الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير الجذري لمفارقة غياهب التخلف

تاج السر عثمان

2022 / 7 / 23
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


1
دار جدل الايام الماضية عن ماهية " التغيير الجذري " الذي طرحه الحزب الشيوعي وأصوله كما أشار د. هشام عمر النور ، وكأن مفهوم التغيير الجذري شئ جديد في أدبيات الحزب الشيوعي السوداني يحتاج للبحث عن اصوله !! ، بالتالي من المهم الوضح السياسي والنظري حول التغيير الجذري الذي يعني مفارقة غياهب التخلف بانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية طرحه الحزب الشيوعي بعد الاستقلال عام 1956 ، والذي رفض "شعار تحرير لا تعمير" الذي طرحته الأحزاب الاتحادية بعد الاستقلال ، وطرح الشعار البديل " لا تحرير بلا تعمير" ، أي استكمال الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يجدد حياة شعبنا ويرفع مستواه المعيشي والاقتصادي والثقافي وبناء المجتمع الصناعي الزراعي المتقدم ، والحل الديمقراطي السلمي للمسألة القومية، والثورة الثقافية الديمقراطية التي تؤكد علي وحدة البلاد من خلال تنوعها الثقافي واللغوي والديني والقبلي وبعث ثقافاتها ،والتخلص من التبعية والتخلف ، والعض بالنواجذ علي السيادة الوطنية.
هذا وقد فصّل الحزب الشيوعي التغيير الجذري أو البرنامج الوطني الديمقراطي بعد الاستقلال في برامجه المجازة في المؤتمرات الثالث فبراير 1956، والرابع اكتوبر 1967 ، والخامس يناير 2009 ، والسادس يوليو 2016م .
علي سبيل المثال جاء في برنامج الحزب الشيوعي المجاز في المؤتمر السادس ص 59 ما يلي:
" الثورة الوطنية الديمقراطية هي مرحلة ثورية علي طريق بناء المجتمع الاشتراكي في البلدان النامية التي لم تحظ بنمو وتطور بنيات وركائز النظام الرأسمالي الكافية التي تؤهلها للتحول الاشتراكي ، وتستهدف استكمال الاستقلال السياسي والتطور المستقل بانجاز مهام ما بعد الاستقلال السياسي واحداث التغييرات الجذرية في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية . ان القضية المركزية في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية هي احداث الاصلاح الزراعي الجذري لتغيير علاقات الإنتاج في الريف وتطوير الوراعة رأسيا وافقيا ، وخلق علاقات غنتاج اجتماعية ، وبذلك تصبح الزراعة هي الأساس المادي والمدخل الرئيسي للبناء والتنمية والاقتصادية".
يواصل البرنامج ويقول:
" تتبني ونناضل من أجل تحقيق هذه المرحلة طبقات وفئات اجتماعية ثورية صاحبة مصلحة حقيقية في التطور الوطني الديمقراطي وبناء تحالف بقيادة الطبقة العاملة، ويتكون من القوي الرئيسية صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة الوطنية الديمقراطية والمناط بها استكمال مهام هذه المرحلة وهي تحالف العمال والمزارعين والمثقفين الثوريين والرأسمالية الوطنية المنتجة التي تتناقض مصالحها مع مصالح الرأسمال الأجنبي (الاستعمار)".
2
معلوم أنه بعد الاحتلال البريطاني للسودان ( 1898- 1956) ، سارت البلاد في طريق التنمية الاستعماري الرأسمالي حيث كان الاقتصاد السوداني متوجها خارجيا ، أي أن الاقتصاد السوداني كان خاضعا لاحتياجات بريطانيا يمد مصانعها بالقطن الذي كان المحصول النقدي الرئيسي ويشكل 60 % من عائد الصادرات ، وتم تغليب وظيفة زراعة المحصول النقدي على وظيفة توفير الغذاء الأساسي في الزراعة ، هذا إضافة لسيطرة الشركات والبنوك البريطانية على معظم التجارة الخارجية ، وارتباط السودان بالنظام الرأسمالي العالمي ، وفي علاقات تبادل غير متكافئة ، هذا إضافة لتصدير الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية للخارج .
. كما كانت الصناعة تشكل 9 % من إجمالي الناتج القومي ، واجهض المستعمر أي محاولات لقيام صناعة وطنية ،اضافة الي سمات التخلف مثل : ضعف ميزانية التعليم والصحة ، واقتصاد غير مترابط ومضعضع داخليا، وتنمية غير متوازنة، مع غلبة القطاع التقليدي في السكان والمساهمة في الناتج المحلي الاجمالي، ونسبة أمية تجاوزت 85% جسب احصاءات 1956..
وبعد الاستقلال طرح الحزب الشيوعي الخروج من مسار طريق التنمية الرأسمالي الاستعماري الذي اورث البلاد التخلف والفقر والتبعية ، بالتغيير الجذري، أي انجاز مهام المرحلة الوطنية الديمقراطية
ولكن البلاد سارت في طريق التنمية الرأسمالية بعد الاستقلال ، ودخلت البلاد في الحلقة الجهنمية ( ديمقراطية – انقلاب . الخ) حيث أخذت الانقلابات العسكرية حوالي 52 عاما من عمر الاستقلال البالغ 66 عاما ، وتم اجهاض وعدم تنفيذ مهام الفترات الانتقالية واستقرار الديمقراطية بعد الاستقلال، وثورة اكتوبر 1964 ، وانتفاضة ابريل 1985 ،والفترة الانتقالية بعد ثورة ديسمبر ( ابريل 2019- أكتوبر 2921) التي انتهت بانقلاب 25 أكتوبر.
لقد كانت حصيلة طريق التنمية الرأسمالية الغربية بعد الاستقلال فاشلة وكان من نتائجها : تدمير القطاع الزراعي الذي يعتبر المصدرالرئيسي للفائض الاقتصادي اللازم للتنمية والمصدر لتأمين الغذاء، وبالتالي تأمين قرارنا وسيادتنا الوطنية، حنى اصبحت البلاد علي حافة المجاعة ، مع استمرار وتعميق الفقر والتفاوت الطبقي، والتنمية غير المتوازنة التي ادت للحروب وانفصال الجنوب، و اتفاقات سلام هشة مثل اتفاق جوبا التي تهدد وحدة ماتبقي من السودان، اضافة للتبعية للعالم الرأسمالي الغربي والخضوع لشروط صندوق النقد الدولي القاسية ، الديون الخارجية التي بلغت حوالي60 مليار دولار، فضلا عن تدمير الإنتاج الزراعي والصناعي، وظهور طبقات رأسمالية تقليدية وطفييلة اسلاموية وجديدة عسكرية ومدنية نهبت ثروات البلاد الزراعية والحيوانية والبترولية والمعدنية" الذهب" وهربتها للخارج.
هذه الطبقات المعادية لمصالح شعبنا وقوي "الهبوط الناعم" المعبرة عن مصالحها والمرتبطة بالاستعمار الحديث والدوائر الاقليمية هي التي تقف في تحالف معه ضد انجاز التغيير والجذري ، وقطع الطريق أمام ثورة ديمسبر للوصول الي اهدافها، باعادة إنتاج الشراكة مع العسكر والسياسات السابقة القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية، واستمرار نهب ثروات البلاد.
3
وأخيرا ، لا بديل غير مواصلة الثورة حنى اسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدنيالديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة ،وانجاز مهام الفترة الانتقالية كما في:
- تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة ، وعودة شركات الجيش والأمن والدعم السريع والشرطة لولاية وزارة المالية، وحل مليشيات الجنجويد والكيزان ، وجيوش الحركات المسلحة ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد .
- تحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتركيز الاسعار ومجانية التعليم والصحة ودعم السلع الاساسية من وقود وكهرباء ودواء.الخ، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي ، وتأمين الغذاء ، لموتجهة شبح المجاعة.
- الغاء كل القوانين المقيدة للحريات، واصلاح النظام العدلي والقانوني، واجازة قانون النقابات الديمقراطي للنقابات يحقق ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، وارجاع كل المفصولين العسكريين والمدنيين ، وترسيخ الديمقراطية والدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو الثقافة أو العرق، وتمكين الشباب والمرأة.
- والحل الشامل والعادل لتحقيق السلام المستدام بالغاء اتفاق جوبا والمسارات الذي فشل في وقف الحرب ، بل زادها اشتعالا كما في جنوب النيل الآزرق حاليا، وعودة النازحين لقراهم واعمار مناطقهم وعودة المستوطنين لمناطقهم وحل المليشيات وتقديم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية .
- وقف نهب ثروات البلاد ، والسيادة الوطنية، واستعادة اراضي السودان المحتلة، واعادة النظر في اتفاقات التعدين والاراضي المجحفة ، واجلاء قوات مرتزقة " فاغنر " من السودان، ووقف قيام أي قواعد عسكرية ، أو تأجير الميناء أو قيام ميناء جديد علي حساب ميناء بورتسودان.
- قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية والتوافق علي دستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية التي تفتح الطريق للتغيير الجذري..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار التظاهرات المطالبة برحيل الرئيس الكيني ويليام روتو


.. ردود فعل دولية بعد تصدر اليمين المتطرف الجولة الأولى من التش




.. يمين فرنسا يراهن على الحصول على الأغلبية في الدور الثاني وال


.. زعيم حزب التجمع الوطني: الفرنسيون الذين صوتوا لماكرون قلقون




.. لماذا يقلق فوز اليمين المتطرف سكان أحياء المهاجرين في فرنسا؟