الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة بايدن وموت العالم العربي -الحديث-؟/2

عبدالامير الركابي

2022 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لمن لم ينتبه، فان العراق ومصر كانا حاضرين في قمة بايدن في جده،مثلهما مسخان لايمتان للارض التي جاءا منها باية صلة، وحيث هما قد قبلا ان يكونا عضوين في قمة غيرهما، اذن فالاولى بهما ان يقبلا الحضور بلا وجود، حيث يمنع حضورمصر محمد علي وعبدالناصر، أوالعراق الذي شنت علية "الامبراطورية المفقسه خارج رحم التاريخ" حربين كونيتين افنائيتين، انتهيتا بمحوه من الوجود ككيانيه وذاتيه تاريخيه، وهكذا نكون امام مشهد رباعي مذهل، هو احد لحظات العبقرية التاريخية المتفارقة المتداخله، فبايدن هو "مابعد غرب"، اي مابعد اوربا المصنعية الاليه، والدول / القبائل النفطية، هي مابعد مصر والعراق الدالان على تباطؤ الوتائر من مصر هبة النيل والاهرامات، و "القطر الركيزة"، الى مدن المقابر، والدخل القومي الموزع على ثلاثة مصادر هي: تحويلات العاملين في الخارج، والدخل السياحي، والمساعدات الامريكية.
كما على تسارعها بحيث تتجاوز قدرة الغرب ومايعرف بالنظام الدولي على الاستيعاب، فيقرر ازالتها من المعادلة بالافناء، يقول هنري كيسنجر :" مشكلتنا نحن الغربيين ليست مع صدام، بل مع العراق، هذا البلد القوي. ربما ياتي احد بعد صدام ويقوده باتجاه مضاد لمصالحنا في الشرق الاوسط وعليه يجب تحطيم العراق"(1) هكذا تتولد خاصية غير منظورة ضمن السياقات، واجمالي السردية المواكبة للظاهرة الغربيه، مع انها يجب ان تكون وارده، تلك هي احتمالية ان يكون هنالك موضع في العالم خارج عن نطاق وقدرة الظاهرة الغربية على الاستيعاب والضبط، الامر الذي نجد الدلائل عليه على مدى تاريخ علاقة العراق بالغرب خلال القرن العشرين، وصولا لمفتتح القرن الحالي.
والامر لهذه الجهه له مبرراته المنطقية، اذا وضعنا في اعتبارنا علاقة موضع من المعمورة وجد بالاصل وتاريخيا خارج الكيانيه "الوطنيه"، متعد لها، على خلاف حالة العالم والغرب الحالي، فالعراق موضع "كوني" بنيويا، لم يحدث ان تجلى، الا امبراطوريا، وهو موضع دورات وانقطاعات، عرف دورة اولى هي، السومرية البابلية الابراهيمه، وثانية، العباسية القرمطية الانتظارية، وثالثة راهنه مستمرة تشكلا منذ القرن السادس عشر، وهذا المكان عرف هو الاخر "النفط" فدخل تضاعيف بنيتة مع النهرين منذ خمسينات القرن الماضي لنشهد حالة ( نفط بمحركات امبراطورية) بمقابل النفط القبلي(2)، تغيرت معه الاليات الاقليميه الناظمة، عدا عن اشكال وسياقات عمل البنية مافوق الكيانيه الوطنيه، ومن حرب هي الاطول بين دولتين بعد الحرب العالمية الثانيه استمرت لثمان سنوات مع ايران، الى احتلال الكويت، وسط زحمة من التسارعات الانجازية، كان من المحتم بحصيلتها، ولولا التدخل الامركي الماحق، ان لايكون يكون هنالك " خليج" بالصيغة التي هو عليها اليوم، وبالطبع كانت المملكة العربية السعودية ستنتهي وقتها الى تابع، وربما لتمزقت، ولتغير كليا موقع اسرائيل، ماجعل من تدمير العراق وسحقه ضرورة ابعد، حتى على المستوى الايحائي الذي تبين ان الولايات المتحدة يمكن ان تنزلق اليه، كما حدث على سبيل المثال مع مشروع " الشرق الاوسط الكبير"، بسفارة في بغداد يجري بناؤها بسته مليارات دولار، تدير مجالا يمتد من الباكستان الى المغرب العربي، بما يعني استعادة بغداد هارون الرشيد. الامر الذي ارعب اسرائيل، فاقترحت كما فعل بيريز في حينه مشروع "الشرق الاوسط الصغير".
وتتزاحم هنا كل تفارقات المشهد السريع التغير، من انهيار الاتحاد السوفياتي وصعود الولايات المتحدة كقوى عظمى وحيده، باحثة عن استراتيجيات لحظة توهمية واقرب للخرافية، غير قابلة للاحتساب النهائي في حينه، مع ان فكرة مثل تلك التي تعيد موقع بغداد العباسيين، لتضع حاجزا بين روسيا والصين من جهة، واوربا من جهة، وتجعل امريكا ممسكه بالعصا من وسطها، في الوقت الذي يصير السفير الامريكي في بغداد بمثابة الرئيس الامريكي رقم 2، لايمكن ان تاتي خارج قوة الايحاء التاريخي الاصلي، مع قوة خيال تذكر ربما بعالم الف ليله وليله وعلاء الدين والمصباح السحري، وقد تؤخذ بالاعتبار هنا رؤية بريجنسكي لاوراسيا وموقعها كركيزه، وهو نفسه الذي حذر لاحقا في اكثر من كتاب له، من احتمال ضياع الفرصة النادرة المتاحة لامريكا، الا ان العراق هو المكان الوحيد على اية حال، حيث الله يحضر ليامر بتدميره كما صرح بوش الابن، الذي عاد ليقول بانه ذاهب لمقاتلة "ياجوج وماجوج قرب بابل"، كل هذا ونحن لانعرف، ولن نعرف، كيف يستنهض العراق، وتصير بغداد عاصمة الشرق الاوسط الكبير، بينما هو يمحى بالاف اطنان المواد المتفجره واليورانيوم المنضب.
من هنا كانت امريكا ماخوذه بمايمكن ان نطلق عليه " الحلم التدميري الاخرق" فاذا ازيل العراق من الوجود، زال العالم العربي الحديث ومات، ذلك الذي قام على المضاهاة التوهمية لصورة اوربا الطبقات والانقلاب البرجوازي، على انقاض الاقطاعي، والالة والمصنع والدولة/ الامه، والديمقراطية، فاين هي اوربا اليوم، حين كان بناء الامم مهمة من المهمات التي يضطلع بها الاستعمار كما فعل الانكليز مع العراق عام 1921،بفبركته هو الكانيه المتعدية للكيانيه"كيانيا وطنيا"، وكما حدث في مكان مثل سوريا لا تعرف الدولة والتشكل التاريخي الوطني، هذا بينما امريكا اليوم لاتعيش الا بتفتيت الدول، واذا ابقت عليها فانها تقلص سلطتها لصالح الشركات المتعدية الجنسيه، بينما العالم يضيع تفكرا ورؤية ليجري الحديث عن "الطبقة الخارقة "(3) و "اسياد العالم الجدد"(4) و "العالم مسطح"(5) لتمتليء خزانه التوهمية الامريكيه بتهويمات الخيال العولمية الناقصة والقاصرة.
ليس في العالم العربي وامة الشعر اليوم ، شاعر واحد يمكن ان يشار اليه بالبنان، وليس هنالك من روائي يستحق اسم المكان الذي هو منه، هذا يعني اننا امام عالم عربي اخر، حيث الدول/ القبائل النفطية تقيم برج دبي، وكانه مبتدع يمكن التوقف عنده، اقامه اناس لم يضعوا فيه ايديهم بالمرة، لينهض ليس بعيدا عن "برج بابل" النائم تحت التراب وعظمة التاريخ، سيد الابراج ،بما فيها برج "ايفيل"، ومع ذلك فان مما لاشك فيه ان ثمة تشابه بين "العالم العربي" الحالي ومن جاء اخيرا لكي يجمعه في "قمة" تريد ان تعلن ولادة هي من نوع، وعلى شاكلة حالة "مابعد غرب" اوربي، انتهى اليوم وخرج من القاموس، فاوربا كلاسيكيات القرن التاسع عشر الطبقية المصنعيه الاليه، ماعاد لها من وجود، مع ان "يساريينا"/ الرجعيين !!!!!مازالوا ينامون هناك برغد، وبلا اي شعور بالغربة .
يكادان يشبهان بعضهما، دول القبائل النفطية، وامريكا المفقسه خارج رحم التاريخ، مثلما كانت اوربا العراقة والتاريخ، والمراحل الطبقية، تقارب صورة العراق ومصرالاعرق، امريكا الحالية، وان ظلت تلبس ثوب الغرب، او هو يلقى عليها ليغطي عورتها التاريخية المجتمعية الطبقية، او حتى لاينتبه الناس الى ماقد حل باوربا واقعا( 6)، ولدت خارج التاريخ المجتمعي، بالاله وراس المال، من دون خلفية مراحليه، وهي ليست مصنعية، بل "تكنترونيه"،( 7) انتقلت بالالة الى طور انتاجي اعلى، مخترق للوطنيات، وللامم الدول، بما فيها الاوربية الكلاسيكية، وهي الان غارقة وتغرق العالم برمته بافاق، هي بالاحرى مابعد مجتمعية، كوارثية بلا افق، ولا تصور، رئيسها العجوز، يترك جدة الى "الكورونا".
قد يكون العالم يتقدم على منحى ومنقلب اآخراليوم، وانه سائرخارج الكوكب الارضي ....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "حدث ويحدث في العراق والمنطقة.. امركة ام صهينه؟"/فتحي رشيد/ دار ترقي للطباعه والنشر والتوزيع/ دمشق.
(2) لمقاربة ديناميات عمل النظم الريعيه النفطية من المهم الاطلاع علىى مقال / بول فييل/ البترول والطبقة الوظيفية: مثال " العربيه السعودية"/مجلة دراسات عربية/ عدد كانون الاول /1979.
(3) دايفيد ج. روثكوبف/ مصير العالم السياسي والاقتصادي في يدها هي فقط/ الطبقة الخارقة/ نخبة التسلط العالمي واي عالم تبني/ شركة المطبوعات للتوزيع والنشر/ بيروت لبنان/ في 500 ص.
(4) جون بلجر/ اسياد العاللم الجدد/ دار الكتاب العربي / بيروت لبنان.
(5) والاكيد ان سيد التهويم المواكب للامبراطورية المفقسه خارج الرحم التاريخي هو/ توماس فريدمان/ منذ كتابه / العللم مسطح/ تاريخ موجر للقرن الواحد والعشرين/ دار الكتاب العربي/ بيروت / لبنان. في 510 ص.
(6) لابد ان يخطر على البال هنا كتاب/ ج ج سرفان شرايبر/ التحدي الامريكي / ترجمة فكتور سحاب/ مكتبة النهضة / بغداد.
(7) يراجع كتاب بريجنسكي / بين عصرين /امريكا والعصر التكنتروني/ دار الطليعة للطباعة والنشر/ بيروت/ ترجمة محجوب عمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف