الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورتا 23 يوليو و30 يونيو .. والجمهورية الجديدة

محمد حمادى
كاتب رأى حر مصرى

2022 / 7 / 23
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تعد ثورة 23 يوليو 1952 نقطة تحول جوهريَّة في التاريخ المصري؛ كما أنها غدت مُنطلقًا لكل الثورات، وحركات التحرر الإقليميَّة ، والعالميَّة. وحققت نجاحات غير مسبوقة . تأتي اليوم الذكري السبعون علي ثورة 23 يوليو التي قام بها بعض الضباط في الجيش المصري وأطلقوا علي أنفسهم (تنظيم الضباط الأحرار) أطلق على الثورة في البداية «حركة الجيش»، ثم اشتهرت فيما بعد باسم ثورة 23 يوليو وبعد أن استقرت أوضاع الثورة أعيد تشكيل لجنة قيادة الضباط الأحرار وأصبحت تعرف باسم «مجلس قيادة الثورة»، وكان يتكون من 13 عضواً برئاسة اللواء أركان حرب محمد نجيب. وضم تشكيل تنظيم الضباط الأحرار كل من جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وعبد الحكيم عامر، ويوسف صديق، وحسين الشافعي، وصلاح سالم، وجمال سالم، وخالد محيي الدين، وزكريا محيي الدين، وكمال الدين حسين، وعبد اللطيف البغدادي، وعبد المنعم أمين، وحسن إبراهيم. وبعد نجاح الثورة أذيع البيان الأول للثورة والذي لخص أسباب الثورة وأهدافها وقد فرض الجيش على الملك التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد، ومغادرة البلاد في 26 يوليو 1952، وتم تشكيل مجلس وصاية على العرش وتم ترحيل الملك وأسرته إلى إيطاليا على متن يخته الخاص «المحروسة». فيما كانت إدارة الأمور في يد مجلس قيادة الثورة ، ثم ألغيت الملكية وأعلنت الجمهورية في 1953. و كلف مجلس قيادة الثورة علي ماهر باشا بتشكيل الوزارة بعد إقالة وزارة الهلالي باشا بعد يوم من تشكيلها ثم قام الثوار بالاتصال بالسفير الأمريكي لإبلاغ رسالة إلى القوات البريطانية بأن الثورة شأن داخلي . وكان من أسباب قيام الثورة استمرار الملك فاروق في تجاهله للأغلبية ، فضلا عن الاضطرابات الداخلية والتدخل الأجنبي في شئون البلاد والصراع بين الإخوان المسلمين وحكومتي النقراشي وعبد الهادي، وقيام حرب فلسطين وتوريط الملك للبلاد فيها دون استعداد مناسب ثم الهزيمة وسوء الحالة الاقتصادية في مصر وغياب العدالة الاجتماعية. كذلك عندما عرضت قضية جلاء القوات البريطانية على هيئة الأمم المتحدة ولم يصدر مجلس الأمن قرارا لصالح مصر. وقامت الثورة على ستة مبادئ أساسية وهي القضاء على الإقطاع، والاستعمار وسيطرة رأس المال، وبناء حياة ديمقراطية سليمة ، وبناء جيش وطني، وتميزت هذه الثورة أنها كانت ثورة بيضاء لم ترق فيها الدماء، وقدمت وجوها وطنية شابة في مصر. وحظيت الثورة بتأييد شعبي جارف من ملايين الفلاحين والعمال وطبقات الشعب العاملة الذين كانوا يعيشون حياة تتسم بالمرارة والمعاناة وعلى أثر نجاح الثورة اتخذ قرار بحل الأحزاب وإلغاء دستور 1923 والالتزام بفترة انتقال حددت بثلاث سنوات يقوم بعدها نظام جمهوري جديد. وتبنت الثورة فكرة القومية العربية، وساندت الشعوب العربية المحتلة للتخلص من الاستعمار، كما سعت إلى محاربة الاستعمار بكل صوره وأشكاله في أفريقيا وآسيا، وكان لمصر دور رائد في تأسيس جماعة دول عدم الانحياز. وهناك الكثير من الإنجازات التي حققتها ثورة يوليو في العديد من المجالات مثل الإنجازات السياسية كتأميم قناة السويس ، توقيع اتفاقية الجلاء بعد اكثر من سبعين عاما من الاحتلال وبناء حركة قومية عربية . و إنجازات تعليمية و اقتصادية واجتماعية منها علي سبيل المثال: قرارات مجانية التعليم العام ومجانية التعليم العالي. ضاعفت من ميزانية التعليم العالي. إنشاء مراكز البحث العلمي وتطوير المستشفيات التعليمية. كما تعتبر الثورة العصر الذهبي للطبقة العاملة المطحونة الذين عانوا اشد المعاناة من الظلم وفقدان مبدأ العدالة الاجتماعية . فقضت الثورة على الأقطاع. وقامت بتأميم التجارة والصناعة التي استأثر بها الأجانب. كما ساعدت في إلغاء الطبقات بين الشعب المصري واصبح الفقراء قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء،حررت الفلاح بإصدار قانون الإصلاح الزراعي. ما زالت هذه الفترة الأساسية من تاريخ مصر الحديث مادة أساسية من تاريخ العربي ومرجعا ثابتا للحديث عن الدور الرائد للشعب المصري علي مر العصور.
وثورة الثالث والعشرين من يوليو، مثلها في ذلك مثل الأحداث الكبرى في التاريخ أثارت - ولا تزال - تثير- الخلاف في الرؤى والمواقف والاستقطاب الحاد حول طبيعتها وأهدافها بين مؤيديها وهم الكثرة الغالبة من الشعب، وبين معارضيها وخصومها وهم قلة في كل الأحوال ، ذكرى ثورة 23 يوليو هي مناسبة لاستخلاص الدروس والعبر والنظر إلى المستقبل، وهذا ما يبقى في غالب الأحوال من جميع التجارب التاريخية الكبرى، فالتاريخ لا يعيد نفسه وإن فعلها فلن يكون ذلك سوى مأساة في المرة الأولى وملهاة في المرة الثانية.
فالظروف تتغير والمعطيات تتبدل والأولويات تتحول، وهذه سنة الحياة والكون، وهكذا فإن ما يبقى من ثورة يوليو تلك القيم التي حاولت ترسيخها في الواقع المصري، قيم المساواة والمواطنة واستقلال الإرادة والعدالة الاجتماعية، وهذه القيم هي رصيد أي تجربة تاريخية تترك بصماتها وتضع فارقاً بين ما قبلها وما بعدها.
ثورة يوليو حاضرة وبقوة في المشهد الراهن بقيمها التي نجحت في إرسائها وتلك التي أخفقت في تحقيقها جزئياً، وهي في هذا وذاك وفي الحالين تستعصي على النسيان والتهميش في الذاكرة والوعي الجمعي للمصريين، وكانت هذه القيم حاضرة في قلب ثورة 30 يونيو عام 2013.

فما يجمع بين ثورة 23 يوليو عام 1952 وما بين ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013، هو استرداد الدولة المصرية وانتشالها من أيدي العابثين، والحول دون تغيير طابعها المدني الذي لا يخاصم الدين.

وحظر العبث بمؤسساتها، تمهيداً لإسقاطها، والمفارقة التاريخية أنه في الحالين أي ثورة يوليو والثلاثين من يونيو عام 2013 كان الإخوان الضالون والإرهابيون هما أعداء الأمس واليوم، فقد حاولوا فرض أجندتهم على ثورة يوليو فرفضت الثورة ذلك وقاومتهم، وفي الثلاثين من يونيو كانوا قد وضعوا أيديهم على الدولة واستأثروا بها وأقصوا كل الأطراف حتى من تعاهد منها معهم على غير ذلك.
ويرى الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر أن الجمهورية الجديدة هي الثالثة موضحاً أنه يميل إلى تلك النظرية في تقسيم الفترات التاريخية حيث كانت الجمهورية الأولى في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والثانية تضمنت عهد الرئيس السادات ومبارك وفترة حكم الإخوان أما الثالثة فهي الجمهورية الجديدة التي نشهدها في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ويوضح أن هناك انحرافا عن مبادئ يوليو حدث بعد رحيل عبد الناصر، الأمر الذي ظهر جلياً في العديد من الإجراءات سواء المُلغاة أو المستحدثة ولم تكن تمت بصلة لأفكار يوليو وليس الحديث عن تقييم لهذا التغيير سلباً أو إيجاباً على حد قوله ولكنها حقيقة لا يمكن إغفالها، حتى جاءت الجمهورية الجديدة تتبنى نفس المفاهيم العامة الإصلاحية التي قامت عليها ثورة يوليو 1952 تسير على نفس خطاها فكان تركيزها الأكبر على تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والحفاظ على الأمن القومي.
ويشير إلى "حياة كريمة" المشروع القومي الضخم الذي يستهدف إنقاذ البسطاء من أهل الريف موضحاً أنها نفس الأهداف التي ركزت عليها ثورة 23يوليو عندما عملت على حماية الفلاحين والمزارعين وقدمت لهم سبل الرعاية من بطش أصحاب النفوذ والأملاك، ليُنهي حديثه مؤكداً أن 30 يونيو خرجت من رحم 23 يوليو لذلك الجمهورية الجديدة التي نشهد وقائعها حالياً هي "بنت يوليو" التي ترغب في الإصلاح وتحقيق العدالة الاجتماعية كما أن كليهما تصدتا للإخوان ومحاولاتهم، وكذلك منحت لأبناء الطبقة المتوسطة فرصة في كل شيء فلا تقف أمامهم أي عقبة طبقية، موضحا أن الثورات العظيمة هي التي تغير وجه الحياة في المجتمع لذلك ومن هذا المنطلق ثورة يوليو عظيمة إذا ما قورنت بالثورات العالمية الفرنسية والأمريكية والبريطانية فهي لا تقل عنهم بل ربما تتفوق عليهم في أنها واجهت أكثر من تحد في وقت واحد سواء الفساد الداخلي وسيطرة كبار ملاك الأراضي الزراعية والرأسمالية المصرية والأجنبية على مقدرات البلاد وكذلك واجهت استعماراً متحالفاً مع هذه الطبقات، وهو ما لم يكن موجوداً مع الثورات الأخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية