الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآفاق لسنتي 2022 و2023 بالمغرب وتداعيات الاقتصاد العالمي

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2022 / 7 / 25
العولمة وتطورات العالم المعاصر


أعدت المندوبية السامية للتخطيط الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2023، التي تقدم مراجعة للنمو الاقتصادي الوطني لسنة 2022 وكذا استشراف آفاق تطوره خلال سنة 2023. وتشكل هذه الميزانية إطارا مرجعيا لتحديد الأهداف الاقتصادية ، سواء بالنسبة للحكومة وأصحاب القرار ومختلف الفاعلين الاقتصاديين، في نطاق القانون المالي لسنة 2023.

اعتمد إعداد هذه الميزانية الاقتصادية على المؤشرات والمجاميع المؤقتة لسنة 2021 الصادرة عن المحاسبة الوطنية والتي تم تحيينها بناء على معطيات سنة الأساس 2014 وعلى نتائج البحوث الفصلية وأشغال تتبع وتحليل الظرفية التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط خلال النصف الأول من سنة 2022. كما تعتمد هذه التوقعات على مجموعة من الفرضيات المتعلقة بتطور العوامل الخارجية التي تؤثر على الاقتصاد المغربي، سواء على الصعيدين الوطني او العالمي.

تعتمد الآفاق الاقتصادية لسنة 2023، على سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2022-2023 وعلى فرضية نهج نفس السياسة المالية المتبعة خلال سنة 2022 والتي تهدف إلى تحقيق الإقلاع الاقتصادي.
وبخصوص أهم المؤشرات، عرف الناتج الداخلي الإجمالي نموا بنسبة 7,9 في المائة سنة 2021، ونسبة 1,3 في المائة سنة 2022 ومن الموقع أن يعرف نموا بنسبة لا تتجاوز 3,7 في المائة سنة 2023.

أما القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية، فقد سجلت نموا بنسبة 6,6 في المائة سنة 2021، وانخفضت إلى 3,5 في المائة سنة ، 2022 ، كما أنه من المتوقع أن تنخفض إلى 2,9 في المائة سنة 2023 .

في حين أن القيمة المضافة للقطاع الأولي عرف تقلبات مزعجة، فقد سجلت نموا بنسبة 17,6 في المائة سنة 2021 ، لكنها سجل تقهقرا ( نسبة سلبية) قدرها ناقص "13,5 –" سنة 2022، ومن المتوقع أن تسجل سنة 2023 نموا قدره 11,8 في المائة.

و سجل معدل التضخم نسبة 3,2 في المائة سنة 2021 و نسبة 4,9 في المائة سنة 2022 ، ومن الموقع أن يسجل نسبة 0,8 في المائة سنة 2023 .

أما العجز التجاري، فقد بلغ نسبة ناقص "15,6 –" في المائة من الناتج الداخلي سنة 2021، وبلغت هذه النسبة ناقص "17,9 – " سنة 2022 ومن المتوقع أن تظل مستقرة، وستسجل نسبة ناقص "17,5 –" سنة 2023 .

وبخصوص عجز التمويل، بلغ ناقص "2,3 –" في المائة من الناتج الداخلي سنة 2021 ، ووصلت هذه النسبة إلى ناقص "4,7-" في المائة، ومن الموقع أن تبلغ نسبة ناقص "4,4 – " سنة 2023 .

وبلغ عجز الميزانية نسبة ناقص "5,5 –" من الناتج الداخلي سنة 2021 ونسبة ناقص " 5,4 – " سنة 2022 ، ومن المتوقع أن تظل مستقرة إذ ستصل إلى نسبة ناقص " 5,5 – " سنة 2023 .

أما معدل الدين العمومي الإجمالي، فقد بلغ نسبة 82,5 في المائة من الناتج الداخلي سنة 2021 ، ونسبة 83,3 في المائة سنة 2022 ومن المتوقع أن تبلغ 83,6 في المائة سنة 2023 .

ومن الواضح أن تداعيات الاقتصاد العالمي في مواجهة صدمات متعددة قد أثقلت كاهل الاقتصاد المغربي بشكل كبير.

