الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تليُّف

سارة سامي
كاتبة وشاعرة عراقية

2022 / 7 / 25
الادب والفن


مشاركتي بحفل تأبين الشاعر الكبير مظفر النواب
كوبنهاكن الدنمارك

تليُّف

حين يموتُ شاعر يحدثُ شيءٌ ما بهذا العالم
تسقطُ شامةٌ من خدِّ الليل
وتموتُ نجمة
تنقصُ تصبُّغاتُ الشَّفق ضربتها الأجمل
ويشحُب الوجود
فالجمالُ وجهٌ كالفُسيفساء
شفقٌ معجونٌ بأمزجةِ الميلانين..

حين يموتُ شاعر
يصابُ الكونُ بقلبه،
كما نُصابُ بقلوبنا
حين ينقضي بدواخلنا ذلك الحُبُّ العظيم
فتمرُّ أعوامٌ ولا تعودُ اجزاؤنا كأجزائِنا..
ولا نجدُ بمكانها سوى التليُّف.
تليفٌ برعشةِ اليدين
تليفٌ بنبرة الصوت
تليُّفٌ بجرَّةِ الكُحل
تليفٌ بإحمرار الوجنتين
فماذا بعدُ؟
حين يصابُ القلبُ بقلبه؟
والشِّعر بشِعره؟
وتتيبسُ العُروق بروحِ القصيدة
فهل للصُبح من مجرىً ليُحييها سنابلاً في الحقول؟
نعم، هذا ما يبقى من روح الشاعر..
صبحٌ وماءٌ وقصائدٌ في الحُقول
قصائدٌ تُهرول صوب حرير الشَّمس لتُشمِّر عن ضحكتها..

لكنما حروفَ فقيدنا ليست كما الحُروف
فقصائده نبتَتْ في الغُربة بتلاتِ حُزنٍ وفقد
وفي الأوطان إشتعلت فتيلا
وإحتشدت
وإنتشدت
فكانت حتَّى في جنازته ثورة!

فماذا بعد ياراعي الكلمات
ألست القائل؟
"في الغربة لا ينبتُ الا الحزن
يغطي صمت الايام وعُقم الطين"
فماذا بعدُ؟
سنةٌ اخرى مرَّت لم يتنفس طينُ الحُزن ولم يُنبت شيئا
لكنك بالأمس رأيت بداية شيءٍ أخضر
شيٌ أخضر في الملح؟
فقلت اخيراً نبت شيٌ في الملح
وكما أنت تسائلت تسائلنا
أينبت شيءٌ وكلُّ أراضيهم بور؟
ومن يعيد البيت لأهله؟
فغداً آخرُ يومٍ في عقد الإيجار
وقد فُتح الباب لغيرك
و لن يتمكن عقدٌ من تجديد بنوده

فوقفنا نبكي..
وذرونا الملح على الأيام حزيناً ..

وقد دفنوا رأس الثورة؟

فمن يرع البِدء الأخضر
والفرحٌ قليل ما ينبت هذه الأيام
فالوطنُ المكلومُ يكابر
والقلبُ المكلوم يكابر
وقد بالصدفة
لكن من يدري؟
فالأيام بلا مطرٍ
وقلوب بني الإنسان حجر

فماذا بعد؟
ماذا بعد؟
يا صانع القصيدة المُهرَّبة؟
سيقولون رحل البنفسج
ومن لليلنا ببنفسجٍ كما البنفسج؟
ومن لقواميسنا بكهربٍ كما الكهرب؟
وسيقولون غاب القمر
والظلامُ دامسُ الشرايين

فمن يحمل جثة الليل؟ والفجرُ ممددٌ على قارعة الطريق!

وسنقولُ هيهات
سنتعلم منك حفر الانفاق إن عجزت دروبٌ عن حملنا
وأُغلِقت الابواب.
وسنهرب مع قطار الليل إن عجز الصبح عن ضمنا
وسنبقى نردد أغنياتٍ لتباريح مضت
ونستبشرُ بوهجٍ آت
ليبقى شِعرك متمايلاً مع النسيم بأعمارنا

وتبقى خطاهم وئيدة
لتبقى خطاهم وئيدة

فحين يموتُ شاعر
ينطفئ شيءٌ ما بهذا العالم
ولا تبقى سوى شعلةٍ، هي القصيدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل