الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق و تركيا… و البحث عن -عدو-..؟؟..

اكرم هواس

2022 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في عملية دراماتيكية تتكرر كثيرا في السنوات الاخيرة ادى قصف احدى المصائف السياحية في دهوك الى تغيير في نمط تعامل الدولة العراقية و نخبها السياسية و الثقافية من حيث تعدد الطروحات في كيفية مواجهة ما سمي "بالعدوان التركي" و ذهبت بعض الطروحات الى اجراءات مركزية و عميقة في تاثيرها حيث بدت الصورة و كأن تركيا اصبحت "العدو" الذي يبحث عنه العراقيون.. لماذا..؟؟

مبدأياً لا يبدو ان العملية مرتبطة بمؤتمر طهران حيث رفضت ايران و روسيا اية اجراءات تركية في شمال سوريا.. كونهما تدعمان الحفاظ على استقلال الدول ( وفق رؤيتهما)… بل

العملية قد تكون مرتبطة بطبيعة المداولات و ربما الخطط التي تمت مناقشاتها في مؤتمر جدة حيث ان اعادة الوضع العراقي كانت احدى اهم عناصر المهمة في البحث عن تكتل جديد يشرعن من جهةٍ تمدد اسرائيل السياسي في العالم العربي و من جهة اخرى يضع حدوداً للدور الايراني و احتمالات ترسيخ شراكة استراتيجية بين ايران و روسيا و الصين هي قائمة منذ سنوات بشكل او باخر .

على الطرف الاخر…تركيا التي تواجه ازمات متلاحقة ليس في وضعها الداخلي اقتصاديا و سياسيا و انما ايضا و بشكل اكبر في مشاريع التمدد و احلامها التي تواجه الاخفاق في اسيا الوسطى و الشرق الاوسط كما حدثت ايضا في اوروبا و كذلك في توظيف العلاقة "الندية" الخاصة مع روسيا بالاضافة الى الدور الهامشي في اطار حلف الاطلسي .

وسط هذه الاخفاقات لن تضر تركيا كثيرا لو انها اختارت ان تلعب دور "العدو" للعراق طالما انه لن يترتب على ذلك اية خسائر اضافية بل ربما يسمح لها ذلك التهرب من قضية المياه الضاغطة و بالتالي التوصل الى معادلة قديمة طرحها الرئيس سليمان ديميريل في بداية تسعينات القرن الماضي و التي كانت تتلخص في " النفط مقابل المياه" مع استمرار التبادل التجاري وفق منظومة جديدة و اتفاقيات اكثر استقراراً. كما ان ايجاد "عدو" قوي يخدم الطروحات القومية و العثمانية التي تبحث عن مبررات سياسية في تاويل الكلام عن اعادة كركوك و الموصل و حلب الى "ارض الوطن الام"..!!

صناعة العدو كان دوما اولوية سياسية كبرى و آلية تاريخية مهمة في محاولة الدول لتثبيت كياناتها و هيمنتها و بالمناسبة فان احد اهم اسباب اضمحلال احادية الهيمنة الامريكية في العالم هو اخفاقها في ايجاد عدو موازي لقوتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي (موضوع طويل و هناك مئات الكتب و الدراسات حول هذا الموضوع و شخصيا لي بعض المساهمات باللغة الانكليزية و كذلك بعض المقالات بالعربية )…

لكن توظيف صورة العدو في اعادة بلورة الهياكل الداخلية هي المهمة الاصعب … هناك بعض المؤشرات ان تركيا لعبت دورها بشكل جيد في خلق اللحظة التاريخية في ولادة "العدو" كما ذكرنا اعلاه.... اما العراقيون فان ادائهم ما يزال متواضعا و مهلهلا…ليس فقط بسبب ارتباط العديد من القوى السياسية و شبكات العلاقات و التقاطعات الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية … انما ايضا في عملية قراءة و ادراك طبيعة اللحظة التاريخية و وضع آليات عملية في سيرورة خلق صورة العدو و توظيفه في الخطابي السياسي و و درجة التفاعل اليومي في قضايا اعادة التجييش السيكولوجي و المجتمعي للقوى الشعبية و منظوماتها المختلفة.

في هذا الاطار يبدو ان التسريبات حول شيطنة داخلية بين قوى سياسية عراقية وضعت لنفسها قوقعة مقدسة عبر العقدين الاخيرين و ردود الفعل ازاءها سيفتح الباب بشكل ممتاز في عمليات اعادة بلورة التجييش و ادخال عناصر جديدة في ذاكرة الفرد قد يصل في مرحلة قادمة الى ذاكرة جمعية اذا استطاعات القوى المحلية تحقيق تفاعل مدروس في عملية توظيف اللحظة التاريخية كما ذكرنا .. و لعل بعض اهم العناصر لهذه النقلة في ذاكرة جمعية جديدة هي في اقصاء القداسة عن المراكز المهة في هيكلية الدولة و منها الانتقال الى فضاء اللاطائفية في اختيارات مراكز الرئاسات و النخب التي تتحكم بالقرار السياسي.

و هنا يبدو ان ان تنازل الكتلة الفائزة بالانتخابات الاخيرة عن سعيها في الحكم و اتخاد قرار "هجر" المنظومة السياسية لم يكن قراراً ارتجالياً كما يتصور البعض انما كان خطوة مهمة في عملية ازالة القداسة عن مفهوم السياسة و الحكم الذي ساد في فترة ما بعد الاحتلال الاميريكي و اعتقد ان خطوات اخرى ذات طبيعة "تغيير جذري" ستتبع هذه و تلك في محاولة لتثبيت هيكلية اكثر استقراراً للدولة و منظومة ادارة البلد سياسيا و اجتماعيا…

يبقى الجانب الاقتصادي يحتاج الى مبادرات حكومية ( قد تكون جزء من عناصر توظيف اللحظة التاريخية) و لو بشكل امبريونيكي Embryonic اولي . بالمناسبة مشكلة التراكبية بين السياسة و الاقتصادية في العراق لا شك انها معقدة و لكنها ليست عصية على الحل خاصة اذا تم توفر ضمانات للجميع "للخروج الآمن من الازمة" (ممكن نطرح خطوات عملية في اطار مفهوم و آليات التنمية لاحقا)

لكن تبقى هناك اشكالية كبرى في هذا الاطار و هي قد تعني ان اقليم كوردستان سيواجه تحديات جدية ليس في الحفاظ على علاقتها الخاصة بتركيا انما قد يمتد ذلك الى وجود الاقليم ذاته ككيان شبه مستقل اقتصاديا و سياسيا و عسكريا… حيث ان اتخاذ تركيا "عدواً" سيعني بشكل واضح تشديد الحدود الجغرافية و السياسية و الاقتصادية و بالتالي ضرورة تمدد قوة الدولة الاتحادية الى كل مراكز الحدود هذه و بالتالي ازاحة "استقلالية" منظومة القرار الكوردستاني. … بكلام اخر… ادارة الصراع مع "عدو" تتطلب عودة المركزية بشكل او باخر .

في حالة طرح المشكلة مع تركيا في اروقة الامم المتحدة فان الولايات المتحدة ستعمل على ايجاد دعم دولي و قانوني للعراق خاصة ان الاهداف تتجاوز "اعادة تاهيل العراق و كفى"… بل ان مراحل اخرى قادمة مع تغييرات اوسع في المنطقة…

لكن كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع اشكالية اقليم كوردستان خاصة ان قوى عراقية متعددة ترى ان الصراع الكوردي-الكوردي داخل الاقليم و عبر الحدود الى سوريا و تركيا يعتبر جزء رئيسياً من الاشكالية العامة ...؟؟!!.. .. هل تتجه الامور الى اختزال العدو الخارجي و ايجاد بديل داخلي مرة اخرى كما جرت ايام الحكم السابق ..؟؟.!!…لا نتمنى ذلك و لكن سنتابع … حبي للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحجاج ينفرون من عرفات إلى مشعر مزدلفة بعد أداء ركن الحج الأ


.. -مجزرة الشيخ السماني-.. مصرع أكثر من 20 سودانيا في قرية الشي




.. سعيد زياد: لا يمكن للاحتلال الذهاب لجبهة جديدة وهو منهك في غ


.. ناشطون يلطخون واجهة قنصلية ألمانيا بنيويورك نصرة لغزة




.. تكثيف الضربات على مواقع الحوثيين للحد من قدراتهم على مهاجمة