فمن المؤكد أن يواجه الاقتصاد العالمي- الذي عرف انتعاشا استثنائيا بعد ركوده العميق- سيواجه صدمات متعددة ويتعلق الأمر خاصة بتداعيات الحرب في أوكرانيا وباستمرار تشديد السياسة النقدية في الدول المتقدمة. ويعتبر تقدير حجم تأثير هذه الصدمات على الاقتصاد المغربي أمرا صعبا جدا، وذلك نتيجة تطور التوترات الجيوسياسية والتدابير المتخذة من طرف مختلف الحكومات. غير أنه مما لاشك فيه أن التوترات التي تعرفها العلاقات الدولية وتفاقم الضغوطات التضخمية والاختلالات في سلاسل التخزين، ستؤدي إلى تراجع الثقة وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي بشكل كبير لينتقل من 5,8 في المائة سنة 2021 إلى 3 في المائة سنة 2022 و 2,8 في المائة فقط سنة 2023 .

يعتبر الاقتصاد الأوروبي الأكثر تضررا من تأثيرات الحرب في أوكرانيا نتيجة ارتباطه الكبير بالمنتجات الطاقية الروسية. وستؤثر المستويات العالية للتضخم وتدهور مؤشر ثقة المستهلكين بشكل سلبي على الاستهلاك والاستثمار. كما سيؤثر ضعف المخزون من المواد الأولية على تطور قطاع الصناعة التحويلية. وهكذا، سيتراجع النمو الاقتصادي لمنطقة "اليورو" لتنتقل وتيرته من 5,3 في المائة سنة 2021 إلى 2,6 في المائة سنة 2022 ثم إلى 1,6 في المائة فقط سنة 2023.
غير أن تداعيات هذه الصدمات ستختلف من بلد إلى آخر، حيث أن الاقتصاديات التي يحتل فيها قطاع الصناعات التحويلية مكانة مهمة والتي تعتمد في الغالب على قطاع الطاقة الروسي، ستتأثر بشكل كبير. وهكذا، سيعرف الاقتصاد الألماني الذي يستورد حوالي الثلث من حاجياته من الطاقة من روسيا، نموا متواضعا لن يتجاوز 1,9 في المائة سنة 2022 و1,7 في المائة فقط سنة 2023.

إن تباطؤ وتيرة النمو العالمي حتى 2023، سيفاقم من مخاطر حدوث "هبوط حاد" في الاقتصادات النامية. وذلك جراء تفاقم عدم اليقين بفعل انتشار متحورات فيروس كورونا، فضلاً عن ارتفاع مستويات التضخم والديون واستمرار عدم المساواة.
وحسب تقارير البنك الدولي ، إنه في أعقاب انتعاش قوي في 2021، من المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤا حادا في خضم مخاطر جديدة ناجمة عن متحورات فيروس كورونا وارتفاع مستويات التضخم والديون والتفاوت في الدخل قد تهدد التعافي في الاقتصادات الصاعدة والبلدان النامية. كما أنه من المتوقع أن يُسجِّل معدل النمو العالمي تراجعا ملحوظا من 5.5 في المائة في سنة 2021 إلى 4.1 في المائة في سنة 2022 و3.2 في المائة في سنة 2023، مع انحسار الطلب المكبوت، وإنهاء تدابير الدعم على مستوى سياسات المالية العامة والسياسات النقدية في جميع أنحاء العالم.

وقد تشير سرعة انتشار المتحور "أوميكرون" إلى أن الجائحة ستستمر على الأرجح في تعطيل الأنشطة الاقتصادية في الأمد القريب. علاوةً على ذلك، سيُؤثِّر التباطؤ الملحوظ في الاقتصادات المتقدمة - ومنها الولايات المتحدة والصين - على الطلب الخارجي في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. ومع عدم امتلاك الحكومات في كثيرٍ من الاقتصادات النامية لهامش للتصرف من خلال السياسات لدعم النشاط الاقتصادي اذا اقتضت الحاجة، قد تتفاقم مخاطر حدوث هبوط حاد من جراء الموجات الجديدة لجائحة كورونا، واستمرار تعطُّل سلاسل الإمداد، والضغوط التضخمية، واشتداد مواطن الضعف المالي في أجزاء كبيرة من العالم.

