الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كِباشُ الشامتِين

أيهم نور الصباح حسن
باحث و كاتب

(Ayham Noursabah Hasan)

2022 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


يحلو و يلِذُ لمن نجا من إرهاب " أبو سلاقات " , و هرب خارج مضارب بشارستان , أن يشمت بسوريي الداخل و يسخر من جوعهم و ألمهم : ذوقوا العذابَ ضِعفَين .
يكتب أحد الناجين عن معاناته و ألمه في غربته , فتأتيه ردود أتباع البطاقة الذكية : هذا مصير الخونة الذين باعوا أوطانهم و أفسدوا فيها .
لا يبدو أن هناك أي إمكانية لالتقاء طريقي الفريقين في الألف سنة القادمة , فالقلوب عامرة بالكفر , و لست أقصد كفر الإيمان و الدين بل الكفر ببعضهم البعض , و تأبى أن تلتمس عذراً واحداً , لا سبعين , لأخيها السوري في الطريق الآخر .
أما المجانين الذين لم يندرجوا تحت أي من الفريقين , و أنا منهم , فباتوا كمختار القريتين , لا من هين و لا من هين , و إن كان من أمرٍ يجتمع عليه الاثنين , فهو تكفيرنا و لعننا .. نحن .. طائفة المنبوذين , و الجر لضرورة القافية .
لم تكن المعادلة السورية سهلة الحساب , فالأسد جونيور يحارب الشعب باسم الحرب على الإرهاب , و " ثوار الحرية و الكرامة " افتقروا للصبر و الوعي و التنظيم الدقيق و قبول الآخر المختلف دينياً و اجتماعياً و سياسياً , و توضيح و بيان مناخ مرحلة ما بعد سقوط رأس الطغيان .
يستسهل " الثوار " و أنصارهم تجريم مؤيدي الاستبداد و المجانين : كان عليهم الانضمام " لثورة الحرية "
ليرد عليهم مُرتاعِيّ القلب و الروح من الأفرع الأمنية و المستقبل : كنا عايشين ..
ليس سراً أن غالبية " الثوار " تنتمي للسُنة , و أن البيان الأولي و الختامي للثورة في الوعي الجمعي لديهم معروف و واضح , و إن كان لم يصدر أو يُفَصَّل ببنود , في حين كانت بقية من السنة و غالبية الأقليات تتخوف من القادم و المستقبل , فآثرت البقاء تحت من تعرف شروره , على الانضمام إلى من لا تعرف - و لم يوضِّح - شروره , بالرغم من معرفته بخباثة العقل الأمني الحاكم و قدرته على استغلال هذه الثغرة بحنكة و مكر .
يُصِّرُ " الثوار " اليوم على أن " ثورتهم " مستمرة , مستمرة فقط ضد الأسد جونيور و الطائفة النصيرية الكافرة التي حمته و دافعت عنه , بينما تلوكهم أنياب الجولاني و العمشات و الحمزات و ائتلاف اللصوص التركي العصملي .
و للأسف , هاهم يُثبتون في كل يوم أن تخوف الأقليات و بقية السنة الحيادية - إن لم نقل الموالية - كان محقاً ..
ليس على الخائف و الجاهل لوم .. و كل اللوم على من يدَّعي أنه ثائر لسورية .. كل سورية ...
ليست غايتي أن أُقرِّعَ " بالثورة و الثوار " , إنما الغاية هي الدعوة للتسامي على مايريده الاستبداد من إطالة في عمر الشقاق الطائفي و السياسي .
و لماذا علينا نحن أن نتسامى في حين يبقى المؤيد على موقفه يُفاخر به ؟
لأنك تقول أنك ثائر يريد الحرية لسورية , لا لطائفته ولا لحزبه أو لجماعته فقط , و إن كان للثورة من تضحية فهذه هي تضحيتها .
لقد أعملوا فينا قتلاً و تدميراً و ذبحاً و تشريداً .. و تريدنا أن نتسامى ؟!
إن كنت تظن أن طويل الساقين كان سيغادر بعد أول مظاهرة كبرى كالتونسي بن علي , و أن جميع السوريين سينضمون للثورة بلمح البصر رغم أنف الهلع و الخبث الأمني و شائعاته , فأنت .. فراشة , و الفراشات لا تصلح للثورات
الثورات تُحَلِل العواطف و تنتصر بها , لكن ليس بها تُقاد ..
أضع كلمة " الثورة و الثوار " بين إشارتي اقتباس لأني غير مقتنع حتى اللحظة بأن ماحدث كان ثورة , كان انتفاضة شعبية نعم , كان حراكاً ثورياً نعم , كان فيه بعض الثوار نعم , لكنه لم يصل لمرحلة الثورة .. و لايزال حتى الآن يقاتل و يحارب كل من يريد له أن يصبح ثورة , يسانده و يدعم مسعاه في ذلك , دهاءُ ما أسس له والد طويل الساقين من استثمار في الطائفية و العشائرية و الطبقية و المناطقية و في كل ما من شأنه أن يوغل في انقسام و تفريق المجتمع السوري .
لم تنفع كل تلك الشعارات و الأدعية و الأعلام الدينية " الثورية " بإثبات خروج " الثوار " عن دين مَلِكيها بأركانه ذات اللاءات الثلاث : لا حرية , لا قانون , لا أخلاق , بل قد تفوقوا عليه في تعاملهم مع بعض القضايا , كالقضية الكوردية مثلاً .
و لما كان عند العرب أن لابدَّ لكل طنجرة من مِنفسة , فقد بقيَ من هَندزَ ( هندسَ ) وضعه و نفسه كصمام أمان لطنجرة الضغط السورية ذو استعصاء , مُعتلياً سدة الغطاء , يدور حول نفسه و يختال بكبرياء , مُراهِناً على استمرار لهيب غباء و طائفية " الثوار " في حالة اشتعال لا تعرف الخباء , كي يبقى الشعب يغلي في و خارج طنجرة الوباء النكباء , و لم ينفع " الثوار " لا الزمن و لا انكشاف الأوراق في فهم نقاط القوة و الضعف لديهم أو لدى خصومهم الأشقياء .
و كوني من المجانين , و بما أنه لم يبق للسوريين بعد الحرب سوى ثلاثة جيوش : القتلى و المعاقين و اللصوص , كما يقول أحدهم , فإني لازلت أرى أن هناك بصيص أمل في أن تُحوِّل البقية الباقية من " الثورة " هذا الاحتراب و الكِباش المستمر إلى ثورة , ثورة تستوعب حالة التسامي المطلوبة لاحتواء كل المواقف السورية , و تحاول بناء نواة للمواطنة و الحرية تجمع كل القوميات و كل الانتماءات الدينية و اللادينية السورية , ثورة تعيد إنعاش الحقيقة التي تسقط دوماً كأولى ضحايا الحروب , حقيقة أنه لا سورية دون جميع السوريين , فربما عسانا نستطيع تلافي انقراض سورية الجاري أمام أعيننا و بصيرتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي