الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخادمة .. ( ناني ) … ! ( قصة قصيرة )

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2022 / 7 / 17
الادب والفن


فتاة .. ترتدي بنطلون جينز يضيق بسنواتها العشرين ، ويُبرز خطوط قوامها الجميل .. بيضاء .. حلوة التقاطيع .. أنف صغير دقيق ، وشفتان ممتلئتان ريانتان ، وعيون صغيرة مجرورة .. شعرها الاسود الناعم ينساب على رأسها ، ويستقر بسلام على كتفيها .. جلست على حافة الكرسي في أدب جم ، وهي تعلق على شفتيها ابتسامةُ خجلٍ ضيقة مهذبة كأنها إشراقة !
انها الخادمة الجديدة ( ناني ) ..
ارتمى .. ( الاستاذ عباس ) - وهو رجل في الأربعين - على مقعده الوثير ، وارخى جسده .. ليعطي أمعائه الفرصة لتهضم طعام الغداء في هدوء ، ومن ثم يستمتع بقيلولته اليومية .
تلحق به بعد فترة زوجته ( سماح ) .. تقذف برأسها فوق الوسادة ، وتُلقي بجسدها الثقيل المكتنز بجانبه على السرير .. يئن السرير ، وتصرخ مفاصله مصدرةً صريراً مزعجاً .. يتململ الاستاذ ، ويتقلب في رقدته .. لكنه اعتاد على مثل هذا الفاصل المقرف من يومه .. كما يعتاد التعيس على شرب الخمر ..
فلم يعد يثير فيه أكثر مما يثيره كل يوم من تذمر واشمئزاز ، وإحساس بالغيظ يكاد يفتت مرارته .. لا تمر لحظات حتى تطلق انفاسها شخيراً قوياً .. يدير الاستاذ لها ظهره ، وينام على جنبه ، وهو حانق يزفر أنفاسه ، ثم يأخذه هو الآخر التعب ، فيغفو ويتعالى شخيره .
يقوم بعد أكثر من نصف ساعة ، ويتجه الى الحمام ، وهو يهرش فروة رأسه .. تقفز المفاجأة الى وجهه ، وهو يرى أمامه ناني بقوامها النشيط المتناسق ، وهي تمسح الارض ، وسيقانها البيضاء الملفوفة عارية .. ينزلق بعينيه الى عنقها ثم الى نهديها .. يبقى جامداً في مكانه لم يتحرك ، بل لم يتنفس ، وعيناه تواصلان التهامها ..
لكنه أفاق سريعاً الى نفسه ، فشد قامته ، وصلب عوده ، ثم تنحنح فانكمشت الفتاة ، وانزوت في ركن لتفسح له مجالاً للمرور ، وهي تسحب أطراف ثوبها لتغطي الجزء العاري من جسدها .. يسير بخطى غير متوازنة ، وهو لا يكاد يرى الطريق أمامه .
يدخل الحمام ، ويفتح الحنفية على آخرها ، ويضع رأسه تحتها ، وصورة ناني تهتز أمامه ، وتتغلغل في خياله .. يفعل الماء فعله ، ويرطب رأسه الملتهب ، حتى بدأ يستريح وأنفاسه تهدأ .. يخرج من الحمام ، ويُسرع الخطى الى الصالون .. يجلس .. ثم يمد يده ، ويلتقط مجلة قديمة ، ويقلب في صفحاتها دون أن يرى منها شيئاً .
وبعد لحظات تدخل ناني وراءه ، ونهديها يتقدمانها ، لتواصل عملها بنفس الطريقة الجريئة المستفزة .. يهتز جسدها الناضج ، وهي تقترب منه .. تتسلل الى أعصابه رائحة الأنثى وتدغدغها .. تُبعد نعليه لتمسح ما تحت المقعد ، فتبرز عجيزتها أمامه ..
يشتعل الجحيم مرة أخرى في جسده الجائع ، وترتفع الحرارة لتصعد الى نافوخه ، فيتلون وجهه بحمرة الانفعال والرغبة .. تتركه فريسةً لتأوهاته ، وتغادر بجردل الماء والمنشفة !
ثم تدخل عليه زوجته ، وهي تهز جسدها المكتنز بصعوبة .. تراه جالسا ، ووجهه مختفيا خلف المجلة .. لم يلتفت اليها ، ولم يحس بها .. ثم ملأت اذناه بصوتها ، وهي تصب عليه ابتسامتها الطيبة :
— حبيبي .. هل رأيت ناني .. الخادمة الفلبينية .. ؟ لقد جئت لأقول لك ، فوجدتك نائما .. مفاجأة ، اليس كذلك ؟
يجيبها وهو سارح في عالم آخر ، وسيقان ناني العارية تملأ كل خياله :
— فعلا مفاجأة ، وماذا عن أم فرج .. ؟
— طردتها .. عجوز كحيانة .. لا تنفع في شيء ..
— لكنها تخدمنا منذ زمن بعيد حتى أصبحت واحدة منا .. حرام تفرطين بها بهذه البساطة ..
تقاطعه بحركة من يدها :
— دعك منها .. ناني شابة قوية نشطة .. تقوم بكل شيء .. مثقفة .. تتكلم عربي وانجليزي .. ألا ترى البيت كيف أصبح يتلألأ مثل البلور .. ؟
— وماذا عنكِ أنتِ والبنات .. ؟
— ماذا تقصد .. ؟
— ألا تكفي ثلاث نساء لتنظيف البيت .. لتأتينا برابعة ..
— أنا تعبت وحان الوقت لأستريح ، والبنتان مشغولتان بالدراسة ..
يستسلم عباس .. يغمغم مع نفسه كأنه يرتل في صلاة :
— الله يستر .. !
لم تفهم الزوجة .. ثم نادت على ناني لتتعرف على سيدها .. التقت عيناه بعينيها الجريئتين .. تنزع عينيها من بين عينيه ، وتسقط رأسها على صدرها .. أحس أن في نظرتها شيئا أحرجه .. كأنها كانت تعرف بأنه تتبعها بعينيه منذ أطلق عليها نظرته الأولى ، وربما كانت تعرف بما كان يدور في رأسه .
تمر الايام وعباس دائم الهرب من ناني ، أو بالأحرى من نفسه المتهافتة .. لم يتبادلا اثناء طوافهما في أرجاء البيت سوى كلمات عابرة ، ونظرات مختلسة ، فيراها تبادله النظرات كأنها تتفاهم معه بعينيها .. لقد بات يبذل جهداً كبيراً ليظل محتفظا بمظهره الجاد الوقور ، وبصورته .. صورة الاب ، والزوج المثالي التي عرفوه بها .
وذات يوم ..
استيقظ في منتصف الليل عطشان ، فدخل المطبخ ، وعندما انتهى من شرب الماء .. مر في طريقه ، وهو عائد على غرفتها .. سمع وشيشاً كأنها كانت تتكلم بالتلفون بصوت خافت .. لم يعد يتحمل هذا العذاب الذي بات يمزق اعصابه ، فشدته اليها قوة مجهولة لا يعرفها .. كما تشد الجائع رائحة الطعام من انفه !
خطى نحو الباب ، ثم دخل عليها في خطى متلصصة كخطوات القطط ، فوجدها متمددة على الفراش ، وهي بالقميص الداخلي شبه عارية .. لم تتفاجأ ، ولم تستر نفسها .. انتصبت واقفة .. تململت لأنه أنار المصباح .. طلبت منه همساً أن يطفئ النور فوراً .. ساد الغرفة ضوء خافت مثير ، وعندما اقترب منها .. لم تفز ولم تجفل كأنها كانت تتوقع ذلك .. يبدو أنها اعتادت على مثل هذه المواقف من مخدوميها منذ أن بدأت تعمل في البيوت ..
وسارت الحياة .. وتعددت اللقاءات .. وعباس يكاد يطير من فرط السعادة .. لقد منحته هذه الانسانة أسعد لحظات عمر ضاع .. عوضته عن كل سنين الحرمان التي عاشها مع زوجته الباردة .. حتى أصبح يمل الدائرة والطريق والمقهى والناس .. كل شيء كأنه يريد أن يطير عائداً إلى البيت .. الى ناني .. !
رغم سذاجة الزوجة ، وطيبتها إلا انها أحست بتغير قد طرأ على زوجها .. فهو دائم السرحان .. مشغول البال .. كثير النسيان .. لا يقربها كعادته .. منذ أن جاءت ناني ، وهو بعيد عنها كأن التي تنام بجواره جثة ، وليست زوجته ، وحبيبته التي حفي حتى تزوجها .. فتوجس قلبها خيفةً ، وتذكرت ما كانت تحذرها منه شقيقتها بأن مِنَ الخادمات الاجنبيات مَنْ لا أمان لها .. هدفها الأول المال .. يدها طويلة .. تسرق وتهرب ، وعندها بدل جواز السفر .. جوازين .. وحذرتها من ضعف الرجال .. كل الرجال .. والقصص كثيرة .. وتطول .. !
