الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعطيل دور الشباب العربي وأهمية تفعيله

سحر حويجة

2006 / 9 / 23
حقوق الانسان


تواجه عملية التغيير والخروج من النفق العربي المظلم ، صعوبات ومعوقات كبيرة، بوجه الشروط اللازمة للتغيير، أو التي يتوقف عليها التغيير، فالتاريخ والتطور عملية تواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، المستقبل يخرج من الحاضر، هذا الحاضر المشبع بالهزائم ، والمتاعب، والمخاطر، يضع الإنسان العربي، في دائرة القلق والخوف على المستقبل، في الوقت الذي يجد نفسه مكبلاً بقيود الحاضر ، بل يرى نفسه يعود إلى الماضي مكبلاً بقيود التخلف التاريخي، والتقاليد الجاثمة صخرة لا تتزحزح، تصل لدرجة رفض التغيير، أزمة التغيير بوجوهها المتعددة، وشروطها المتعددة، والمعقدة تعقيد الشرط العربي. لعل الشباب العربي يشكلون الجزء الجوهري من أزمة التغيير ، لأنهم القوة المحركة الأساسية ناهيك على أنهم ينتجون الجديد من أفكار جيلهم الأكثر قدرة في التعبير عن همومه أيضاً يشكلون الجسد ، بل هم نبض التغيير، فطلاب الجامعة يشكلون رابط مجتمعي بانتمائهم إلى مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية يمثلون أوسع الشرائح الاجتماعية، تكمن في الشباب الحيوية ، والحماس، اللازمة للتغيير، القدرة على العطاء الرغبة في التجديد تصل حد التمرد، والعصيان، من أجل كسر القيود التي تقف أمام تطلعاتهم ، الإبداع والتألق ، هذه صفات الشباب الدائمة ، لو كان الإنسان كهلاً يتمتع بهذه الصفات، قلنا عنه شاباً.
في الواقع العربي الراهن نجد الشباب ، أكثر الشرائح الاجتماعية هزيمة شريحة منكفئة، طاقة معطلة، مع إنهم لم يدخلوا أي معركة، من أكثر القضايا التي تلفت الانتباه، هي ابتعاد الشباب عن الهموم العامة، غارقين في همومهم الخاصة ، القوى السياسية التي أنتجتها ا لمرحلة السابقة وكانت يوماً تعج بالحيوية والشباب، تعاني في هذه الفترة الكثير، لكن أكثر ما تعانيه هو فشلها في استقطاب الشباب إلى العمل السياسي، فالشباب أهم عوامل قوة واستمرار وتجدد القوى السياسية .نجد الأحزاب تعاني الكهولة، التي تصل حتى الموت، وتعاني من الجمود في الآراء والانتشار .
تتلخص الأسباب الرئيسية التي تمنع الشباب من المشاركة والانخراط في العمل السياسي: في فشل الجيل السابق على تحقيق الأهداف التي سعى من أجلها، ودفع ثمن هذه الأهداف غالياً وكبيراً من حياته واستقراره، مازالوا متمسكين بالوسائل نفسها في التعبئة والتنظيم ، وعدم القدرة على تطويرها وتجديدها، لتشكل عامل استقطاب لقوى جديدة. مازال الجيل السابق حبيس شعارات وأفكار الماضي، رغم إثبات عجزها وحتى فشلها. لم يقوم بعملية نقد ذاتي وتطوير منهجه وأفكاره ، بل استمر في تحميل مسؤولية الفشل كلها ولا ننكر أهميتها لقمع الأنظمة الحاكمة. هناك مشكلة أيضاً هي نظرة الاستعلاء والأستذة والتعامل مع
ا لشباب أنهم مازالوا صغاراً، وأفكارهم وقناعاتهم خاطئة، بسبب عدم التجربة، مع إن أغلب القيادات السابقة وصلت لدرجة حتى أمين عام وهم في سن الشباب.
نظام الاستبداد: أساس الاستبداد تقوم على سلطة الفرد وتقديسه ، لمصلحة فئة من المجتمع، في ظل الاستبداد تتحول العلاقة مع المجتمع إلى العلاقة مع أفراد يؤكدون الولاء المطلق، إبعاد المجتمع بشكل قسري عن السياسة من خلال إلغاء المؤسسات الديمقراطية: الأحزاب ، النقابات ، منع التجمعات، تقييد حرية الرأي و التعبير، تعطيل الدستور وبالتالي القانون، نشأ جيل عربي خارج هذه التكوينات ، أو بعيداً عنها في حال وجودها، لأن ما بقي منها عبارة عن هياكل ميتة لا تنمي روح المبادرة والتجديد، لا تقوم على مبادئ الحرية، الشرط الأساسي للنمو والتطور، بل على العكس، لا يوجد إلا مؤسسات تابعة للسلطة ، على صورة النظام، الهدف منها تأبيد الأنظمة ومنع أي تجديد ، فهي مدارس لإعادة إنتاج النظام، حيث يتم تدجين المجتمع ومنهم الشباب ضمن قوالب معدة سابقاً، تنمي لديهم روح الاستسلام و الانتهازية والفردية ، والأنانية، وتشيع مبادئ القمع وإلغاء الآخر، حتى لا يفكروا إلا بخلاصهم الفردي، من أجل الوصول إلى غاياتهم الشخصية، وسلامتهم الشخصية، من خلال امتيازات الولاء للحكم . أصبحت هذه المؤسسات من أهم وسائل تنمية الروح الانتهازية، والنفاق السياسي.
شل أي فعالية سياسية ، وتنظيمية للمجتمع، مستقلة عن الحكم ومؤسسات السلطة، إبعاد السياسة عن المجتمع، دفع الشباب للابتعاد عن الهموم العامة ، وتغليب مصالحهم الخاصة ، والتوجه نحو الخلاص الفردي.
سؤالاً يطرح نفسه بقوة هل يمكن للشباب أن يجد حلاً ناجعاً لمشاكله وهمومه من خلال الحلول الفردية، الحقيقة تؤكد إن الشباب يعيشون الدوران بحلقة مفرغة، محكومين بالواقع وشروطه القاسية وإمكانياته المحدودة، في تحقيق رغبات وتطلعات الشباب كشريحة كبيرة ، في سعيهم إلى العمل والاستقرار والرفاه، فلو أخذنا فرص العمل وهي من أهم اهتمامات الشباب نرى أن نسبة البطالة بين الشباب تزداد يوماً بعد يوم، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، و انكماشه وعدم تطوره وتقدمه، عاجزاً عن استيعاب الطاقة الإنتاجية المتجددة للأيدي العاملة الشابة، نسبة البطالة في صفوف الشباب هي الأكبر، قياساً للأجيال السابقة .
لذلك نجد الشباب ضحايا البطالة والمخارج أمامهم مسدودة، في انتظار فرصة يتيحها العمل في الدولة أو القطاع الخاص، وهي فرص جداً قليلة و محدودة. في المقابل يسعى الشباب نحو السفر خارج بلدانهم للحصول على فرصة عمل، هذه الحلول القائمة أمام الشباب، وهي تعتمد على مبدأ الحظ والفرصة، أو الامتياز، دورها محدود وتحل مشكلة نسبة قليلة من هؤلاء الشباب. في هذه الظروف يزداد تهميش الشباب، من منعهم التعبير عن أفكارهم، إلى فشل في تحقيق رغباتهم، فيتحولون إلى فئة من المهمشين الفقراء في المجتمع، وينمو التطرف عندهم ، حتى قسماً لا بأس به من الشباب يلعن الحداثة، كأنها السبب وراء تردي أوضاعه، ليجد أمامه خيار العنف، ممثلاً بكثير من القوى التقليدية الطائفية والعشائرية التي تستغل هذه الطاقات، وتوجهها وتوظفها في خدمة أهدافها. هكذا يتم أكبر هدر لطاقات الشباب، وخسارة كبيرة للمجتمعات العربية، وتهديد المستقبل .
إن مهمة إعادة صياغة برامج، ووسائل قادرة على استيعاب الشباب، وكسب ثقتهم، يجب أن تكون من أولويات العمل السياسي والاجتماعي الهادف لتغيير الواقع بمفاسده وأمراضه، ووسائله التي مضى عليها الزمن ، التقرب من الشباب عبر التقرب من همومهم، إشاعة جو كبير من الحرية في الوسائل التي ترعى أي نشاط، الاعتراف بالأخطاء والقصور التي يتحمل جزء كبير منها وسائل وأفكار الجيل السابق، التأكيد على أهمية المبادرة وقيمتها، من قبل الشباب أنفسهم، وأهمية التعبير عن أفكارهم وآرائهم لتكون أساس أي خطة أو نشاط . التأكيد على قيم الديمقراطية وسيادة الحق القانون، والمؤسسات ،و تجسيدها في كل سلوك وأن لا تبقى أسيرة الشعارات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل بيني غانتس لإتمام صفقة تبادل ا


.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة




.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم


.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا




.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا