الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين في الشرق الأوسط - الجزء الأخير

مرزوق الحلالي
صحفي متقاعد وكاتب

(Marzouk Hallali)

2022 / 7 / 27
العولمة وتطورات العالم المعاصر


على سبيل الخلاصة والاستنتاج

بعد "الصين الإفريقية" - Chinafrica ، هل سنتحدث عن "الصين العربية" - Chinarabe؟
فما هو مؤكد، أن الرئيس الصيني "شي جين بينغ" أعلن منذ يوليو 2018، أنه يريد منح الدول العربية قروضًا تصل إلى 20 مليار دولار لضمان تنميتها الاقتصادية.

كما رأينا سابقا ، أصبح الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية متزايدة في نظر بكين منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، حيث اقترن الطلب المتزايد على الطاقة والنمو الاقتصادي مع المصالح الجيوستراتيجية المستدامة. ويبدو أن أمن الطاقة والقضايا الاقتصادية هي المصالح الرئيسية للصين الآن.

في هذا الصدد ، إن الهدف الرئيسي لبكين هو ضمان الوصول إلى الموارد والأسواق في المنطقة. إن إطلاق "طرق الحرير الجديدة" يؤكد بالتحديد على العامل الاقتصادي. هذا المشروع هو الآن أولوية من الأولويات القصوى بالنسبة للصين. وهذا عنصر أول.
العنصر الثاني المهم جدًا للصين، موقعها الجغرافي الاستراتيجي في المنطقة. تحاول بكين إيجاد توازن مع نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وتعتبر بكين أن واشنطن تمثل قوة حاسمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وأخيرًا ، الغرض الرئيسي من الوجود الصيني في الشرق الأوسط هو ضمان الهدوء في بلادها. أي ، وبالواضح، تريد الصين أن تضمن عدم انتشار الإسلام الراديكالي بين ظهرانيها. والهدف الأساسي – في هذا الصدد- هو درء أي تهديد قد يأتي من المسلمين الصينيين و"الأويغور" في "شينجيانغ على وجه الخصوص.
وبالتالي ، فإن بكين يقظة بشكل خاص أمنيا فيما يتعلق بتحركات سكانها من "الأويغور" والدعم الذي يمكن أن تحصل عليه من بعض الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

إن الصين بصدد حماية مصالحها أولا وقبل كل شيء. ويوفر عدم الاستقرار المستمر في المنطقة والمماطلة للقوى الغربية في الشرق الأوسط فرصة جيدة للصين للمشاركة في المبادلات التجارية مع دول المنطقة. هذا، مع اعتماد إستراتيجية سياسة خارجية حازمة ، مما يجعلها تتجذر وتتدخل ببطء ولكن بثبات. إن النمو السريع لاقتصادها يلزمها بتطوير استراتيجية تركز على المستقبل والاستدامة في الشرق الأوسط. والهدف من هذه الاستراتيجية واضح للغاية:
تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الصين والشرق الأوسط ، وتأمين الموارد ، وتنويع استثماراتها ، والمساهمة في تنمية الاستقرار في المنطقة بشكل فعال لا يمكن الاستغناء عنه مستقبلا.

لذا، فإن الاهتمام بالحوار والقلق بشأن الوضع في هذه المنطقة من العالم أمر أساسي. ويزداد الأمر سوءًا عندما تنضب التربة الصينية من النفط. فعلى الرغم من أن الصين هي منتج رئيسي للنفط الخام ، إلا أنها لم تكن مكتفية ذاتيًا منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي وأصبحت مستوردًا لهذه المادة التي تغمر باطن أرضها في السابق. ومنذ عدة سنوات ، أضحت الصين أكبر مستهلك للطاقة في العالم. إنها تستهلك الكثير منها ، بنسب غير متناسبة ، ولا سيما لضمان نموه وعدم كبح مساره. كان هذا التحول من الصين التي تتمتع بالاكتفاء الذاتي إلى الصين التابعة بمثابة اضطراب في سوق النفط العالمي بأسره. ففي عام 2000 ، بلغ صافي واردات الصين من النفط الخام ما يناهز 60 مليون طن. وبعد خمسة عشر عامًا ، جاوز هذا الرقم 332 مليون طن. وأصبح هذا الإمداد من المواد الخام بمرور الوقت عاملاً رئيسياً ، لضمان التنمية الاقتصادية المستدامة ولضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد. وفي مواجهة النمو المستدام والطلب القوي على المواد الخام من الشركات والصناعات الصينية ، أصبحت مسألة استيراد الطاقة ذات أهمية قصوى منذ عام 1990. ففي عام 1993 ، استوردت البلاد النفط للمرة الأولى مرة من جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط. وكانت المرة الثانية في عام 2001 ، عندما انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية.

إن هذه الحاجة المتزايدة للنفط، ساهمت ، بشكل كبير، في تشجيع استراتيجية التدويل للشركات الصينية وفرضت هيكلة علاقات بكين مع العديد من البلدان والشركاء المحليين ، مما قاد الدبلوماسية الصينية نحو التواجد في دول ومناطق العالم التي نادراً ما كانت موجودة فيها من قبل. وهذا هو الحال بشكل خاص في إفريقيا، وهو يتحول تدريجياً نحو الشرق الأوسط أيضًا.

بالإضافة إلى هذا الاعتماد ، هناك مبدأ التنافس من الجانب الصيني، التنافس مع قوة خاصة ، الولايات المتحدة. فمنذ حرب الخليج عام 1990 ثم غزو العراق عام 2003 ، كان التأثير الأمريكي على منطقة الشرق الأوسط وعلى إنتاج النفط في صميم اهتمامات الصين. وقد أكدت الأحداث الضعف لدى الصينيين بهذا الخصوص. ولمعالجته هذا الضعف و اعتبارا لارتفاع مخاطر عدم الاستقرار في المناطق التي تستثمر فيها ، تتبنى الصين عالميًا استراتيجية التنويع. وتبرز هذه الاستراجية، بشكل خاص، من خلال أشكال مختلفة من الاستثمار، تتراوح بين "الاستحواذ على حصة في إنتاج الموارد" مثل النفط ، وبين إنشاء البنى التحتية التي تسهل نقل الموارد مثل الموانئ وخطوط السكك الحديدية والجسور والطرق وخطوط الأنابيب . وتضاعفت هذه الاستثمارات بشكل كبير خلال الأزمة المالية لعام 2008 ، والتي أثرت بشكل خاص على الدول الغربية. وفي عام 2014 ، بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وحدها ، بلغت واردات الصين من النفط 3178 برميلًا / يوم. أتاحت الاستراتيجية الصينية المتمثلة في الانفتاح على العالم، و التي تم إطلاقها في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، تطوير التبادلات الدولية وترسيخ الصين تدريجياً في الشرق الأوسط وبالتالي الخروج من عزلتها السابقة.

كان لهذا التطور في احتياجات الطاقة لجمهورية الصين الشعبية حتى اليوم، عواقب ونتائج على تطور توجهات السياسة الخارجية للبلاد وعلى استراتيجياتها البيئية. على وجه الخصوص ، اختارت الصين توجيه سياستها البيئية لعدة سنوات نحو التقنيات الجديدة والتنمية المستدامة بهدف وضع نفسها كرائد لانتقال الطاقة، وبالتالي تعزيز صورة القوة المسؤولة، وهذا بالرغم من توجه أصابع الاتهام إليها في مجال التلوث البيئي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال