الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصف التركي على شمال العراق (الاهداف والمخاطر)

حامد محمد طه السويداني

2022 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


من المؤسف ان تقوم الحكومة التركية بشن هجوم ارهابي على منطقة آمنة يتواجد فيها سياح مدنيين ابرياء اطفال ونساء وكبار في السن وترويعهم وقتل 9 اشخاص وجرح اكثر من 33 شخصا في مدينة دهوك بكردستان العراق وتحديدا في مصيف برخ السياحي في قضاء زاخو ولنتسائل اهذه هي الديمقراطية التركية التي يحلم الاتراك بان يكونوا جزء من منظومة حضارية كالاتحاد الاوربي ام هي العثمانية الجديدة التي بشر بها حزب العدالة والتنمية على اساس الاخوة الاسلامية بين العرب والاتراك ام هي اخلاق حسن الجوار وقبل الدخول في موضوع القصف التركي على شمال العراق ومخاطره المستقبلية على العلاقات العراقية التركية.
تكررت العمليات العسكرية التركية في شمال العراق بهدف مطاردة حزب العمال الكردستاني PKK المحظور في تركيا ولتوضيح ابعاد هذه المشكلة واخفاق الحكومات التركية في حلها فبعد نصف قرن من القضاء على اخر حركة كردية مسلحة في تركيا في فترة ما بين الحربين العالميتين الاولى والثانية وهي حركة ديرسيم (تونجلي) حاليا عام 1937 واجهت تركيا حركة كردية مسلحة جديدة شكلت تحديا لم يسبق للبلاد ان واجهته على صعيد المشكلة الكردية ففي 15 اب 1984 بدأ جزب العمال الكردستاني PKK بزعامة عبد الله اوجلان حركته المسلحة في تركيا بهجوم مسلح على مدن شيرناك واروخ وشيروان في ولاية سيرت وقصبة شمديتلي في ولاية حكاري فكان ذلك الهجوم هو بداية حرب طويلة الامد بين القوات التركية والشرطة وحراس القرى من الموالين لتركيا من جهة وحزب العمال الكردستاني PKK من جهة اخرى.
بالرغم من المبادرات من جانب الشخصيات السياسية الرسمية في تركيا ومن جانب PKK ودعوات العديد من المثقفين الاتراك لحل المشكلة الكردية عن طريق الحوار والاعتراف بالحقوق الكردية (السياسية والثقافية) على غرار ما حدث في سبعينات القرن العشرين بالنسبة لاكراد العراق الذين حصلوا على بعض الحقوق منها الحكم الذاتي وحق التكلم والاعتراف باللغة الكردية والثقافة الكردية، الا ان المؤسسة التركية احبطت تلك المبادرات واصرت على الحل العسكري ولحد كتابة هذه السطور.
في 15 تشرين الثاني 1984 عقد اتفاق عراقي تركي عرف باسم (المطاردة الحثيثة) والذي سمح لقوات الطرفين تعقب المسلحين في ارض الطرف الاخر لمسافة تتراوح من 5-10 كيلومتر على خط الحدود واستمر العمل بهذا الاتفاق لغاية صيف 1988 أي بانتهاء الحرب العراقية الايرانية واستندت تركيا اليه (3) مرات في العامين 1987-1988 وبعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية ولجوء ما يقرب من 50-60 الف كردي عراقي الى تركيا بسبب عمليات الجيش العراقي لبسط الامن في شمال العراق الغت تركيا الاتفاق من جانب واحد ثم عادت وطلبت تجديده مرة اخرى في العام 1989 لكن العراق رفض ذلك. وليس ما يدعي الساسة الاتراك اليوم بان لديهم اتفاق مع الحكومة العراقية بالدخول الى الاراضي العراقية وهذا الامر غير صحيح والاتفاق ملغى اساساً، الا ان وبعد انتخاب توركوت اوزال رئيسا للجمهورية في 28 تشرين الاول 1989 صرح باستمرار مواجهة ما اسماهم (الانفصالين الاكراد) وهدد بتعقب المقاتلين اينما ذهبوا وقال لن تخفف ضغوطنا على المتمردين الاكراد، ومنذ ذلك التاريخ والحكومة التركية تقوم بالتجاوزات العسكرية على الحدود العراقية وانتهاك سيادة العراق رغم مذكرات الاحتجاج التي قدمها العراق للامم المتحدة وتنديد الجامعة العربية بهذا التجاوز ولم يكتف العراق بتقديم مذكرات الاحتجاج على هذه العمليات الى المنظمات الدولية للام المتحدة فالجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والتي بلغ مجموعها حوالي (27) مذكرة احتجاج في غضون (10) ايام من 15-25 ايار عام 1997 واتبعتها مذكرة اخرى الى الامم المتحدة في 26/8/1997 تركيا ابان عملية (فجر) في 27/9/1997 وطالب العراق بعقد قمة عربية او اجتماع على مستوى وزراء الخارجية العرب لبحث عملية (فولاذ 1997) التركية ومخاطرها على العراق.
وبعد الاحتلال الامريكي على العراق 2003 واصلت القوات التركية توغلها المستمر على شمال العراق وفي الرابع من تموز 2003 قامت القوات الامريكية باعتقال اعضاء من القوات الخاصة التركية ونزعت اسلحتهم وعصبت عيونهم وغطت رؤوسهم وذلك تهمة التآمر لاغتيال مسؤولين محللين في مدينة السليمانية فالحكومة التركية واثناء حدوث فراغ امني في شمال العراق ارادت تصفية بعض قادة الاكراد في العراق كفرصة لتشتيت الوحدة الكردية.
واليوم وبعد كل هذه التجاوزات في السنين الماضية تقوم الحكومة التركية بقصف منطقة سياحية وتنفي بانها هي الفاعل وتقول نحن لم نستهدف المدنيين وانما حزب العمال الكردستاني وهذا ادعاء لا اساس له من الصحة فالمخابرات التركية والامريكية والرادارات تعمل بدقة والمنطقة تحت المرابة وليس من المنطق نفي تورط تركيا بهذه الجريمة.
وهنا لا بد من تسليط الضوء على السلوك السياسي التركي في الفترة الاخيرة فهي سياسة مرتبكة وقلقة وغامضة احيانا اذ قامت الحكومة التركية بتنفيذ اجندتها واجندة حلفاؤها الامريكان والناتو في الدول العربية وزجت نفسها في الازمات في سوريا وليبيا واليمن والعراق ومصر وتراجعت علاقاتها مع السعودية والامارات وبعض الدول الاخرى وحتى اليونان. وعندما تعرض اقتصادها الى التراجع وهبوط الليرة التركية بشكل مخيف والذي ادى الى غلاء المعيشة واحتقان الشارع التركي الذي بدأ يطالب برحيل اردوغان من السلطة استطاعت تركيا من خلال مرونتها السياسية ترميم العلاقات مع السعودية والامارات وبعض الدول الاخرى لدعم اقتصادها فتركيا تحتاج اموال العرب اما تحالفها فهو مع امريكا واسرائيل والمنظومة الغربية ارتكبت مجازر بحق الشعب السوري وتاجرت باللاجئين السوريين واستخدمتهم ورقة للضغط مع اوربا وكذلك زجت بهم كمرتزقة للقتال في ليبيا وحتى استثمرتهم في الداخل التركي لغايات انتخابية واليوم تحاول تصدير ازمتها الداخلية وتقوم بشن هجوم على الاراضي العراقية لفشلها في الحصول على ضوء اخضر امريكي او روسي او ايراني للقيام بعملية عسكرية شمال سوريا.
باعتقادي ان هذه التجاوزات علىالعراق بدون سند قانوني سيدخل تركيا في دوامة جديدة وان هذا الفعل سوف يضر تركيا اكثر من العراق باعتبار ان هناك علاقات تجارية بمليارات الدولارات فضلا عن حاجتهم للنفط العراقي وكذلك خسرت تركيا الشعب العربي عامة والعراقي خاصة الذي بدأ ينظر الى تركيا كدولة معتدية تحاول ضم اراضي عربية بالتواطؤ مع القوى الكبرى كما حصل في الماضي في ضم لواء الاسكندرونة العربي.
اما فيما يخص الموقف العراقي فمن المؤسف ان يقوم المجتمع العراقي باتخاذ مواقف عاطفية وانفعالية والتهجم على الحكومة العراقية بدل من ان يكون مع الحكومة العراقية لمواجهة هذا الاعتداء وان الكثير من هذه المطالبات الغير مدروسة ربما تضر العراق اكثر من اضرارها بتركيا.
المشكلة ان العراق الان يمر بمرحلة لا يمتلك فيها وحدة القرار السياسي ولازالت المحاصصة الطائفية تلعب دوراً في عدم اتخاذ موقف موحد ان الذي حصل تركيا تتدخل في الشؤون العراقية هي الارض الخصبة التي وجدتها من خلال تواطئ مسؤولين كبار من العراق مع تركيا وهذا امر محزن.
واخيرا لابد على الحكومة العراقية ان تضع خطة لكتابة دستور جديد للبلاد يسترجع هيبة العراق كدولة ويستطيع الرد على كل من يتجاوز على سيادته وحتى الان وهو في وضع غير موحد لا بد من توافق بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان التي ترى منها موقفا صارما مجرد احتجاجات واستنكار قد تتلاشى يوماً بعد يوم.
اما فيما يخص الجانب التركي عليه ان يقوم بخطوة شجاعة واعطاء الحقوق الثقافية والسياسية للاكراد وانهاء هذه المشكلة الى الابد عن طريق القيام بوحدة فيدرالية تركية كردية اما التفكير بالحل العسكري فهذا سلوك القرون الوسطى الشعب الكردي في تركيا اكثر من 25 مليون نسمة من حقه ان يقيم دولة او اقليم في تركيا مشابه لاقليم كردستان العراق.
واخيرا قلت في مقالات سابقة اذا بقى حزب العدالة والتنمية بهذه السياسة واحلامه بالعثمانية الجديدة فان تركيا معرضة الى التقسيم سواء اليوم او غدا هذه سنة الحياة كل دولة تحتوي على قوميات متعددة وليس فيها حريات وحقوق لا بل هناك ضغط وانكار للوجود الكردي فان التفكك سيحصل في هذه الدولة لا محال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا