الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما زال الغرب يتعامل مع الشرق الاوسط بالدونية و خرق السيادة الوطنية

محمد رضا عباس

2022 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الغرب ما زال ينظر الى دول الشرق الأوسط نظرة دنية , التلاعب في مقدراته و سيادته واستقلاله تماما مثل ما كان قبل مائة عام , زمن معاهدة سيكس -بيكو(1916) , ولكن بطريقة مختلفة , فبدلا من التقسيم اصبحوا يطالبون دول المنطقة مرة بأنشاء ناتو عربي ومرة أخرى بالحماية العسكرية من اجل ضمان هيمنتهم بأرخص الاثمان ,متجاهلة شعور مواطنيها الاحرار و رفضهم بشكل مطلق التدخل الخارجي في حياتهم ومستقبلهم .
قبل وصول السيد جو بايدن المنطقة نشر الاعلام الإسرائيلي خبر تأسيس "ناتو عربي" , وان عناصر هذا الحلف هو أمريكا , إسرائيل, دول مجلس التعاون الخليجي , مصر , والأردن. هدفه كما روج المسوقون له هو لمواجهة روسيا والصين وايران .
لم يتحقق المشروع ولن يتحقق على الاطلاق , ولسبب بسيط ان فكرة تأسيس " ناتو عربي" جاءت من ناس ليس من اهل المنطقة وانما جاءت الفكرة من ناس يجهلون ثقافتها و تاريخها . هؤلاء الناس او "الخبراء" وظيفتهم صنع عقار واحد لكل الامراض وهو امر مستحيل , باستحالة فرض ارادتهم على مستقبل شعوب منطقة عددهم اكثر من 381 مليون , وبمساحة ما يقارب ربع الكرة الأرضية.
مشروع تأسيس " ناتو عربي" ليس بالسهولة التي اطلقها المروجون له . مثل هذا المشروع يتطلب دراسة سنوات مع اشتراك خبراء من كل الاختصاصات , وهذا ما لم يتحقق للمشروع. المروجون للمشروع كل العادة , لم يحترموا عقل المواطن العربي , بل ان المشروع بكاملة استهزاء بالعقل العربي. لقد جربها ولي العهد السعودي عندما اعلن عن تشكيل حلف عربي إسلامي لمحاربة " ذيول ايران " في اليمن. ولكن بسبب غياب دراسة معمقة لهذا الحلف , فانه مات قبل ان يتحقق وبقيت السعودية وحدها تتحمل تبعات حربها في اليمن . الاحلاف لا تؤسس عن طريق الهاتف او ولائم العشاء الفاخرة , الاحلاف العسكرية تحتاج الى مال , خبرات , قيادة, وأسباب . وفي قضية " الناتو العربي" لم تتوفر له أي شرط لتحقيقه ,وفوق كل شيء لا توجد الرغبة والإرادة عند حكومات المنطقة لتأسيس هذا "الناتو". السعودية لها علاقات جيدة مع روسيا والصين ولا تريد الحرب مع ايران . إسرائيل ليس مطمئنة من الجيوش العربية التي من المتوقع ان تدخل في هذا " الناتو" . انها تتخوف في حالة الإعلان الحرب على ايران ان تتجه الجيوش العربية الى حدودها بدلا حدود ايران . حكومة الأردن ربما تريد هذا "الناتو" لدواعي مالية ومساعدات ولكن شعبها اغلبه من الفلسطينيين و سوف لن يسمحوا الدخول في حلف أساسه حماية امن إسرائيل. يضاف الى ذلك , فان مجموع القوات المسلحة للدول المشاركة في هذا "الناتو" لا يمكن التعويل عليه بدون جيش مصر , والذي ناء بنفسه عن هذا الحلف .
اذن, كانت الدعوة الى تأسيس "ناتو عربي" ماهي الا مجرد دعوة جس نبض قادة المنطقة الى إمكانية رصهم ضد جارتهم ايران ومقدار قبولهم لدولة إسرائيل وفتح ابوابهم لها , وهذا بالضبط ما نتج عن زيارة الرئيس بايدن للمنطقة , لقد وجد السيد بايدن ان قادة المنطقة يفكرون بواقعية اعمق مما يفكر "المفكرين السياسيين " في واشنطن والغرب. دول المنطقة قرروا سد الأبواب بوجه كل من ينادي ب " ناتو عربي" او التحالف مع إسرائيل , حيث جاء في تصريح وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان انه لا يوجد شيء اسمه "ناتو عربي" , مؤكدا ان بلاده لم تشارك في أي مشاورات في هذا الشأن.
ومن اجل تغطية واشنطن فشلها في تأسيس " الناتو العربي", قام الرئيس بايدن بالتصريح اخر لا يقل مكابرة و مخاطرة من الأول , وهو ان بلاده لا تعتزم الانسحاب من الشرق الأوسط وترك فراغ في المنطقة لمصلحة قوى أخرى , حيث قال " لن نتخل (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغا تملؤه الصين او روسيا او ايران , سنسعى للبناء على هذه اللحظة بقيادة أمريكية فاعلة وذات مبادئ". انه تصريح اخر ينظر الى قادة دول المنطقة احداث دون سن البلوغ , وهو ما يشكل إهانة قادتها وشعوبها . التصريح يقول بالخط العريض ان جيوشكم وتجهيزاتكم العسكرية التي صرفتم عليها المليارات من الدولارات لا تنفع بدوننا . وان دول المنطقة من الدونية و الضعف والهوان يقبلون باي قوة كانت حتى وان جاءت من غواتيمالا . هل يوجد استهزاء اكثر من هذا بقادة المنطقة ؟
التواجد الأمريكي موجود منذ ان اعلن الرئيس جيمي كارتر بان منطقة الخليج منطقة نفوذ امريكي وهذا النفوذ توسع الى جميع دول المنطقة , ولكن هذا التمدد لم يؤدي بالمنطقة بالتقدم الاقتصادي والامن والاستقرار , وبذلك فان تصريح الرئيس بايدن سوف لا يغير شيء . قادة المنطقة وصلوا الى قناعة بانه لا يمكنهم التعويل على أمريكا وحدها و بذلك فبلوا بالتواجد الأمريكي ولكن بنفس الوقت سوف لن يغلقوا ابوابهم بوجه روسيا او الصين او ايران . الذين اجتمعوا مع الرئيس بايدن لم ينددوا بالعملية الروسية في أوكرانيا ولم يوعدوا بزيادة انتاج كميات من النفط تزعج روسيا , الصين لم تتخلى من مشروع الحزام الذي سوف يمر بالمنطقة , فيما اعلن وزير الخارجية السعودية بان بلده سيكون منفتح على ايران.
بقى ان نقول , ان زيارة السيد بايدن الى المنطقة اكدت للمرة المليون دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني مهما تجاوزت على القوانين الدولية وان التعرض لاعتداءاتها على دول المنطقة خط احمر , وهو دعم غاب عن الفلسطينيون أصحاب الأرض, حيث لم يلبى طلب السلطة الفلسطينية مثل فتح قنصلية في الشطر الشرقي من القدس , الغاء اعتبار منظمة التحرير منظمة إرهابية , اعلان عن وقف الاستيطان , استئناف مفاوضات السلام , واستئناف الدعم المالي. فلسطين لم تكن أساسا على راس الأولويات الامريكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو