الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين في الشرق الأوسط - الجزء الثالث

مرزوق الحلالي
صحفي متقاعد وكاتب

(Marzouk Hallali)

2022 / 7 / 21
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الاستثمارات في الخارج: حالة سوريا ومصر
إعادة إعمار سوريا

على الصعيد الدبلوماسي، حدث التدخل الصيني في البحر المتوسط بشكل خاص من خلال الصراع السوري. فهناك تحالف صيني روسي تم تشكيله وقاد الصين للوصول إلى قضايا الشرق الأوسط من خلال ربط نفسها بحكم الأمر الواقع مع موسكو. وقد برهنت على ذلك بشكل جيد للغاية ، لا سيما خلال التصويت على القرار داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حيث قامت ، في مناسبات عديدة ، باستخدام حق النقض (الفيتو) ، وبالتالي دعم الاستراتيجية الروسية.

لكن على الرغم من كل شيء ، رفضت بكين المشاركة بشكل مباشر في الصراع الدموي. على عكس روسيا ، التي تدخلت بشكل مباشر في سوريا في عام 2015 من خلال الضربات الجوية ، حاولت بكين إبعاد نفسها عن الصراع من خلال الإصرار على أن مصير الرئيس بشار الأسد يجب أن يقرره الشعب السوري ، وعارضت أي تدخل من قبل القوى الأجنبية. وكان استخدام حق النقض (الفيتو) المتكرر داخل الأمم المتحدة استجابةً أكثر لاستراتيجية منع محاولات القرارات التي تبادر بها القوى الغربية وقطع الطريق أمامها. ففي أكتوبر 2011 ، أكدت الصين - أنها انضمت إلى روسيا في استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن الذي يدعو السلطات السورية إلى التوقف عن استخدام القوة ضد المدنيين والسماح بممارسة حرية التعبير والتجمع السلمي وغيرها من الحقوق - من خلال ممثلها في الأمم المتحدة ، "لي باودونغ" ، لأن القرار لم يسهل تخفيف الوضع في سوريا ولم يحترم مبادئ الأمم المتحدة الخاصة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

على الرغم من معارضة عقوبات الأمم المتحدة على سوريا ، أضحت الصين أكثر انخراطًا في البلاد في السنوات الأخيرة. وقال بشار الأسد ، في مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك" ، في مارس 2016 ، إنه دعا شركات روسية وصينية وإيرانية للمشاركة في إعادة إعمار بلاده. في حوالي 30 مقابلة أخرى بثت على قناة - Phoenix TV - أكد الرئيس السوري أن الصين تشارك بشكل مباشر في بناء العديد من المشاريع الصناعية في سوريا. في الواقع ، هيأت الصين نوعًا من خطة إعادة الإعمار في سوريا، ومن شأنها أن تحقق عبر العديد من الاستثمارات في البنية التحتية. على مدى السنوات السبع الماضية ، نادرًا ما كان للصين وزن في الصراع السوري على عكس القوى الأكثر انخراطًا مثل روسيا وإيران والولايات المتحدة. وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، فقد ظل الصينيون على الهامش خلال نفس الفترة. ومع ذلك - وفي حين أن الصراع ظل آخذ في الحد من التصعيد، مع استعادة الحكومة السورية السيطرة على مساحات شاسعة من أراضيها - اتخذت الصين نهجًا اقتصاديًا حذرًا ودقيقًا تجاه سوريا، ببطء ولكن عن قناعة وبإصرار. ستكلف إعادة إعمار سوريا عدة مئات من المليارات من الدولارات وترغب الصين في المساهمة فيها. ففي يوليو 2017 ، أعلنت بكين عن خطة بقيمة 2 مليار دولار لبناء تجمع صناعي في سوريا لـ 150 شركة صينية. ثم، في أغسطس 2017 ، شاركت الشركات الصينية في معرض دمشق الدولي التاسع والخمسين بشكل ملفت للنظر.

إن نهاية الحرب في سوريا والشروع في إعادة إعمار البلاد يمنحان الصين فرصة لتوسيع نفوذها. ومع إحجام القوى الغربية عن المساعدة في إعادة بناء سوريا ، وعلى الرغم من الاهتمام القوي من روسيا ولبنان وإيران ، لا يوجد بلد لديه موارد مالية أكثر من الصين للمساعدة في إعادة الإعمار بعد الحرب. وبالتالي ، فإن الصين تنتهز هذه الفرصة للوصول إلى الاقتصاد السوري وأيضًا لتوطيد علاقة جيوسياسية مفيدة للمستقبل وللاستراتيجية الجيوسياسية الصينية.

مصر الصديق الجديد للصين
كما تعمل الصين تدريجياً على ترسيخ مكانتها وتوطيد أقدامها في دولة مجاورة ليست بعيدة عن سوريا، مصر. فقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2015 عن إحداث عاصمة جديدة ، تقع على بعد بضع عشرات من الكيلومترات من العاصمة الحالية القاهرة ، وقد بدأ تصميم هذه المدينة رسميًا في أكتوبر 2017، وتغطي مساحة حوالي 170 كيلومترًا مربعًا، وستستوعب تدريجياً أكثر من 6 ملايين نسمة. والهدف من هذه المدينة الجديدة هو استيعاب جزء كبير من المؤسسات المصرية وعلى وجه الخصوص الحكومية منها ، ولكن أيضًا لتخفيف الازدحام في مدينة القاهرة التي تعاني من الاختناقات المرورية والتلوث وتكدس البشر. ويُنظر إلى العاصمة الجديدة على أنها ضرورة وفرصة في نظر السلطات وعدد كبير من وجال الأعمال المصريين. لكن الأسئلة لا تزال قائمة حول هذا المشروع العملاق ومدى فعاليته مع السكان في ظل أوضاع متأزمة للغاية.

فنادق فخمة، مناطق سكنية فاخرة، مطار حديث عصري، يبدو أن مصر تسعى لإبهار العالم بعاصمتها الجديدة في قلب الصحراء. في ضوء هذا المشروع، ترى الصين أنه مجال مهم للاستثمار. وهذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة لثلاثة بنوك عامة صينية (بنك التنمية الصيني ، والبنك الصناعي والتجاري الصيني ، وبنك الصين "إكسيم") التي قررت ضخ ملياري دولار في هذا المشروع.

ففي سبتمبر 2018 ، وقعت مصر عددًا من الاتفاقيات والعقود مع شركات صينية لمشروعات جديدة بقيمة أكثر من 18 مليار دولار. ويظل تعزيز الشراكة الاقتصادية وإنجاز المشروعات الاستثمارية من أهداف العلاقات الصينية- المصرية في عدة مجالات (الكهرباء والإسكان والنقل والتعليم ..)، كما تعمل الصين على تمويل جزء كبير من منطقة العمل المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة ، و أيضًا الاستثمار في الطاقات الجديدة.

إن العلاقات المصرية الصينية في تصاعد مستمر منذ عام 2014 ، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 11 مليار دولار. وتقدر الصادرات المصرية بالنسبة للسوق الصيني بـ 408 مليون دولار في عام 2017، مقابل 255 مليون دولار في عام 2016، بزيادة قدرها 60٪. كما أن عدد السياح الصينيين يتزايد باستمرار. وهناك 1558 شركة صينية تنشط حاليًا في مصر مقابل 1200 شركة في عام 2016.

تقدم مصر آفاقًا واعدة للصين، التي تمكنت بالفعل من ترسيخ أقدامها على نطاق واسع ودائم في القارة الأفريقية. وعلاوة على الجوانب الاقتصادية والتجارية التي قد تربط الصين مع دول معينة في الشرق الأوسط ، تحتل الجوانب السياسية والأمنية مكانة مهمة في استراتيجية الدولة الخارجية فيما يتعلق بهذا المجال وفيما يتعلق بالإيديولوجية السياسية لدول أو كيانات معينة.
__________________ يتبع الجزء الرابع _______________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران