الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطوير العمل التعاوني ضرورة للتحرر والانعتاق الاقتصادي

سلامه ابو زعيتر

2022 / 7 / 22
الادارة و الاقتصاد


شكلت الحركة التعاونية على المستوى العالمي والعربي والمحلي مدخلا فعالا لعلاج اختلالات اقتصاد السوق، ولعبت دورا مؤثرا في مواجهة التحديات والعوائق التي واجهت المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وساهمت في استحداث وخلق فرص عمل جديدة في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتعتبر من البدائل المطروحة لمعالجة الإشكاليات الاقتصادية في فلسطين ببعدها الاجتماعي والتعاوني.
يتصالح الفكر التعاوني مع احتياجات الناس واقتصاد السوق، وسجل قصص نجاح في الكثير من المجالات الصناعية والإنتاجية والزراعية والخدماتية وتسويقية والاسكانية ....الخ، فالمشروع التعاوني تعد نموذجا للاستثمار الجماعي الاجتماعي، ويتمثل مكوناته بالمؤسسات والجمعيات والاتحادات التعاونية باعتبارها مشاريع اقتصادية اجتماعية تدار بطريقة تعاونية وديمقراطية، وهي ملكية جماعية خاصة لأشخاص يتحدون اختياريا كشركاء متعاونين لمواجهة احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتعبر عن أمالهم، وينظم عملها قانون العمل التعاوني في فلسطين الموحد.
يتمتع العمل التعاوني بمساحات واسعة في اقتصادات الكثير من الدول في العالم وخاصة دول ذات الاقتصاد المختلط، وقد سجل نجاحات في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، ولإقتصاديات الدول الصاعدة ومنها الصين والهند والبرازيل وانتشر كنموذج ناجح يعبر عن هويتها الاقتصادية.
في ظل ما يواجه مجتمعنا الفلسطيني من ظروف اقتصادية صعبة بارتفاع معدلات البطالة والفقر نتيجة الاحتلال والحصار واستمرار التبعية الاقتصادية، برغم كل المحاولات الوطنية لاستقلالية الاقتصاد الفلسطيني، وبلورة هويته ضمن خطة التنمية الوطنية، وتوجهات الحكومة لتفعيل الاستراتيجية العنقودية، بما يتناغم وينسجم مع أهداف التنمية المستدامة 2030، الا أن التحدي ما زال كبير، وهذا ما يدعو لتقديم تدخلات وأفكار عميقة لبناء رؤية واستراتيجية وطنية تساهم في علاج الإشكاليات وتذلل العقبات والصعوبات في اقتصاد السوق الفلسطيني.
أهمية تبني الفكر التعاوني كمنهج ورؤية ووسيلة:
تكمن أهمية العمل التعاوني كتدخل نوعي يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني الفلسطيني، كونها من الآليات الاقتصادية والاجتماعية المناسبة لتحقيق أهداف التنمية، ووسيلة فعالة لتعزيز دور الأفراد والمجتمع، من خلال تقديم المنفعة للتعاونيين المساهمين والمستفيدين، الامر الذي يفتح المجال أمام المبادرات والأفكار الريادية لتنطلق ضمن مشاريع اقتصادية جماعية وتعاونية، وانتشارها يخدم فكرة الانعتاق الاقتصادي والتوجهات الوطنية نحو تعزيز القيم الإيجابية والتواصل والاتصال الشعبي، والبناء ضمن مؤسسات منظمة لها هويتها وأهدافها وبرامجها التي تعبر عن حاجات المجتمع، وتساهم في الارتقاء به اقتصاديا واجتماعيا وثقافية واخلاقياً، وهذا يتكامل مع التوجهات العقلانية لمواجهة الازمة الاقتصادية، فالجهات الرسمية والشعبية تسعى ضمن برامجها وخططها التنموية والوطنية للمساهمة تخفيف المشاكل الاقتصادية وتعزيز القيم الاجتماعية والتعاونية، وتجسيد ثقافة التشاركية والتكامل بالادوار، والانتشار بين كافة الفئات الاجتماعية ضمن خطة فعالة للاقتصاد الاجتماعي في كافة القطاعات والمجالات الإنتاجية والصناعية والزراعية والخدماتية والتسويقية ...الخ، التي تقودها الجماعات التعاونية برعاية وتوجيه وطنية من اتحادات ومؤسسات تعاونية حاضنة للفكرة والبرنامج ضمن الاستراتيجية الشاملة للانتشار التعاوني في جميع المجالات وبما يحمل من فكر وقيم واخلاقيات ومعايير رشيدة وحوكمة وذلك انطلاقا من الأهداف التالية:
- بناء رؤية موضوعية للمساهمة في تبني الفكر التعاوني كمنهجية لإعادة الاعتبار للاقتصاد الاجتماعي.
- العمل على تطوير السياسات والاستراتيجية الوطنية نحو العمل التعاوني وتعزيز بنيته المؤسساتية.
- تطوير الأساليب والأدوات والوسائل للارتقاء بالعمل التعاوني ضمن رؤية وطنية تكاملية.
- نشر الوعي والثقافة التعاونية فكرا وممارسة بين المجتمع بتنوع فئاته.

