الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحد من -الاستقطاب السياسي الخبيث-: تحليل مقارن - الحلقة 1

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2022 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


من أجل فهم أفضل للطرق المختلفة التي يمكن للمجتمعات من خلالها التغلب على الانقسامات السياسية أو الحد منها ، تعرض هذه الورقة المتواضعة على حلقات، واقع في بعض البلدان المستقطبة والتي نجحت في نزع الاستقطاب ، على الأقل مؤقتا.

تعتمد الورقة على مجموعة بيانات مستقات من موقع - The V-Dem Dataset- (1) والتي تخص تصنيفات الديمقراطية الأكثر شمولاً وتفصيلاً في العالم.
-----------------------------------------------------------------
https://www.v-dem.net/vdemds.html (1)
----------------------------------------------------------------
أثار الصعود العالمي للاستقطاب السياسي مخاوف بشأن تأثيره الضار على السياسة والمجتمع بشكل عام. من زيادة العنف السياسي إلى انخفاض تطبيق الديمقراطية و جودة الحكم ، فإن التهديدات التي يشكلها "الاستقطاب السياسي الخبيث" ( تقسيم المجتمع إلى معسكرين سياسيين متعارضين ) متنوعة وحادة. ولذلك فإن تحديد كيفية الحد من هذه التوترات يمثل تحديًا ملحًا اليوم. باستخدام بيانات عن الاستقطاب السياسي صادرة عن منظمات عير حكومية وبيانات متعلقة بممارسة الديموقراطية واحترام قواعدها ، نعرض حالات مختلفة من نزع الاستقطاب حول العالم منذ عام 1900 ونتتبع استمرارها.

يتزايد الاستقطاب في جميع أنحاء العالم. تشير جملة من البيانات أن مختلف مناطق العالم شهدت ارتفاعًا ملحوظا في مستويات الاستقطاب السياسي منذ سنة 2005. وشهدت إفريقيا أقل زيادة خلال هذه الفترة ، على الرغم من أنها شهدت مستويات عالية من الاستقطاب منذ فترة طويلة.

ويعود سبب تزايد الاستقطاب في أوروبا إلى الانقسامات السياسية العميقة في شرق ووسط أوروبا وجنوب أوروبا والبلقان. و تشهد أكبر الديمقراطيات - البرازيل والمكسيك والولايات المتحدة - مستويات قصوى من الاستقطاب. كانت مستويات هذا الاستقطاب في شرق آسيا منخفضة تقليديًا ، على الرغم من أن التوترات السياسية المتزايدة في أماكن مثل كوريا الجنوبية و"تايوان" تؤدي إلى ارتفاع مستوى الاستقطاب. وفي جنوب آسيا ، ارتفع الاستقطاب في الهند بحدة منذ سنة 2014.

فمن 1900 إلى 2020 ، تمكنت البلدان من تقليل الاستقطاب من المستويات الضارة لمدة خمس سنوات على الأقل. مما يشير إلى قدرة البلدان إلى حد ما على إزالة الاستقطاب إن رغبت فعلا في ذلك. وهناك العديد من البلدان شهدت حلقات متعددة في دورة الاستقطاب وإزالة الاستقطاب .

إن بيانات الصدر المذكور أعلاه، تشير إلى أن ثلثي البلدان البالغ عددها 178 دولة التي لها تجربة واحدة بهذا الخصوص. لكن خمسة وثلاثين دولة فقط (20 في المائة) فشلت في تجربة أي إزالة للاستقطاب إلى مستويات أقل من الخبث.

بالنظر إلى هذه القدرة الواضحة بين غالبية دول العالم على إزالة الاستقطاب من المستويات الضارة على الأقل لبعض الوقت ، سيكون من المفيد حقا محاولة تحديد سياقات واستدامة تلك التجارب و البحث في آلياتها ونتائج. كما سيكون من المفيد أيضا، مناقشة المعنى المحتمل والآثار المعيارية لإزالة الاستقطاب كمفهوم وهدف سياسي، وكذلك الوقوف على الأنماط في سياقات حالات نزع الاستقطاب المختلفة وقياس استدامة هذه الاتجاهات.

ارتبطت معظم فترات نزع الاستقطاب هذه، بتغيرات جذرية في الحياة السياسية للبلد. وأظهر تحليل العوامل السياقية أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الحالات جاءت بعد صدمات منهجية كبرى: تدخل أجنبي ، أو نضال من أجل الاستقلال ، أو صراع عنيف ، أو تغيير النظام (في اتجاه ديمقراطي بشكل أساسي). وهذا مع وجوب ملاحظة أن بيانات المصدر المذكور أعلاه لم تحدد إي حالة من حالات نزع استقطاب من المستويات الخبيثة بين الديمقراطيات الليبرالية. وذلك لأن عددًا قليلاً جدًا من البلدان المصنفة على أنها ديمقراطيات ليبرالية كاملة وصلت إلى مستويات ضارة فعلا ؛ وتبرز- من خلال البيانات - الولايات المتحدة اليوم باعتبارها الديموقراطية الغربية الثرية الوحيدة التي تتمتع بمستويات ثابتة من الاستقطاب الخبيث.

تمكنت أقل من نصف حالات نزع الاستقطاب من الحفاظ على نزع الاستقطاب لعقد من أو أكثر. في مجموعة من الحالات ، تمكنت البلدان من إدارة الاستقطاب إلى حد ما ، إما العيش بمستويات مزمنة قريبة من الخبيثة بعد إزالة الاستقطاب ، أو إعادة الاستقطاب إلى مستويات شبه خبيثة في غضون عشر سنوات. وهناك 15 بالمائة من الحالات عادت إلى مستويات خبيثة خلال العقد الأول. وبالنظر إلى الفترة الزمنية بأكملها، من عام 1900 إلى عام 2020 ، عاد ما يقرب من نصف البلدان التي عانت من إزالة الاستقطاب أو إدارة الاستقطاب لعقد على الأقل بعد ذلك إلى مستويات ضارة من الاستقطاب.

توضح هذه النتائج صعوبة الحفاظ على مستويات منخفضة من الاستقطاب ، وتشير إلى أن النمط الدوري للاستقطاب ونزع الاستقطاب وعودة الاستقطاب قد يكون سمة مميزة للحياة السياسية في العديد من الأماكن في العالم. نتج عن جزء صغير فقط (14 في المائة) من الحالات نزع الاستقطاب المستمر على المدى الطويل. ولكن بالنظر إلى قلة عدد الديمقراطيات (أحد عشر دولة) القادرة على إنجاز هذا العمل الفذ وسط نمط أكبر من الاستقطاب الدوري وإزالة الاستقطاب ، سيكون من الضروري أيضًا فهم استراتيجيات إدارة الاستقطاب على مستويات عالية إلى حد ما مع تجنب التآكل الديمقراطي أو الخلل الحكومي أو العودة إلى الاستقطاب الخبيث والعنف المحتمل.

في العقد الماضي ، أدى انقسام المجتمعات إلى معسكرات سياسية إلى إثارة القلق بشأن التهديدات التي يشكلها الاستقطاب على الحياة السياسية في جميع أنحاء العالم. وتشير جملة من الدراسات الأكاديمية إلى الاستقطاب الشديد كعامل رئيسي يساهم في الخلل الحكومي، والصراع السياسي ، والتآكل الديمقراطي ، والاستبداد المتزايد. وبالتالي، فإن إيجاد طرق لإزالة الاستقطاب في المجتمعات أو لإدارة الاستقطاب مع ضمان الحكم أضحى مهمة ملحة في العديد من أنحاء العالم.

من أجل فهم أفضل للطرق المختلفة التي يمكن للمجتمعات من خلالها التغلب على الانقسامات السياسية أو الحد منها ، سيكون من المهم التركيزعلى البلدان المستقطبة بشكل ضار والتي نجحت في نزع الاستقطاب ، على الأقل لبعض الوقت، و تحديد الأنماط في السياقات السياسية لهذه البلدان وقياس مدى استدامة حالات نزع الاستقطاب هذه.

إن البيانات المتوفرة بخصوص 105 حالة من شأنها تقديم صورة واضحة عن مكان وزمان ومدة حدوث نزع الاستقطاب في التاريخ الحديث. حتى ولو تم الاقتصارعلى الوصف وليس التوضيح. فالتحقيق في الآليات والاستراتيجيات السببية المستخدمة وتحليلها في سياقات مختلفة تتطلب المزيد من البيانات والدراسات لتشكيل قاعدة بحث مستقبلي أدق وأشمل .

وللإحاطة بالموضوع في حدود البيانات المتوفرة ، نقترح ما يلي :
- تعريف كل من الاستقطاب وإزالة الاستقطاب .
- محاولة تحديدالاتجاهات العالمية في الاستقطاب ، وتأثيرها على الجودة الديمقراطية وأدائها.
- الوقوف على بعض الحالات والقياسات المتغيرة.
- محاولة تحليل سياقات حالات نزع الاستقطاب. لأنه في بعض الحالات ، كانت البلدان تواجه تغيرات سياسية كبيرة مثل تداعيات الصراع العنيف ، أو النضالات من أجل الاستقلال ، أو التغييرات في أنظمتها السياسية ، أو التدخلات الخارجية. في حالات أخرى ، حدث نزع الاستقطاب داخل أنظمة استبدادية أو ديمقراطية في غياب الأسباب السالفة الذكر.
- محاولة تحديد البلدان التي حافظت على هذا الزخم ، وأي منها تمكنت من إدارة مستويات الاستقطاب شبه الخبيثة ، وأي منها استُقطِب إلى مستويات ضارة.
- الدروس المستفادة من هذه الأنماط الواسعة لنزع الاستقطاب.
_________________ يتبع الحلقة 2 _________________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق