الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب (مذكرات اسير في ايران)

احمد جبار غرب

2022 / 7 / 16
أوراق كتبت في وعن السجن


صدر عن دار سطور كتاب (مذكرات اسير في ايران) للكاتب احمد ال داود ويقع في 530صفحة من القطع المتوسط بمجلد أنيق وجذاب يعكس اهتمام دار سطور بإصداراتها وما تنجزه من مطبوعات والكتاب عبارة عن مذكرات لحياة الأسر التي عاشها الكاتب في أعقاب الحرب العراقية الإيرانية التي اشتعلت في مطلع الثمانينات والتي خلفت الكثير من الآثار والخراب المادي والنفسي في نفوس الشعبين العراقي والإيراني وصنعت لآجل سقف الطموحات الشخصية للدكتاتوريات الحاكمة لإرضاء غرورها وغطرستها ويتناول فيه كل تفاصيل حياته منذ ان التحق بوحدته العسكرية الى نهاية الأسر ساردا كل دقائق وتفاصيل تلك الأيام والليالي الموحشة التي أرقت العراقيين وأوجعت قلوبهم جراء التضحيات الجسام والفقد الكثير لأرواح الشباب والتي ابتلى بها الشعب العراقي واستخدم الكاتب في هذه المذكرات أسلوبا شيقا بعيدا عن التضخيم والمغالاة في رسم الجمل الطنانة في الكتابة حيث لايلزمك بتتبع حدث ما الى نهايته كما يحدث في العمل الروائي الذي يعتمد على ثيمة واحدة او مفتاح لكل الإحداث ومفاصل الأعمال الإبداعية الجمالية كما في الرواية والقصة او حتى الفلم السينمائي او الكتاب النقدي ويستطيع القارئ إن يلج المواضيع حسب اختياراته من الفهرس الموجود بذيل الكتاب لان الخط السردي خط متشكل على تجزئة الأحداث وليس تجميعها أي إن الثيمة التي يستشعرها القارئ تنفصل في كل موضوع او حدث ويعني ايضا أن كل حدث هو قائم بذاته ومجموع الأحداث وتناقضاتها تشكل مجمل الكتاب على ان الكتاب بمجمله وحدة متماسكة في التأثير في وجدان المتلقي او القارئ وأفعال الحرب شاذة في تداعياتها وقاسية ومدمرة وليس حلا سياسيا في كل الأحوال وأهوالها كارثية تستمر الى عقود من الزمن وتطبع في الذاكرة الى حين من الزمن إضافة الى أنها تفتك بالأرواح والممتلكات ويمكن قراءته بما يسمح به الوقت والعودة اليه مرة أخرى متى ما شاء دون ان يقع القارئ في كماشة الكتاب وإغواءه وما شدني حقيقة هو أسلوب الكاتب الذي اعتمد على واقعية الحدث بأسلوب بسيط حكائيا يسهل على أي قارئ مهما كان مستوى تفكيره او ثقافته من فهم تفاصيله وتلك تحسب للكاتب احمد ال داوود في تبني السلاسة ولم يدخل في دهاليز اللغة السردية الروائية المعقدة الزاخرة بالأشكال والصفات والأفعال النحوية والزخارف اللغوية المتشددة لتبيان قوة الجنس الأدبي وفلسفته والتي غالبا ما تكون ثقيلة ويصعب هضمها وتحتاج الى تركيز ذهني عالي جدا لتأويل مقاصدها عكس كتاب (مذكرات اسير في ايران ) الذي اعتمد على تبسيط التفاصيل والوقائع بما يسهل توصيل الفكرة وأحداثها لكل الأوساط والقراء بمختلف المستويات واعتقد ان تلك مسئولية تحملها الكاتب بامتياز لقناعته ككاتب وكأسير بجدوى ان يصل المعنى العام للكتاب بكل يسر وسهولة وتقبل لكل الناس ويمكن الإشارة الى ان الكاتب حاول بذكاء تجنب الخوض في الأمور السياسية وغمارها بشكل عميق واكتفى بتلميحات توصلنا الى ما يقصده ويبتغيه حتى لا يشكل ذلك مثلبة كون تبني الفعل السياسي بأي شكل كان يفسد العمل الأدبي ويقلل من قيمته وتجعله يتخذ مسارات متقولبة وجامدة بعيدا عن الفعل الإبداعي و الجمالي والإنساني الذي يخلد القطعة الأدبية او المحتوى الخلاق لاستقلاليته وتجرده عن الجانب السياسي البراكماتي المشوه والقائم على اختيار الحقيقة فقط في التناول والكشف عن إبعادها وقد أسهب الكاتب احمد ال داود في شرح كل تفاصيل الحياة اليومية ومعاناتها وبدقائقها الصغيرة بلغة وصفية جميلة حيث استعان أسلوب رسم للأمكنة والمسميات وكل الأفعال بدقة جعلت قراءة الكتاب تبدو ممتعة غير ثقيلة على اعتبار ان واقع الأسر بذاته مغري وموضوع جاذب للقارئ ويهم كل الشؤون السياسية منها والإنسانية والاجتماعية انها باختصار عيش حياة بالإكراه وبالإرغام خارج نطاق الحيز الإنساني الطبيعي وهذا يشكل مدخلا لفهم كثير من التفاصيل والالتماعات العقلية وتناقضاتها وتلك تشكل فعلا إبداعياً يستحوذ على المشاعر والافكار كثمرة يجود بها صاحب المنجز وهو يلعب في منطقة حساسة جدا وهذا ماوجدته في كتاب (مذكرات اسير في ايران)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق


.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري




.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو


.. بعد توقف القتال.. سلطات أم درمان تشرع بترتيبات عودة النازحين




.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما