الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


‎مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومات البرجوازية استراتيجية خاطئة للغاية- نيكوس موتاس

دلير زنكنة

2022 / 7 / 19
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومات البرجوازية استراتيجية خاطئة للغاية

‎بقلم نيكوس موتاس.

‎في كل مرة يتنازل فيها الحزب الشيوعي عن هدف سلطة العمال من أجل المشاركة في (أو دعم) حكومة برجوازية "تقدمية" و "يسارية" و "مناهضة للرأسمالية" و "مناهضة للفاشية" إلخ. تكون النتائج مخيبة جدأ للآمال ، مما يؤدي إلى الانحطاط الأيديولوجي (للحزب -م ) وتفكك الحركة العمالية الشعبية.

قبل أيام قليلة ، دفع الحزب الشيوعي البرتغالي (PCP) ، وهو حزب له تاريخ طويل ، ثمن مشاركته في الحكومة "التقدمية" للاشتراكيين ، بحصوله على نسبة محبطة إلى حد ما بلغت 4.4٪ وأربعة مقاعد في الانتخابات التشريعية. تمثل هذه النتيجة خسارة تقارب 2٪ مقارنة بانتخابات 2019. 

‎في الانتخابات التي أجريت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في جمهورية التشيك ، حصل الحزب الشيوعي في بوهيميا ومورافيا (KSČM) على نسبة مريرة بلغت 3.62٪ من الأصوات ، وبالتالي فشل في دخول البرلمان لأول مرة منذ عام 1948. وكان ذلك نتيجة لقرار الحزب الشيوعي في بوهيميا ومورافيا (KSČM) بدعم حكومة أندريه بابيس في عام 2018.

‎الحالتان المذكورتان أعلاه هما مثالان مميزان للأحزاب الشيوعية التي استسلمت لـ "إغراء" المشاركة في حكومة برجوازية ، تحت الوهم بأنها بهذه الطريقة يمكن أن تخدم مصالح الشعب. نفس الاستراتيجية اتبعت مؤخرا من قبل الحزب الشيوعي التشيلي الذي دعم بنشاط التحالف الاشتراكي الديمقراطي “Apruebo Dignidad” خلال الانتخابات الرئاسية في ديسمبر الماضي، و الان يستعد كوادر الحزب الشيوعي التشيلي لتولي مناصب رسمية في حكومة غابرييل بوريك .

‎يكمن جذر المشكلة في تصور أن الرأسمالية يمكن إصلاحها لصالح الجماهير العاملة. إذا عدنا إلى بداية القرن العشرين ، فسنرى نضال لينين الشرس ضد النظريات الإصلاحية آنذاك (مثل نظريات برنشتاين) التي كانت تروج لفكرة تحول المجتمع من خلال الإصلاحات بدلاً من الثورة. اعتمد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي ، الذي عقد في عام 1956 ، سلسلة من السياسات التحريفية ، بما في ذلك سياسة "الانتقال السلمي إلى الاشتراكية" ، وبالتالي نشر الوهم بأنه يمكن أن يكون هناك "انتقال برلماني" من الرأسمالية إلى الاشتراكية. على ما يبدو ، تسبب تبني هذه الاستراتيجية في إلحاق ضرر كبير بالحركة الشيوعية العالمية.

‎كان صعود الأوروشيوعية نتاج تشوهات إيديولوجية صارخة للماركسية ، والتي بموجبها يمكن للشيوعيين تحويل الدولة البرجوازية إلى اتجاه مؤيد للعمال ومؤيد للشعب من خلال "توسيع الديمقراطية". لن تكون هناك حاجة إلى ثورة. مجرد إصلاحات من شأنها في نهاية المطاف تغيير طبيعة الدولة. ومع ذلك ، تجاهلت هذه النظرية الرجعية طبيعة الدولة البورجوازية نفسها كأداة لهيمنة الطبقة البرجوازية. وبدلاً من ذلك ، اعتبرت الدولة "مجموعة مؤسسات" محايدة يمكن تحويلها "من الداخل" لصالح الجماهير.

‎في عمله " الأيديولوجيا الألمانية"يحلل كارل ماركس كيف يتم تقديم الدولة البرجوازية كشيء غريب عن الطبقة البرجوازية:" الملكية الخاصة الحديثة تتوافق مع الدولة الحديثة (...) من خلال تحرير الملكية الخاصة من المجتمع ، أصبحت الدولة كيانًا منفصلاً بجانب المجتمع المدني وخارجه ؛ لكنه ليس أكثر من شكل التنظيم الذي يتبناه البرجوازيون بالضرورة للأغراض الداخلية والخارجية ، من أجل الضمان المتبادل لممتلكاتهم ومصالحهم ... لأن الدولة هي الشكل الذي يؤكد فيه أفراد الطبقة الحاكمة على مصالحهم المشتركة ، والتي يتجسد فيها المجتمع المدني بأكمله في حقبة ما ، يترتب على ذلك أن الدولة تتوسط في تشكيل جميع المؤسسات المشتركة وأن المؤسسات تتلقى شكلاً سياسيًا "(الجزء الأول: فيورباخ: معارضة النظرة المادية والمثالية ، ج. الأساس الحقيقي للأيديولوجيا). 

‎في تحفته الرائعة " الدولة والثورة " ، شرح لينين نظرية ماركس بمزيد من التفصيل، وكشف عن ضرورة تحطيم الدولة البرجوازية كشرط مسبق لانتصار البروليتاريا. وأكد أنه لا توجد ديمقراطية "خالصة " ، بل ديمقراطية طبقية. على أساس علاقات الإنتاج الرأسمالية ، حتى الديموقراطية البرلمانية الأكثر تطورا وتقدمية لا يمكن أن تتجاوز حدود الهيمنة البرجوازية على الطبقة العاملة. كما كتب لينين ، حتى أكثر الجمهوريات البرجوازية ديمقراطية ليست أكثر من جهاز اضطهاد البرجوازية للطبقة العاملة ، ولقمع حفنة من الرأسماليين، لجماهير العمال.
‎
أدت هيمنة الأيديولوجية الأوروشيوعية في أوروبا الغربية في السبعينيات إلى قيام الأحزاب الشيوعية الرئيسية (إيطاليا وفرنسا وإسبانيا) بالتعاون مع القوى الاشتراكية الديمقراطية (مثل مشاركة الحزب الشيوعي الفرنسي في حكومة فرانسوا ميتران). أدت هذه الاستراتيجية بعد ذلك إلى التحول الأيديولوجي لهذه الأحزاب الشيوعية و انهيار الحركة العمالية. تخلت الأحزاب التاريخية ذات الخلفية النضالية البطولية عن الماركسية - اللينينية و الأممية البروليتارية وأصبحت "ذيلًا" سياسيًا للاشتراكية الديموقراطية. ومن الأمثلة المميزة الحزب الشيوعي الإسباني (PCE )الذي لا يزال ، حتى الان ، مرتبطًا سياسيًا بالاشتراكية الديمقراطية ويشارك في حكومة حزب العمال الاشتراكي. (PSOE)
‎
كما ذكرنا أعلاه ، فإن مثل هذه الآراء الخاطئة لا تزال موجودة في صفوف الحركة الشيوعية العالمية. في مقال حديث بعنوان " جوانب الصراع الأيديولوجي السياسي في صفوف الحركة الشيوعية العالمية " ، يشير الحزب الشيوعي اليوناني:
‎
لا تزال مسألة دعم أو مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومات "اليسارية" و "التقدمية" الناشئة في سياق إدارة الرأسمالية ، نقطة حاسمة في المواجهات الأيديولوجية - السياسية. بادئ ذي بدء ، لسبب أن الأطراف تتبع هذا الموقف السياسي بمختلف التركيبات الإيديولوجية ، مثل "إضفاء الطابع الإنساني" على الرأسمالية ، و "إضفاء الطابع الديمقراطي" على الاتحاد الأوروبي ، و "مراحل الاشتراكية" ، وما يسمى القطيعة مع سياسة الجناح اليميني ، تعزز الأوهام حول إدارة الرأسمالية ، وتبرأ الدور القذر للاشتراكية الديموقراطية، وتركز نقدها على شكل من أشكال الإدارة البرجوازية ، أي الليبرالية الجديدة. إن هذه القوى تتغاضى عن القوانين التي تحكم الاقتصاد الرأسمالي وتحتقر من شأنها ، والطابع الواقعي والرجعي الذي لا رجوع فيه للدولة البرجوازية التي لا يمكن إنكارها بأي نوع من اشكال الإدارة البرجوازية. تؤجل هذه القوى النضال من أجل الاشتراكية من أجل "مستقبل طويل الأمد" وتتحمل في الواقع مسؤوليات جسيمة تجاه الشعوب لأنها تتخلى عن العمل اليومي الشاق المتمثل في تعبئة القوى الاجتماعية التي لها مصلحة في التصادم مع الاحتكارات والرأسمالية ".

يشكل موقف الحزب الشيوعي اليوناني خلال الفترة 2012-2015 ، عندما رفض الحزب بشدة دعم "حكومة يسارية" مع سيريزا أو المشاركة فيها ، إرثًا سياسيًا ذا أهمية إستراتيجية هائلة للحركة الشيوعية العالمية. لن يكون من المبالغة القول إن رفض الحزب الشيوعي اليوناني المستمر للجوء إلى الانتهازية والانضمام إلى السياسات المعادية للعمال والمعادية للشعب التي تنتهجها حكومة سيريزا هو منارة للماركسيين اللينينيين في جميع أنحاء العالم ، كل هؤلاء الثوار الذين ما زالوا مخلصين للتراث الأيديولوجي اللينيني.

تتمثل مهمة الأحزاب الشيوعية في لعب دور قيادي في تطوير الصراع الطبقي ضد الرأسمالية والاحتكارات ، وإعادة تجميع وتنظيم الحركة العمالية من أجل تحقيق السلطة العمالية. كل تراجع من قبل الحزب الشيوعي عن النضال التنظيمي والأيديولوجي والسياسي المستقل ، وكل شكل من أشكال الدعم للحكومات البرجوازية ، يتسبب في أضرار جسيمة للمصالح الحيوية لحركة الطبقة العاملة. ليس للأحزاب الشيوعية أي سبب على الإطلاق للمشاركة في التلاعب بالجماهير الشعبية ونشر الأوهام بأن الحكومة البرجوازية (بغض النظر عما إذا كانت ترأسها أحزاب يسارية أو اشتراكية ديمقراطية أو وسطية أو ليبرالية) يمكن أن تخدم كلا من مصالح الاحتكارات وحاجات الشغيلة.

إن مسألة دعم الشيوعيين أو مشاركتهم في الحكومات البرجوازية أمر بالغ الأهمية وتحتاج إلى أن تدرس بعمق من قبل الأحزاب الشيوعية في جميع أنحاء العالم ، بالاسترشاد بالنظرية الماركسية اللينينية. تكمن المشكلة في استراتيجية "المراحل" التي تنظر إلى الاشتراكية على أنها رؤية بعيدة ، تكاد تكون غير مرئية ، وليست ضرورة في الوقت المناسب. تقود هذه الاستراتيجية الخاطئة الأحزاب الشيوعية إلى تنحية النضال من أجل الإطاحة بالرأسمالية والبحث عن طرق لإصلاح النظام الاستغلالي.

مع ازدياد حدة تناقضات النظام الرأسمالي ، فإن واجب الأحزاب الشيوعية هو أن تتوافق بشكل فعال مع مهمتها التاريخية باعتبارها طليعة حركة الطبقة العاملة ، وتشكيل استراتيجية واضحة للانفصال عن سلطة الاحتكارات و الإمبريالية. بعد ثلاثين عامًا من الأحداث المضادة للثورة في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية ، لا يوجد مجال للمناورات الأيديولوجية التي تؤدي إلى تسويات طبقية. لقد أظهر التاريخ أن الجماهير فقط هم الذين يمكنهم تحرير أنفسهم عندما يسيرون بشكل حاسم في طريق الإطاحة الثورية ، ويتولون زمام السلطة بأيديهم.

* نيكوس موتاس هو رئيس تحرير مجلة " الدفاع عن الشيوعية" . 
10 شباط 2022

http://www.idcommunism.com/2022/02/communist-parties-participation-in-bourgeois-governments-is-a-deeply-erroneous-strategy.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو