الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريب في مدينة أليفة 6

علوان حسين

2022 / 7 / 18
الادب والفن


_ ماذا تفعل هنا في بغداد ؟ فاجأني كلامه الحاد حضوره أمامي الذي عمق غربتي وسؤاله الذي أشعرني بالتطفل على مدينة كنت أعد نفسي حجرا ً من حجارة بيوتها القديمة .
_ أنا هنا أبحث عن معنى ما لحياتي ..
ضحك ساخرا ً من إجابتي هو الذي يراني ساذجا ً كما كنت وقت صباي وهو الذي كنت أراه حكيما ً وصديق طفولة ٍ ساذجة أيضا ً .
أنا في بغداد جئت لأشهد زوال جمالها هي قسوة مني ربما كمثل من يزور شخصا ً يحبه في لحظات إحتضاره . جئت لألقي النظرة الأخيرة على الشمس وقت الغسق أحفظ في ذاكرتي المشهد الجميل والجليل لشمس ٍ تغرق ويبتلعها السراب . حينما تموت إنتحارا ً أو قتلا ً امرأة في مقتبل شبابها لأنها أحبت ولا تعد شهيدة ً بل عارا ً على القبيلة هذا يعني أن الحب مهدد بالموت وحين يموت الحب في مدينة وتذبح امرأة عاشقة هذا أوان موتها وزوالها أيضا ً . بغداد تـُذبح ُ كل يوم . تـُذبح ُ بغداد مع كل امرأة تـُهتك ُ إنسانيتها تـُذل ُ وتـُعنف ُ وتموت بصمت ٍ وسرية في بعض الأحيان . بغداد ولدت من قصيدة . لولا ألف ليلة ٍ وليلة وقصص الحب التي سحرت العالم ما كانت بغداد . بحثت كثيرا ً عن النساء المنسلات من ليل القصص السائرات كالطيف بثياب ٍ حريرية ٍ وجمال ٍ يسحر الخيال . تحتاج بغداد لشهرزاد جديدة تحكي حكاية موت أبطال الحكايات في الواقع وكيف يموت الحب في مدينة ٍ ولدت من الخيال . حين يتربص القتلة بالعشاق ويكون الموت مصير كل عاشقة لا أمل لبغداد أن تنهض من رمادها ما لم تحدث ثورة يقودها العشاق بإسم الحب . ثورة تزيل الأزبال وتزرع بدلها الورد تنظف الشوارع من صور السياسين وتضع بدلها صور القديسات ضحايا جرائم الحب وشهداء تشرين . تحتاج بغداد إلى ثورة من أجل الرغيف والحب والكتاب والورد أيضا ً . لماذ تختفي الإبتسامة عن وجوه الناس في بغداد ؟ في الشارع وأنا أترصد الوجوه إنتابني إحساس بأن الأفران تعد أرغفة الدموع بدلا ً من الخبز . أرقب الوجوه وأتفرس في ملامح السائرين الذاهلين عن أنفسهم علني أقتنص لحظة فرح ٍ عابرة أو بصيص فرح أو حتى نصف إبتسامة . وراء كل تجعيدة على وجه ٍ نضر ٍ قصة وحكاية تبعث على الحزن . كل قصيدة تـُكتب ُ في بغداد وأغنية في حنجرة مطرب مكتوبة بدمع وتؤدى كهديل ونواح حمامة ٍ على وشك الذبح . حتى المطر في بغداد يبعث على الحزن نحن شعب مازوخي ندلل الحزن ونزينه نغزل له من ضوء الشمس ثوبا ً ذهبيا ً في الأعياد ونكسوه بالسواد في كل الأيام . بحثت في بغداد عن ساحة ٍ كبيرة وفارغة تصلح للرقص . دعوة للصبايا والشبان يخرجون من بيوتهم نهارا ً متحدين ميلشيات الموت وقوانين القبيلة وفتاوى عمامة سوداء يشاركون في رقصة جماعية ترقص معهم بغداد حجارتها وشوارعها وقلوب أهليها . رقصة فرح يخرج من أفئدة تواقة لكسر الجدران أرواح تبحث عن بعضها تتعانق خارج الأسوار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا العراق
ماجدة منصور ( 2022 / 7 / 18 - 04:48 )
الذي في خاطرك و ذكرياتك
و كذلك سوريا أيضا
لم يعد لهما حضورا إلا في ذاكرة من أحبها و عشقها ...ذات يوم مضى0
و للعشاق ذاكرة ستختفي
و معها ستتحول أوطان العشق القديم..لرماد تزروه الرياح!!0
أمر محزن ..أن تختفي مدن ألف ليلة و ليلة
أمر محزن أننا لم نسطع أن نؤثر في دول تشنق الحب و تغتال العشاق
إننا قوم نندثر بصخب و نموت كحيوانات نافقة...ليس إلا
لكم كل الود و الإحترام

اخر الافلام

.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات