الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يشبه السرد / 6

اسماعيل شاكر الرفاعي

2022 / 7 / 25
الادب والفن


ما يشبه السرد : 6

" في امريكا "

انا لم اخطط للابتعاد عن ضوضاء الحي الذي ولدت في احضانه ،
ولم ترغب يداي بالعيش خارج فوضى أزقته ، وصراعات أرصفته ، وروائح باراته
وانا اعجبُ الآنَ : كيف قصصت أذرع حنيني وقطعتُ هذه المسافات الطويلة من مياه المحيطات ، وتركته ورائي
وكيف اخترتُ من بين عشرات الشواطيء : هذا الشاطيء الذي لا نهاية لتكسر أمواجه ،
ولا لزوابعه وأمطاره
حتى اصبحتُ على شاطئه كائناً حجرياً ضخماً مغلقاً : لم تزحزحني عواصفه العاتية ، رغم كثرة الامواج ، وكثرة الغيوم التي تدلت فوقي ،
ولم تفلح الأشجار الكثيرة التي تكسرت على جسدي في فك مغاليق الصندوق الحجري الذي : صرته
او في حفر تجويف يصلح ان يكون عشاً للطيور المهاجرة ...

2-
اليوم صممتُ على ان اخبر العجوز التي اعتادت المرور من امامي ، وهي تمارس رياضة المشي كل صباح : بأن الكائنات المغلقة من امثالي لا تسمع الطَرَقات الخفيضة على شبابيك وعيها ،
ولا تقوى على الحركة والكلام
فتسأني وهي تواصل دفع ساقيها الى الامام :
- وأي شيء يمكن لك ان تمارسه لتخرج من هذا الحجر الأسود الضخم الذي صرته ؟ لقد قتل فيك إنسانيتك حين شلّ قدرتك على حوار الضوء والظل اللذين يتساقطان فوقك ،
- فاجيبها بشيء من الهذيان والجنون : - احلام النهار هي الوحيدة التي أقوى على ممارستها ، وهي جميعاً لا تعدو ان تكون اكثر من استعادة لعالم ضاج بالفروسية والغزو ، وتمجيد قيم الحضارة الزراعية الغابرة ، ولا اثر فيها لقيم حضارة التصنيع والتحويل : ففي منهج الحضارة الزراعية الغابرة ، يكفي ان ترفع كفيك بالدعاء حتى تنهمر عليك سيول المعرفة من علٍ ، وانت جالس في فناء بيتك من غير تعب ولا كد ولا إرهاق .
- التفتت امرأة الرياضة الصباحية غير مصدقة ما تسمع ، واندفعت تسرع بخطواتها الى الامام ، انها لا تريد ان تسمع شيئاً من هذا الهذيان الذي ينطلق من بين شفتيّ الصخريتين .
3 -
ايتها المرأة التي تتحكم بحركات جسدها من غير شريك ؛ وتمارس رياضتها في هذا الصباح الذي تتساقط أمطاره ملفوفة بأشعة من شمس تموز : نحن لا نملك امام حريتك التي لا حدود لها ، والتي رأيتها تطوف الشوارع والأسواق والحانات ، الّا ان ننغلق ونتكوم كأحجار ضخمة : ننتظر ان يعيد الرب الينا ما وَصَفَنا به ذات يوم : من اننا خير أمة قد اخرجت للناس ، فهذه الشرعية السماوية تشحن طاقتنا فنندفع مجدداً الى ان نهبط شوارع مدنك الآمنة ، ونصرخ في جوفها :
لويزيانا بستان قريش
واشنطن بستان قريش
نيويورك بستان قريش ،
وذلك هو ديدننا منذ فتحنا العراق عنوة قبل 1400 عام ، وصرخنا في جوفه ؛
السواد بستان قريش ،
4 -
وها انا مشدود الى حلم الأجداد هذا : اتبختر كبدوي وانا اطوف
الطرقات على ظهر ناقتي
من غير عمامة او عقال
وارفض الترجل والخضوع لقوانين مرورها وتعاليم بلديات مدنها ...

لافاييت - هيوستن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما


.. شبّه جمهورها ومحبيها بمتعاطي مخدر الحشيش..علي العميم يحلل أس




.. نبؤته تحققت!! .. ملك التوقعات يثير الجدل ومفاجأة جديدة عن فن


.. كل الزوايا - الكاتب الصحفي د. محمد الباز يتحدث عن كواليس اجت




.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله