الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريب في مدينة أليفة 9

علوان حسين

2022 / 7 / 28
الادب والفن


في الحلم زارتني امرأة بوجه ٍ جميل ٍ وملامح كدرة عابسة لم أتخيل من قبل منظر وردة مجعدة أو قمر ٍ بلون الرماد حتى رأيتها . جلست قربي لم تتفوه ولو بكلمة واحدة . قطفت لها القلب وردة ً يقطر منها الندى علها ترق وتبتسم لكنها بدت مجروحة وجارحة في الوقت ذاته . في أعماقي كلمات تعوي كذئاب ٍ تتضور جوعا ً لكن شفاهي كانت يابسة وقد ألقت تلك المرأة الروع في قلبي .
تجاهلتني زمنا ً وتجاهلتها لماذا إقتحمت بغتة ليلي ؟ كيف تسللت إلى حلمي كي توقظ كل الشياطين الهاجعة لتهب الوساوس من نومها والكوابيس التي غفلت عني بضع ساعات فقط ؟ سألتها لماذا أتيت ِ ؟ لكنها لم تجب صمتها كان يقول كل شيء . بيني وبينها نهر جف مائه وليل تساقطت منه النجوم . بدا مقفرا ً عاريا ً لا خمر ولا قمر والقصيدة منطوية على كلمات ٍ لما تقال بعد . إستيقظت من النوم ومن حلم ٍ ظل يطاردني في يقظتي النهار كله . تجولت في شوارع بغداد كما تتجول الأرواح . أتفحصني لست أدري هل أنا عار أم مرتديا ً ثيابي ؟ أشعر بالبرد ونحن في ضحى يوم ٍ من أيام تموز القائظة . مثل من رأى امرأته بين أحضان رجل ٍ آخر وكالهارب من فضيحة كان شيء ما يختض بداخلي حتى وأنا أطرد صورتها من خيالي . أتفحص يدي َ أرى دما ً يقطر منهما كأني إرتكبت جريمة َ قتل هل تراني قتلتها ولو في حلمي ؟ الأني خشيت فقدها أم هي محض وساوس تؤرق عقلي ؟ هل مات حبها في قلبي هكذا بكل بساطة ؟ أحدث نفسي كي تهدأ هي لم تكن تحبني . لو كنت نزار قباني أو قيس بن الملوح ولو ذرفت لها كل دموعي شعرا ً لن تحبني . كلمات الغزل لم تهز ولو شعرة واحدة فيها . قصائد الحب تمدها بساطا ً تسير عليه بكبعها العالي ( لست متيقنا ً إن كانت ترتدي الكعب العالي أم لا ) . لا جبل في بغداد كي أرتقيه حتى قمته أقف فوقها صارخا ً بأعلى ما لدي من صوت ٍ وهاتفا ً بإسمها على الملأ . أوقفني بعضهم في الشارع بعد أن ظنوا بي مجنونا ً يغمغم بإسم امرأة ٍ دون وعي ٍ منه . كانت الشمس تدنو من رأسي خلتني أرتديها قبعة ً من نار ٍ تلك هي شمس بغداد اللطيفة التي تغنى بحبها الشعراء . تلك المرأة تـُشبه ُ شمس بغداد حين تسفر عن وجهها الحقيقي . شمس أحبها وهي بعيدة لكنها حين تقترب تشتعل النار تحت قميصي وتتقد براكين تحت الجلد حيث موضع القلب . أسميها الشمس وتسميني في سرها الثلج وهل أجمل من عناق الشمس مع الثلج تحت سماء بغداد الناصعة الزرقة ؟ كانت القصيدة تحوم حول رأسي والكلمات كالطيور تنقر حتى ينفر الدم ويتصاعد نشيجي وأكتمه . الهواء يضيق بي الشوارع تقصر والمقهى ضاقت جدرانه بي .
لم أجد كرسيا ً لي في مقهى السيدة أم كلثوم كنت أسمع نواحا ً فكرت لعلنا في محرم وهذا الذي أسمعه تنهدات زينب على أخيها الحسين في يوم مقتله ثم أستعيد هدوئي قليلا ً لا إنها السيدة تغني في خشوع كأنها تصغي لدقات قلب شاعر ٍ متألم ٍ مجروح وقد سكبت كل دموعها في صوتها الذي رق وشف وأسرف في عذوبته وحنانه ورقته ليعيد لي توازني ويفصح عن جماله حتى بت أتذوقه خمرة ً تـُرشف ُ على مهلها كما تـُرشف ُ القُبل َ من شفاه ٍ سكرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات


.. الشاعر أحمد حسن راؤول:عمرو مصطفى هو سبب شهرتى.. منتظر أتعاو




.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