إن الاقتصاد العالمي يواجه، في آنٍ واحد، تداعيات جائحة كورونا وارتفاع معدلات التضخم وعدم اليقين بشأن السياسات العامة بينما يواجه الإنفاق الحكومي والسياسات النقدية وضعاً متأزما غير مألوف. وتعاني البلدان النامية بشدة تحت وطأة تزايد أوجه التفاوت وعدم المساواة والتحديات الأمنية. ويتطلَّب وضع مزيد من البلدان في مسارٍ مواتٍ للنمو، المزيد من بذل جهود دولية مُنسَّقة ومجموعة شاملة من الاستجابات على صعيد السياسات الوطنية. كما أن التباطؤ الاقتصادي الأكيد يتزامن مع فجوة تفاوت آخذة في الاتساع في معدلات النمو بين الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.

وبحلول عام 2023، قد تنجح جميع الاقتصادات المتقدمة في تحقيق التعافي الكامل للناتج، ولكن الناتج في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية سيظل منخفضاً عن المستويات التي كانت سائدة قبل الجائحة. وفي كثيرٍ من الاقتصادات المعرضة للتأثر، ستكون الانتكاسة أشد وأمر، إذ سينخفض كثيرا الناتج في الاقتصادات الهشة والمتأثرة بالصراعات.

وفي الوقت نفسه، تواجه السياسة النقدية قيودا بسبب تزايد مستوى التضخم الذي يضر بشدة بذوي الدخل المحدود. وعلى الصعيد العالمي. ففي الاقتصادات المتقدمة، بلغ التضخم أعلى معدلاته منذ عام 2008. وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، بلغ التضخم أعلى معدلاته منذ 2011. وسارت كثيرٌ من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية إنهاء العمل بتدابير دعم السياسات من أجل احتواء الضغوط التضخمية.

فهناك ثلاث عقبات ناشئة تحول دون تعافٍ مستدام في الاقتصادات النامية :

- الديون التي يتعذر الاستمرار في تحملها في الاقتصادات النامية ، إذ أن جائحة كورونا رفعت إجمالي الديْن العالمي إلى أعلى مستوى له في نصف قرن حتى مع أن وضع الدائنين أصبح مُعقَّدا على نحو متزايد، وخلص إلى أن ثمة عقبات أكبر ستعوق نجاح مبادرات مُنسَّقة لتخفيف الديون في المستقبل.

- آثار دورات الصعود والهبوط لأسعار السلع الأولية على اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية التي يعتمد كثيرٌ منها اعتمادا كبيرا على صادرات السلع الأولية. ومن المرجح أن تؤدي التطورات العالمية على صعيد الاقتصاد الكلي والعوامل المتعلقة بالمعروض من السلع الأولية إلى استمرار دورات الصعود والهبوط في أسواق السلع الأولية. وبالنسبة لكثيرٍ من السلع الأولية، قد تتفاقم آثار هذه الدورات بسبب عوامل تغير المناخ والتحول في مجال الطاقة بعيدا عن أنواع الوقود الأحفوري. وقد أظهرت الكثير من تحاليل الخبراء أيضا أن طفرات صعود أسعار السلع الأولية منذ سبعينيات القرن الماضي كانت في العادة أكبر من موجات الهبوط، الأمر الذي أتاح فرصا كبيرة لتحقيق نمو أقوى وأكثر استدامة في البلدان المُصدِّرة للسلع الأولية لو أنها اتبعت سياسات رشيدة خلال فترات صعود الأسعار للاستفادة مما تجنيه من عوائد غير متوقعة، لكن الأمر كان غير ذلك.

- أوجه التفاوت وعدم المساواة على الصعيد العالمي. إن الجائحة قد زادت أوجه التفاوت العالمية في مستويات الدخل، وبدَّدت جزئيا المكاسب التي تحقَّقت خلال العقدين السابقين. وقد أدت أيضا إلى زيادة أوجه التفاوت وعدم المساواة في كثيرٍ من المجالات الأخرى للنشاط البشري - في النمو الاقتصادي، وفي إمكانية الحصول على خدمات التعليم والرعاية الصحية، وفي مجال فقدان الشغل وبالتالي الحرمان من مداخيل منتظمة، حيث كان التأثير أشد وطأة على النساء والعمال ذوي المهارات المحدودة وغير النظاميين. ومن المحتمل أن يُخلِّف هذا الاتجاه آثاراً دائمة: على سبيل المثال، قد تنتقل خسائر رأس المال البشري الناجمة عن تعطيل عملية التعليم عبر الأجيال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز