الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زياينسكي في خدمة الفساد والمفسدين

سعيد مضيه

2022 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


زيلينسكي في خدمة الفاسدين والمفسدين
" ربما يصعب الآن التصديق، لكن كشف النقاب عن وثائق في أوراق الباندورا – ملايين الملفات من موردي خدمات الأوفشور التي جرى تسريبها الى الكونسورتيوم الدولي لصحافة التقصي والمشتركة بين أطراف موزعين في أنحاء العالم - جعلت زيلينسكي يترنح في العام الماضي مهددا بإنهاء نشاطه السياسي. رغم أن الممثل المتحول سياسيا شن حملته بصفة المصلح ضد الفساد، غير ان اوراق الباندورا تظهره فاسدا كأسلافه". هذا ما استخلصه بيدرو غونزاليس، كبير كتاب مجلة كرونيكل الثقافية في أميركا ، ومحرر نشرة أخبار كونترا، إثر استعراض الوثائق المتعلقة بالفساد الذي زرعه زيلينسكي في اكرانيا أثناء تسلمه الرئاسة. جاء في تقرير غونزاليس المنشور في 22 تموز الحالي:
في شباط 2021، وبأمر من فولوديمير زيلنسكي ، رئيس جمهورية أكرانيا، أغلقت تلاث قنوات تلفزيونية محلية بعد اتهامها بنشر "دعاية" روسية . وبعد ثلاثة أشهر اعتقل زيلينسكي فيكتور ميدفيدتشوك، الذي كان يقود ثاني أضخم حزب في برلمان أكرانيا الوطني، وهو حزب صديق لروسيا ومنبر المعارضة .
لم يجد زيلينسكي مشقة في حرق أهم مبادئ الديمقراطية قبل أن يجتاز بوتين الروبيكون( رمز نهر يعني اجتيازه دخول مرحلة جديدة) داخل اكرنيا هذا العام. لذا فلم يثر الاستغراب حين كرر الاعتقال أثناء الحرب في شهر آذار الماضي، فارضا الأحكام العرفية، وبموجب القانون العرفي أمر بتأميم قنوات التلفزيون وحظر نشاط احد عشر حزبا في المعارضة، بما في ذلك حزب المعارضة الرئيس- كل ذلك بمسوغ مقاومة "الأخبار الروسية الزائفة " وكل المتعاطفين مع روسيا. تم ذلك رغم ان يوري بويكو ، الذي خلف ميدفيدتشوك في زعامة حزب المعارضة الرئيس، قد استنكر الحرب وطالب بوقف إطلاق النار وسحب القوات الروسية من اكرانيا.
على كل حال ، لم يفوت زيلينسكي فرصة اخرى اتيحت لقص أجنحة المعارضة السياسية في بلاده ، بالتأكيد ليس في هذا الزمن ، حيث كل خطوة يخطوها زيلينسكي تقابل بتمجيد ميديا الغرب وعقلنتها.
صورة الرئيس الأكراني كحصن للديمقراطية، التي يرسمها ويروجها الإعلام المنحاز تبيض صفحة زيلينسكي الحقيقي وتخفي شبكة واسعة من الفساد والإجرام الدولي، ومركزه أكرانيا.
إن فهم حقيقة زياينسكي تتطلب النظر اليه صنيعة الأوليغارك الأكراني إيهور كولومويسكي. فهو في الحقيقة صنيعة المكائد.
أوراق الباندورا
ربما يصعب الآن التصديق، لكن كشف النقاب عن وثائق في أوراق الباندورا – ملايين الملفات من موردي خدمات الأوفشور التي جرى تسريبها الى الكونسورتيوم الدولي لصحافة التقصي والمشتركة بين أطراف موزعين في أنحاء العالم - جعلت زيلينسكي يترنح في العام الماضي مهددا بإنهاء نشاطه السياسي. رغم أن الممثل المتحول سياسيا شن حملته بصفة المصلح ضد الفساد، غير ان اوراق الباندورا تظهره فاسدا كأسلافه.
امكن لكولومويسكي بناء ثروته الضخمة ضمن بنك بريفات بنك بصورة رئيسة من خلال "السطو". في قصة صحفية نشرت عام 2015 بمجلة هاربرحول اندرو كوكبيرن، السند الداعم لزيلينسكي، اصطبغت بمعناها في تلك الحقبة بمساعدة ماثيو روجانسكي ، مدير مؤسسة كينان بمركز وودرو ويلسون للعلماء الدوليين.
من بين ثلاثمائة سياسي وموظف حكومي كبير ، بمن فيهم عدة قادة وطنيين سابقين وحاليين في أزيد من 91 بلدا ومنطقة بهم ترتبط الوثائق ، فإن اكرانيا ملاذ أموال مهربة أوفشور أكثر من أي بلد آخر بما في ذلك روسيا.
وجد مشروع الكشف عن الجريمة المنظمة والفساد، والذي ساهم في الاستقصاء ، ان زيلنسكي ، حتى قبل أن ينتخب رئيسا ، أهدى حصته في شركة أوفشور رئيسة - فيرجين أيسلاند البريطانية- المسجلة باسم مالتيكس مولتي كابيتال كورب، الى شريك له في البيزنيس- غدا مساعده في الرئاسة. ورغم تخليه عن أنصبته فإن الوثائق تظهر التوصل سريعا الى اتفاق على ترتيبات تسمح للأوفشور مواصلة دفع اموال الىى شركة تخص زوجته.
وكما برر الهجوم على حرية التعبير والمعارضة السياسية بالعدوان الروسي فإن مكتب زيلنسكي يبرر اللجوء الى الأوفشور بإلقاء اللوم على احتمال العدوان الروسي.
قال أحد مستشاري رئاسة أركان زيلينسكي أن ألأوفشور كان ضرويا ل " حماية" مداخيل الجماعات من" الأعمال العدوانية" لنظام الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش "الفاسد"، الذي أطيح به في انقلاب دعمته الولايات المتحدة عام 2014.
والممتلكات الثمينة التي اكتسبتها حاشية زيلينسكي في وسط لندن من خلال الأوفشورز، ليست، كما يبدو، سوى ملاذات متواضعة للأكرانيين "المضطَهدين".
كان صحيحا أن زيلينسكي وشركاه في شركة إنتاج تلفزيونية ، كفارتال 95، قد انشأوا شبكة من مشاريع الأوفشورتعود على الأقل الى العام 2012. تلك أيضا هي السنة التي بدأت الشركة تنتج مواد منتظمة لمحطات التلفزة التي يملكها كولومويسكي ، الداعم الرئيس لزيلينسكي والمع أوليغاركيي أكرانيا. شارك كولومويسكي في إنشاء بريفات بنك، وحتى العام 2016 ظل المالك الرئيس للمؤسسة ، التي تعتبر أضخم مصرف تجاري ، ويملك أيضا مجموعة بريفات بنك ، ائتلاف أعمال تعمل على نطاق عالمي ، تمتد سيطرته على آلاف الشركات ، في كل صناعة تقريبا ، من اكرانيا والاتحاد الأوروبي ، جورجيا ، روسيا والولايات المتحدة واماكن أخرى.
ينكركولومويسكي ان له نفوذا على زيلينسكي ، ولكنه القائل، بعد فشل مباحثات زيلينسكي مع صندوق النقد الدولي عام 2019، من سيكسب ان اضطر زيلينسكي للاختيار بينه وبين قروض صندوق النقدالدولي ؟ واجاب على سؤاله " انا الكسبان" . لاحظت الميديا الأكرانية ان كولومويسكي لم ينكر انه مول حملة زيلينسكي الانتخابية.
في أكرانيا مؤسسات "اقتصادية " مسجلة بمكاتب وبطاقات عمل [ متخصصة في] مختلف أبعاد السطو ، وتشمل أفرادا يزيفون الوثائق ويقدمون الرشوات " كما علم كوكبيرن من روجينسكي، الذي يؤكد ن كولومويسكي " أشهر اوليغاركي مارس السطو ، متهم بالقيام بحملة سطو ضخمة خلال عشر سنوات انتهت عام 2010، بنهايتها امتنعت الولايات المتحدة إعطاءه فيزا دخول الى البلاد.
بعد الانقلاب الممول من الولايات المتحدة حدثت حرب أهلية مع الجمهوريتين ، وعين كولومويسكي حاكما لولاية دنيبروبيتروفسك فشكل جيشا خاصا لمحاربة الانفصاليين . بات أحد لوردات الحرب في أكرانيا ، لكنه واصل نشاطه في عالم البيزنيس.
في العام 2014 وافق صندوق النقد الدولي على إيداع بلايين الدولارات في بنك أكرانيا ، وهو البنك المركزي، كي يقدم مساعدات للأنشطة التجارية. من خلال النظام القضائي الفاسد في اكرانيا استحوذ كولومويسكي لشركاته، بعملية احتيال معقدة كشفها القضاء، على بلايين الدولارات.
صدف في العام 2014 أن هنتر بايدن، ابن جو بايدن نائب الرئيس الأميركي حينئذ، التحق بمجلس إدارة شركة الطاقة ، بوريسما، التي ارتبط بها كولومويسكي بمصلحة إدارية ، كما أوردت صحيفة نيويورك بوست. حصلت الصحيفة على إيميلات كشفت أن فاديم بوزهاسكي ، وهو احد العاملين بحماية كولومويسكي اجرى اتصالا مع هنتر عام 2015، من اجل عقد اجتماع مع نائب الرئيس بايدن. أظهرت وثائق تم الحصول عليها قانونيا ان هنتر تسلم أموالا من بريفات بنك ، الذي يملكه كولومويسكي. وفي أذار استطاع رجال كولومويسكي السيطرة على شركة أوكرا ترانس نافتا، المسيطرة على جميع أنبيب النفط في البلاد. بهذا أراد كولومويسكي إظهار عدم قبوله الإصلاحات المحدودة التي أقدمت عليها إدارة بيترو بوروشينكو . طلب هذا المساعدة من الولايات المتحدة، من خلال فيكتوريا نولاند، نائبة وزيرة الخارجية لشئون اوروبا وجيوفري بيات ، السفير الأميركي في كييف. نولاند هي زوجة رئيس منظري المحافظين الجدد ، روبرت كاغان، ولعبت دورا رئيسا في الانقلاب ضد بوروشينكو. حينئذ تم غض النظر عن منع كولومويسكي من دخول الولايات المتحدة ، وتم تجاهل فساد كولوموسكوي فحاولت وزارة خرجية أميركا إبعاد الأوليغاركي الأكراني دميتري فرتاش، بتهمة رشوة حدثت كما يقال في الهند. اما الجريمة الحقيقية فهي ارتباطه بإدارة فيكتور يانوكوفيتش التي أطيح بها . اما كولومويسكي فقد واصل عملياته، وطبقا لوزارة العدل الأميركية خلال الفترة 2008-2016 حصل على 5.5 بليون دولار ، أي ما يعادل تقريبا مجموع الإنتاج الوطني في أكرانيا في ذلك الحين.
في شهر أكتوبر جرى بث برنامج "خادم الشعب " الذي لعب زيلينسكي فيه دور البطولة على قناة 1+1 . معلم تاريخ في مدرسة عليا بالصدفة صار رئيس اكرانيا والتزم بمكافحة الفساد.القناة يملكها مجموعة ميديا 1+1 ، وهي من اكبر شركات الميديا في أكرانيا ، ومالكها ليس غير كولومويسكي، حسب تقديرات أتلانتك كاونسل ، وتوفر له " نفوذا سياسيا بارزا في أكرانيا". وظف إمكانياته الإعلامية عام 2019 لدعم انتخاب زيلينسكي رئيسا.
مسلسل "خادم الشعب" نفسه من إنتاج كفارتال 95 ، الشركة التي أسسها زيلينسكي ، وشركاؤه يعملون ضمن شبكة الأوفشور التي كشفتها أوراق باندورا . بعد انتخاب زيلينسكي انضم الأعضاء الرئيسيون في كفارتال 95 الى إدارته . على سبيل المثال انتقل هينّادي فويتشباكانوف من رئيس استوديو الإنتاج الى مدير المخابرات . كان زيلينسكي قد سجل بوزارة العدلية عام 2018 حزبا باسم " خادم الشعب". زيلينسكي ، الذي صعد بجهود أوليغاركي نظم حملته للرئاسة على غرار الشخصية التي مثلها بالمسلسل.
أثناء الحملة نشر فولوديمير آرييف ، الحليف السياسي لبوروشينكو المطاح به على صفحته في الفيسبوك أن زيلينسكي وشركاءه في الإنتاج التلفزيوني استفادوا من مشاريع أوفشور تلقت الملايين من بريفات بنك الذي يملكه كولومويسكي . تم نفي التهمة في ذلك الحين؛ غيرأن اوراق باندورا كشفت معلومات حول عدة شركات بالشبكة تتطابق مع ما قاله آرييف.
حال استلام السلطة شرع زيلينسكي يفصل كبار الموظفين ويستغني عن الوزراء ذوي سمعة معارضة للفساد.
أبلغت داريا كالينيوك ، رئيسة مركز مناهضة الفساد في أكرانيا ، صحيفة واشنطون بوست في آذار 2020 أن زيلينسكي "يستطيع طرد الموظف الذي يخاطر بعمل الصحيح، ويتهمه بعدم الكفاءة.
ردد نفس التهمة اوليغ سوخوف ، المراسل الصحفي من كييف ، وكتب أن " زيلينسكي قدم الحماية باستمرار للموظفين الفاسدين وقتل الإصلاحات المناهضة للفساد." من جهة اخرى رفض زيلينسكي طلبا بفصل اوليه تاتاروف، رئيس الأركان من الخدمة بتهمة تلقي رشوة.
في مؤتمر صحفي اعلن انه يريد أن " يذكره الناس الرئيس الذي شق طرقا جيدة في أكرانيا". وإحدى شركات الطرق التي تلقت مشاريع طرق ترتبط بكولومويسكي ، طبقا لسجلات الشركات.
جدير بالذكر أن وزير الجمارك مكسيم نيفيودوف كان أحد الإصلاحيين الذين فصلهم زيلينسكي من الخدمة، وشهرته تقترن بإنشاء نظام (بروزورو) لمكافحة الفساد في القطاع العام.
من غير الواضح ان كولومويسكي قد أعيد اسمه الى قائمة الممنوعين من دخول الولايات المتحدة بعد أن تم شطبه بجهود نولاند، وكان بلينكين حينئذ يشغل منصب مساعد مستشار الأمن القومي في إدارة أوباما؛ وفي تصريح لوزير الخارجية الأميركي، انتوني بلينكين أن الحظرالجديد قد فرض "بسبب تورطه في أنشطة فساد كبيرة".
في عام 2019 ألمح كولومويسكي الى استعداده لصب الزيت على المياه العكرة والتوصل الى سلام مع روسيا. افضت الحرب الأهلية في أكرانيا الى مقتل 14 ألف مواطن في أكرانيا.، لكنه وجد عقبة امامه :" الناس يريدون السلم والحياة الجيدة ولا يريدون الحرب . وانتم (واشنطون) تجبروننا على الدخول في حرب ولا تمدوننا بالمال اللازم".
هددت الولايات المتحدة باعتقال فرتاش بسبب رشوة قدمها للضغط على يانوكوفيتش لإبرام صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي ؛غير أن الصفقة كانت في الحقيقة مؤامرة لزعزعة الاقتصاد الروسي.

الحرب بدلت شخصية زيلينسكي بالكامل ، انقذت رئاسته الموبوءة بالفساد . وكما اظهر استطلاع رأي أجرته المؤسسة الدولية لعلم الاجتماع، لم يحظ زيلينسكي إلا بتأييد 24 بالمائة من المجتمع الأكراني . وبفضل احتضان الغرب لشخصية الممثل الجديدة ، التي تضعه فوق الانتقاد ، غدا زيلينسكي يحظى بتمجيد لا مثيل له وبكميات ضخمة من الأموال تتدفق عليه. وفي تصريح ادلى به مارك كانسيان كبير مستشاري مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية فإن أكرانيا تتلقى مائة مليون دولار يوميا ، وكانت قبل الحرب "اكبر دولة فاسدة في أوروبا " .
تتلقى أكرانيا من أميركا 50 بليون دولار . الجمهوريون قاوموا خلال السنتين الأوليين من إدارة ترامب تقديم 21.6 مليار دولار لبناء الجدار على حدود المكسيك ؛ فما هي احتمالات ان المليارات التي تتدفق على زيلينسكي سوف تتسرب الى جيوب متمكنة؟ لا أحد يوجه مثل هذا السؤال ؛ وما من أحد تساءل هل من الشذوذ أن يصرح زيلينسكي ان روسيا تود " قتل جميع السكان" في كييف العاصمة؟
الحرب، كما يبدو ، هي الثمن المرتفع الذي يود " خادم الشعب "إرغام الشعب على سداده والثمن الذي يسعد واشنطون ان تدع الأميركيين يمولون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية