الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سبيل تأسيس الجمعيات الرقمية بالمغرب.

محمد أوبالاك

2022 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


تمهيد:
بحلول 27 نونبر 2022 سوف يكون قد مر على صدور ظهير 1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات بالمغرب، أكثر من 64 عاما، وبالرغم من مضي السنوات وتغير الواقع من حولنا، فإن الظهير هذا، لم يعرف إلا بعض التعديلات/التغييرات والتتميمات الطفيفة التي لم تمس جوهره، والتي كان آخرها القانون 07.09 لسنة 2009 .
فالجمعيات التي تعتبر المؤسسة الراعية للمجتمع المدني والمانحة لشرعية خدمة المجتمع بشكل تطوعي لا يهدف للربح بالقدر الذي يهدف إلى خدمة الصالح العام، لا يمنعنا من أن نلاحظ أن ظهور بعض التجمعات والمجموعات النشطة عبر الشبكات الرقمية، والتي تستعمل في سبيل التعريف بأنشطتها التقنيات الخوارزمية (الحاسوب والهواتف الذكية)، وهو ما سوف يكون محتما مواكبة التقنيات الجديدة في التفكير والتواصل، والعمل على تعديل جذري لظهير تأسيس الجمعيات، تعديلات تأخذ بعين الاعتبار توسع التحول الرقمي وانصهار السيادة الوطنية المادية في بوثقة السيادة الرقمية الافتراضية، وذلك من باب تسهيل ولوج مقتضيات ظهير تأسيس الجمعيات بالمغرب للعالم الرقمي و مواكبة عصره المتجدد بوتيرة سريعة غير متحكم بها، وهو ما سوف يجعل الوقت مناسبا لإدخال تعديلات على مقتضيات الظهير برمته، خاصة مقتضيات الفصل 1 والفقرة الخامسة من الفصل 5، من الظهير، إذ أن إدخال تعديلات على هذين الفصلين، سوف يمهد لإدخال تعديلات أخرى على باقي الفصول.
نجد مثلا الفصل 1 من ظهير 1.58.376 المتعلق بتأسيس الجمعيات، ينص على أن:"الجمعية هي اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم. وتجرى عليها فيما يرجع لصحتها القواعد القانونية العامة المطبقة على الالتزامات والعقود".
وبما أن الفصل المذكور أعلاه قد أحال عملية الاتفاق ثم التعاقد إلى القواعد العامة للقانون المدني، التي تمثلها مقتضيات قانون الالتزامات والعقود، هذا الأخير الذي عرف مجموعة من التعديلات المواكبة للثورة الرقمية في مجال التعاقد بشكل الكتروني، بواسطة الدعامات الرقمية، اعترافا بجدوى العلاقات القانونية الناتجة عن استخدام المنصات الرقمية في المعاملات المدنية والتجارية، وهو ما لاحظناه من خلال سن مجموعة من الفصول القانونية المواكبة للعصر الرقمي، من بينها الفصل 2.1، ثم الفصول من65.1 إلى 65.7 ، وكذا الفصول 417.1 إلى 417.3، من قانون الالتزامات والعقود.
مما يتعين تعديل الفصل 1 من الظهير، بالإشارة إلى تبني الفصول المشار إليها اعلاه، المرتبطة بالتعاقد بشكل رقمي/الكتروني.
بيد أنه وفي حالة التفكير في إنشاء الجمعيات عبر المنصات الرقمية، يتوجب تعديل الفقرة الخامسة من الفصل 5 من نفس الظهير، بخصوص مقر الجمعية، كون الفصل 5 ينص على أنه:
يجب أن تقدم كل جمعية تصريحا إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي يسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال وتوجه السلطة المحلية المذكورة إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المختصة نسخة من التصريح المذكور وكذا نسخا من الوثائق المرفقة به المشار إليها في الفقرة الثالثة بعده، وذلك قصد تمكينها من إبداء رأيها في الطلب عند الاقتضاء. وعند استيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة اللاحقة يسلم الوصل النهائي وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما وفي حالة عدم تسليمه داخل هذا الأجل جاز للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها. ويتضمن التصريح ما يلي :
-........
-........
- مقر الجمعية ؛
وبما أن النشاط الجمعوي سوف يصبح أكثر وأكثر رقميا، وبالتبعية سوف تصبح عبارة "مقر الجمعية" في شكلها الحالي، عبارة متخلفة جدا، إذ سوف ينتقل "مقر الجمعية" من تواجده المادي التقليدي إلى التواجد الافتراضي على المنصات الرقمية، وهو ما سوف يتحتم معه إضافة عبارة الموقع الرقمي إلى المقر المادي، أي الموقع أو الموطن الرقمي أو الهوية الرقمية الذي يقترب من عبارة IP ، هذه التقنية التي قد تحيل في بعض جوانبها إلى قانون حماية البيانات الشخصية في عصر الرقمنة .
زيادة عن عدم إغفال إضافة مجموعة من المقتضيات القانونية المنصوص عليها بالقانون الجنائي، خاصة القانون، رقم: 03.07 المتعلق بالإخلال بسير نظم المعالجة الالية للمعطيات، ثم القانون، رقم: 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب وكذا قانون تبييض الأموال، و القانون رقم: 24-03 المتعلق بتعزيز الحماية الجنائية للطفل والمرأة.
كما أننا نجد أن المشرع المغربي خص الانحراف في العلاقات الناتجة عن استعمال المنصات الرقمية، بنصوص تشريعية تهم المعاملات المدنية والتجارية والمتمثلة في القانونيــــــن، رقم: 09.08 و 05.53، حيث أن الأول يتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين اتجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي الصادر بتاريخ 18 فبراير 2009، في حين يتعلق القانون الثاني بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، هذه الترسانة القانونية نتجت عن استعانة المغرب بالتشريع الدولي، إذ أننا بهذا الصدد نرى أن منظمة الأمم المتحدة قد أولت مسألة مواجهة الجرائم الالكترونية اهتماما كبيراً خصوصا خلال مؤتمر الأمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي انعقد في فيينا أيام 10 – 17 ابريل 2000، وكذلك خلال مؤتمر الأمم المتحدة الحادي عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي انعقد في بانكوك أيام 18-25 ابريل 2000.
وأنه ولأغراض علمية صميمة، ارتأينا أن نقرب الصورة أكثر من خلال اتخاذ التجربة الفرنسية الأقرب - بحكم سوابقها الاستعمارية للمغرب والتوجه التشريعي للمغرب المستمد من النظام القانوني الفرنسي -، كنموذج دراسة، وهو ما سوف نستقيه من خلال ترجمتنا لمقال رصين معنون بـ: الجمعيات في العصر الرقمي - ما هي الأشكال التي يتخذها التبرع اليوم؟ ، بقلم كريستيل ديارت، أوسين لوران، كورالي لوران، اتخذ من جمعية رقمية ألمانية المنشأ، تسمى "إيكوسيا" نموذجا لطرح ومناقشة، موضوع ظهور جمعيات رقمية أخرى في كل في كل من فرنسا وبريطانيا، مإذ سوف يوضح المقال المختار كنموذج نظري وعملي، نقط القوة والضعف في تأسيس جمعيات رقمية موازية للجمعيات التقليدية
إليكم ترجمة لبعض من الفقرات المهمة من المقال:
المقدمة:
"نعم، بالتأكيد، الجمعيات لها مصلحة في الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية"، هذا ما قاله داميان، وهو طالب يبلغ من العمر 22 عامًا، عندما سُئل عن رأيه في الجمعيات التي تستخدم الويب وأدواته للتعريف عن نفسها وتعزيز القضية التي تدافع عنها.
يقدر عدد الجمعيات الناشطة في فرنسا بـ 1500000، مع مراعاة وتيرة تطور كل جمعية على حدا، ومعرفة مدى مواكبتها لتصاعد قوة الثورة الرقمية.
في الواقع، إن تطور التقنيات الرقمية والجديدة يجعل العالم رقميًا، حيث إن الرقمنة تغزو جميع القطاعات، فلماذا لا يتعلق الأمر بالجمعيات؟ لهذا السبب قررنا الاهتمام بالقطاع التطوعي في العصر الرقمي، وعلى وجه الخصوص في جمعية Ecosia ، التي لديها نهج أصلي للتبرع، إذ تمكنت من الاستيلاء على المتاح رقميا واستخدامه لصالحها، وهي بالنسبة لهذا الارتباط المبتكر، هي جمعية يمكن وصفها بأنها تمثل جيلا جديد من الكيانات التطوعية، نظرًا لمواكبة أساليبها للتحول الرقمي.
من خلال اتخاذنا للجمعية الرقمية Ecosia، كنموذج دراسة، والذي على أساسه، سوف نفحص الطريقة التي تستخدم بها جمعيات اليوم التكنولوجيا الرقمية لجمع التبرعات، وبشكل أكثر دقة سوف نجيب عن السؤال المحوري: ما هو الشكل الذي تتخذه التبرعات والهبات، في العصر الرقمي؟
وسبيل الإجابة على هذا السؤال المحوري، استعنا بمجموعة من الكتب والمقالات في دراستنا، والتي نجد منها:
- دراسة تم إنجازها خلال سنة 2016، من طرف Solidatech و Recherches & Solidarités، يدور محورها حول:"مكانة التكنولوجيا الرقمية في المشروع الترابطي في عام 2016"، والتي علمتنا كيفية استخدام الجمعيات لأدوات الويب.
- ثم الدراسة التي تمت خلال سنة 2017، التي أجراها كل من جولي باستيانوتي وسيسيل شاماريت: "Googlizing تلوث؟، للحديث حول الظهور الصعب للجهات الفاعلة التي تخدم الانتقال منخفض الكربون في سوق محركات البحث"، حيث سمحت لنا هذه المقالة بفهم سوق محركات البحث بشكل أفضل.
من خلال اتخاذنا للجمعية الرقمية Ecosia، المستخدمة للتكنولوجيا الرقمية لجمع التبرعات التبرعات كنمزذج دراسة، سوف يتم طرح السؤال التالي: ما هو الشكل الذي تتخذه هذه الجمعية الرقمية، بشكل دقيق في العصر الرقمي؟
للإجابة على هذا السؤال المطروح، سوف نقوم بإبراز التغييرات التي تجريها في مواجهة ظهور التكنولوجيا الرقمية، ثم سوف نحلل بمزيد من التفصيل جمعية Ecosia، والطريقة التي يستخدمها المستخدمون في Ecosia، والطريقة التي تستخدم بها التكنولوجيا الرقمية وأدواتها، ثم أخيرًا سوف نركز على التبرع وشكله الخاص الذي يمكن أن يتخذه اليوم مع التكنولوجيا الرقمية، من خلال الكشف عن بعض الجمعيات التي تقدم إجراءات وأداءً ابتكاريًا.
أولا: توجه الجمعيات إلى التحول الرقمي: التغييرات التي تجريها:
توجد اليوم جمعيات جديدة ومبتكرة تعرف كيف تفرض نفسها في البيئة المجتمعية، بفضل استخدام المتاح من التكنولوجيا الرقمية، إذ يقوم مسيروها بتكييف تقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة في مجالهم، لكن قبل تكييفها، والتحكم في تقنياتها، وعدم استخدامها بشكل محدد لنشاطها، إذ تتبنى الجمعيات أدوات الويب، مما يجعلها في الواقع، تتمتع معظم الجمعيات بخصائص لم تكن تمتلكها قبل بضع سنوات خلت.
اليوم يستخدمون جميعًا أدوات الويب، وفقًا لدراسة أجــــرتها Solidatech و "Recherches et Solidarités"، فإن معظم الجمعيات اليوم لديها أو تستخدم موقعًا خاصًا بجمعيتها (73٪ من الجمعيات)، وأدوات المحاسبة (66٪ من الجمعيات)، والشبكات الاجتماعية (62٪)، يستخدم البعض أيضًا، ولكن بدرجة أقل، أدوات الإدارة (51٪)، أو أدوات تصميم الرسوم (46٪).
وفقًا للدراسة نفسها، إذا قارنا استخدامات التكنولوجيا الرقمية بين عامي 2013 و 2016، نلاحظ أن هذه الاستخدامات قد تزايدت بشكل ملحوظ خلال سنة 2016، إذ أصبحت نسبة 73٪ من الجمعيات تتوفر على موقع على شبكة الإنترنت، في حين لم تتجاوز خلال سنة 2013 نسبة 4٪، وهو ما يمثل زيادة بلغت نسبة 69٪ من الجمعيات، أما بالنسبة للشبكات الاجتماعية، فالنمو لا يمكن إنكاره، ففي عام 2013، أحصينا 43٪ من الجمعيات التي لديها شبكات اجتماعية، لتصبح خلال عام 2016، تبلغ نسبة 62٪ ، بارتفاع بلغ نسبة 19٪ ، وبشكل عام وجد أنه بتضاعف عدد الجمعيات خلال عام 2016، انتقلت النسبة من 22٪ إلى 43٪.
لذلك نلاحظ أن المزيد من الجمعيات تستخدم الأدوات التي يوفرها لها الويب، في غضون ثلاث سنوات، ازدادت نسب الولوج إلى عالم الويب الأرقام.
لذلك تحتل الرقمية مكانة خاصة داخل الجمعيات، إذ أن هناك العديد من الاستخدامات للتكنولوجيا الرقمية من قبل الجمعيات، فهم يستخدمونها لتطوير المشاريع مع المستفيدين أو المستخدمين، وإدارة نشاطهم، والتواصل داخل الدولة الواحدة وخارجها، كما تساعد في مراقبة وتقييم المشاريع والأنشطة، أو حتى تدريب الأعضاء أو المتطوعين أو المستفيدين.
وفقًا للدراسة نفسها، تعتمد نسبة 35٪ من الجمعيات في المتوسط على التكنولوجيا الرقمية لاتخاذ إجراءات تستهدف المستفيدين أو الجماهير الضعيفة، إذ يتعلق الأمر بالحركة مثل تصميم الألعاب الجادة أو MOOCs، وهي التقنية التي تعني في تعريفها المقتضب الدورة التدريبية الضخمة عبر الإنترنت، وهي بالتالي هي شكل تعليمي جديد يتكون من توفير الوصول المجاني إلى التدريب عبر الإنترنت، إذ أصبح بفضل تقنية MOOCs، عملية الإدماج الرقمي مهمة ترابطية في حد ذاتها مع العديد من الجماهير، مثل فئات كبار السن، والباحثين عن فرصة عمل.
لقد تمكنت العديد من الجمعيات من فهم مكان وأهمية التكنولوجيا الرقمية في القطاع النقابي، ولذلك فقد اعتمدت تدريجياً الأدوات المتاحة له، وأنه علاوة على ذلك، فقد يتزايد ذلك الاعتماد بمرور الوقت، حيث أنه خلال سنة 2016، استخدمت نسبة 8٪ من الجمعيات التعلم عن بعد (البرامج التعليمية أو حتى MOOCs)، ومن المرجح أن يستخدمه 42٪ في المستقبل، كما أن نسبة 9٪ من الجمعيات تستخدم تطبيقات الهاتف المحمول، كما أنه من المرجح أن تتمكن نسبة 39٪ استخدام نفس التطبيق في المستقبل القريب، إذ أنه بالنسبة لمديري الجمعيات، سيسمحون لهم بالتواصل مع الأعضاء أو حتى حشد المتطوعين بشكل عن بعد وبشكل رقمي.
لذلك يوجد مستقبل مشرق للبرمجيات الحرة، والتي تستخدمها حاليًا نسبة 41٪ من الجمعيات.
