الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 10

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2022 / 7 / 22
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


The nuclear armament race and the humanitarian catastrophe 10

لا يمكن لي أن أستثني دولة من الدول النوويّة التي تمتلك الحلقة الكاملة في برنامجها النوويّ، أن تعمل بإتّجاه معيّن، بحيث يمكن لي أن أبرّر لهذه الدول هذا التسابق النوويّ بأيّ شكل من الأشكال. فرأيٌ سياسيّ تجاه دولة أو نظام ما، لا ينبغي أن يحيد عن الإشارة إلى خطورةٍ ما قد تعصف بهذا الموجود على سطح الأرض، بل وفي باطنها إلى أعماق معيّنة. فأيّ تصوّر لإنشاء منظومة تسليح نوويّ أو أيّ منظومة تسليح من النوع التدميريّ الشامل يودي بالملايين من البشر هو تصوّر خطير وغير أخلاقيّ بكلّ المعاني كما أعتقد. ونظرة بسيطة إلى واقعنا اليوم يمكن لك أن تتصور كيف ستسير الحياة مع نقص في القدرات البشرية العاملة والمبدعة بسبب وجود الفايروسات المنتشرة التي جعلتنا في وضع لا يمكن لك تصوره في المستقبل القريب او البعيد مع بيئة مخرّبة ومدمّرة وبشر إمّا معوّق لا يستطيع الإستمرار بالحياة الطبيعيّة أو أغلبه يندثر تحت تربة ملوّثة لا نعلم كيف ستكون الأرض من بعد هذا إن بقي شيء إسمه أرض بعد أن يصل الأمر إلى قصف متبادل بأسلحة ستنهي الحياة كلّها بلا شكّ، إن كانت أسلحة نوويّة أو كيميائيّة أو أحيائيّة فايروسيّة أو جرثوميّة أو هي خليط من هذا كلّه كما هو الحال ببعض الأنظمة التي تريد أن تمتلك كلّ سعي لهذه الأسلحة كي تهدّد بها الأرض عموماً. ليس عندي أيّ إتّهام بدليل على إنتشار الفايروسات بفرض بشريّ، ولكن لا يمكن أن نستبعد إنتشار الفايروسات من المختبرات البحثيّة بسبب أو بآخر. نعم من الضروريّ أن نستمر في الأبحاث كي نزرع الأمل في لإنهاء الكثير من الأمراض والتلوث القائم على سطح الأرض وعلى البيئة. هذا صحيح ولكن ليس من المعقول القبول بهذا الوضع الذي يكشف عن عدم وجود تنسيق أو تعاون بين المؤسّسات والمراكز البحثيّة بشكل جيد للسيطرة على الوضع من خلال وجود المختبرات في أماكن أفضل في إنتشارها دون أن تؤثّر على الناس. ولا يخفى، وليس سرّاً ما تفعله بعض الدول مثلا في أوكرانيا وسط كميّة هائلة من البشر، تعمل مختبرات جرثوميّة بهذا الشكل المخيف الذي كشفته القوات الروسية والحليفة حين دخولها إلى تلك المختبرات. وستكشف الأخبار والأيّام كم من الخطورة كانت تحمل تلك المختبرات على البشريّة عموماً. فكيف بتلك التي تستخدم التجارب النوويّة والنظائر المشعّة التي تودي ليس البشر فقط بل بمستقبل الأجيال لمئات السنين بل لا أبالغ إذا قلت لآلاف السنين.
في هذه الحلقة أشير إلى بعض المعلومات المهمّة أيضاً، إلى أن أصِلَ في حلقة من الحلقات إلى كيفيّة الإشارة إلى السباق الذي أريد أن أشرح من خلاله ما الذي يمكن أن نعمله.
سباقٌ في التجارب
لقد أثّر نقص اليورانيوم في الإتّحاد السوفييتيّ آنذاك على نشاط تلك الدولة في إجراء التجارب النوويّة بتأريخ متقدّم على الولايات المتحدة الأمريكيّة، وكذلك عدم إهتمام رئيس الإتّحاد السوفييتيّ آنذاك جوزيف ستالين بهذا التّوجه لعدم معرفته به كما أعتقد. حيث زجّ للخدمة العسكريّة كبار العلماء في هذا المجال المهمّ، ومنهم عالمٌ من العلماء الأفذاذ في المجال النوويّ، في جبهات متقدّمة لخدمة الجيش من حيث لا يعلم. حيث كان إيغور فاسيليفيتش كورتشاتوف عالماً فذّاُ في الفيزياء النوويّة حتى أصبح مدير مشروع القنبلة الذريّة السوفييتيّة. بالإضافة إلى أندريه ساخاروف. وقد عمل كلّ منهما عملاً هائلاً مع بعض الباحثين الآخرين على تطوير السّلاح النوويّ السوفييتيّ الأوّل والتدريب على حمل رأس نوويّ على صاروخ بعد وصول المعلومات الإستخباريّة عن مشروع مانهاتن الأمريكيّ الضخم. ومن الطريف والمؤلم بنفس الوقت ترى العديد ممن يساهم في تطوير الأسلحة النوويّة أو عموم الأسلحة الفتّاكة ليعود شاعراً بالنّدم على ما سيودي مشروعه بالبشريّة ليعود أدراجه بتخطيطٍ لمشروع يكون في كلّ هذا التطوّر الكبير بالأسلحة الفتّاكة إلى أن ينادي بجعل التطوّرات لأغراض سلميّة! وهذا ما جرى على كورتشاتوف وساخاروف، بل وحتى أؤلئك العاملين في نفس المجال، في دول أخرى!

كانت كازاخستان جمهوريّة من جمهوريّات الإتّحاد السوفييتيّ السابق، وبعد تفكّكه تشكّلت دولة مستقلّة إستمرّت في إنتاج اليورانيوم بحيث وصل إنتاجها لوحدها قرابة 22 ألف طنّ من اليورانيوم سنويّاً إلى غاية العام 2011، حيث تنتج حوالي 36,36 بالمئة من إنتاج العالم من اليورانيوم ويكون الإنتاج عبارة عن أوكسيد اليورانيوم، بينما تنتج روسيا حاليّا حوالي 5,59 بالمئة من الإنتاج العالميّ من اليورانيوم وتنتج الولايات المتحدة الأمريكيّة ما يعادل 2,87 بالمئة من الإنتاج العالميّ. لذلك فهي تعقد الإتفاقيّات للحصول على كميّات من اليورانيوم من بعض الدول ومنها روسيا الإتّحادية حالياً! ولو أجرينا مثلاً حساباً بسيطاً لدول تمثل الحلف الجديد البريكس نلاحظ أنّ قدرتها تصل إلى 50,7 بالمئة من الإنتاج العالميّ من اليورانيوم إذا إستثنينا بعض الدّول الإفريقيّة التي تسعى وتمتدّ فيها بعض دول البريكس للإستثمار، بينما النسبة الباقية تمثل دولاً، منها يكون عضواً في حلف الأطلسيّ ومنها خارجه أي أنّ الوضع يصبح واحداً مقابل واحدٍ أو خمسين بالمئة لحلف الأطلسيّ وخمسين بالمئة للحلف القادم الآخر تقريباً. رغم أنّ الحلف الثاني حلف إقتصاديّ سياسيّ تجاريّ لكن في الإطار العام سيكون التعاون في هذا الجانب لا يقلّ عن كونه إقتصاديّاً بإمتلاك هذا الكمّ من المعدن المهمّ، وإن عقدت إتفاقات داخل الحلف ببعض المسؤوليّة).
لقد كانت الحكومة السوفييتيّة آنذاك تعمل على بناء ترسانة ذريّة خاصّة بعد تجربة أمريكا التي ذكرناها والتي بدأت بالفعل التنافس والإثارة لمثل هذا الموضوع الخطير. لكنّ الذي قيّد عمل الحكومة السوفييتيّة هو النقص الواضح في كميّات إنتاج اليورانيوم لهذا الغرض بالإضافة إلى التقنيّات التي لم تكن موجّهة لهذا التوجّه. رغم أنّ روسيا القيصريّة بدأت البحث حول المعادن المشعّة منذ عام 1900 لغاية 1903 وفي عام 1914 تم إعتماد برنامج بحث مدّته ثلاث سنوات لأكاديميّة العلوم، التي كان من المقرر من خلاله تخصيص أكبر مقدار من البعثات التنقيبيّة عن اليورانيوم والمعادن المشعّة في بحيرة بايكال ووادي فرغانة للبحث عن رواسب المونازيت حتى الحرب العالميّة الأولى. حينها أصبحت الأبحاث واضحة المقادير إلى درجة كبيرة في المنطقتين المذكورتين.
لقد أشرت إلى أنّ الولايات المتحدّة الأمريكيّة من خلال تقاريرها الإستخباريّة لم تعتقد بقدرة الإتّحاد السوفييتيّ على إجراء أيّ من التجارب للسلاح النوويّ، ولا حتى على إجراء أيّ نشاط بهذا الإتّجاه قبل مدّة لا تقلّ عن عدّة سنوات من تجربة أمريكا، حتى منتصف الخمسينيّات من القرن الماضي. لكنّ الذي خدم الإتّحاد السوفييتيّ هو الإمدادات الجديدة المكتشفة في أوربا الشرقيّة. لكن لا ننسى النشاط الأمريكيّ آنذاك والذي إستمرّ بإجراء التجارب النوويّة التي لعبت دوراً في تلويث مناطق لا تقلّ مسافتها عن مكان التفجير عن 480 كيلومتراً عام 1954 عند إجراء التفجير الكبير والذي أسقط كميّات هائلة من السقط النوويّ والمحمّل بكميات هائلة من أنواع الأشعّة المؤيّنة والضارّة لكلّ أشكال الحياة. وقد كانت التجربة بقنبلة هيدروجينيّة في جزيرة بيكيني أتوول، حيث أنتجت حوالي 14,8 مليون طن وقد قتل شخص من فعل قوة التفجير على بعد 140 كيلومتراً من موقع الإختبار-$-. لقد كانت القنبلة من النوع النوويّ الحراريّ بإنتاجيّة عالية حيث كان الوقود من نوع ديوتريد الليثيوم بوقود جافّ وعلى بعد حوالي مترين فوق سطح الأرض. وقد أشارت العديد من تقارير العلماء في هذا المجال على أنّ هذا التفجير كان قويّاً ومذهلاً ولم يعرف بالضبط سبب إجرائه بهذه القوّة ومن هذا النوع من الوقود. وقد أثّر هذا التفجير على الكثير من حالات التخطيط لإجراء المزيد من التجارب. وقد أزيلت أنواع من الأسلحة على أثرها (أي أنّ الأثر كان مخيفاً في نتائجه مما أدّى إلى نتائج على مستوى التقليص لمثل هذه التجارب. وأنا أسأل: كم من التجارب أجريت من مثل هذا النوع من الوقود كي يتمّ الحصول على نتائج معيّنة أدّت إلى نشر الكثير من التغييرات على مستوى الإجراء وعلى مستوى الإصابات بين البشر. إنّ الأمر المزعج حقّاً هو أنّ الكثير من التجارب تجرى في أماكن تخضع عسكريّاً لتلك الدولة التي تلعب دوراً مخيفاً في نشر القتل هنا وهناك. (لا أستبعد من إجراء تجارب من أنواع معيّنة على أرض بلدي العراق منذ دخول المحتلّ الأمريكيّ البغيض أو الأطلسيّ عام 2003 أو في بلدان تخضع لمثل هذه الدول التي تدّعي الإنسانيّة)! كما أجرت أمريكا هذه التجربة في اليابان التي خضعت لأمريكا بوجود القواعد العسكريّة على أرضها والتي تهدّد بها دول المحيط من الصين إلى كوريا الشماليّة إلى روسيا والدول الصغيرة الأخرى. ولا تكترث قيادات الولايات المتحدّة آنذاك على تطوير قدرات نوويّة عالية بعد إجراء تلك التجربة عالية الإنتاجيّة حيث أصبح السباق عالياً للحصول على مصنع كبير لتخصيب الليثيوم، مقابل ذلك قام السوفييت حينها بمتابعة تصميم نوويّ حراريّ بإمكانيّات محدودة، وبدأوا ببناء منشأة تخصيب الليثيوم قبل الولايات المتحدّة، حيث قاموا بتفجير جهاز جافّ من نفس النوع في أغسطس (آب) في الفترة التي بدأ فيها المصنع الأمريكيّ بتخصيب الليثيوم. وهكذا أخذ السباق يأخذ تصاعداً مستمرّاً في تطوير التصاميم والوقود ونوعيّة الوقود وطريقة التخصيب جزئيّاً أو كليّاً، وإستخدامات متعلّقة أخرى.
لقد فجّر الإتّحاد السوفييتيّ أوّل قنبلة هيدروجينيّة عام 1955 وكانت قدرتها 1,6 مليون طن وفي سنة 1961 فجّروا قنبلة هيدروجينيّة بقوّة 58 مليون طن. وهنا إمتلك كلّ من الإتّحاد السوفييتيّ والولايات المتحدّة الأمريكيّة القدرة على التفجير النوويّ الإندماجيّ بعد الإختبارات الأخيرة كجانب من جوانب الحرب الباردة. (لا يخفى على المراقبين المتخصّصين ماذا يجري على أرض أوكرانيا حالياً من مدّ كبير لإختبارات تصرف عليها الملايين من الدولارات كي تستمرّ في أبحاثها ومنها ما يتعلّق بأسلحة للناتو ضدّ الروس من جرثوميّة (وربّما غير ذلك!) ومدى الردّ الروسيّ على ذلك من خلال قوّة التفجير والتأثير! لا أقول بقدرة نوويّة أو إشعاعيّة لأنّ الكاشفات تعمل من كلّ الأطراف، ولكن لا أستبعد تجارباً من نوع الإختبارات على مستوى جديد أكثر تأثيراً من السّابق، خاصّة وأنّ الإستفزازات الأمريكيّة والناتو لعبت دوراً كبيراً وخطيراً في تعقيد الأزمة ما بين روسيا والناتو بعد أن إقترب حلف الناتو من حدود روسيا من خلال دول بحر البلطيق، وتجارب داخل أوكرانيا ممّا أدّى إلى دخول روسيا على الخطّ في الدفاع عن حدودها. لا أبرّر لهذه العمليّة العسكريّة الروسيّة فأنا ضدّ أيّ حروب تخلّ بالوضع العالميّ عموماً، بل هذا الذي نراقبه وواضح لا يحتاج إلى قراءات تأريخيّة معقّدة ولا إلى مراسل حربيّ يلعب دوراً في تغيير الوقائع)!
هناك العديد من التطوّرات على مستوى كلّ جزء من أجزاء الإشتباك ما بين الخصمين، من الأسلحة ومن أدوات إطلاقها ومن أنواع الأرض التي تستخدم فيها من برّ أو بحر أو جوّ. فهناك الصواريخ وهناك القاذفات بمسافات متعدّدة من قصيرة المدى والتي تستخدم لمراقبتها ومراقبة تأثيرها أبسط الكاشفات أو الأدوات البصريّة المراقبة إلى متوسّطة المدى التي تصل أهدافها إلى مسافات خارج نطاق الدولة نفسها فتتمّ مراقبها بأدوات أخرى. وقد دخلت إلى حلبة التسابق كذلك الأقمار الصناعيّة التي ترسم وتراقب وتنشر وتنقل وما إلى ذلك من تصحيحات وإضافات (أطلق الإتّحاد السوفييتيّ السابق أوّل قمر صناعيّ سبوتنك 1 في مدار حول الأرض ليدلّ ذلك على أنّ هناك إمكانيّة لمراقبة الصواريخ العابرة للقارّات من قبل الأقمار بهذا الشكل، وقد أطلقت الولايات المتحدّة كذلك صواريخ تحمل الأقمار الصناعيّة لتدور حول الأرض فيكون العديد من الدول قد أوصلوا الأقمار المراقبة إلى ما حول الأرض لتعمل، منها على الخدمة العسكريّة البحتة كما يحصل الآن من خدمة كاملة للأقمار الصناعيّة الأطلسيّة والروسيّة والصينيّة وغيرها لمراقبة الأهداف وتصويبها حتى وصل الأمر إلى مراقبة غرف القيادات العسكريّة تحت الأرض لأعماق غير قريبة من سطح الأرض من قبل هذه الأقمار وتصيب وتصوّب صواريخاً تدمّر بنسبة خطأ قد لا تتجاوز الأقلّ من واحد بالألف، فكيف بالأهداف التي ستضرب بالأسلحة الحاملة للرؤوس النوويّة أو القاذفات غير المأهولة التي ترسم بذاتها الخطّ وتراقب هدفها وهي في طريقها إليه؟!).
تبقى الصواريخ هي المنصّة المثاليّة لإطلاق الأسلحة النوويّة في الوقت الحالي. ولا أستبعد أن تتمّ عمليّات تطوير لطائرات درون في المستقبل القريب لإجراء تجارب الإسقاط أو القذف على مواضع معيّنة. ونراقب عن كثب ما يجري من تطوّر في تجارب عديدة على أسلحة وأدوات من خلال الحرب الروسيّة ـ الأطلسيّة.
لقد تمّ تطوير الصواريخ منذ أكثر من ستة عقود لإيصال التدمير إلى الهدف دون تأثير على منطقة الإطلاق. وبالفعل طوّرت صواريخ بالستيّة مهمّة من قبل العديد من الدول.
لقد تمّ تطوير صواريخ تطلق كذلك من قبل الغوّاصات والتي أطلق عليها من خلال سلاحها النوويّ، بالغوّاصات النوويّة. ومنها ما تعمل بكلّ طاقتها الحركيّة والإنتقاليّة والقذفيّة على الطاقة النوويّة. وأصبح التنسيق ما بين الوحدات القتاليّة وبين الصنوف كبيراً بحيث لو أطلق السلاح النوويّ من قاذفة قنابل يستطيع الصاروخ أن يستمر بإنطلاقه عابراً القارّة بحيث لو أصيبت القاذفة أو بالعكس، حينما يتمّ إصطياد الصاروخ النوويّ تستطيع الغوّاصة أن تغطي على فشل الصاروخ المنطلق إلى الهدف ليتمّ تدمير الهدف نفسه من جهة أخرى وبسلاح آخر ربّما يكون أكثر فتكاً من سابقه.
نشاطات عن طريق المحاكاة
من التنسيقيّات التي كنّا نتمنّى أن تتمّ وتستمر هي الحدّ من هذا التوجّه ما بين الدول النوويّة حينما تمّ التنسيق في إختبارات على شكل محاكاة دون أن تنفجر المواد الأوليّة للوقود تفجيراً فعليّاً (رغم أهميّة التجربة أو الإختبار ذاتيّاً للأسباب التي ذكرناها سابقاً) فتتمّ حماية الأرض والنقاط من أيّ نشاط نوويّ قادم. لكن للأسف بعد أن بدأت الحرب الباردة الجديدة ما بين دول الشرق والأطلسيّ بدأت مرحلة جديدة من الإختبارات الفعليّة على مستويات متعدّدة وإن لم تكن واضحة إن كانت نوويّة (بإعتبار النوويّة باتت مراقَبة ومكشوفة من قبل الجميع حيث تراقب كشّافات الإشعاع أيّ نشاط غير طبيعيّ على سطح الأرض أو تحتها) أو غير ذلك.
إنّ القوانين الفيزيائيّة بات إستخدامها أسهل بكثير من السابق حينما يتمّ التعامل مع الأسلحة النوويّة أو البالستيّة عموماً. من هذه القوانين ما يتعلّق بتأثيرات الجاذبيّة أو ما يتعلّق بدرجات الحرارة والتأثيرات الأخرى في الغلاف الجويّ. لكن يبقى الحذر والهلع من أيّ خطأ قد ينشأ وتصيب الصواريخ أو المقذوفات أهدافاً غير تلك المرسومة أو يحصل شيء ما يؤدّي إلى سقوط هذه المقذوفات أو الصواريخ في أماكن مأهولة بالسّكان، حينها يكون التأثير كارثيّاً.
عودة إلى البلوتونيوم
غالبًا ما يتم ذكر البلوتونيوم بشكل خاصّ عند مناقشة الوقود النوويّ المستهلَك. من المهمّ أن يستند النقاش إلى بيانات وحقائق دقيقة قدر الإمكان. مع أخذ ذلك في الإعتبار الأهتمام بالبلوتونيوم.
لهذا النظير أهميّة كبرى في تصنيع السّلاح النوويّ (كما أشرنا إلى ذلك سابقاً) فله إستخدامات ثلاثة مهمّة، منها يستخدم جزئيّاً في الوقود النوويّ وجزئيّاً في الشّحنات النوويّة وكذلك في البطاريّات لأغراض خاصّة. ولكنّ إستخدامه في السلاح النوويّ يكون في الغالب لأسباب ذكرناها منها فعّاليته في الإنشطار وقدرته في تحرير كميّة من النشاط يقدّر ب 2,3 مليار بيكرل في الغرام الواحد بالإضافة إلى أنّ كلّ نظائره مشعّة من النظير ـ 238 لغاية النظير ـ241 وكلها تبعث جسيمات ألفا بإستثناء النظير ـ241 فيحرّر جسيمات بيتا. ويتحلّل النظير ـ241 إلى أمريسيوم ـ241 والذي يبلغ عمره النصفيّ 430 سنة ويبعث جسيمات ألفا ويكون أكثر سميّة إشعاعيّة من النظير الأصل. وتبقى الخاصيّة الأهمّ هي إنشطاره بالنيوترونات كذلك. لكن نشير إلى أنّ البلوتونيوم ـ 239 يتكوّن من إلتقاط اليورانيوم ـ 238 للنيوترون في الوقود النوويّ العاديّ.
من المسائل المهمّة التي تتعلّق بالبلوتونيوم هو قابليّته على أن يمكن إسترداد المتبقّي منه في وقود مفاعل الماء الخفيف (في هذه المفاعلات يستخدم الماء كمبرّد وموجّه أو معدّل نيوترونيّ بحيث يقلّل سرعة النيوترونات السريعة وتنتج الحرارة في هذه المفاعلات عن طريق عمليّة الإنشطار النوويّ المسيطر عليه بالإضافة إلى بعض المواصفات الأخرى التي تتوفّر في مثل هذه النوعيّة من المفاعلات) عن طريق إعادة المعالجة في مصنع كيميائيّ يمكن أن يكون بالقرب من المحطّة التي يكون المفاعل النوويّ جزءاً منها. وحينما تتمّ المعالجة يمكن إعادة إستخدامه في المفاعل نفسه أو في مفاعل آخر يسمّى وقود موكس 4. وتتمّ أعادة المعالجة في عدد من الدول منها فرنسا وسويسرا وألمانيا ودول أخرى مثل السويد حيث تمتلك هذه الدولة خبرة منذ أواخر الستينيات. تتمّ إجراءات على عدد صغير من قضبان وقود الموكس (مختصر من مصطلح باللغة الإنكليزيّة
Mixed Oxide (MOX)
ويعني الأوكسيد المختلط والذي يتشكّل من عدد من أكاسيد مواد قابلة للإنشطار تكون عادة من البلوتونيوم مع اليورانيوم الطبيعيّ أو المعالج أو حتى اليورانيوم المنضّب بحيث تكون النسبة من %7 بلوتونيوم و %93 يورانيوم طبيعيّ. من هذا الخليط يمكن أن يستخلص فائض البلوتونيوم في صنع السلاح النوويّ، وهنا يكمن الحذر من التعامل مع الأوكسيد المذكور بسبب الفائض من البلوتونيوم هذا فتحسب الكميّات بدقّة لمعرفة الكميّة التي يمكن أن تستخلص من هذا الخليط كي لا تستخدم في التسليح النووي أو تهرّب بعيداً عن لجان التدقيق والمراقبة التابعة للوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة بل والجهات الأمنيّة التابعة للدول المسيطرة على هذا النشاط لذلك تراها تشنّ أي هذه الدول وبالذات الولايات المتّحدة الأمريكيّة الحروب والمشاكل كي لا يقع هذا في أيدي المهرّبين أو الأنظمة التي يطلقون عليها بالمارقة! وأصبحت هذه حجّة لشنّ العديد من الحروب كما فعلوا في العراق مثلاً) في عدد من المحطات كما في أوغيستا وأوسكارشامن 1. وهنا ينبغي القول أنّ إعادة التدوير تتمّ لعدد من المرات من وقود الموكس المعاد تصنيعه (لمرّتين أو لثلاث دورات). وهناك العديد من مراحل التطوير في أنواع أخرى من المفاعلات.
ولنا عودة أخرى بإذنه تعالى
د.مؤيد الحسيني العابد
Moayad Alabed








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يرتدي القراصنة رقعة قماش أو جلد لتغطية أعينهم؟


.. الهدف القادم حمص.. هل تبتلع الفوضى سوريا بسبب التنظيمات المس




.. أقصر حكومة في تاريخها.. لماذا انهارت حكومة بارنيه في فرنسا ؟


.. للقصة بقية | وحدة الساحات




.. مرتزقة كولومبيون قدموا عبر ليبيا للمحاربة في السودان.. ما ال