لماذا نحتاج لتعزيز العمل التعاوني وتشجيعه؟
تتبلور الهوية التعاونية ومبررات الوجود من أهميتها وتوجهاتها وبرامجها القائمة على التعاون المنظم، وذلك يساهم في الدفع عجلة التنمية والتطور والبناء لأي مجتمع، فهي أحد السبل الناجحة للاستثمار الجماعي التي فتحت المجال أمام المواطنين من ذوي الدخل المحدود، ومن أصحاب رأس المال الصغير، والمشاريع الصغير، ومتناهية الصغر والمبادرات الإنتاجية والريادية للاستثمار التعاوني بالمشاريع الجماعية، بهدف تحسين أوضاعهم وظروفهم المعيشية من ناحية، وبدعم الاقتصاد الوطني من ناحية أخري، وذلك بالتعاون والاستثمار في برامج التنمية والتطوير والبناء؛ كالاستثمار الجماعي التعاوني في المجال الزراعي والحيواني (تعاونيات زراعية)، أو مجال بيع وشراء السلع الاستهلاكية (تعاونيات استهلاكية)، أو في مجال الانتاج والتسويق الصناعي (تعاونيات صناعية)، أو بناء المساكن وبيعها، أو توزيعها بين أعضاءها (تعاونيات إسكانية)، أو في مجال الإنتاج الحرفي والصناعي (تعاونيات حرفية)، أو في مجلات التسويق (تعاونيات تسويقية)، او العمل الالكتروني في ظل عالم القمنة والتطور التكنولوجي....الخ، وهناك أنواع ومجالات أخري للعمل التعاوني تتسع لكل قطاعات العمل، والتي يبني عليها اقتصاد تعاوني بديل يساهم في انعاش الحالة الاقتصادية لمجتمعنا الفلسطيني الذي يسعى نحو التنمية والتطور والتقدم والانعتاق من أي تبعية اقتصادية ضمن الهدف الوطني بالتحرر والبناء الوطني والاجتماعي، فالمؤسسات التعاونية تؤسس لقاعدة اقتصادية بحاضنة شعبية مؤثرة وقوية ومنتجة نظراً لما تقوم به من دور فعال في خدمة المجتمع وأعضاءها وتحسين أوضاعهم المعيشية وظروفهم الحياتية والمالية، فما تقوم به من تدخلات حقيقية ومنظمة فعالة تساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتنسجم مع الاستراتيجية العنقودية في القطاعات المنتجة من خلال البرامج والانشطة التنموية والاستثمارات التعاونية الجماعية التي تمارسها في جميع القطاعات والمستويات والمجالات التنموية والإنتاجية.
التعاون كظاهرة اقتصادية اجتماعية، تشمل العديد من أنماط النشاط الجماعي بين الأفراد المتمثل في العون والتضامن والمساعدة المتبادلة، وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية لا يمكن أن تتحقق بالمجهود الفردي، وإنما التعاون الجماعي.
ما هي التدخلات المطلوبة في المرحلة الاولي للتعزيز العمل التعاوني؟
تنطلق توجهات نحو التعاون المنظم باعتباره وسيلة وأداة تنموية واصلاحية وتصحيحية للنهوض بالمجتمع، ومواجهة حالة التراخي من خلال الاستثمار برأس المال الاجتماعي، وهو الاستثمار الأمثل بالإنسان ضمن جماعته، وهذا يحتاج لخطوات عملية ومنهجية يمكن البناء عليها مستقبلاً، استراتيجية وطنية للعمل التعاوني والتوسع والانتشار بإنشاء تعاونيات في جميع القطاعات وذلك من خلال الخطوات التالية:
- ضرورة العمل على تبني الفكر التعاوني ضمن مبادئ السياسات الوطنية بما يعمق التوجهات الرسمية والشعبية والجماهيرية نحو العمل التعاوني.
- العمل على تطوير الاستراتيجيات العامة لتبني رؤية وطنية تنعكس على أداء الحكومة وأذرعها التنفيذية، والعمل على تطوير التشريعات والقوانين وهناك تجارب ناجحة ونماذج يمكننا البناء عليها ومحاكاتها مستقبلا.
- العمل على دراسة واقع التعاونيات على المستوى الوطني بهدف تقييم الحالة القائمة، وتحليلها منهجيا بهدف الوقوف على نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات لبناء استراتيجية للتدخل فعالة.
- العمل على دراسة البنية الإدارية والوظيفية في الهياكل التعاونية والاتحادات بهدف تطوير العمل، والارتقاء بالبرامج والخطط التنفيذية، والاستفادة من التجربة التعاونية بتوحيد ودمج التعاونيات المتشابه والمتماثلة والتنسيق بينها، بهدف التوصل إلى اتحادات قطاعية تمثيلية تكون قادرة على الاستمرار وتحقيق الاهداف المرجوة.
- العمل على تعزيز توجه الجهات الرسمية وذات العلاقة لتلعب دورا فعالا في تمكين التعاونيات وتقديم العون لها، من خلال توجيه التمويل الخارجي لدعم التعاونيات وبحث إمكانيات تقديم الدعم والحماية للتعاونيات وتعزيز الدور الرقابي عليها.
- توجيه وترشيد مؤسسات الحركة التعاونية للعب دورا أكبر في العملية التنموية بما ينسجم والسياسات الوطنية ويحقق تظافر الجهود من أجل الوصول للتنمية المستدامة.
- نشر الوعي المجتمعي بتعزيز الثقافة والفكر التعاوني بين كافة الفئات الاجتماعية، بالعمل على تعزيز التوجه لدي فئات المجتمع نحو انشاء الجمعيات التعاونية ضمن إجراءات سهلة وغير معقدة وضمن برامج تحفيزية وتشجيعية، وتعزيز دور الاتحادات وهيئة العمل التعاوني لمراقبة سير أعمالها، والتأكد من حسن تطبيقها للنظام واللوائح، بما يحقق الهدف من وجودها ودورها.
- مساندة ودعم والجمعيات التعاونية بتقديم المساعدات الفنية والمالية عبر مؤسسات الدولة المختصة بما يضمن مقدرتها على تنفيذ المشاريع والاستثمارات التي تعمل عليها، واعطائها أولويات الدعم والمساندة، حماية منتجاتها.
- وضع الخطط والآليات المناسبة التي تساهم في تطوير عمل الجمعيات التعاونية عن طريق التدريب والتأهيل للكوادر والاعضاء وبناء القدرات والمهارات عبر التعليم والتدريب التعاوني، وفن الإدارة والتخطيط المنهجي لتنفيذ مشاريعها على أسس سليمة.
- وضع استراتيجية وطنية لتعزيز التوجه لدى القيادات المحلية في المجتمع لممارسة العمل التعاوني، بما يتيح لهم الفرصة بتطويره وترسيخ القيم التعاونية، من خلال تعزيز توجهات المواطنين نحو انشاء التعاونيات والعمل على رفع قدراتهم وكفاءتهم في مجال التطبيق العمل التعاوني وانجاح برامجه وأنشطته الاقتصادية والاجتماعية
- تمكين الجمعيات التعاونية بكل أنواعها من القيام بدورها بشكل فعال وتحسين الاداء في قطاعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتنمية المجتمعات المحلية التي تستهدفها من خلال تشجيع المواطنين والجمعيات على الاستثمار للمدخرات تعاونياً بما يحقق النتائج المرجوة لصالح الافراد والمجتمع.
- نشر الوعي بين المجتمع بكل فئاته وشرائحه لاحتضان التعاونيات ودعم منتجاتها وحمايتها، واعطاؤها الأولوية لتغطية احتياجات السوق المحلية.
- تشجيع الشرائح والفئات الاجتماعية وخاصة العمالية والنقابات المهنية لإنشاء التعاونيات بينهم لتغطية احتياجاتهم بشكل تعاوني، وهناك نماذج حققت نجاحات ووفرة في التكاليف على المتعاونين وساهمت في تخفيف الأعباء عليهم ضمن استثمارات تعاونية تعود بالنفع عليهم.
- العمل على انشاء معهد للعمل التعاوني متخصص للتعليم الأكاديمي والمهني لتخريج كوادر متخصصة قادرة على ادارة العمل التعاوني والنهوض به
أخيرا يمثل التعاون قيمة عٌليا ومبدأ إنساني، وهو فكر وأسلوب حياة، يعتمد على الذات والمساعدة الجماعية المتبادلة والعمل باتحاد الموارد والقدرات بشكل جماعي من خلال ارتباط مجموعة من الأشخاص ارتباطا اختياريا، وعلى قاعدة المساواة لتحقيق منافعهم ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتحسين ظروف معيشتهم من خلال تجميع امكانياتهم ومواردهم وقدراتهم وجهودهم أي (تكافلهم) بالمعنى الواسع والعميق لمفهوم التكافل، وبما يحقق منفعة اقتصادية عامة ووطنية أيضا، وهذا يعتبر خيارا فعالا لتخطي الازمات الاقتصادية بمشاركة المجتمع ضمن توجهات وفعاليات ومبادرات تعاونية للاقتصاد الاجتماعي تساهم في تخفيف معاناة المواطن والارتقاء به نحو الأفضل؛ الامر الذي يحتاج منا لتضافر الجهود للنهوض بالعمل التعاوني والاستفادة من الاستثمار به كاقتصاد حر وبديل وأحد أشكال النضال الاجتماعي والوطني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??محكمة العدل الدولية تقضي بعدم اختصاصها بفرض تدابير مؤقتة ب


.. محمد العريان يجيب عن السؤال الصعب.. أين نستثمر؟ #الاقتصاد_مع




.. الذهب يتراجع من جديد.. جرام 21 يفقد 20 جنيه


.. محمد العريان يكشف لسكاي نيوز عربية عن أهم الاستثمارات خلال ا




.. تتجه الأعمال اليابانية إلى تنمية اقتصادات ذات تأثير إيجابي ف