أخيرًا، فيما يتعلق بالتبرع عبر الإنترنت، نجد في سنة 2016 ، تم استخدام نسبة 13٪ من الجمعيات، في حين أعربت نسبة41٪ على اهتمامها باستخدامه في المستقبل، هذه الـ 13٪ تتعلق بالجمعيات التي لديها خبرة في عمليات الجمع التقليدية والتي قامت اليوم بدمج أنظمة محددة في مواقعها الخاصة، وهو ما يتعلق غالبا، بالجمعيات الكبيرة، ومع ذلك، فإن جمع التبرعات عبر الإنترنت يعطي الأمل للعديد من الجمعيات التي تواجه صعوبات، وهو ما يجعل الأمر له علاقة بتزايد اهتمام الجمعيات بالتكنولوجيا الرقمية.
تتمتع التكنولوجيا الرقمية بالعديد من المزايا، أولها، أن التكنولوجيا الرقمية تسهل عملية الاتصال بين الأعضاء، هذا هو سبب وجود أدوات تعاونية تتكيف وفقًا لعمل الجمعية، وهي غالبًا ما يكون للجهات الفاعلة (المتطوعون والموظفون والإداريون) وتيرة عمل مختلفة وتسمح لهم هذه الأدوات الحديثة بالتواصل بسرعة أكبر، وهو ما نتج عنه استخدام نسبة 43٪ من الجمعيات أدوات تعاونية خلال سنة 2016 مقارنة بـنسبة 22٪ فقط، خلال سنة 2013.
ووفقًا للدراسة التي أجرتها Solidatech و "Recherches et Solidarités" ، فإن "هذه التطورات الهامة، التي طرأت في وقت وجيز، هي خير شاهد على التنوع الواسع في الاستخدامات الرقمية داخل الجمعيات"، وهكذا، فإن استخدام الرقمية يتطور وفقًا للقوة المالية للجمعيات، إذ أنه كلما زادت الميزانية، زاد عدد المتطوعين أو الموظفين، وهو ما تزداد معه وتيرة زادت استخدام الرقمنة.
بالإضافة إلى ذلك، نجد أنه من خلال التكنولوجيا الرقمية، شعور المتطوعين بمزيد من المشاركة في الحياة المجتمعية، حيث يمكنهم إبداء آرائهم عن بُعد أو التواصل مع أعضاء الفريق الآخرين، أو مراقبة المشاريع أو حتى العمل عن بُعد.
يمكننا أن نرى أن عدة عوامل لعبت دورًا مهمًا في هذا التطور نحو الرقمية داخل الجمعيات، فعلى سبيل المثال، نجد أن الممولين العامين أو الخاصين يشجعون الجمعيات على استخدام أدوات المراقبة لإعداد تقارير وتقييمات للإجراءات المدعومة، بالإضافة إلى ذلك، في الوقت الحاضر، يتم تقديم الإعلانات الرسمية أو حتى طلبات المنح عبر الإنترنت، وهي من الأسباب التي تجعل الانتقال إلى الحكومة الإلكترونية أمرا مهمًا.
إن الرقمية من أهم وسائل تشجيع فئات الشباب (أقل من 35 عامًا) على التطوع تماشيا مع تطور التكنولوجيا الرقمية، إذ أنه خلال عام 2010 ، كانت نسبة 16٪ من الشباب دون سن 35 عامًا متطوعين لتنتقل خلال سنة 2016 إلى نسبة 21٪ في عام 2016، إذ تمكن هؤلاء الشباب من إدخال ممارسات وأدوات جديدة في جمعياتهم، حيث أصبح استخدام التكنولوجيا أحد الأصول في حشد الشباب، الذين يمكن أن يطلق عليهم "المواطنون الرقميون"، لأنهم يشعرون بالراحة مع طريقة الاتصال هذه.
ومع ذلك، نجد من المهم أن نكون حريصين على عدم استخدام الأدوات الرقمية لمجرد "التعايش مع العصر"، إذ على العكس من ذلك، يجب أن نفكر أيضًا في الأشخاص الذين لن يشعروا بالراحة تجاه الرقمية، وبالتالي تجنب عزلهم وأو تجاهلهم، إذ يجب أن تكون الأداة التقنية المختارة، متاحة وفي متناول الجميع.
أخيرًا، هناك العديد من الأدوات الرقمية التي تتكيف مع خصوصيات الجمعيات وهي سهلة الاستخدام، والتي يمكننا أن نلاحظ الاستخدامات الجديدة، التي تظهر في مجالات عديدة، كالتدريب عبر الإنترنت الذي يسمح للمتدرب باكتساب المهارات تحقيقا لأكبر قدر من الكفاءة.
لذا فإن جمعيات اليوم تقدم بعض الاختلافات في أدائها وممارساتها عندما نقارن بينها وبين ارتباطات الأمس. تعد أدوات الويب اليوم جزءًا لا يتجزأ (للعديد منهم) من هذه الممارسات. لديهم جميعًا أو تقريبًا موقع ويب على سبيل المثال. وبالنظر إلى الأهمية التي تتمتع بها التكنولوجيا الرقمية اليوم في جميع قطاعات الحياة ، يمكننا أن نعتقد أنها ستزداد فقط. ستستخدم الاتحادات المزيد والمزيد من تقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة ، وستلائمها من خلال عدم استخدامها بشكل محدد في قطاع نشاطها. علاوة على ذلك ، نجد اليوم أمثلة على أشكال استيلاء الجمعيات على الأدوات الرقمية. في الواقع ، يقوم البعض بتكييف الأدوات المتاحة لهم وإعادة اختراع ممارسات معينة. هذا هو الحال بالنسبة لجمعية Ecosia. هذه جمعية أنشأت محرك بحث وتحول كل بحث يقوم به مستخدموها إلى هدية من أجل الطبيعة. وهكذا أعادت شركة Ecosia اختراع التبرع والبحث ، من خلال اعتماد التكنولوجيا الرقمية.
ثانيا: للتعرف على Ecosia بشكل أفضل:
هناك جمعيات لا تعمل إلا من خلال الويب، وهذا يعني أن الرقمنة هي "أداة العمل" الخاصة بها، وهي الوسيلة الرئيسية للتعريف بنشاطها في جمع التبرعات، وهو الحال بالنسبة لجمعيةEcosia، التي تحتكر الويب لمصلحتها لإعلان نشاطها، والدفاع عن قضيتها ومشاريعها التطوعية.
أولاً، دعنا نقدم Ecosia.، إنه محرك بحث META للتضامن الألماني أنشأه كريستيان كرول، والذي يتبرع بنسبة 80٪ من أرباحه لبرنامج إعادة تشجير موجود في جميع أنحاء العالم، وهكذا تقوم شركة Ecosia بزراعة الأشجار في العديد من البلدان، وتحديداً في بوركينا فاسو وبيرو وتنزانيا ومدغشقر، إذ تعمل الشركة مع العديد من الشركاء المستثمرين في القضية البيئية،منها كل من WeForest و OZG في بوركينا فاسو، PUR Projet في البيرو، و Eden Projects في مدغشقر.
لقد حولت الجمعية الرقمية Ecosia عمليات بحث المستخدم إلى إجراءات ملموسة، أي بعد عدد معين من عمليات البحث لكل مستخدم ، تقوم شركة Ecosia بزراعة شجرة، منذ إنشاء Ecosia، تمت زراعة أكثر من 39 مليون شجرة ، وهو ما يمثل أكثر من مليار عملية بحث في المجموع ، بمعدل 45 عملية بحث في المتوسط لزراعة شجرة، اعتبارًا من مارس 2018، تم جمع أكثر من 6.6 مليون يورو منذ بدء تشغيل الموقع في 7 ديسمبر 2009.
الآن، دعنا نلقي نظرة على كيفية عمل Ecosia، حيث تقدم الجمعية خدمة بحث مجانية، كما يتم إنشاء النتائج التي يعرضها محرك البحث بواسطة Bing، وقد تم تحسينها بواسطة خوارزميات معينة تم تطويرها بواسطة Ecosia، إنه يولد إيرادات عبر إدخالات إعلانات Yahoo! ، لذلك يعرض روابط إعلانية تحقق إيرادات مع كل نقرة، بالإضافة إلى ذلك ، تتيح الروابط المسماة EcoLinks للمستخدمين الحصول على تبرعات عند التسوق عبر الإنترنت. كمؤسسة اجتماعية ، فإن Ecosia في مهمة "زراعة عالم أكثر استدامة بيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وهي جمعية تتعهد بنشر تقرير مالي شهري، لإعلام المستخدمين بكيفية استخدام الدخل من عمليات البحث الخاصة بهم، كما تتعهد على المستوى الأخلاقي، بعدم بيع البيانات الشخصية لمستخدميها لأطراف ثالثة، وأخيرًا، نجد أنه على المستوى البيئي، بالإضافة إلى استثمار عائداتها في برامج إعادة التحريج، تضمن شركة Ecosia استخدام الخوادم التي تعمل بالطاقات المتجددة، وبالتالي فإن Ecosia هي "محرك ميتا نظيف" لأنه يحيد 100٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لخوادمه وبنيته التحتية ومبانيه وأجهزة مستخدميه، من خلال مشروع موازنة الكربون الذي يديره شريكه myclimate10.
أخيرًا، دعنا ننتقل إلى الترويج الذي تعتمده هذه الجمعية الرقمية، إذ تعتمد بشكل كبير على أدوات الاتصال الجديدة، كون جمعية Ecosia موجود على الشبكات الاجتماعية، مما يسمح لمستخدمي هذه الشبكات بمتابعة الارتباط في هذا المجال، وبالتالي نجد أن جمعية Ecosia قريبة من متتبعيها ومنخرطيها، وتضفي الشرعية على نشاطها، حيث يمكن للمستخدم بعد ذلك أن يرى أن عمليات بحثه على الويب تساعد حقًا القضايا البيئية، وفي النهاية تبني ولاء مستخدميها من خلال رؤية الإجراءات التي اتخذتها الجمعية، حيث يتم تشجيع المستخدم على مواصلة أبحاثه حول Ecosia، وبالتالي فهي تخلق رابطة خاصة بينها وبين مستخدميها، من خلال الانخراط في حياتهم اليومية والسماح لهم بمتابعتها في هذا المجال، وأن يكونوا ممثلين بفضل أبحاثهم.
تعد الشبكات الاجتماعية جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجيتها الترويجية، حيث تستفيد Ecosia حتى من الترويج للعديد من المؤثرين الناطقين بالفرنسية، بما في ذلك EnjoyPhoenix و Doc Seven و Max Bird21،حيث استفادت الجمعية بشكل واقعي من فهمها لتأثير الشبكات الاجتماعية وشبكة الويب بشكل عام على السكان، وخاصة على الشباب، وخصصت هذه الموارد لجعل نشاطها والقضية التي تدافع عنها تزدهر، في المقابلات التي أجريناها، تظهر فعالية الشبكات الاجتماعية وعمل المؤثرين بوضوح، ولكن هذا سيكون موضوع جزء لاحق من الدراسة.
لذلك قامت جمعية Ecosia بتخصيص الويب، خاص ، كمحرك بحث يقوم على أساسه نشاطه، فإنه من خلال هذه الوسيلة الفريدة يجمع التبرعات، بهذه الطريقة، تعيد اختراع التبرع والبحث، إنه عمل يعكس الارتباط بين محرك البحث الذي يقدم خدمة، والمستخدم الذي يتلقى هذه الخدمة، وهنا لم يعد المستخدم من خلال بحثه يتلقى فقط، بل يعطي في المقابل، وهذه هي الطريقة التي تقدم بها نوعًا جديدًا من التبرعات، هذا التبرع غير نقدي، لأنه يعتمد على بحث على شبكة الإنترنت، بحث يساوي "هدية من أجل الطبيعة".
في كل هذا ، تعد Ecosia جمعية مبتكرة (بتحريك حرف الكاف) ومبتكرة (بكسر حرف الكاف)، منحتها السبق عن مثيلاتها من الجمعيات التقليدية، إنها بحق "جمعية الجيل الجديد".
ومع أن Ecosia ليست هي الجمعية الوحيدة التي انغمست في الويب لتنفيذ نشاطها، لأن لدينا محركات بحث "ميتا" أخرى تجعل عمليات بحث مستخدمي الإنترنت مربحة، وإعادة استثمارها في الأعمال الخيرية، هذا هو الحال بالنسبة لمحرك البحث الفرنسي Ecogine، إذ أنه محرك بحث أخلاقي وبيئي، يهدف إلى إنشاء "شبكة أنظف" أقل تلويثًا، وهو طموح في "أن يخضع ذلك الجزء من حركة الإنترنت لتعويض الكربون" (التبادل مع Ecogine، كون جمعية Ecogine ، على عكس Ecosia ، لا تحول البحث إلى تبرع ، أي أن أولويتها هي السماح لمستخدمي الإنترنت بتقليل انبعاثات الكربون عند التصفح، فعندها تقوم بإعادة توزيع جزء من إيراداتها على جمعيات مختلفة، ويبدو تبرع المستخدم أقل مباشرة مما هو عليه في Ecosia حيث "البحث يعادل تبرعًا".
كما أن هناك جمعيات رقمية أخرى، كمحرك البحث Lilo، الذي يمول المشاريع الاجتماعية والبيئية، أو حتى Yaffle، الذي يدعم المنظمات الإنسانية بمضيف صديق للبيئة.
وهكذا نلاحظ أن الجمعيات تلائم الويب لنشاطها، فهي تقترح إجراءات مبتكرة تختلف عن التبرع النقدي البسيط، وفي هذا يعيدون اختراع التبرع في العصر الرقمي وحتى الأداء السليم للهيكل الترابطي، حيث يعتمد هذا على أدوات الويب، وهي جزء لا يتجزأ من استراتيجيتها الترويجية، كما رأينا على سبيل المثال في الجمعية الرقمية Ecosia.
يوجد العديد من الجمعيات منذ فترة طويلة، لكنها تتطور بشكل بطيء بمرور الوقت، وتتكيف مع التغيرات في المجتمعات بشكل لا يوازي سرعة تطور التكنولوجيا الرقمية، في الحين الذي عليها ‘ادة مواكبة الأدوات المتاحة لها، للاندماج رقميا، بتخصيص تقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة لاستخدامها بشكل فريد، وبالتالي تحيين أدائها وطريقة عملها من خلال الابتكار.
الآن دعونا نلقي نظرة على الدوافع الحقيقية للمستخدم لاختيار محرك بحث مثل Ecosia.
دراسة حالة: Ecosia:
بالرغم من وجود عدة محركات بحث خيرية خيرية، إلا أن سوف نلقي نظرة على الجمعية الرقمية Ecosia، من باب الربط بين الشق النظري والشق العملي من باب تحديد الأهداف والتوقعات الحقيقية لهذا النوع من الجمعيات، وهذا يعني، معرف ماذا يتوقع رواد مثل هذه الجمعيات من الرقمنة في سبيل خدمة القضية التي يدافعون عنها؟ وتحديد الدوافع الحقيقية لمستخدمي هذا النوع من محركات البحث؟ إذ أننا سنقوم بتحليل فكرة: كيف يمكن للرقمية وأدواتها أن تكون قيمة مضافة حقيقية لبعض الجمعيات، نظرًا لأن بعض الجمعيات تخطو خطوات استباقية و بعيدة، بفضل الاستخدام المبتكر للويب.
Ecosia: من منظور المستخدم:
يوجد اليوم عدة أنواع من محركات البحث ومحركات البحث الكلاسيكية مثل Google أو Yahoo أو Bing ؛ وكذلك محركات البحث البيئية مثل Lilo أو Ecogine أو Ecosia، لكن يبقى السؤال: لماذا يختار المستخدم بعد ذلك استخدام محرك بحث على آخر؟ ولماذا يختارون الجمعية الرقمية Ecosia، بالضبط؟
أولاً وقبل كل شيء، أصبح المواطنون أكثر صداقة للبيئة، وفهم أكثر فأكثر بمتطلبات حماية البيئة، حيث تمثل التقنيات الجديدة تقدمًا للمجتمع، لكن السكان يدركون جيدًا أيضًا الجانب الضار لهذه التقنيات والتلوث الذي تمثله، إذ أنه في الواقع، وفقًا لمراجعة علمية نُشرت في Business and History، التي وجدت أن هناك زيادة مطردة في عدد مواقع الويب، فضلاً عن تعميم استخدام محركات البحث، نتيجة لذلك، تتحدث للمقال العلمي المنشور على أن 3.3 مليار عملية بحث يتم إجراؤها يوميًا في العالم، وهذه صفحات تمت مراجعتها وتساهم في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، نظرًا لتقديم نتائج سريعة وذات صلة، يتعين على محركات البحث الزحف إلى المليارات من البيانات وفهرستها عبر صفحات الويب، وتخزينها في مراكز البيانات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
لذلك فإن تصفح الويب يسبب التلوث، وكل بحث يمكن للأفراد القيام به يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، كما يشار في المقال، إلى أن الفرنسيين أجروا ما يقرب من 2.6 عملية بحث يوميًا، و أكثر من 949 استفسار سنويا، كما يولدون 9.9 كجم من ثاني أكسيد الكربون، لذا فهم مسؤولون عن انبعاث 287600 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
لذلك من المهم عدم إهمال عمليات البحث على الإنترنت عن شخص مهتم بانبعاثات الكربون هذه، حيث علاوة على ذلك، يمكننا أن نرى في مقابلاتنا المختلفة، أن الطالب الشاب يهتم أكثر فأكثر بالعالم البيئي، حيث يتم تشغيل خادمهم بالطاقة النظيفة بشكل طبيعي، لذا فهو دائمًا أكثر بيئية [...] لاحقًا سأقدم تبرعات فيما يتعلق بالبيئة، فأنا أكثر تأثراً بالبيئة، يقول الطالب داميان،22 سنة.
إن نظافة البيئة موضوع قوي يؤثر على مجتمعنا اليوم، ولا شك أنه بفضل حملات التوعية المختلفة، إذ أصبحت الأجيال الشابة أكثر اهتمامًا بهذا الموضوع أكثر من الأجيال السابقة، نظرًا لأن الحملات الرقمية تتمتع بوصول متزايد إلى فئة الشباب، وبالتالي يتم تسهيل عملية التوعية بين فئاتهم، حيث أنه وفقًا لمراجعة علمية نُشرت في La Revue des Sciences de Gestion ، وجدت أن الوعي بحالة الكوكب أمر رائع من قبل الدوائر العلمية، ولكن أيضًا في الدوائر السياسية والشعبية، إذ أنه نتيجة لذلك، تم اتخاذ إجراءات تشريعية على المستويين الوطني والدولي، وهو ما مكن من رؤية ظهور مجموعات الضغط (لوبي معارض وضاغط)، والتواصل الوفير والهادف على نحو متزايد بشأن حماية البيئة ، والمستهلكين وجميع الفاعلين يصبحون أكثر حساسية لذلك.
يشرح لنا المؤلف أنه بالنسبة للمستهلكين، كانت الستينيات فترة يمكن تسميتها بفترة "الصحوة"، والسبعينيات كانت فترة "الوعي والعمل"، بينما كانت الثمانينيات فترة "المسؤولية"، والتسعينيات هي فترة "قوة السوق".
إن الوعي والإجراءات من قبل المستهلكين ظاهرة على مدى فترة طويلة الآن، وبالتالي تولد الأجيال الشابة بهذا الوعي والإجراءات المختلفة التي يتم تنفيذها، لذلك يمكننا القول إنهم منغمسون منذ صغرهم في ثقافة تكون فيها حماية البيئة مهمة، من حيث يمكننا بسهولة فهم الاهتمام الذي أبداه الشخص الذي تمت مقابلته في Ecosia.
يريد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أيضًا الجمع بين المفيد والممتع، وهذا يعني أنه نظرًا لأنهم بحاجة إلى إجراء بحث، فبدلاً من استخدام Google على سبيل المثال، سيستخدمون محلرك البحث الخاص بالجمعية الرقمية Ecosia، تحريا للقيام بعمل صالح، حيث قال أحدهم :"أستخدمه لأنني أعلم أن هناك عملًا إنسانيًا وراءه، وليس مجرد رقم توصلنا إليه من خلال بحثنا، لقد تلقيت مقطع فيديو صغيرًا، وردود فعل ... أعتقد أنه أمر جيد" (إستل ، طالبة ، 22 عامًا )، كما استرسل الطلب مقابلة داميان، قوله:"إنها حقيقة أنه يزرع الأشجار [...] أستخدم [Ecosia] لأنه يسمح لك بزراعة الأشجار، وأعتقد أنه يمكنني أيضًا استخدام Ecosia لزراعة الأشجار".


ثالثا: استحواذ الجمعيات على التكنولوجيا الرقمية:
أ‌- مستخدمي الأنترنيت:
يوجد اليوم أكثر من 4.12 مليار مستخدم للإنترنت في العالم، أو 54٪ من سكان العالم و 3.36 مليار مستخدم مسجلين على الشبكات الاجتماعية، أو 44٪ من سكان العالم، مع 1.4 مليار موقع، لذلك يمكننا أن نلاحظ أن الرقمية تحتل مكانة كبيرة جدًا في المجتمع الذي نعيش فيه حاليًا، وهو السبب الذي يجعل معظم الجمعيات تستخدم التكنولوجيا الرقمية لتحديثها، حيث ان الوسائل الرقمية داخل الجمعية: تسهل عملية الاتصال ونشر الأنشطة، والحصول على المعلومات والعمل معًا بين الأعضاء، والبحث عن موارد جديدة والتماس التبرعات، وأخيرا القدرة على الاقتراب من الجمعيات الأخرى في نفس المنطقة، لذلك، تعد الأدوات الرقمية أحد الأصول لنشاطهم ولاتصالاتهم الداخلية.
وهكذا تم تطوير العديد من الوسائل المبتكرة لجمع التبرعات خلال السنوات القليلة الماضية، بفضل تنوع مصادر المجموعات، من باب أن التقنية الرقمية الجمعوية تسهل عملية الوصول إلى فئات أخرى من الجمهور والحصول على ولائهم، يوضح Frédéric Théret، مدير التطوير في Fondation de France، بقوله:"أصبح المتبرع الآن مستخدمًا للإنترنت، وغالبًا ما يكون لديه هاتف ذكي ولم يعد لديه مشكلة في سداد المدفوعات عبر الإنترنت، ومع ذلك، يجب على الجمعيات الانتباه إلى التوازن الرقمي حتى لا تجرد الروابط التي تحتفظ بها مع جمهورها من إنسانيتها"
ب-الشبكات الاجتماعية:
وفقًا للمسح الذي أجرته جمعية "اتصالات بلا حدود" خلال سنة 2017، نجد أن نسبة 100٪ من الجمعيات التي تم سؤالها موجودة ونشطة على الشبكات الاجتماعية، إذ ينشرون الرسائل والمقالات والأخبار وأيضًا مقاطع الفيديو والتقارير، وقد وجهت نسبة 78٪ من الجمعيات، بشكل فعلي، دعوات لتقديم التبرعات عبر الشبكات الاجتماعية، وأن نسبة 26٪ من المتبرعين الفرنسيين يقولون إنهم يقدمون تبرعاتهم عبر الإنترنت، حيث أصبح التبرع عبر الإنترنت عادة لدى الفرنسيين، إذ أصبحت التكنولوجيا الرقمية وسيلة أساسية لجمع الأموال للجمعيات، سواء كانوا صغارًا أو كبارًا، فإنهم يقدمون الآن على الإنترنت،علاوة على ذلك ، فإن كبار السن هم الأغلبية بين المتبرعين والذين يقدمون تبرعات أعلى.
وبالتالي، فإن الرقمية تجعل من الممكن تقريب مستخدمي الإنترنت من تقديم التبرعات والهبات بشكل يسير وسريع، إذ تلعب الشبكات الاجتماعية دورًا رئيسيًا في الاتصال الخارجي وفي جمع التبرعات عبر الإنترنت، سواء من خلال الدعاية في ترويج مشاريع تبرر طلب التبرعات والهبات (من قبل مستخدمي الإنترنت لجهات الاتصال الخاصة بهم)، حيث أصبحت الشبكات الاجتماعية أيضًا مكانًا يمكنك فيه تقديم التبرعات.
في نهاية عام 2016، قدم Facebook، تبرعا من خلال استخدام الرابط الرقمي من طرف 2.2 مليار مستخدم نشط في جميع أنحاء العالم، وهو ما يعد ميزة جديدة لزرع تقليد التبرع، حيث أنه في 19 دولة بما في ذلك فرنسا، يسمح هذا الزر لمستخدمي الإنترنت بالتبرع مباشرة على صفحة Facebook الخاصة بالجمعية التي يدعمونها، لذلك لم يعد مستخدمو الإنترنت ملزمين بالانتقال إلى موقع الرابطة على الإنترنت، وقد أتاحت الشبكة الاجتماعية جمع أكثر من مليار دولار للجمعيات، أي أكثر من 890 مليون يورو، وبالتالي، هناك أكثر من 20 مليون شخص قدموا بالفعل تبرعات على شبكة التواصل الاجتماعي Facebook .
في فرنسا، الجمعيات التي استفادت أكثر من هذه التبرعات هي: جمعية حماية الحيوانات (SPA)، ورابطة مكافحة السرطان و Restos du Coeur، إذ يقول برنارد، رئيس قسم التبرعات والموروثات في Restos du Coeur: "لقد استخدمنا Facebook بشكل تقليدي تمامًا، إلا أنه لا بد من القول: أننا حاولنا في رسائلنا العادية تشجيع التبرعات لكن دون جدوى، إذ أن هناك فرق حقيقي، وواضح تمامًا بين الطريقة التقليدية والطريقة الرقمية في طلب التبرعات، حيث تم جلب 9000 متبرع جديد عبر الوسيط الرقمي، وهوأمر بديهي للغاية [...] كما أن التقنية آمنة جدا [...] يبدو الأمر وكأنهم يسجلون الدخول إلى صفحة التبرع "، في إشارة إلى ميزة Facebook الجديدة، وهو ما عبر عنه المسؤول عن العلاقات مع الجمعيات، إذ يعتقد أن "الجديد في أدوات الجمع هذه، هو أننا سنكون مرتبطين بالأسباب والجمعيات، حيث أنه أقوى بكثير من مجرد إعطاء إعجاب أو رد فعل "
بالنسبة لمستخدمي الإنترنت، فإنهم يتوقعون أن تكون الجمعيات أكثر شفافية وأن تشرح بوضوح كيفية استخدام التبرعات التي يتم جمعها، ولكن أيضًا لتوفير معلومات في الوقت الفعلي حول الإجراءات التي يتم تنفيذها في هذا المجال.
وبالرغم من نجاعة جمع التبرعات من قبل الجمعيات الرقمية عن طريق التقنيات الرقمية المشار إليها اعلاه، فإن لا تمانع من طلب التبرعات والهبات، عبر تقنيات بديلة، نجد منها:
ج- التبرع عبر الرسائل القصيرة:
كما رأينا سابقًا، بالإضافة إلى تحسين الاتصال الداخلي، تعمل التكنولوجيا الرقمية على تحديث عملية جمع الأموال، بصرف النظر عن الشبكات الاجتماعية، إذ تظهر أكثر فقوة وسرعة ونجاعة من الوسائل التقليدية العادية في جمع التبرعات، حيث أن التبرعات عبر الرسائل القصيرة التي ظهرت أيضًا في عام 2016 مع سن قانون الجمهورية الرقمية عالميا، إذ كان هناك أكثر من 7.7 مليار اشتراك للهاتف المحمول في نهاية عام 2017، أي أكبر عدد من سكان العالم، وبالتالي، وهو ما يسمح للجمعيات بمطالبة المتبرعين بتقديم تبرعات عن طريق الرسائل القصيرة، حيث يعتبر التبرع عن طريق الرسائل القصيرة طريقة جديدة للجمعيات للحصول على موارد أخرى ولكن أيضًا لتجديد مجتمع المانحين.
المبدأ بسيط: الشخص الذي يرغب في التبرع عن طريق الرسائل القصيرة، عليه فقط إرسال رسالة نصية قصيرة إلى الرقم الذي أرسلته إليه الجمعية، للإشارة إلى المبلغ الذي يرغب في التبرع به، إذ سيتم أخذ هذا المبلغ مباشرة من فاتورة الهاتف الخاصة به وسيتأكد المشغل من سداد المبلغ للجمعية المختارة دون نقل هوية المتبرع، بالإضافة إلى ذلك، ستكون الجمعية قادرة على الاحتفاظ بالرابط والاحتفاظ بالمتبرع من خلال استجوابه مرة أخرى عن طريق الرسائل القصيرة.
في المملكة المتحدة مثلا، وحالما تم التصديق على التبرعات عن طريق الرسائل القصيرة خلال سنة 2010، تم جمع أكثر من 42 مليون يورو ، كما تم جمع أكثر من 150 مليونً أورو خلال سنتي 2011 و 2015.
د-التبرع الصغير:
مبدأ التبرع الصغير، الذي أطلق في عام 2013 من قبل microDON (مؤسسة تضامن من أجل المنفعة الاجتماعية)، بحكم أنه تطبيق رقمي لإعطاء الفرصة لأداء عمل كريم في المعاملات اليومية والسماح للمواطنين بتقديم تبرعات صغيرة، فعلى سبيل المثال، يعد السماح لعملاء العلامات التجارية الشريكة بإضافة مبلغ إضافي عن مشترياتهم، وهو المبلغ الذي يتم التبرع به لجمعية الشركاء، على سبيل المثال، إذا كان إجمالي مشترياتنا 13.54 يورو، فسيتم جعلها محددة في مبلغ 14 يورو، حيث كانت Franprix أول علامة تجارية فرنسية تستخدم هذه التقنية خلال 2013، إذ يتم منح الفارق بين الثمن الحقيقي للمشتريات والزيادة عند الخروج من المحل التجاري، أكثر من 2100 متجر شريك، لصالح 135 جمعية، حيث أنه عام 2017، تم جمع أكثر من 600 ألف يورو، أي ما يقرب من 3 ملايين تبرعات صغيرة قدمها العملاء في المتاجر، إذ تشهد هذه النتائج على تأثير هذا الابتكار اليوم، فهو لا يجعل من الممكن إعطاء معنى لمشتريات العملاء فحسب، بل يتيح أيضًا مشاركة القيم بين العلامة التجارية والرابطة.
ه-تطبيقات التضامن ومحركات البحث:
في حين أن بعض الجمعيات لا تتردد في عبور الشوارع لجمع التبرعات من خلال دعوة المارة الذين ليس لديهم في كثير من الأحيان الوقت، يفضل البعض الآخر الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية، في الوقت الحاضر، لم يعد من الضروري تقديم تبرعات مالية للتبرع، كيف ؟
اليوم، تشير معظم الجمعيات بوضوح إلى كيفية التبرع عبر الإنترنت بطريقة نقدية، ومع ذلك، تقوم منظمات أخرى بتطوير تطبيقات تضامن أو حتى محركات بحث لجمع التبرعات بخلاف دفع الأموال، وهو ما سوف يجعلنا نقرب الصورة من خلال، بعض الأمثلة:
المثال الأول: هذا هو حال الجمعية الرقمية Ecosia، التي تقع في صلب موضوعنا، والتي تجمع التبرعات بفضل عمليات البحث التي يجريها مستخدمي الإنترنت والإعلانات والشركات التي تتعاون معها.
ثم تشكل الجمعيات شراكات مع الشركات، مقابل مبلغ معين، إذ يحق للشركات الحصول على مساحة مخصصة داخل التطبيق للترويج لصورتها، بالنسبة إلى Ecosia، توجد الإعلانات أعلى صفحة البحث أو على الجانب الأيمن، لذلك، يجب على مستخدم الإنترنت أو المستخدم الذي يرغب في التبرع مجانًا دخول هذه المساحة.
المثال الثاني: كما تقدم جمعية Ecogine، من جانبها، إجراء أبحاثها الخاصة وتوزيع أرباحها من خلال جعل المستخدمين يصوتون، حيث أن "الغرض من محرك البحث الأخلاقي والبيئي Écogine.org هو السماح لمستخدمي الإنترنت الذين يرغبون في الحد الأدنى من التأثير على بيئتهم بإجراء أبحاثهم على الإنترنت مع إجراء محايد بفضل تعويض الكربون، بالإضافة إلى ذلك، يتم إعادة توزيع الأرباح الناتجة عن حركة المرور على الجمعيات البيئية التي تعمل بشكل ملموس، إذ منذ إنشاء محرك البحث الخاص بالجمعية الرقمية هذه، قبل 10 سنوات، تم التبرع بمبلغ 32000 يورو لـ 44 جمعية اختارها مستخدمو الإنترنت من بين 132 مرشحًا، حيث يتم التصويت كل عام في الخريف كجزء من تصويت تتم تسويته تحت إشراف محضر.
المثال الثالث: Ecosia ، Goodeed ، تطبيق تضامن يهدف إلى دمقرطة التبرع بجعله بسيطًا ومجانيًان إنها تجمع الأموال للمنظمات غير الحكومية باستخدام عائدات الإعلانات التي يتم توليدها على الإنترنت، إذ أنه لتقديم تبرع، يختار المستخدم تبرعًا (على سبيل المثال، شجرة أو وجبة أو أي إجراء آخر)، ثم يشاهد 3 إعلانات لمدة 20 ثانية في اليوم، كل مشاهدة تجني المال وسيتم التبرع بـ 60٪ من مبلغ الإعلان لجمعية معينة، إنه مفهوم بسيط وفعال، يعطي المتبرع بضع دقائق فقط من وقته لأداء عمل صالح.
المثال الرابع: يقدم موقع FreeRice، وهو موقع ويب بدأته الأمم المتحدة، حيث يتميز بمفهوم وجانب مرح إلى حد ما من الجوانب الأخرى المذكورة أعلاه، للمستخدمين ممارسة لعبة، إذ يقوم هذا الموقع بجمع التبرعات لتقليل المجاعة في العالم، عند وصولك إلى الموقع، يتم إدخال كلمة ويجب على المستخدم اختيار المرادف الصحيح من بين 4 كلمات، إذ أن الإجابة الصحيحة تساوي 10 حبات أرز، ثم تقوم الأمم المتحدة بتحويل حبوب الأرز هذه إلى أموال ويتم توزيع الأرباح على أفقر البلدان، في شكل غذاء عبر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، على غرار الجمعيات الرقمية: مثل Ecosia و Goodeed، حيث يتم تمويل التبرعات من قبل المعلنين الشركاء.
المثال الخامس: تطبيق آخر يوضح أن العطاء في القرن الحادي والعشرين يتخذ شكلاً مختلفًا تمامًا هو برنامج Km من أجل التغيير، إنه تطبيق يجعل المستخدمين يعملون، حيث يختار المستخدم المشروع الترابطي الذي يرغب في دعمه ويمكنه البدء في تشغيله. ثم يكسب كل كيلومتر يتم تغطيته 10 سنتات، وبالتالي سيتم التبرع بالمال لدعم المشروع الاجتماعي، هنا، يتم تمويل التبرعات من قبل الشركات الراعية، وبالتالي، نجد أنه مع هذا التطبيق، سيتمكن الرياضيون من الحفاظ على نفس نمط الحياة أثناء التبرع دون إنفاق.
يمكننا أن نرى أن البعض يفيض بالخيال ويمكن أن يسمح للآخرين بالتبرع "بالمجان" أو بدونه، وهي جزء من حياتهم اليومية، وهو ما يتيح ذلك للأشخاص الذين ليس لديهم الوسائل المالية الكافية، مثل الطلاب أو العاطلين عن العمل، القيام بعمل صالح دون التأثير على محفظتهم وبالتالي الانخراط بشكل أكبر في قضية ما، ثم تصبح الرقمية وسيلة للتخيل، لإنشاء مشاريع مرحة لجذب جمهور كبير، وبهذه الطريقة، يصبح العطاء عادة ويصبح جزءًا من الحياة اليومية للمواطنين.
لذلك من المهم أن تستمر الجمعيات في الاستثمار في المشاريع الرقمية لجمع الأموال لأنها ستكون جزءًا كاملاً من معايير الغد، علاوة على ذلك، أنه ومن خلال استغلال الإمكانات الرقمية من حيث الاتصال، يجب أن تكون الجمعيات أكثر شفافية تجاه المانحين (الإلكترونيين)، مما سيشجعهم على أن يكونوا أكثر سخاء واطمئنانا في آن واحد، إذ تقول إستل التي تمت مقابلتها، إنها تقدر تلقي ملاحظات حول عدد الأشجار المزروعة، بقولها:"أجد أنه من الجيد أننا لا نرى فقط عدد الأشجار المزروعة ولكن هناك فيديو قصير [يوضح كيف وأين تزرع الأشجار]".
بالنسبة لداميان، "مع عدد الشجرة المزروعة بشكل فعلي، سوف تشعر بأنك ما زلت راغبا بالمشاركة".، إذ ُظهر هذه العبارات مدى أهمية حسن صرف التبرعات من أجل ضمان تغذية جيدة للمواطن، ليشعر بمزيد من الرغبة في المشاركة.
رابعا:حدود الرقمية داخل الجمعيات:
على الرغم من أن الجمعيات لديها رأي إيجابي حول الرقمية، إلا أنها قد تواجه صعوبات في تنفيذها، الصعوبة الرئيسية هي ضيق الوقت، حيث أنه في الواقع، من الضروري أن تكون متاحًا وأن يكون لديك الوقت لاختيار الأداة المناسبة التي قد تكون مفيدة للجمعية ثم تعلم كيفية إدارة هذه الأداة وإتقانها، حيث تبرز مسألة الاستدامة، لأن التكنولوجيا الرقمية تتطور باستمرار وتجدد نفسها.
يتم أخذ صعوبات أخرى بعين الاعتبار، مثل حث أعضاء الجمعية على الالتزام بأداة جديدة حيث سيتعين عليهم التكيف معها، ومع ذلك، فإن بعض الأعضاء ليسوا على دراية بالرقمية وقد يشعرون بأنهم مستبعدون، حيث يعتبر فرض التغييرات في طريقة عمل الجمعية مشكلة أيضًا حيث يمكن أن يكون هناك توتر وصراع في مواجهة الخلاف، لذلك فإن محاربة الأمية العلمية ثم الأمية الرقمية بإفشاء الثقافة الرقمية، هو أمر ملح وضروري داخل الجمعيات التي تشكل جزءًا من عملية الرقمنة، إذ يجب على الجهات الفاعلة معرفة حاجتها إلى التمويل لتتمكن من تدريب أعضائها وبناء المهارات الرقمية، في سبيل تطوير مشروعهم.
يتم أخذ صعوبات أخرى في الاعتبار، مثل حث أعضاء الجمعية على الالتزام بأداة جديدة حيث سيتعين عليهم التكيف معها، ومع ذلك، فإن بعض الأعضاء ليسوا على دراية بالرقمية وقد يشعرون بأنهم مستبعدون، حيث يعتبر فرض التغييرات في طريقة عمل الجمعية مشكلة أيضًا حيث يمكن أن يكون هناك توتر وصراع في مواجهة الخلاف، لذلك فإن الثقافة الرقمية أمر مطلوب /ضروري داخل الجمعيات التي تشكل جزءًا من عملية الرقمنة، حيث تحتاج الجمعيات إلى التمويل، لتتمكن من تدريب أعضائها وبناء المهارات الرقمية أو حتى تطوير مشروعهم.
علاوة على ذلك، من خلال دمج التكنولوجيا الرقمية داخل جمعية ما، يمكن أيضًا أن يكون هناك إحباط بسبب فائض المعلومات أو حتى السرعة لأن هذا يشكل كابحًا للانعكاس، في أسوأ الحالات ، يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تبعد الارتباط عن المشروع الترابطي نفسه.
لذلك من الضروري عدم المبالغة في الاستثمار الرقمي لأننا قد نغفل عن النقاط الأساسية التي تشكل ارتباطًا مثل الرابط البشري أو الأحداث أو الاجتماعات التي تحافظ على التفاعل والثقة.
يقول الطالب "داميان": "أشعر بأنني بعيد [فيما يتعلق بجمعية Ecosia، لديك انطباع بالمشاركة في شيء ما، دون التورط حقًا في الجنون، فأنت لا تشارك كثيرًا. [...] إنه مجرد جهد ".
على الرغم من حقيقة أنه يستخدم Ecosia يوميًا، إلا أن الطالب "داميان"، لا يشعر بالضرورة أنه مستثمر جدًا في الجمعية بسبب الافتقار إلى الجانب البشري وحقيقة أنه لا يعتبر أبحاثه بمثابة تبرعات بل "عمل صالح".، أما بالنسبة لإيستل ، فهي "لم تسع إلى المضي قدمًا في الالتزام"، إنها تستخدم Ecosia دون الشعور حقًا بالالتزام بالجمعية.
إذا كانت الأدوات الرقمية تجعل من الممكن تحديث الاتصال بالمانحين والأعضاء وما إلى ذلك، أو لتسهيل إدارة الجمعية، فإن التحدي الرئيسي هو فهم الرقمية كوسيلة وليس هدفًا، أي الإيمان بكونها كيان لخدمة المشاريع الاجتماعية الخيرية غير الربحية، وذلك بالرغم من التطور المستمر والسريع للعالم الرقمي، حيث أن الجمعيات غير مطالبة بمواكبة هذه التطورات بالقدر الذي عليها التفكير في تطوير مشروعها المرتبط بمنصة رقمية.
خلاصة:
هناك العديد من الجمعيات، تختلف من حيث التسمية وطريقة عرض خدماتها التطوعية، لكنها جميعًا تدافع عن قضايا نبيلة، لقد تم تحويلها وتكييفها مع التغيرات التي حدثت في مجتمعاتنا، حيث أنه من الآن فصاعدًا، يمكننا التحدث عن الأجيال الجديدة من الجمعيات التي تستخدم التكنولوجيا الرقمية بشكل خاص، إنها مبتكرة وتقدم أشكالًا مختلفة من التبرعات، هذا ممكن من خلال تخصيص أدوات الويب، ولهذا السبب لديهم اليوم وأكثر من الأمس مواقع وشبكات اجتماعية؛ إنها جمعيات رقمية تلائم الأدوات الرقمية لتطوير قضاياها والدفاع عنها، بالإضافة إلى ابتكار طرق جديدة لجمع التبرعات، وبالتالي، فإن الرقمية هي وسيلة للترويج ولكنها أيضًا وسيلة لتحسين طريقة عمل هذه الجمعيات، وهو ما لاحظناه مع Ecosia، كنموذج لجمعية رقمية، إذ أنها جمعية مبتكرة تمكنت من التكيف مع التكنولوجيا الرقمية، من خلال تقديم طريقة جديدة للتبرع أثناء إعادة اختراع أبحاث الويب.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التكامل الرقمي داخل المجتمع، هو فارقة تقنية يراها مستخدمو الإنترنت جيدًا، إذ أنه في الواقع، يتأثر المزيد والمزيد من الأفراد بالقضايا الاجتماعية والثقافية والبيئية، وبالتالي يرون في الرقمية وبشكل أكثر تحديدًا في محركات البحث الاجتماعي، طريقة جديدة لإجراء عمليات بحث على الإنترنت تكون "أنظف" وأكثر احترامًا للطبيعة.
إن الجمعية الرقمية Ecosia مثلا، تعيد اختراع طرق جديدة لجلب التبرعات والهبات، من خلال تقديم معاملة أبسط لتسلم الأموال أو غيرها من المقدمة من طرف المتبرع، ومع ذلك نرى إنشاء تبادل حقيقي بين الجمعية والمانح، فتقدم الجمعية خدمة، أي إمكانية إجراء بحث، للحصول على معلومات حول موضوع ما، ومن خلال هذا البحث تجعل الجمعية من الممكن تعزيز قضاياها، لذلك ليس لدى المستخدم انطباع بأنه يقدم تبرعًا، فهي ببساطة جمعيات تفكر في تكييف أسلوب حياتها، بالقليل من الجهد، تماشيا مع دراية المتبرعين بجدوى العمل الصالح الذي يقومون به، وهذا هو الدافع الرئيسي لاستخدام هذا النوع من محركات البحث، إنه السبب الذي يجعل الجمعيات الرقمية مستمرة في استخدام المتاح تقنيا، من خلال التعامل مع محركات البحث المختلفة مثل ، الذي يعطي صورة واضحة بين تطابق النسبة الرقمية مع عدد المستخدمين، إنها خطوة حقيقية إلى الأمام لمنشئي الجمعيات، وهو ما يجعلنا نقول بأن التكنولوجيا الرقمية تمثل اليوم استراتيجية تسويقية واقتصادية للقطاع التطوعي، وأنه في الواقع، هذه طريقة ناجعة للجمعيات الرقمية في سبيل الوصول إلى جمهور جديد باستمرار، لذلك فإن المانحين من نوع مختلف اليوم، زيادة على إضفاء الطابع الديمقراطي على التبرعات والهبات، من خلال تقديم جميع أنواعها، حيث أنه لم يعد الأمر مجرد مسألة جمع أموال، بل أصبح التبرع أكثر من ذلك بكثير اليوم. لقد أدركت الجمعيات هذا الأمر ، وأتاح لها المجال الرقمي استغلال هذه الرؤية الجديدة للتبرع، لأنها جزء من حياته اليومية ولا تتطلب أي مجهود إضافي.
في العصر الرقمي، تميل الجمعيات بطبيعة الحال إلى استخدام الأدوات الرقمية المتاحة لها، سواء كان ذلك لإدارة الجمعية أو الاتصالات الخارجية، فإن التكنولوجيا الرقمية تسهل التبادلات، علاوة على ذلك، من خلال التطور بمرور الوقت، فإنه يجعل من الممكن تنفيذ المزيد من المشاريع المبتكرة أكثر من غيرها، وخاصة فيما يتعلق بجمع التبرعات، والتي كانت تتم في الماضي فقط عن طريق الشيكات، لتتحول التبرعات تقدم عن طريق الشبكات الاجتماعية، أو التبرعات الصغيرة، أو حتى تطبيقات التضامن، إنها كلها تعبر عن مشاريع مبتكرة، تجعل من الممكن اليوم الوصول إلى جمهور أوسع وتغيير العادات تدريجيًا، فهذه المشاريع الرقمية التي تتبناها الجمعيات الرقمية، هي طرق حديثة ومواكبة للعصر، للقيام بأعمال "صغيرة" وجيدة على أساس يومي دون أن يكون لذلك عواقب في عصرنا وأحيانًا في محفظتنا، لكن مع اتخاذ الحذر من إهمال العلاقات الإنسانية المباشرة. وفقدان القيم المدافعة على المشروع الترابطي الذي يشكل النقاط الأساسية للارتباط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -