الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين في الشرق الأوسط - الجزء الرابع

مرزوق الحلالي
صحفي متقاعد وكاتب

(Marzouk Hallali)

2022 / 7 / 22
العولمة وتطورات العالم المعاصر


التحدي الإرهابي
الأقليات المسلمة في الصين
لا يمكن للصين أن تتجاهل وجود الدول الإسلامية ونفوذها، وفي ذات الوقت، تواصل السعي للحصول على تعاطفها ودعمها في الشؤون الدولية. وبالإضافة إلى ذلك ، يوجد في الصين عشر(10) أقليات مسلمة تمثل وحدها عدة ملايين نسمة. كما أنه غالبًا ما يكون للأيديولوجيات الدينية والسياسية الإسلامية من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تأثير على المسلمين في الصين.

وإذا امتزجت واندمجت "الأيديولوجيات الدينية" مع النزعة الانفصالية للأقليات ، فقد يشكل ذلك مشكلة خطيرة على وضع الاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية في شمال غرب الصين. لذلك ، قد يبدو، في الشؤون الدولية والداخلية ، أن الإسلام يتحدى صنع السياسة الصينية الخارجية. لذا، في مواجهة الوضع الدولي المعقد والمتغير، ترى جملة من المحللين، أنه يتعين على الصين أن تدرس بعناية وتضع استراتيجية وسياسة للتعامل مع المنطقة الرئيسية للإسلام.

يقدر عدد المسلمين حاليا في الصين بنحو 20 مليونا. ويتألف السكان المسلمون من عدة أقليات : " هان" ، و"أويغور" ، و"كازاخ" ، و"دونغشيانغ" ، و"خالخاس" ، و"سالاس" ، و"طاجيك" ، و"أوزبك" ، و"بوان" ، و"تتار". وكل هؤلاء صينيون ، مسلمون ، يتحدثون التركية ويمثلون أكبر جالية مسلمة في الصين ، و تقع مناطقهم في أقصى غرب البلاد ، في "شينجيانغ" (أو تركستان). ويسعى "الأويغور" إلى وضع حد للتمييز الذي تمارسه جماعة "الهان" العرقية والسلطات ويطالبون باحترام دينهم وتقاليدهم.

حدث خلل في السياسة الدينية للسلطات الصينية فيما يتعلق بالجالية المسلمة. وقد كانت لهجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك انعكاسًا مكثفًا وقويا قلب الدولة الصينية بخصوص الهوية الإسلامية. ومنذ ذلك الحين ركزت السلطات الصينية على شمال غرب البلاد.

كما أنه، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في سنة 1991 وظهور دول إسلامية مستقلة في آسيا الوسطى ، دعت العديد من الجماعات الانفصالية الإسلامية في منطقة "شينجيانغ" إلى تشكيل دولة مستقلة أطلقوا عليها اسم "تركستان الشرقية"(1). كما غذى "المجاهدون الأفغان" الإسلام المتطرف في مجتمع الأويغور. وهكذا ، من بين مجموعات "الأويغور" في "شينجيانغ" المعارضة لسلطة بكين ، نجد الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية (2) - (ETIM) - والحزب الإسلامي لتركستان (3) - (TIP).
-------------------------------------------------
(1) ابتداءً من القرن العشرين ، استخدم انفصاليو "الأويغور " هذه التسمية لنعت "شينجيانغ" ككل ، وكانت إشارة واضحة إلى استقلال الدولة المستقبلية، والرغبة في محو الهيمنة الصينية وأيضا سعيا لإبراز التقارب مع المجموعات التركية في الغرب.
(2) تأسست حركة تركستان الشرقية الإسلامية في عام 1997 على يد "حسن محسوم" و"أبو قادر يابوقوان". وفي سنة 1998 ، لجأت الجماعة إلى أفغانستان ، التي كانت تسيطر عليها حركة طالبان وقتئذ ، وأقامت روابط مع تنظيم القاعدة والحركة الإسلامية في أوزبكستان. منظمة عسكرية ، تتبنى الأيديولوجية "الجهادية السلفية" ، نشطت في الصين وباكستان وسوريا خلال الحرب الأهلية السورية. وتأثرت كثيرا بنجاح المجاهدين في الحرب القوات السوفيتية في أفغانستان. من أهدافها الاستقلال التام عن الصين، وتم تصنيفها "منظمة إرهابية" من قبل الأمم المتحدة ، الصين والمملكة المتحدة.
(3) الحزب الإسلامي التركستاني (ITP) ، انبثق عام 1999 من حركة تركستان الشرقية الإسلامية.
---------------------------------------------------------------------------------------------------
ارتبط اسم هذه الحركة بهجمات عنيفة ، بما في ذلك الهجوم على ميدان "تيانانمين" في 28 أكتوبر 2013 ، والهجمات على محطتي قطار "كونمينغ" و"أورومتشي" في نفس العام.

علاوة على ذلك ، هناك تنافس بين المجتمعين ("الأويغور" و"هان"). وقد عملت بكين على نشر الثقافة الأحادية الصينية في المنطقة ، وبالتالي محاولة استيعاب الأقليات العرقية في الصين ، وخاصة "الأويغور" ، في ثقافة "الهان". واعتمدت سياسة بكين هذه على عزل العديد من "الأويغور" ودفعتهم لمعاداة "الهان". اشتدت هذه المشاعر المعادية لـ "الهان" بمرور الوقت ، مما أدى في الواقع إلى استبعاد المجتمع أكثر وتقليص مسألة "الأويغور" إلى بُعدها "الإرهابي" فقط ، على الرغم من أن هذه النسبة من المتعصبين الدينيين داخل المجتمع لا تزال أقلية.

على الرغم من كل شيء ، فإن القمع ضد "الأويغور" ظل قائما بالفعل، كما في استمرت إدانته من قبل المنظمات العالمية. ويعيش السكان اليوم بشكل دائم تحت الترهيب والتخويف الصينيين. والأسوأ من ذلك ، أن السلطات الصينية تحتجز أكثر من مليون من "الأويغور" في معسكرات الاعتقال ، وفقًا للأمم المتحدة والعديد من المنظمات الإنسانية عبر العالم.

"الجهادية" الصينية: من "شينجيانغ" إلى سوريا
في أواخر سبعينيات القرن الماضي ، بدأت الوهابية - التي كانت دعوتها الدولية من قبل المملكة العربية السعودية - مدفوعة من قبل التنافس المتزايد بين "إيران الثورية" ، وقتئذ، والنظام الملكي السعودي - في الظهور والبروز في جنوب آسيا. بدأت المملكة العربية السعودية بشكل ملحوظ – أثار الانتباه - في الاستثمار في المجتمعات الإسلامية في إندونيسيا وماليزيا من خلال تمويل - من بين أمور أخرى - البنية التحتية المادية ، والمساجد والمدارس الإسلامية ، وكذلك المؤسسات الثقافية والخدمات الاجتماعية. وهكذا أقامت المؤسسات "الوهابية" السعودية علاقات وثيقة مع المسلمين في جنوب آسيا.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي ، وبشكل أكثر تحديدًا بعد 11 سبتمبر 2001 ، وضعت الدولة الصينية شبكات "الأويغور" السلفية تحت المراقبة الدقيقة ، مما أثار القلق بشأن الروابط التي حافظت عليها المجتمعات المسلمة الصينية مع المملكة العربية السعودية التي لم تكن تسعى إلا إلى انتشار منظومتها التعليمية الإسلامية وتوسيع رقعة نفوذها وتأثيرها في آسيا من أجل مواجهة نفوذ إيران الشيعية.

بينما كانت الصين تطور علاقات اقتصادية متزايدة مع الدول الإسلامية ، فإن بكين ظلت حساسة أيضًا لمحاربة تسلل الفكر الإسلامي المتطرف في "شينجيانغ". كما ساهم تنقل المسلمين الصينيين على طول "طرق الحرير الجديدة" في ظهور وبروز سياسة أمنية صينية جديدة حفاظا على نجاح مشروعها الاستراتيجي.

وكان من بين مؤيدي الفكر المتطرف، الحزب الإسلامي لتركستان (وهو الجناح العسكري "الأويغور" لتنظيم القاعدة في سوريا). وقد غادر 7000 من مقاتليه للقتال في سوريا ، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. علما أنه من الصعب للغاية تحديد الأرقام الفعلية المتعلقة بعدد مقاتلي "الأويغور" المتواجدين في سوريا أثناء الصراع. وفي وقت مبكر من عام 2012 ، كانت السلطات الصينية قد أبلغت عن رحيل مقاتلي "الأويغور" إلى سوريا. وفي يونيو 2014 ، أضفى حزب التحالف الإسلامي طابعاً رسمياً على وجوده على الأرض السورية ، ولا سيما في محافظة إدلب إلى جانب جبهة النصرة (الفرع السوري السابق للقاعدة في سوريا). وتم تنفيذ حملة دعائية كبيرة في مجتمع "الأويغور" بهدف حملة تجنيد للقتال.

وقد يبدو أن استراتيجية الصين الأمنية لمكافحة الإرهاب والأصولية الإسلامية في منطقة "الأويغور" في "شينجيانغ" أثبتت فعاليتها على المدى القصير ، لكنها تتضمن مخاطر على المدى الطويل، وذلك بفعل تفاقم الشعور بالإحباط والاستياء لدى الأقليات تجاه الأغلبية العرقية من "الهان". وقد تمثل هذه الدوامة خطرًا يؤدي إلى مزيد من التطرف والتمرد واستخدام العنف واعتماد الأساليب الإرهابية في "شينجيانغ" وبقية الصين، بل حتى في الشرق الأوسط ، لا سيما في المناطق المتضررة من "مشروع طرق الحرير الجديدة" الصيني.
_________________________ يتبع ______________________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة