الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرتياح روسي من نتائج قمة طهران الثلاثية

كريم المظفر

2022 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


أرتياح روسي من نتائج القمة الثلاثية التي جمعت في العاصمة الإيرانية طهران، الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، والإيراني إبراهيم رئيسي ، وتلك اللقاءات الثنائية التي أجريت على هامشها ، والتي لم تركز فقط على الملف السوري وحده ، بل كانت ملفات أوكرانيا ، والعملية العسكرية الروسية الخاصة فيها ، وكذلك أزمة تصدير الحبوب الأوكرانية والروسية على حد سواء ، بالإضافة الى التعاون الثنائي ، حاضرة وبقوة .
وتعد زيارة الرئيس الروسي الى طهران هي الثانية للرئيس بوتين الى دولة أجنبية منذ بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة، فقد سافر فقط إلى عشق آباد، لحضور قمة بحر قزوين السادسة، وهذا وحده يشهد على الأهمية الكبيرة التي توليها السلطات الروسية لهذه الزيارة، بالإضافة إلى أنها جاءت بعد آخر زيارة للرئيس الروسي لإيران قبل أربع سنوات، وكان متوقعًا أن يقوم بوتين بزيارة أخرى في عام 2020، لكن الوباء قطع الطريق أمامها.
والملفت ان الادعاءات الامريكية التي حاولت زرع نوع من " مؤامراتها " قبيل الزيارة إلى سبب رحلة بوتين الحالية ، ونقلت عن صحيفة نيويورك تايمز قولها ، أن روسيا توصلت إلى اتفاق مبدئي مع إيران لتزويد الجيش الروسي بطائرات إيرانية بدون طيار ، وسارع المسؤولون الأمريكيون بحسب صحيفة " نيزافيسيمايا غازيتا " إلى إبلاغ خصوم طهران الجيوسياسيين العرب ، بما في ذلك المملكة العربية السعودية ، بهذا الأمر ، وتهديد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس إيران ، بفرض عقوبات إذا تم تسليم الطائرات المسيرة إلى روسيا ، صحيح أنه لم يحدد ما إذا كان الاتفاق الروسي الإيراني سيؤثر على عملية المفاوضات المتوقفة بالفعل بشأن العودة إلى شروط "الاتفاق النووي" مع إيران ، ومهما كان الأمر ، فقد انتهت المباحثات الروسية الإيرانية لم يتم اثارة هذا الموضوع ، وإن حقيقة وجود اتفاقية بشأن الطائرات بدون طيار لم يتم تأكيدها رسميًا من قبل وزارة الخارجية الإيرانية أو وزارة الخارجية الروسية ، على العكس من ذلك ، تنكر كل من موسكو وطهران حدوث ذلك .
وفي الوقت الذي أكد فيه يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي، أن الرئيس فلاديمير بوتين لم يبحث مسألة شراء طائرات مسيّرة مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، أو مع المرشد الإيراني علي خامنئي ، وانه "لم تتم مناقشة مسألة الطائرات المسيّرة سواء مع رئيسي أو خامنئي" ، فقد أعلن جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، هو الآخر أن الولايات المتحدة ليس لديها أي أدلة على أن إيران باعت طائرات مسيّرة لروسيا ، وقال "لا نرى أي مؤشر على أن البيع قد تم ، وأن السلطات الأمريكية لن تبدي شكوكها إذا لم تعتبر المعلومات مهمة وجديرة بالثقة" .
ومن داخل طهران وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشكر لتركيا والسعودية والإمارات على عرضها الوساطة للتوصل إلى تسوية في أوكرانيا، وقال فيما يتعلق بجهود تركيا، وكذلك مقترحات الدول الأخرى، مثل السعودية التي تعرض وساطتها، وكذلك الإمارات، وهم يمتلكون القدرة على ذلك، "فنحن نشكر جميع أصدقائنا، الذين يعرضون إمكانياتهم، حتى مجرد الرغبة في المساهمة بشكل ما يعد أمرا نبيلا".
وكما هو معروف فان السبب الرسمي لزيارة الرئيس الروسي الى طهران ، هو لطالما تم اختيارها لتكون المكان التالي لقمة أستانا بصيغة التسوية السورية بمشاركة قادة روسيا وتركيا وإيران ، خصوصا وان عملية التفاوض السورية نفسها توقفت مؤخرًا ، وهكذا ، وعشية زيارة بوتين لطهران ، ألغيت جولة أخرى من المفاوضات الدستورية في جنيف ، وكان البادئ بالإلغاء هو الجانب الروسي ، الذي ، أكد أنه بعد انضمام سويسرا إلى العقوبات المناهضة لروسيا ، لم يعد يعتبر هذا البلد وسيطًا محايدًا في أي أمر ، وحدد المبعوث الرئاسي الروسي لسوريا ألكسندر لافرينتييف في وقت سابق عدة دول كأماكن محتملة لجولة جديدة من المحادثات ، كالإمارات العربية المتحدة والبحرين وكازاخستان وعمان ، كل هذا بالطبع لا يمكن إلا أن يصبح موضوعا للنقاش في اجتماعات قادة "أستانا ترويكا " ، لذلك فقد أكد الرئيس الروسي في المؤتمر الصحفي المشترك للرؤساء الثلاثة على ضرورة خلق الظروف اللازمة لتمكين السوريين من تقرير مصير بلادهم، بمعزل عن أي تدخل خارجي ، وقال "إننا نعتبر أن من مهام المستقبل القريب الاتفاق على خطوات محددة لتعزيز حوار سياسي داخلي سوري شامل ، أي، تطبيق اتفاقنا لتهيئة الظروف التي يمكن أن يقرر بموجبها السوريون أنفسهم، دون تدخل خارجي، مصير بلدهم".
إن أجتماع القمة المقبلة لرؤساء روسيا وتركيا وإيران وكما اعلنه الرئيس الروسي خلال قمة طهران بصيغة "أستانا" ، سيعقد في روسيا ، وكشف أيضا عن وجود اختلافات وصفها " بالطفيفة " في المواقف في القمة بين روسيا وتركيا وإيران تجاه سوريا، رغم إجماعها على أهمية العملية الدستورية، ومكافحة الإرهاب في سوريا ، وقال " من الواضح أن هناك اختلافات طفيفة لكننا جميعا نؤيد العملية الدستورية، وبفضل جهودنا من الممكن أن نجمع على منصة تفاوض واحدة المعارضة والسلطات السورية وخبراء وممثلي الهياكل العامة للأمم المتحدة، مع التشديد على ضرورة محاربة الإرهاب في سوريا".
الروس عبروا خلال القمة عن تمسّكهم بعودة شرق الفرات للحكومة السورية، وأشار الرئيس بوتين إلى أن بعض الدول التي تنتهك سيادة سوريا، تحاول ترسيخ وجود عسكري غير شرعي لها هناك، وقال، "ناقشنا الوضع الصعب في شمال شرق الفرات في سوريا ، حيث تجري محاولات لترسيخ وجود عسكري أجنبي غير شرعي هناك في انتهاك لسيادة الدولة السورية، كما تثار النزعات الانفصالية بدعم من بعض الدول" ، وهذا بالتأكيد لم يرضي الرئيس التركي ، الذي حضر القمة بالدرجة الأساس لكسب تأييد بقية القادة ، والحصول منهم على شرعية لعملياته العسكرية المرتقبة في سوريا ، تلك العملية التي خلقت مشكلة إضافية للقمة ، وشدد أردوغان ، على ان هذه العملية العسكرية ستكون في تل رفعت ومنبج ، وربما في بعض المدن السورية الأخرى التي تسيطر عليها التشكيلات الكردية ، الا ان إيران عارضت ذلك بشكل قاطع ، وقال خامنئي ، إن النية التركية قد تضر بالمنطقة بأكملها ، وأبلغ الرئيس التركي شخصياً بعدم رضاه عن العملية المقبلة في سوريا ، مهما كان الأمر ، بالرغم من أن أردوغان كان متفائلاً في طهران ، بل وصرح بأن قمة "أستانا الثلاثية" ستساعد في إعادة تقييم عملية السلام برمتها في سوريا.
ومع ذلك، فإن أجندة مفاوضاته (أي أردوغان) الشخصية مع بوتين لم تقتصر على القضايا المتعلقة بسوريا ، وهو ما أكده أيضا مساعد رئيس الاتحاد الروسي ، وأنهما ناقشا مسألة تصدير الحبوب الأوكرانية ، لتكون استكمالا للقاء عقده في الأسبوع الماضي في إسطنبول ، ممثلي الاتحاد الروسي وتركيا وأوكرانيا ، وكذلك ممثلو الأمم المتحدة ، وكما هو متوقع ، ستكون وثيقة "مبادرة البحر الأسود" في الفترة من 20 إلى 21 يوليو جاهزة ، والتي ستحدد شروط نقل الحبوب من الموانئ الأوكرانية
وفي هذا الخصوص الرئيس فلاديمير بوتين ، أكد أيضا إن بلاده مستعدة للمساهمة في تصدير الحبوب الأوكرانية، لكن يجب رفع القيود المتعلقة بتصدير الحبوب الروسية، " إن كانوا معنيين فعلا بتحسن سوق الغذاء العالمية" ، والاشارة الى انه تم الاتفاق على كافة الإجراءات مع المنظمات الدولية، ولم يعترض أحد بما في ذلك الولايات المتحدة ، وأعرب عن أمله في رفع القيود لتحسين الوضع في أسواق الغذاء العالمية ، ومن جانبه أعرب الرئيس التركي في محادثاتهما بطهران، عن أمله بنجاح مفاوضات تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، والاشادة بالموقف الروسي الذي وصفه " بالبناء" ، وقال "خلال محادثات إسطنبول الأخيرة كان الموقف الذي اتخذه الجانب الروسي إيجابيا وبناء للغاية ، وبالطبع، النتيجة التي سنحصل عليها عبر هذه المفاوضات ستناقش بلا شك في جميع أنحاء العالم".
وبشأن العلاقة بين موسكو وطهران ، فإن الرئيسين الروسي والإيراني ، شددوا على أن العلاقات بين بلديهما تتطور، ولفت الرئيس بوتين إلى أنه يمكن بالفعل الفخر بكسر أرقام قياسية في التبادل التجاري ، وقال " إننا نعزز تعاوننا في مجال الأمن الدولي، ونقدم مساهمة كبيرة في تسوية الأزمة السورية" ، كما وأبدى تفاؤلاً ، في حيت أعرب رئيسي بدوره عن أمله في أن تكون زيارة بوتين "نقطة تحول" في تطوير العلاقات بين البلدين ، من حيث القضايا "على الصعيدين الإقليمي والدولي".
الإيرانيون كعادتهم حاولوا استغلال حضور الرئيس الروسي بينهم، وبدأ علي خامنئي بأطلاق تصريحات نارية خلال لقائه مع الرئيس بوتين والوفد المرافق له في طهران، وشدد على ضرورة طرد الأمريكيين من منطقة شرق الفرات في سوريا ، والتأكيد على أهمية القضية السورية ومعارضة طهران لأي هجوم عسكري على هذا البلد ، وقال أن هناك قضية أخرى مهمة في سوريا وهي احتلال الأمريكيين للمناطق الخصبة والغنية بالنفط شرق الفرات، والتي يجب حلها بطردهم من تلك المنطقة ، وكذلك بحسب المرشد الإيراني فأن الغرب لا يريد روسيا قوية ومستقلة، معتبرا أن الناتو كيان خطير، مضيفا "إذا كان الطريق مفتوحا أمام الناتو، فلا يعرف هذا الحلف حدودا، وإن لم يتم إيقافه في أوكرانيا، لكانوا بدأوا الحرب نفسها في وقت لاحق وتحت ذريعة شبه جزيرة القرم" ، والأعراب عن إعجابه ( خامنئي ) بالمواقف الأخيرة للرئيس الروسي ضد إسرائيل.
روسيا اعتبرت، التعاون مع إيران هو سياسة طويلة الأمد، وليس طارئا عرضيا، حيث يرتكز إلى مستقبل ممتد ويستند إلى ماض راسخ، وأن موسكو دائما وعلى لسان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف حرصت على علاقات تجارية واقتصادية مع طهران، ولديهما بالفعل قاعدة صلبة طويلة الأمد، وأن هذا التعاون موجه نحو المستقبل، كما أن له "ماض راسخ" و"حاضر صلب"، ويمكن أن يكون ذلك فقط "على أساس المنفعة المتبادلة".
البيان الختامي ومعظم فقراته ، جاء وكما تصبو اليه موسكو ، ففي فقراته الكثير ما تؤكده روسيا ، فقد أكد الرؤساء الثلاث عزمهم على تعزيز التنسيق الثلاثي في ضوء اتفاقياتهم واستنتاجات اجتماعات وزراء الخارجية ، والتزامهم الراسخ بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، ومقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتشديد على ضرورة احترام هذه المبادئ عالميا ، والأعراب عن تصميمهم على مواصلة العمل معا لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وعلى رفضهم لجميع المحاولات الرامية إلى خلق حقائق جديدة على الأرض بذريعة مكافحة الإرهاب، بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي غير المشروعة ، وأشاروا إلى ضرورة تسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا إلى أماكن إقامتهم الأصلية في سوريا، وضمان حقهم في العودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل