الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شنكاليات 5

حسن شنكالي
كاتب

()

2022 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


لحياة الصبا والطفولة طعم خاص مميز ومنحوت في الذاكرة لا يتذوقها المرء في حينها الا أن تتحول إلى خزانة الذكريات الجميلة ليستمتع بها بعد سنوات ومهما طال بنا العمر وأخذت السنين مأخذها سيبقى الحنين الى تلك الأيام الخوالي كأنها مرت كطيف بلمحة البصر وكلما تذكرناها زدنا" حنينا" وشوقا" لماضينا وعجبا" في العراق البلد الوحيد الذي كان ماضيه أجمل من حاضره مع الاسف خلافا" لكل نواميس الحياة وقوانينها السائدة .
وأعود بذاكرتي الى أيام المهرجان الرياضي السنوي للمدارس الإبتدائية في شنكال والذي تنتظره العوائل الشنكالية قبل تلاميذ المدارس كونها المتنفس الوحيد لهم في السنة لاسيما يصادف أيام الربيع بعد أن تخصص ساحة لإقامة الاستعراض ويحضرها جمع غفير من جميع مكونات أهل شنكال وتكاد تخلو الشوارع وكأنها عطلة رسمية يحضرها غالبية موظفي الدوائر الرسمية وفي مقدمتهم قائمقام القضاء راعي الإستعراض حتى يتوافد تلاميذ المدارس الإبتدائية من قراهم برفقة معلم التربية الرياضية في سيارات البيك آب القديمة وعلم المدرسة يرفرف مع قطعة بإسم المدرسة ويرتدي البعض من تلاميذ المدارس القروية الملابس الداخلية لضعف الحالة المادية عموما" آنذاك والبعض بالملابس الرياضية (التراكسود) بألوانها الزاهية والمتفق على اللون لكل مدرسة مسبقا "مع اللجنة المنظمة وكأنهم في زفة عرس يجوبون شوارع القضاء وغالبيتهم تكون زيارته الأولى للمدينة مرددين شعارات وعبارات غير مفهومة سوى إفتعال الضجيج والصخب بأعلى الأصوات حاملين بعض الزاد الذي لا يتعدى كسرة من الخبز والبيض ليسدوا رمقهم بعد فعاليات الفترة الصباحية التي تسبق الاستعراض وما كنا نسميه التسقيط والذي يسجل رقما"يتبارى مع الفائزين في الفترة المسائية .
وتبدأ العوائل الشنكالية بالتوافد وكأنها تشارك في كرنفال بهيج تتلألأ فيها الأزياء التراثية ، حتى يبدأ الإحتفال بالإستعراض من أمام منصة التحية المعدة للضيوف تتقدمها كوكبة من الاعلام العراقية وفصائل الكشافة تتبعها مجاميع المدارس المشاركة يقودها معلم التربية الرياضية مع قرع الطبول بصيغة الإيقاع العسكري الذي ينظم السير بعدها ترديد للقسم الرياضي ويتنافس المتبارين في عدد من السباقات والفعاليات التي تتوسط الساحة كاللوح السويدي الذي يعتمد على الحركات الإيقاعية بالتوافق مع نغمة موسيقية تم التدريب عليها ، ويستدعى المتسابقين من قبل مذيع الحفل بالنداء الاول لسباق ١٠٠ متر وهكذا بعض الفعاليات الترفيهية كسباق الكواني والبيضة وجر الحبل وشد الأرجل وسباق المعلمين وتتوالى السباقات في جو من الفرح والسرور والتشجيع والحماس من قبل الأهالي وعند حصول المتسابق على المركز الأول يستقبل بالأحضان من قبل معلم الرياضة وموجة من التصفيق الحار وعبارات التشجيع من قبل زملائه التلاميذ .
حتى ينتهي الإستعراض بالإعلان عن بطل الساحة والمدارس الفائزة للمراتب الثلاثة الأولى وفق آلية جمع النقاط ويختم الإستعراض بتوزيع الجوائز على المدارس الفائزة ليعودوا حاملين الكؤوس وكأنها غنمية نفيسة لفرط سعادتهم بتلك الإنجازات الرياضية تتخللها هتافات بريئة كبراءة الطفولة والتي تدل على التحدي والتنافس الشريف .
وهذه ايضا"كانت صورة رائعة من صور التجمعات العفوية التي تدل على المحبة والتآلف بين مكونات المجتمع الشنكالي يجتمعون فيها على الود والإحترام بعيد" عن كل أشكال الحقد والكراهية المقيتة والتي إفتقدناها لسنوات خلت .
وختاما"أقول كما قال أبو العتاهية ( فيا ليت الشباب يعود يوما".. فأخبره بما صنع المشيب ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس