأداة الإرسال و مدى مهنيتها و مصداقيتها و حياديتها، فاذا اصبحت قناة الإرسال هى "وسائط التواصل الاجتماعي" التى لا ترضخ لأى معايير مهنية، و يتم أستخدامها بطرق غير مهنية لاغراض غير شفافة من قبل بعض الفئات و الكيانات السياسية و الحزبية فهذا لا يتفق و العرف المهنى و اخلاقيات المهنة، و خير مثال لذلك فيديو رئيس مجلس السيادة المبتور المجزأ لغرض ما، و كما هو معروف فى فن الرسالة أنها تفقد حوالى 60 ٪ من معناها و أهدافها عندما تنقل عن طريق وسيط، و تكون غير مباشرة من قائلها، محكمة المفردات و الجمل تعبر عنه و عن أهداف رسالته الحقيقية.

مما لا شك فيه ان المستقبل الحصيف الفطن يحتاج ان يستمع للفيديو كاملًا من البداية و حتى النهاية ، دون تجزئة و بتر، حتى يفهم محتوى الرسالة بصورة صحيحة، إلا انه فى الحالة التى نحن فى صدد تحليلها الآن قد تم الترويج لخطاب البرهان بعد البتر و التجزئة على النحو التالي :

- (نحن ما هوان عشان الناس يقودونا، ناسنا معلمين، مكانهم القيادة).

لكن اعتمادًا على نص الفيديو الغير مبتور و غير مجزأ و غير مشوه ، كان حديث البرهان واضحًا لا لبس فيه على النحو الآتى:
كان البرهان معدداً و مذكراً بتاريخ ولاية نهر النيل، و مساهماتها فى بنيان السودان، و تأريخ ممالكها، و قدرات ابناء المنطقة، و إمكانياتهم البشرية، واصفين إياها انها ليست بساهلة، و لا بسيطة، مبينًا ان جميع هذه الأشياء مجتمعة توضح أنهم ليسوا بهذه السهولة و الهوان حتى يساقوا و تتم قيادتهم، بل تلك القدرات و الإمكانيات تجعل منهم "مثل" إى "انموذج"، و ان مكانهم الريادة و القيادة، و ليس ان يُقادوا و يُساقوا دون فهم.
- "ديل ناس ما بشبهونا" ، فسر كثيرون هذه الجملة على انها عنصرية ، مع انها هى نفس الجملة التى رددها وجدى صالح فى حديثه عن جماعة اعتصام القصر، لكن الاختلاف هنا، هو ان البرهان فى صياغ حديثه لم يقصد العنصرية ، لم يتطرق لتفصيل التشابه الذى تحدث عنه و عدمه، على انه تشابه فى الجنس ، او القبيلة، او العرق، او لون البشرة ، بل تشابه التعاليم، القيم، المبادئ …الخ ، حيث كان قد دعى ابناء المنطقة للوحدة، و لرفع الوعى للمحافظة على حقوقهم "على الأقل"، ناصحًا إياهم بإن صوتهم يجب ان يكون مسموع، حتى لا يسمحوا لناس آخرين أن يتحدثوا أصالةً و نيابةً عنهم، "لأنهم لا يمثلونهم و لا يشبهونهم".
و المعلوم لدى المراقبين للملف السودانى و تطوراته،
ان ثورة ديسمبر التى أنطلقت شراراتها من منطقة عطبرة المدفعية، عطبرة السكة حديد ، عطبرة الحديد و النار بولاية نهر النيل،و بعدها توسعت الثورة و شملت جميع أنحاء السودان، لكن يرى البعض أن الثورة المنطلقة من عطبرة فى الأساس تم إختطافها من فئات حزبية انتهازية امتطت الثورة، و اختزلت أهدافها الرئيسية لتحقيق مكاسب و مصالح حزبية سلطوية بعيدا عن المصالح القومية الوطنية ، و كانت و ما زالت تلك الفئات الحزبية التى توصف بانها فاقدة للقاعدة الشعبية و الجماهيرية، و تفتقر للدعم و السند الشعبى، ما زالت تتاجر بأسم الشعب السودانى، و تدعى أنها تمثل السودانيين بلا فرز، و انها تمثل مطالب السودانيين دون تمييز، فى الوقت الذى تعالت فيه اصوات سودانية من مختلف السودان تدين و تستنكر اكذوبة ادعاء شرعية تمثيل الشعب و مطالبه، كما تعالت اصوات نسوية فى نهر النيل و غيرها من مناطق السودان موضحًة ان المنظمات و الكيانات النسوية التى هى عبارة عن لافتات لاحزاب سياسية بعينها، تتدعى زورا و بهتانًا أنها تمثل نساء السودان، و من ضمنهم نساء نهر النيل، و تزعم انها تمثل مطالبهن، فى الوقت الذى تبرأت فيه العديد من النساء من مطالب اللافتات الحزبية تحت ستار النسوية، واصفين بأنها ضد معتقداتهن، و قيمهن، و مبادئهن، و لا تشبه التربية و التعاليم التى نشأن عليها.

فى ذات الصدد كان قد أشار البرهان فى حديثه، انه خلال زيارتهم لمناطق مختلفة من الولاية وجدوا الناس حالتهم واحدة، روحهم واحدة، و نفسهم واحدة، محتاجين ان يتعاونوا و يتكاتفوا مع بعضهم، فكانت الدعوة لوحدة ابناء الولاية على الأقل للحفاظ على حقوقهم .
موضحًا ان الولاية كانت و ما زالت أبوابها و صدرها مفتوح للجميع دون فرز ، قائلًا : ما عندنا فرز، دا من وين؟و دا جنسه شنو؟مضيفًا : كلنا سودانيين نأكل معاً، و نشرب معاً ، لكن مع ذلك يجب ان تكون هناك حدود فاصلة بين الحق العام و الحق الخاص، مذكراً بان ولاية نهر النيل منتجة للذهب ، ولابد ان يكون واضح امر ماذا تقدمه الدولة للولاية من اسهامات. لان الدهب يطلع من هذه الولاية.

اما وصفه ابناء الولاية بانهم "معلمين"، كان فى صياغ ذكره لتاريخ الولاية مبينًا ان انسان المنطقة علم و نشر التعاليم و القيم السمحاء من عادات طيبة و أنسانية ، و تعاون، و تكافل، و تراحم فى السودان.

نواصل للحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل