الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزمة السابعة من العقوبات الغربية ضد روسيا

آصف ملحم
باحث وكاتب

(Assef Molhem)

2022 / 7 / 28
السياسة والعلاقات الدولية


أصدر المجلس الأوربي الحزمة السابعة من العقوبات بتاريخ 21 تموز 2022، والتي دخلت حيز التنفيذ ابتداءً من 22 تموز 2022. هذه العقوبات، في الحقيقة، توسيع للعقوبات المفروضة سابقاً على روسيا؛ فلقد تمت إضافة مواد وسلع جديدة إلى قائمة المحظورات، كما أنه تمت إضافة شخصيات وشركات ومؤسسات جديدة إلى القوائم السابقة.
كان حظر استيراد الذهب الروسي من أكثر العقوبات التي أثارت حفيظة المراقبين؛ فالقرارات الأوروبية الجديدة نفسها وصفت الذهب بأنه الأكثر أهمية لروسيا بعد الطاقة؛ لذلك سنركز في مقالتنا على هذه القضية بالتحديد!
في حزمة العقوبات هذه، اتخذ المجلس الأوروبي قرارين ولائحتين، تمت الإشارة إلى الحظر الأوروبي على الذهب الروسي في قرار واحد منها و لائحة واحدة؛ موادهما كما يأتي:
أولاً-تم إدخال مادة جديدة تحمل الرقم 4q في القرار رقم 1271، تضمنت هذه المادة البنود التالية:
1-منع شراء أو استيراد أو نقل الذهب، بشكل مباشر أو غير مباشر، إذا كان روسي المنشأ وتم تصديره من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي أو إلى أي دولة ثالثة بعد 22 تموز 2022.
2-منع شراء أو استيراد أو نقل، بشكل مباشر أو غير مباشر، المنتجات المصنعة في أي دولة ثالثة إذا كانت تحوي المواد الممنوعة في الفقرة 1.
3-منع شراء أو استيراد أو نقل المجوهرات الذهبية، بشكل مباشر أو غير مباشر، إذا كانت روسية المنشأ وتم تصديرها من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي أو إلى أي دولة ثالثة بعد 22 تموز 2022.
4 و 5-منع تقديم المساعدات التقنية والخدمات التجارية و المالية وغيرها من الخدمات إذا كانت مرتبطة بالمنتجات الممنوعة في الفقرات 1، 2، 3.
6-يُستثنى من الفقرات 1، 2، 3 الذهب المستخدم للأغراض الرسمية في البعثات الدبلوماسية والقنصلية أو المنظمات الدولية، التي تتمتع بالحصانة وفق القانون الدولي.
7-يُستثنى من الفقرة 3 المجوهرات ذات الإستخدام الشخصي، عند سفر الأشخاص أو أفراد عائلاتهم إلى الإتحاد الأوروبي.
8-تستطيع الجهات المختصة، صاحبة الصلاحية في ذلك، إستثناء المواد والمنتجات ذات الطبيعة الثقافية.
9-سيتخذ الإتحاد الأوروبي كل الإجراءات الضرورية لضمان تطبيق بنود هذه المادة.
ثانياً-تم إدخال مادة جديدة تحمل الرقم 3o في اللائحة رقم 1269.
في هذه المادة تمت الإشارة إلى القرار رقم 1271، كما أنه تم تفصيل المنتجات المرتبطة بصناعة الذهب، مع الإشارة إلى رموزها المعتمدة في سجلات الإتحاد الأوروبي، وهذه المنتجات تندرج في 5 فئات كمايلي:
1-الذهب (بما في ذلك الذهب المسبوك مع البلاتين)، سواء أكان خاماً أو نصف مصنّع أو على شكل بودرة.
2-خردة ونفايات مصانع الذهب، بما في ذلك الصفائح المعدنية المطلية بالذهب، باستثناء القمامة التي تحوي معادن ثمينة أخرى.
3-العملات الذهبية.
4-المجوهرات الذهبية أو أي أجزاء منها، أو تلك الحاوية على الذهب أو صفائح معدنية مطلية بالذهب.
5-السلع المرتبطة بصياغة الذهب أو الفضة، أو أجزاء منها إذا كانت تحوي ذهباً أو صفائح معدنية مطلية بالذهب.
بعد استعراض نصوص العقوبات الأوروبية، سنحاول تبيان مدى تأثيرها على روسيا والعالم، وسنعتمد في ذلك على الإحصاءات المتوفرة عن العام الماضي حول صناعة الذهب الروسية.
وفقاً للإحصاءات المقدمة من مصلحة الجمارك الفيدرالية الروسية، صدّرت روسيا في عام 2021 حوالي 302 طناً من الذهب، بقيمة 17.6 مليار دولاراً. 90% منها، أي حوالي 266 طناً إلى المملكة المتحدة، 8 طناً إلى كازاخستان، 7.25 طناً إلى سويسرا، 5.5 طناً إلى ألمانيا.
في الحقيقة، لم تصدّر روسيا الذهب إلى المملكة المتحدة من آذار الماضي بسبب العقوبات المفروضة من قبل جمعية لندن لأسواق المعادن الثمينة London Bullion Market Association؛ إذ حظرت هذه الجمعية استيراد السبائك الذهبية من 6 مصانع روسية رئيسية. لذلك فإن فرض عقوبات جديدة على استيراد الذهب الروسي هو مجرد إجراء شكلي لا أكثر. ولكن من المرجّح أن تكون هذه العقوبات الجديدة مرتبطة بتصدير الذهب إلى سويسرا؛ لأنه بعد الحظر المفروض من قبل الجمعية اللندنية، كان يتم تصدير السبائك الروسية إلى سويسرا، حيث يتم هناك إعادة صهرها وتصديرها من جديد إلى الأسواق البريطانية.
في الواقع يتم تصدير حوالي 80% من إنتاج روسيا الكلي من الذهب، والباقي للاستهلاك المحلي، لذلك قد تتأثر صناعة استخراج الذهب في روسيا بهذه العقوبات. ولكن حصة روسيا في سوق الذهب العالمي حوالي 8.5%، لذلك فتوقف روسيا عن تصدير الذهب قد يؤدي إلى ارتفاع أسعاره عالمياً، وخاصة في الأسواق الأوروبية.
علاوة على ذلك، لا يمثل استهلاك دول مجموعة السبع G7 سوى 20% من الذهب العالمي؛ لذلك أمام روسيا الكثير من الأسواق الأخرى لتصدير إنتاجها، كالإمارات العربية المتحدة، الصين، الهند ... الخ. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أنه قد تبرز بعض المشاكل اللوجستية أمام المصنّعين في تصدير إنتاجهم إلى أسواق جديدة، لكننا نعتقد أن تدخل الحكومة الروسية سيساهم في حل هذه المسألة.
من ناحية أخرى، علاوة على استخدام الذهب في المجوهرات والحلي فإنه يُستخدَم أيضاً في الصناعة؛ إذ تشير التقديرات أن أكثر من 11% من الإنتاج العالمي للذهب يُستخدم في الصناعة، كالصناعات الطبية والإلكترونية والفضائية والدفاعية، كما أنه يُستخدم كوسيط في الكثير من الصناعات الكيميائية. لذلك فإن تطبيق العقوبات الأوروبية الجديدة يستلزم القيام بالعديد من الإجراءات المعقّدة للتحقق من إحتواء المنتجات المشار إليها في الأعلى على ذهبٍ روسي المصدر أم لا؛ و هذا بدوره سيفرض صعوبات إضافية أمام المستثمرين من دول أخرى عند تصدير منتجاتهم إلى الإتحاد الأوروبي.
بناءً على ما تقدم، فإنّنا نعتقد أن الغاية من الحظر الأوروبي على الذهب الروسي هي الضغط السياسي والإعلامي على روسيا بغية تشويه سمعتها لا أكثر، كما أنّ هذه الخطوة ليست سوى ذر للرماد في العيون أمام الرأي العام العالمي فحسب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سمعة روسيا اليوم سيئة جدا بسبب العدوان
لبيب سلطان ( 2022 / 7 / 29 - 05:14 )
سيدي الكاتب المحترم
لم تكن هناك اساءة لسمعة ومكانة روسيا بقدر ماقام به بوتين البهلواني ورجل القمع والمخابرات بشن عدوانه على بلد جار وشقيق للشعب الروسي وهو الشعب الأوكراني فالطغاة مثل الشقاة دوما يلجأون للعدوان الخارجي حالما يشعرون بالقوة هذا حال هتلر وصدام بغزوه ايران و الكويت وهو حال بوتين اليوم ، وثلاثتهم يصنفون وفق قاموس التاريخ مجرمين بحق الشعوب والعالم اليوم يقف موقفا موحدا لوقف عدوانه ولعل الأجراآت الأقتصادية ضده هي لتجفيف تمويل عدوانه واضعاف جهازه يجبره العالم على وقف الحرب او يقوم الشعب الروسي بأزاحته ورميه في مزبلة التاريخ كما رمى المعتدين على امن وعيش الشعوب


2 - رد على تعليق السيد لبيب سلطان
الدكتور المهندس آصف ملحم ( 2022 / 7 / 30 - 19:25 )
أستاذ لبيب
أن أستغرب من تعليق حضرتك بصراحة، تركت كل ما قدمته من بيانات حول عدم جدوى هذه العقوبات على الذهب ونقدت عبارة واحدة في مقالاتي. أنا أوضحت بالأرقام عدم جدوى هذه العقوبات، وأعتقد أنهم في الاتحاد الأوروبي يفهمون ذلك جيداً. فإذا كانت العقوبات غير مجدية ، فما أهميتها؟؟
أرجو أن تشرح لي ذلك، مع الشكر


3 - فصم الشراكة
منير كريم ( 2022 / 7 / 30 - 21:55 )
الاستاذ اصف ملحم المحترم
كان الغرب يعتبر روسيا الى ماقبل حربها على اوكرانيا كان يعتبرها شريكا
وقد قرر الغرب الان فصم هذه الشراكة
هذا يتطلب اولا الاستغناء عن روسيا بايجاد البدائل وكذلك عزل روسيا ومنع تاثيرها على الغرب على الاقل
الان لاتظهر النتائج بشدة ولكن على مدى اطول سيتبين التاثير
انه استقطاب دولى بين الدول الديمقراطية الليبرالية والدول الديكتاتورية
شكرا


4 - جدوى ألعقوبات على روسيا
د. لبيب سلطان ( 2022 / 7 / 31 - 10:04 )
الأستاذ الفاضل ملحم
لاتستطيع اية دولة في العالم اليوم ان تتطور بمعزل عن العالم وخصوصا في القضايا التكنولوجية والمالية والأتحاد الأوروبي واميركا واليابان هي مصدر التكنولوجيا في العالم وحجزها عن روسيا سيدمر اي امكانية لها ان تجاري التطور الحاصل في العالم ونحن نعرف مثلا انه حتى تكنولوجيا النفط تستوردها روسيا من هذه الدول وستجعل هذه العقوبات الأقتصاد الروسي ضعيفا ومعتمدا على المواد الأولية التي ايضا سيجري تحجيمها وبالتالي يأمل العالم ان يكف بوتين غزوه لأوكراينا وينسحب او سيقوم الشعب الروسي بالتخلص منه لأنه كأي شعب اخر يحب العيش والحياة والحرية ولا يريد رهن مستقبله بطاغية يلعب على مشاعره القومية فللعالم اليوم ليس كما كان في الثلاثينات عندما لعب هتلر بوتد القومية وغزا بدون عقاب فالأمم والشعوب الديمقراطية تعلمت درس التهاون مع هتلر و لن تسمح لطاغية كائن من يكون ان يكرره وبدلا من حرب عالمية تعلم العالم خوض الحرب الخانقة والتي ستخنق الطغاة اقتصاديا ليتم تقويضه
مع الشكر بالطبع للمعلومات الواردة في مقالتكم

اخر الافلام

.. استمرار التظاهرات الطلابية بالجامعات الأميركية ضد حرب غزّة|


.. نجم كونغ فو تركي مهدد بمستقبله بسبب رفع علم فلسطين بعد عقوبا




.. أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يبحث تطورات الأوضاع


.. هدنة غزة على ميزان -الجنائية الدولية-




.. تعيينات مرتقبة في القيادة العسكرية الإسرائيلية