واكثر من ذلك .. شعرت سماح بغياب زوجها في بعض الليالي ، ولم ترغب باثارة فضيحة .. ماذا يعود عليها إن فعلت ذلك .. ؟ لا شيء .. سوى خراب بيتها وتشريد بناتها ، فالذنب كان ذنبها ، ولا أحد غيرها .. هي من أشعلت النيران في ثوبها ، وهي من أدخلت الافعى الى بيتها ، ومنحتها الدفء ، وهي التي قربت الصاعق من حفنة البارود .. نعم .. هي من جاءت بهذه المشكلة التي سيروح ضحيتها أكثر من قلب ، وأولهم قلبها الذي تراه يذبح أمامها في كل لحظة جهاراً نهارا ..
انها زوجة عاقلة ، ويجب أن تبقى كذلك ، فلا خيار أمامها غيره لتنقذ بيتها ، وتنتشل زوجها من الضياع ، وإلا خسرت كل شيء .. تحملت الجرح الذي شقه زوجها في صدرها بصمت ، وبلعت المر وسكتت ، وقضت لياليها حائرة لم تنم .. بكت .. بللت الليالي كلها بدموعها .. حتى اتخذت أخيراً قراراً كأنها تواسي به قلبها المجروح ، وقامت بتنفيذه على الفور .
انتظرته حتى عاد ..
من عمله منتشياً حالماً بليلة من ليالي شهريار .. وما كادت تفتح الباب حتى انطلق عباس في وجهها فاتحاً ذراعيه على آخرهما ، ثم ضمها بحنان على غير عادته ، وطبع قبلة سريعة فوق جبينها .. تنزع نفسها من بين ذراعيه ، وتبتعد عنه ، وهي تخفي جرحها النازف تحت ستار تظاهرها بالاستهانة واللامبالاة .. وتقول :
— غريبة .. ! تبدو اليوم سعيداً على غير العادة .. ؟
— وكل يوم .. انشاء الله .. بوجود حبيبتي سموحة .. بالمناسبة لقد جئتك بهدية ثمينة ..
ترد في لهجة تنضح برنة السخرية :
— حقاً .. ؟ القلوب عند بعضها ، حبيبي .. يا محاسن الصدف .. أنا أيضاً جئتك بهدية ثمينة .. !
يذهب ليغير ملابسه .. استعداداً للجلوس على مائدة الغداء .. يرفع عينيه يبحث بهما عن ناني ، وهو يدندن بلحن خفيف ، والفرحة تعلو كل وجهه .. ربما تكون في غرفتها ، أو في الحمام .. لا بأس .. أمامه يوم طويل ، واللقاء قريب .. !
يبدأ بخلع ملابسه ، وهو سارح في خياله .. يستعجل اللحظات ، ويستحلفها أن تمر ، وقلبه يزداد تعلقاً ، ولهفةً الى هذه الناني العزيزة .. يبدو سعيداً بنفسه سعادة .. يدرك أنه لا يستطيع أن يمسك بها الى الابد .. لكن ما في اليد أفضل مما على الشجرة .. !
ثم تذكر الهدية الثمينة التي اشتراها لناني الغالية ، وخاف أن يخلط بينها ، وبين هدية زوجته ، فوضع كل واحدة في جيب ، وشدد على ذاكرته ، وعنّفها أن تنشط ، وأن لا تخونه هذه المرة .
وعندما خرج من غرفته اصطدم بمفاجأة زوجته .. ويا لها من مفاجأة صادمة .. قاسية .. لم تخطر له على بال ! يرى أم فرج ، وقد خرجت من المطبخ ، وأقبلت عليه فرِحةً تحييه .. تُذهله المفاجأة .. لكنه تماسك كأنه فهم ، وبعد أن هدأت الدهشة في عينيه ، رد على تحية أم فرج ببرود ، ثم سكت فترة ، وجبينه معقد كأن شيئا في صدره يتألم .. ثم تنهد في حرقة ، وهو صامت موجوع .. !!

( تمت )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع