الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الديمقراطية .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2022 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن الحديث عن الديمقراطية ، دون ذكر شروطها الكونية ، التي بدونها يكون ما يسمى بالديمقراطية مجرد شبَه ديمقراطي ، أي دكتاتورية مقيتة مغلفة بجلباب يسمونه بالديمقراطية .. فمفهوم الديمقراطية في البلاد الديمقراطية أصيلة الديمقراطية واحد لا اثنان .. والجميع يجمع ان مصدرها لكي تكون حقا ديمقراطية ، هو الشعب عن طريق صناديق الاقتراع .. وعندما نركز على الصناديق في تجسيد اختيار ورأي الأغلبية ، التي اختارت من يتولى شؤون امرها ، وتسيير شأنها العام ، بحيث تصبح الأغلبية التي تحكم باسم الشعب مفوضة من قبله ، لإنجاز برنامج الشعب الذي صوت عليه في الانتخابات الحرة والنزيهة .. فليس معنى هذا ان مجرد استعمال الصناديق في فرز فريق الحكم ، يعني ان من استعمل الصناديق هو ديمقراطي يتقيد بما اختاره الشعب . فهنا يجب التفريق بين صناديق الشفافية المستعملة في البلاد الديمقراطية ، وبين صناديق العجب العجاب المحسومة النتائج قبل اجراء العملية الانتخابوية .. فالمشكل ليس في استعمال الصندوق لاختيار فريق الحكم . بل المشكل يكمن في الغلاف القانوني الذي تجري ضمنه الانتخابات ، او تستعمل ضمنه الصناديق .. وهنا نقصد تفصيلات الدستور هل هو دستور الشعب ام انه دستور الحاكم . فاذا كان دستور الحاكم فالسؤال ، ما المعنى والفائدة من اجراء انتخابات عديمة الجدوى الديمقراطي ، لان من يحكم سواء استعملت الصناديق او لم تستعمل ، هو الحاكم الفعلي المستبد لوحده .. فهل الغاية من تنظيم الجذبة الانتخابوية ، وباستعمال صناديق العجب الانتخابوي ، هو تبييض وجه الطغيان ، والاستبداد ، والدكتاتورية ، ونهب ثروة الشعب المفقر ، وهي ومن خلال شكليات تكوين البرلمانات ، والحكومات ، والسلطات المخولة للحاكم الفعلي ، تجعل منه وحده الدولة ، لان أي حكومة وفي ظل دستور الحاكم ، لا يتعدى دورها دور تنزيل برنامج الحاكم ، لا برنامج احزابها التي تم رميها في المزبلة بمجرد الإعلان المسرحي الهزلي عن نتائج الانتخابات ، ومعرفة الأحزاب التي فازت لتتولى تنزيل برنامج الحاكم الطاغي المستبد وحده بالدولة ، دون ان تترتب مسؤوليات جنائية ومدنية عن نتائج ادارته العشوائية للشأن العام .. فعندما نسمع عناوين للديمقراطية بأسماء اصحابها ، ديمقراطية فلان ، وديمقراطية علان ، وتصبح الشّبَهُ ديمقراطية هذه تتعارض . بل عدوة للديمقراطية الاصيلة الكونية التي مرجعها دائما الشعب .. هنا يطرح السؤال عن المغزى من استعمال مصطلح الديمقراطية لتبرير اشكال نظم معادية للديمقراطية .. ويصبح الحال خاصة للمعارضة الرسمية التي تقبل وتشارك في المسرحية باسم الديمقراطية المفترى عليها .. هو التواطؤ عن نية واختيار ، في التآمر على وضد الشعب / الرعايا ، لديمومة الاستحواذ ، والالتفاف والحيلولة دون الوصول الى حد ادنى من ديمقراطية قد تتطور مع مرور السنين ، وليس الأيام الى ديمقراطية لن تكون ابدا ، ما دام الاحتكام هو العادات الشعبوية ، وليس المعايير العقلانية والنقدية ...
لذا عند الحديث عن الديمقراطية يجب التمييز بين مستويين :
-- المستوى الأول نظري عام ، يحدد منطلقات ومبادئ لا يمكن ان ينتهي النقاش فيها الى إيجاد ما يؤكد صلتها المباشرة بالواقع ويحقق مصداقيتها .
-- اما المستوى الثاني ، وكثيرا ما يأتي لاحقا عن الأول ، فانه يتصدى للتجربة الملموسة في ممارسة الديمقراطية ، يكشف حيثياتها ويجلي حقيقة مكوناتها وعناصر تشكلها .. غير ان تبيان المستويين ، لا يعني غياب اية صلة تربط بينهما . فنحن لا يمكن ان نخوض في أي منهما دون ان نأتي اليه من الاخر . بمعنى انه قبل ان نخوض في تجربة ما ، فإننا نعمل أولا على تحديد المنطلقات والمبادئ التي تسوغ تصورنا ، وتجعله نسقيا ومحكما في تحديداته ، كما اننا حين نعود الى مراجعة المبادئ والاحكام المطلقة ، يكون دافعنا الى ذلك ، هو خلل تجلي تلك الاحكام والمبادئ على مستوى الواقع وصعيد الممارسة . الاّ ان ما يلفت الانتباه في سجالاتنا عن الديمقراطية ، هو اتفاقنا في المنطلقات ، وعند تحديدنا لمواصفات الديمقراطية في خصائصها وابعادها التاريخية . لكن سرعان ما ننتهي الى خلاف حاد في تعيين شروط تموضعها ومستوى تحققها .
واذا كنا نؤكد على اتفاقنا المبدئي على التحديدات العامة التي تتميز بها الديمقراطية كسلوك ومنهاجية ، تحكمها مجموعة من المبادئ ، يوجد في أساسها حق الشعب في حكم نفسه ، فإننا نزيد على هذا التأكيد ، تشديدنا على ان تجلي تلك المبادئ في المواقع ، وتشكلها كممارسة ، هو مسار تاريخي وصيرورة يفرضها التناحر المجتمعي ، الذي ينتهي الى تحقيق صيغة " وفاق اجتماعي " ، تعكس حقيقته التاريخية ومستواه الحضاري في مرحلة من مراحل تطوره .
فعلى أساس هاتين الحقيقتين اللتين تسندهما مختلف التجارب ، بتلويناتها واسهاماتها المتعددة في اغناء وتوسيع مفهوم الشعب وتحديد معناه ، سنحاول باختصار شديد ، معالجة بعض جوانب " التجربة الديمقراطية " في الدولة السلطانية في حقيقتها وحدود امكانياتها ..
--- الصراع ( الديمقراطي ) في مجتمع متخلف :
ان التخلف المجتمعي العام الذي يعاني منه الواقع والمجتمع المغربي ، وسببه مقصود لإدامة الجهل السياسي الذي يجعل الرعايا خارج اية تغطية سياسية ديمقراطية حقيقية ، وهو تخلف له ابعاد اقتصادية / اجتماعية ، وايديولوجية / سياسية ، وتسيطر عليه التقاليد المرعية ضمن دولة سلطانية ، بطريركية ، بتريمونيالية ، كمبرادورية ، ثيوقراطية ، مفترسة وناهبة للمال العام .. لم يفسح المجال لممارسة الديمقراطية الكونية بشروطها المعروفة ، الاّ كهامش يضيق وينعدم وفق شروط الصراع الاجتماعي ، ومستوى الفعالية السياسية فيه ، وهو في محدوديته وبساطة ما يسمح به ، ظل يبدو كهبة سياسية تجود بها الدولة الرعوية السلطانية كلما عنت لها أهمية ذلك ، دون ان يعني في الوعي السياسي الجمعي ، مكسبا يشكل حلقة تدعيم المسار الشعبي نحو إرساء الديمقراطية في أساسها كممارسة ، اجتماعية ، اقتصادية ، وسياسية ، فضاعت بذلك حقيقته بين عنف حيف اجتماعي ، وطغيان واستبداد سياسي من جهة ، وطموح راديكالي أيديولوجي ، او عقائدي في التغيير من جهة ثانية .
اذن ما هي أسس هذا الوضع الشاد عن الديمقراطية الحقيقية ؟
لقد اثبتت التجربة وبكثير من التجلي ، ان مسار الصراع الاجتماعي / السياسي في الدولة الرعوية ، البطريركية ، السلطانية تحكمه سمتان : الأولى اختلال ميزان القوة بشكل كبير لصالح الحكم والطبقات الملتفة من حوله . والثانية استحالة القضاء على نشاط المعارضة المغربية بشقيها الأيديولوجي والعقائدي ، في نضالها المستميت من اجل كسب معركة التغيير ، وتحقيق بعض شروطها . فرغم ان دولة السلطان قضت على المعارضة البرلمانية بمختلف تلاوينها ، فهي عجزت في القضاء على المعارضة الراديكالية التي تتصدر اليوم وحدها ، مشهد المعارضة السياسية الراديكالية للنظام الرعوي ، البطريركي ، السلطاني ..
ان تجلي هاتين السمتين ، يعود في أساسه الى مجموعة الملابسات التاريخية التي لعبت دورها في تثبيت الاختلال ، بانْ افسحت المجال لنوع من ( الوفاق الاجتماعي ) ( الضمني ) المحدود في سعته ، ليفتقد لكل مقومات الاستمرارية والاستقرار ، كان النظام فيه طرفا معاديا لكل توجه ديمقراطي ، او اية صيغة سياسية تؤكد حق الشعب في تقرير مصيره بممارسة السلطة ، وتقنين مساهمته في تسيير شؤونه بنفسه ، بينما سعت المعارضة البرلمانية طيلة النصف الثاني من السبعينات ( المؤتمر الاستثنائي / يناير 1975 ) ، وطيلة الثمانينات ، وحتى النصف الثاني من التسعينات كطرف ثاني ، الى توسيع دائرة ( الوفاق ) ، بالاستجابة لمطالب فئات واسعة من الشعب ، يسندها في ذلك دورها الحاسم والمتميز في ( معركة ) الاستقلال ، وكذا مساهمتها الفعالة في إعادة بناء الدولة ، وتحديث دواليبها غداة 1956 . واذا كان ( الوفاق ) في صيغته الشعبية يتنافى والطبيعة الطبقية للفئات الحاكمة ، فانه بالمقابل ، لم يكن في إمكان تلك الفئات الاستمرار في ممارسة السلطة ، في غياب تام لأي نوع من " السند الشعبي " مهما كان مستواه . ان الحاجة هي التي جعلت هامش التحرك الديمقراطي ، ضرورة سياسية يكلف الرجعية داخل الدولة الرعوية ، السلطانية ، البطريركية ، تنازلا محدودا ، ويكسبها إمكانية تخفيف حدة ازماتها ، وهذا ما تؤكده نتائج كل محاولات الاستغناء والتهميش ، التي سعت من خلالها الدولة السلطانية الى الحد من نشاط وفعالية القوى المحرجة طيلة السبعينات ، والثمانينات من القرن الماضي ، وإلغاء دورها في التعبير عن مصالح الفئات المرتبطة بها ، وليس الشعب الذي كان يستعمل ككمبراس لخدمة اجندات مضرة به . ان طفوح الاستبداد ، والحيف ، وانتصار الطغيان ، قد اجهضت تجربة ( الإصلاح ) ، ولو في حدوده الدنيا . ان كل قمع يستهدف استئصال القوى الحية في البلاد ، يكون له انعكاسه الواضح على الوضع السياسي العام ، ويعرض الدولة السلطانية نفسها لهزات داخلية ، وعزلة شعبية ، ودولية كما يتراءى اليوم .
بهذا المعنى ، يكون الهامش الذي يسمح ويتلاعب به النظام في حدوده ، وسياق تشكله ، متنفسا للسلطان وللدولة السلطانية الحاكمة ، في شروط اختلال ميزان القوة ، من الاستمرار في ممارسة السلطة ، والحفاظ على توازن علاقاتها . الاّ ان سعيها ذلك ، بقدر ما تريده " مبادرة تلقائية " ، تؤكد رغبتها في الحوار المغشوش مع صنائعها ، ومن ولاها ، ومن يقتات من فتاة موائدها ، وخلف صورة اشراك مسرحي للجميع في تحديد وجهة الأمور .. لا يعدو ان يصير مكسبا ( شعبيا ) باسم الشعب المدلس عليه ، يصطدم في حدود نمو الدنيا ، تحول دون تحقيقه للحوار الصادق الحقيقي ، الذي وحده يؤكد جدية الحوار السياسي انْ حصل . فتجابه كل محاولات التنفيس للتطلع لغد افضل ، الى خنق وحجز ، لمحاولة اعادته ، والإبقاء عليه في مستواه الضيق البسيط .
ان فهمنا لاطار الهامش المصطنع ، والشروط التي جعلته كذلك ، مكننا من فهم حقيقة الصلة القائمة بين ما يسمح به هذا الحيز من جهة ، وما تعنيه مصلحة الشعب في ممارسة الديمقراطية ، والاخذ بأساليبها من جهة ثانية ، وهو يمدنا كذلك بتصور مستوى الفعل الذي تتسع له ظروف اختلال ميزان القوى ، ويسمح بالتقدم خطوات ، في اتجاه تحقيق شروط مغالبة كل معيقات تطور الممارسة الديمقراطية في المجتمع الرعوي البطريركي ، الذي يعيش داخل دولة سلطانية ، رعوية ، وبطريركية أساسها بث الخوف والتخويف .
فهل يجب التأكيد على ضرورة الاستفادة من هذا الهامش رغم علله وعلاته الخطيرة ، لتشويه النضال الديمقراطي الحقيقي كمكسب بسيط يسمح بأكثر من إمكانية لتوسيع اطار النضال الديمقراطي ، والرفع من مستوى الفعالية السياسية ، وتمييز اطاراتها التنظيمية ، في سياق دعم خط ديمقراطي جماهيري ، يعتمد في أساسه على الإمكانيات الفعلية لهذه الجماهير، سواء على مستوى وعيها لشرط وجودها ، او على مستوى طاقاتها واستعداداتها النضالية ، وهو ما يعني الاخذ بحقيقة الشرط التاريخي الملموس ، الذي قلنا انه يتميز بتخلف مجتمعي عام ، فوت الغلبة للطغيان، وللاستبداد، وأبّد خنق الحريات ..
ان العمل على أساس ذلك ، لا يستقيم في غياب تصور نظري ، يحدد وجهة الصراع ، وشروط تطوره بمساهمة فعلية وفعالة من مجموع الفئات صاحبة المصلحة القصوى ، في إشاعة الديمقراطية ، واعتماد مبادئها في الحياة الاجتماعية كما في الاقتصاد والسياسة . انّ افتقاد هذا التصور النظري في حدوده الواقعية ، هو الذي سمح باستمرارية اختلال موازين القوى لصالح النظام السلطاني ، على الرغم من كل التضحيات والعطاء النضالي المتجدد ، الذي ميز كفاح الشعب المغربي عبر التاريخ ، في سبيل انتزاع حقه في الحرية والعيش الكريم .
وفي اعتقادنا . انّ استمرار واقع الحال في حدوده تلك ، والمتميزة بتعثر انطلاق صيرورة ارتقاء نضال الشعب من مرحلة الدفاع العفوي المتعددة الجبهات ، الى مرحلة الهجوم ، ومراكمة المكتسبات في اتجاه تقويم الاختلال لصالح تحقيق أهدافه ، يعكس عمق الازمة التي مازالت تعاني منها الجماهير التي لم تعد لها قوة تناضل الى جنبها ، كما كان الحال في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ، بصرف النظر عن عجز المعارضة الجذرية من أيديولوجية وعقائدية ، في تعويض ذاك الزخم النضالي السابق ، الذي انتهى به المطاف الى الذوبان في حضن النظام السلطاني .
ان هذه ازمة تنظيمية ، وهيكلية ، وبنيوية ، والوقوف عليها يعطي إمكانية تخطي واقع العجز والاخفاق ، الذي تتردى فيه اليوم حركة النضال الجماهيري ، من دون تغطية سياسية تستثمر النضال في الدفع بالجماهير الى المبتغى المنشود ، والذي لن يكون غير الدولة الديمقراطية ..
--- هل تسطيع الجماهير يتيمة التنظيم من انجاز مشروع التغيير ؟ .
لم تكن كل مشاريع القوى السياسية التي شغلت الساحة السياسية طيلة السبعينات ، خاصة بعد مؤتمر تصفية الحسابات في يناير 1975 ، وطيلة الثمانينات ، ومختلف تصوراتها لمسألة التغيير ، من الوضوح والتجلي ، بحيث يمكن معها تحديد كل معالم المجتمع البديل في علاقاته الاجتماعية ، واطاراته السياسية ، وكذا صلته بالمسار التاريخي لواقع التحولات الاجتماعية ، ومستوى الوعي بشروطها . كما ان تلك القوى التي انقرضت كليا ، وأصبحت تطبل وتزمر للنظام السلطاني الذي رفضت طقوسه التقليدانية ، ومنها من رفض اصله من الجذر ، لم تهتم كبير الاهتمام عبر مراحل نضالها المختلفة ، بمسألة توضيح مشاريعها ، وتصوراتها تلك ، بالقدر الذي تأخذ معه بعدها التعبوي ، وتقوي صلة التحام هذه القوى المنقرضة بحركة الجماهير ، ومدها بكل أدوات كسب الوعي بشروط وجودها ، وكذا مستوى الفعل فيه . وما يبرر غياب هذا الاهتمام ويفسر ابعاد حقيقته ، هو طبيعة الرؤية التي اعتمدتها تلك القوى التي أصبحت في خبر كان ، في صياغة فهمها لحقيقة الواقع ، وتحديد عناصر تشكله ، ومجمل مكوناته . فهي انْ سعت الى بلورة مشروعها في التغيير ، فإنها لم تصل الى مستوى فهم وتحديد شروطه ، وطبيعة اداته . فكان انْ اختزلت كل إمكانيات تحقيق الفعل ، وإنجاز التحول المجتمعي في مختلف مستوياته ، في مسألة السلطة ، والاستيلاء على الدولة ، كسبيل لتحرير الشعب من قبضة مستغليه ، وتمكينه من العيش في شروط اجتماعية واقتصادية افضل ، يضمنها انجاز مجموعة من المشاريع ، والبرامج الاقتصادية ، والاجتماعية التي تكون جاهزة للتنفيذ .
هكذا تبقى المسألة عالقة بين نجاح او فشل الوصول الى جهاز الدولة والسلطة ، دون ان يكون لكل ذلك أيّ تأثير في نمو وارتقاء مستوى اسهام الحركة الجماهيرية ، او نضال الشعب في عملية التغيير ، وإرساء اسسه . وهذا ما يسمح لنا بالقول ، على انّ مختلف تصورات قوى المعارضة التي أصبحت برلمانية بعد ان طلقت كل مطالب الجمهورية ، صيغت في شروط الصراع ، ومن خارج اطاره في نفس الوقت . أيْ انها حاولت ان تعكس الحاجة الى التغيير ، دون ان تصل الى مستوى بلورة الفعل التاريخي الذي يحققه في سياق تطور شروطه . فضاعت بذلك العلاقة التي كانت صلة الحركة الجماهيرية كفعالية تاريخية ، بعملية التغيير ، ومجمل شروط التحول النوعي ، الذي لا بد وان يتجلى في الواقع كوعي ، واطارات للممارسة .
تلك سمة عامة ميزت مختلف الحركات الوطنية الديمقراطية ، سواء في العالم العربي ، او على مستوى العالم ، إذ كثيرا ما اعتبر الاستيلاء على جهاز الدولة بمختلف الطرق ، بمثابة المقدمة ، او المدخل لكل تحديث او تنمية للمجتمع .
وبصرف النظر عن حمولة الخطاب السياسي الذي يعتمده هذا التوجه ، وما يزخر به من شعارات ، فان اهتمامه الضيق والمحدود بحركة الجماهير ، ورؤيته المشوبة بنوع من النفعية لنضالها ، جعلته يساهم في إعاقة تطور فعاليتها ، ويكرس حالة من الريب ، تنتهي الى النفور والابتعاد عن كل نشاط سياسي كيفما كان نوعه ..
ان الحركة الجماهيرية في فهم هذا التوجه الذي انقرض منذ مجيء محمد السادس ، لا تزيد عن كونها قوة ضاغطة يمكن الاستفادة من نضالاتها في تحقيق اهداف سياسية ، دون ما حاجة بها لوعي طبيعة تلك الأهداف ، ولا مدى صلتها المباشرة او غير المباشرة بمصلحتها الانية او التاريخية ، حيث كان التحريض هو النهج المتبع في تعبئة هذه القوة الضاغطة ، والذي لا يجعلها على بينة الاّ بما طفا من حقيقة الأمور .
وانْ كنا نبسط هذه الملاحظة على هذا النحو ، فإننا نعتقد ان الاهتمام بنمو وتطور حركة الجماهير غير المنظمة حاليا ، لا يقف عند حدود تعبئتها لخوض نضالات مطلبية محدودة ، او اللجوء الى اعتماد طاقاتها لكسب مواقع سياسية في الصراع ( اضراب 9 يونيو 1981 ) . بل انه يتعدى كل ذلك الى ضرورة ربط هذه الحركة كوعي وممارسة ، بسياق عملية التغيير الفارضة نفسها اليوم بقوة ، وتنظيم الفعل فيها ، بما يتناسب وسعة إمكانيات عطاءها النضالي ، وقوة اندفاعها فيه ، دون الدفع بالأمور الى حد تفجير معارك تكون فيها الجماهير مكشوفة الظهر كاليوم ، وتجهل كل ابعادها السياسية .
ان هذا الفهم ينطلق من معاينة لواقع الصراع في بلادنا ، ورصد لمستوى تطوره ، ومدى فعالية اسهام الحركة الجماهيرية فيه ، ويعتمد كخلاصة ، ضرورة تغليب وتقوية خط النضال الديمقراطي الجماهيري ، الذي يفسح المجال لانخراط الجماهير في كل مستويات الصراع ، بما يكسبها وعيها بحقيقة شرط وجودها ، ويُحوّل اندفاعها العفوي الى فعل واع ، يقوي من مستوى فعاليتها في عملية التغيير ، وتثبيت مشروع المجتمع الجديد المناقض للمشروع البطريركي ، الرعوي ، السلطاني ، التقليداني ، القروسطوي Moyenâgeux ..
ولا يفوتنا هنا ان نؤكد على ان التقدم في اتجاه ذلك ، يقتضي بالأول تجاوز كل المفاهيم والتصورات الضيقة ، التي قادت الجميع فيما مضى ، الى تكثيف محاولاته في اتجاه بسط هيمنته ، واحكام سيطرته على كل الإطارات الجماهيرية التي أضحت فارغة ومشلولة ، وخنق كل إمكانيات الصراع الديمقراطي المفتوح بين مختلف الفاعلين السياسيين الغير نظاميين ، الذين يمكن ان يعوضوا فشل وافلاس من سبقهم الى النضال العقيم ، الذي انتهى بالارتماء في حضن الدولة السلطانية .
فمن أسباب الفشل والهزيمة ، انه في الوقت الذي كان على الجميع ان يعمل على تطوير مجالات الممارسة السياسية الديمقراطية ، وتعميق أساليب الاخذ بها ، اعتمد كل طرف نهج التصفية والاقصاء للآخر ، ذلك الى حد الملاحقة والحرمان من حق التواجد في بعض الأحيان .. وكأن ممارسة السياسة الديمقراطية أضحت عند هؤلاء ، وعند غيرهم تشريف وليس بتكليف ..
--- ما البديل امام الضعف المستشري . هل نظام الجبهة او الكتلة هو الحل ؟
بالرجوع الى تاريخ الأحزاب السياسية المغربية ، وفي اوج صراعها المصلحي البرجوازي مع الدولة السلطانية ، لم تجنح تلك الأحزاب الى بلورة مشروع متكامل في اطار جبهة وطنية تقدمية ، او كتلة تاريخية ، عند صياغتها المطالب السياسية امام مشروع الدولة السلطانية الفارض لنفسه بقوة مفرطة ، أساسها القمع بأشكاله المختلفة والمتعددة .. فأعلى ما وصل اليه العمل المشترك لتلك الأحزاب الوصولية والانتهازية ، كان الكتلة ( الوطنية ) التي جمعت مرة كل من الاتحاد الاشتراكي ، حزب الاستقلال ، حزب التقدم والاشتراكية ، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، ومرة جمعت حزب الاتحاد الاشتراكي ، وحزب الاستقلال ، وحزب التقدم والاشتراكية ، ومنظمة العم الديمقراطي الشعبي OADP ... لكن ما يؤخذ على هذه الكتل الأولى والثانية ، انها لم تلتقي على برنامج أيديولوجي وسياسي يلبي المطالب الديمقراطية للشعب المغربي ، كما انها لم تطرح نفسها كبديل منازع للدولة السلطانية . أي ان تلك الكتل لم تكن تنشد الحكم .. او حتى اقتسامه .. لكنها كانت كتل انتهازية وصولية لانتزاع المزيد من المقاعد البرلمانية .. أي انها كانت كتل انتخابوية فرضت نفسها كمنافس لِما كانت تسميه بالأحزاب الإدارية ، للظفر بشرف تنزيل برنامج السلطان الذي لم يشارك في الانتخابات ، ولم يصوت عليه ، وتَطوّع الجميع في سباق محموم لتنزيله . أي لخدمة السلطان .. فعندما يكون الدستور واضحا ، والاختصاصات المخولة للسلطان واضحة ، والممثل الشرعي الوحيد للدولة واضحا ، فان المشاركة في أي انتخابات التي هي انتخابوية ، لن يكون الغرض منها احداث التغيير . بل انّ السباق هو حول المناصب الوزارية كموظفين سامين في ادارة السلطان ، وبرلمانيين موظفين ممتازين يُشرعون لبرنامج السلطان .. باسم الشعب الغائب والمغيب في هذه العملية المكيافيلية منذ بدايتها الى نهايتها . بل عندما يكون أساس وأصل الحكم السياسي عقد البيعة الغير مكتوب ، الذي يركز كل السلط العادية والاستثنائية في يد السلطان باسم مشروعية اقطاعية الحق الإلهي ، ويقبل الجميع الوضع السياسي الشاد ، ويتصرفون ضمنه ، فان الجميع لا يعدو، وأياً كانت الشعارات الديمقراطية الخادعة المرفوعة ، وأياً كانت النبل السياسية المنادى بها كالدولة المدنية . أي العلمانية الكاذبة Pseudonyme / Laïcisme ، فان حقيقة هؤلاء السياسيين لا تعدو ان تكون سوى رعايا من النوع الممتاز ، مجندين بأدوار مختلفة لخدمة الدولة الرعوية ، البطريركية ، الكمبرادورية ، الثيوقراطية عن بينة واختيار، وما يجمعهم بدعاوة الديمقراطية ، والعلمانية ، والدولة المدنية غير الخير والإحسان .. بل ان قوة السلطان باعتماده على الحق الإلهي الذي يبيحه له عقد البيعة ، تجعل منه يسمو فوق دستوره المنزل ، وتُشرّع له باسم اقطاعية الحق الإلهي ، التعارض حتى مع الدستور عندما يكون عرشه مهددا بالسقوط ، او اذا حصل ما شأنه ان يعقد الوضع السياسي ، والدفع به الى المجهول . لان الأصل في التصرف هنا مرجعه الإسلام : أطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الامر منكم .. أي سمو الخليفة السلطان على الرعية التي هي رعيته ، لا رعية غيره .. فعن اية اشتراكية ، وعن اية ديمقراطية ، وعن أي علمانية ، ودولة مدنية يتحدثون ، وهم يؤمنون أبا عن جد ، وحتى النخاع بكل طقوس الدولة السلطانية ... انه من أسباب افلاس ( النخبة ) ، حتى عندما قضى السلطان منها وثره ، رماها في المزبلة تقتات وتترجى فتاة موائده التي لم تعد معها دسمة ..
الآن أصبحت الخطورة ليس في العملية السياسوية ، التقنوية ، الانتخابوية .. بل ان الخطورة هي انّ الساحة أضحت فارغة من المعارضة البرجوازية التي سادت بعد المؤتمر الاستثنائي لحزب الاتحاد الاشتراكي في يناير 1975 ، وكان مؤتمر القطيعة مع خط النضال الديمقراطي الذي رسمه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في صارعه من اجل الحكم ، وليس من اجل اقتسامه ، فأحرى القبول بأطاريح النظام التي تحصر أيّة مشاركة فقط في حكومة السلطان لتنفيذ برنامجه ، لا المشاركة التي قد تذهب بعيدا في تحديد المسؤوليات سواء عند اقتسام الحكم ، او تجاوز الحكم بالانقضاض عليه عبر محطات مختلفة ، قد تجر اليها تعاقب واسترسال الاحداث المختلفة ...
فما هي الأحزاب المؤهلة اليوم لتشكيل جبهة ، او كتلة لطرح المطالب الديمقراطية الكونية ، البديل عن الدول السلطانية المعادية للديمقراطية ؟
من خلال مراجعة خريطة الأحزاب التي تنط في مشهد بئيس ، نجزم انها انقرضت بالكامل ، خاصة عندما ارتمى الجميع في حضن النظام يدافع عن برنامجه المنزل من فوق .. فهل المأمول لصنع الجبهة او الكتلة هو الاتحاد الاشتراكي ، حزب التقدم والاشتراكية ، ومعهما حزب الاستقلال .. وهي أحزاب أصبحت من الماضي السحيق المعبر عن الهزيمة والافلاس .. ام ان المأمول من الجبهة او الكتلة ، هما الحزب الاشتراكي الموحد ، وحزب الطليعة ، ووضعهما التنظيمي مشفق عليه .. ام حزب النهج الديمقراطي الذي اعترف بالدولة السلطانية ، عندما وضع ملف الترخيص له مباشرة بين يدي ياسين المنصوري المدير العام ل DGED ، عندما كان واليا مديرا عاما للمديرية العامة للشؤون الداخلية بوزارة الداخلية ، وهو الحزب الذي يرفض الحزبان الاشتراكي الموحد والطليعة التنسيق معه ، بسبب مواقف أصبحت متجاوزة ، كموقفه الاممي من نزاع الصحراء ، رغم ان السلطان اعترف بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، ونشر اعترافه بالجمهورية الصحراوية في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد 6539 / يناير 2017 .. وماذا يعني تنظيم الحزب وقفة امام وزارة الداخلية للاحتجاج عن عرقلة مؤتمره الوطني وهوحق مشروع طالما انه يشتغل برخصة . ولماذا لم يصدر لا الحزب الاشتراكي الموحد ، ولا حزب الطليعة كل منهما بيانا تضامنيا ومساندا ( لمحنة ) النهج الذي يدعو وزارة الداخلية ان تكون رحيمة معه ، بتمكينه من عقد مؤتمره المشروع . مع العلم ان حزب النهج لا يشكل خطرا ، ولا تهديدا على الدولة السلطانية التي يعترف بها ، ويشتغل ضمن قوانينها ..
ام ان اصل الجبهة او الكتلة ، سيكونه حزب النهج مع جماعة العدل والإحسان الاخوانية . وهنا كيف سيتم الجمع بين شعارات النهج الداعية الى الدولة ( العلمانية ) Fausse laïcisme او ( اللائيكية ) ، وبين نظام الخلافة أساس شعارات جماعة العدل والإحسان ..
اذن بصرف النظر عن كل قراءة استرجاعية لتاريخ واقع علاقات الأحزاب السلطانية البرجوازية الصغيرة ، ومعها الأحزاب ( المحافظة / حزب الاستقلال ) فيما بينها ، وكلها كانت أحزاب سلطانية ، وكدا بسط الحديث في تحديد كل مظاهر السلب فيها .. فان ما يمكن تأكيده ، هو طابع العداء والتجاهل اللذان اتسمت بهما العلاقات السياسية في صفوف تلك الكائنات ، بمختلف فصائلها وتياراتها التي انقرضت اليوم ، لصالح الدولة السلطانية التي تشغل لوحدها الساحة ، وتجوبها طولا وعرضا ومن دون حرج . وهو واقع استحال معه وجود أي شرط من شروط العمل الجبهوي ، او العمل الكتلوي ، او خلق اية إمكانية لتوفير جو صحي للصراع النظري والسياسي ، في محاولة لتأكيد حقيقة صلة هذا التصور او ذاك ، بكل مكونات الواقع ، وتحديد مقتضيات تطوره ..
ان هذه السمة التي ميزت العلاقة التي حكمت الصلة بين مختلف الأحزاب السلطانية باسم الأحزاب الديمقراطية ، فوتت عليها الفرصة ، كفعالية سياسية في حدودها الدنيا المقبولة من قبل السلطان ، ومن قبل اجهزته ، جملة من المصالح المشتركة ، في تحقيق استقلالية ولو في حدودها القصوى عن برنامج الدولة السلطانية الواضح المعالم . كما فوتت عليها فرص تحسين مواقعها السياسية ، وتمتين اطاراتها التنظيمية ، في اتجاه تصليب علاقاتها بالجماهير التي كانت تنفر منها ، لأنها كانت مرتبطة كرعايا براعيها الكبير مولانا السلطان ، ومن ثم الانخراط العضوي في ديناميكية حركتها بما يضمن لها الاستمرارية والتجذر . كما انها قادتها على مستوى آخر ، الى الاسهام في تكريس الوعي الشقي المتأخر ، وإعادة انتاج كل عوامل استفحاله كحالة معيقة ، لكل اندفاع واع للحركة الجماهيرية التي ظلت في واد ، في معركة التغيير وتحقيق التنمية السياسية المطلوبة .
ان الفراغ المسجل اليوم في واقع الأحزاب المفروض انها تواصل بناء الإرث الذي وزعه ورثة محجوبون ، ورفع عنهم القلم اليوم .. ولتفادي هزيمة مدوية ثانية ، يحتم على جيل اليوم ، ان يتعاطى مع هذه الحقيقة بمنطق النقد الذي وحده يقوّم الاعوجاج ، ويضع القطار في سكته الحقيقية التي هي النضال من اجل الديمقراطية الحقيقية ، والدولة المدنية اللائيكية التي تنتصر للشعب بغض النظر عن معتقداته وأيديولوجياته .
ان كل المؤشرات وكل المعطيات الموجودة امامنا اليوم ، تبشر وتوحي بأمرين لا ثالث لهما . فإما استمرار الوضع كما كان منذ 350 سنة ، وهذا امر مشكوك فيه بسبب التحولات العميقة التي حصلت في السياسة الدولية ، وفي العلاقات بين الدول ، وبسبب تغيير مواقع القوة في العالم التي أصبحت تنتصر للديمقراطية ولحقوق الانسان .. وإمّا عند حصول فراغ منتظر في الحكم ، سينزل الشعب الى الشارع ، والنزول هنا هو بدوره يمكن ان يتخذ شكلين . الشكل الأول سيكون النزول بما تقتضيه مراسيم الموت ، وهي الحزن والبكاء بالطقوس المغربية كما حصل في جنازة الحسن الثاني . وقد يكون النزول في اشكال أخرى كاعتبار مناسبة الفراغ ، فرصة لتنزيل إصلاحات سياسية حقيقية ضمن استمرار الدولة ، وقد يخرج النزول عن حدوده ليتحول الى زلزال تقف وراءه شعارات باسم العقيدة ، وباسم الأيديولوجية . وهنا ان حصل النزول بهذا الشكل والمستوى ، وشرع الشعب في رفع الشعارات السياسية الجذرية ، وعم النزول الأراضي الصحراوية المتنازع عليها .. فان أي تطور يمكن انتظاره ، وبما فيه تسهيل فصل الصحراء وفصل الريف ، وربما تشتيت كل المغرب .. فإن حصل النزول بهذا الشكل باسم المطالب الديمقراطية ، والعدل ، والمساواة ، وتبرير من اين لك هذا .. فان الجيش لا ولن يستطيع اطلاق رصاصة واحدة على المحتجين ، ولن تتكرر لا مارس 1965 ، ولا 1981 ، ولا 1984 ، ولا 1990 ... لان المنتظم الدولي من مجلس الامن ، الى الأمم المتحدة ، الى الاتحاد الأوربي ، الى المحكمة الجنائية الدولية .. الجميع سيكون يراقب ما سيحصل .. ان المغرب معرض لأخطار متنوعة ، من بينها وحدة أراضيه المتنازع عليها ، والمشكك فيها من الاوربيين أصدقاء الامس ، ومن قبل مجلس الامن ، والاتحاد فريقي ، ومن قبل واشنطن التي رمت باعتراف Trump بمغربية الصحراء ..
فبوادر تشكل كتلة شعبية للطوارئ أضحت امرا ملحا . كما ان التعويل عليها في عملية تطورها المتلاحق ، سيمكن من انتزاع جملة من المكتسبات السياسية ، والحقوقية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، تقوي منحى انسجامها ووحدتها ، في مواجهة الاخطار المنتظرة ضد المغرب الأرض والشعب ، وتقويها في مواجهة أسس الدولة السلطانية بطقوسها القروسطوية الغريبة ، المرفوضة ديمقراطيا ، وحقوقيا ، ودوليا ..
ان الوضع الحالي والمعطيات المتوفرة ، كلها تساعد وتسهل بناء ديمقراطية حقيقية ، في اطار دولة ديمقراطية يكون مصدر الحكم فيها الشعب ، بواسطة الانتخابات ، وصناديق الاقتراع .. ضمن الدستور الديمقراطي ، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة .. فمن يريد الحكم ، عليه بالمسائلة القانونية في صورها المختلفة ..
انها آخر فرصة مواتية انْ تم استغلالها ، أصبحت الكتلة الشعبية الجماهيرية ، السد المنيع ضد الاخطار المهددة لوحدة المغرب ، ووحدة الشعب ، وأصبحت الكتلة الشعبية التي ستتشكل في الوقت المناسب ، المدخل الأساسي للدولة الديمقراطية ..
والاّ ستعيشون 350 سنة قادمة ، مجرد رعايا في دولة رعوية ، بطريركية ، كمبرادورية ، سلطانية ، سواء في جُبّتها التقليدية ، او في جُبّتها التحديثية التي أسسها الحسن الثاني .
فاين سيتموقع الحسن الثالث انْ أراد الحفاظ على وحدة الدولة ووحدة الشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي


.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال




.. استطلاع للرأي يكشف أن معظم الطلاب لا يكترثون للاحتجاجات على 


.. قبول حماس بصفقة التبادل يحرج نتنياهو أمام الإسرائيليين والمج




.. البيت الأبيض يبدي تفاؤلا بشأن إمكانية تضييق الفجوات بين حماس