الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن صورة المالكي بالبندقية

اسماعيل شاكر الرفاعي

2022 / 7 / 29
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لماذا بعثتَ بهذه الصورة التي تقطر عنفاً ، ويخترقها تصميم اراقة الدماء ، الم يخطر ببالك ان ترسل رسالة اخرى تضيئها المحبة والتسامح والسلام ؟

لماذا تصر انت ومن يدور في فلك منهجك هذا : على ان لا حل لمشاكل صراعاتكم على السلطة والمال غير الحرب والدماء والدمار ؟

الا يوجد في منهجك السياسي من طريق للتعامل مع التحديات غير طريق استضافة الوحشية والبربرية ، وطرد كل طريق انساني وحواري ؟

هل فُطرتم على كره الصوت البشري وفضلتم عليه الاصوات اللاإنسانية لدوي المدافع وانفجار القنابل وأزيز الرصاص ؟

هل سلكتم هذا الطريق لانكم لم تجدوا لمشاجرات مقتدى الصدر مع خصومه المتعددين من نهاية مبنية على التفاهم والحوار بل استمراراً لا نهاية له من التشاجر والتراشق بما تيسر من سوء الكلام وافحشه ؟

ام أنكم تربيتم في احزابكم وفي مدارسكم الدينية على ان الآخر : ( ديناً كان او طائفة دينية ، او منافساً حزبياً ، او صانع افكار سياسية تعود مرجعيتها الى فلسفات العصر وعلومه الإنسانية وليس الى المقولات الدينية العتيقة ) : شر مستطير ورجس ونجاسة وضلالة يجب تجنبها والابتعاد عنها ومقاتلتها ، وأظن أنكم ، لستم وحدكم على هذا الاعتقاد ، فكل حزب من الاحزاب والحركات السياسية في هذه البلاد تدعي بان الحقيقة المطلقة معها وحدها : وان الآخرين لا يستحقون منها كلمة طيبة ، ولا حواراً بل إلغاء تاماً بالأوامر السلطانية أولاً ، وبتسليط العنف عليها وتصفية وجودها المادي اذا لم يلتزموا بطاعة الاوامر الصادرة . وتلك هي العلاقة الثابتة للسلطات السياسية منذ تأسيس الدولة في آب 1921 الى يومنا هذا ...

ينشر نوري المالكي هذه الصورة في هذا الوقت العصيب ، لكي يدعم فكرته وفكرة عموم الاسلاميين عن ان الوجود تخترمه حركة من الصراع الدائم بين الخير والشر ، وبين النور والظلام وبين الرحمن والشيطان ، وان هذا الصراع باقٍ ما بقى البشر على قيد الحياة ، وان البشرية لن تتمكن من ايقافه وإطفائه . لقد وضع الله له نهاية في يوم معلوم ، ووضع لمخلوقاته من البشر دوراً في الحياة : يتمثل بانحيازهم في هذه المعركة لصالح الخير والنور والرحمن ؛ وصورة المالكي هذه تعلن عن التزامه بهذا الانحياز وبامتشاقه للسلاح وانخراطه في هذه المعركة الكونية المستمرة لصالح الخير والنور والرحمن ...

لكن مهما دققنا في عناصر الصورة ، وحفرنا بحثاً عن خلفياتها ، ومهما بذلنا من جهد في تشريح امواج نور المصابيح المشعة فيها ، ومهما طالت استعانتنا بنظريات الحداثة وما بعد الحداثة في فن التصوير : فان دلالة الصورة لن تساعدنا على التدليل على ان المالكي خرج من بيته متمنطقاً بسلاحه للالتحاق بركب المقاومة العالمية ، والوقوف الى جانب الرحمن في صراعه ضد الشيطان ، ليس لان الرحمن ليس بحاجة الى ما يملكه المالكي من قوة : بل لان مكان الصورة يشير ، كما يشير الزمان الذي التقطت فيه الى ان الصورة تؤرخ لحدث محلي خالص ، وان تداعيات هذا الحدث لن تتمدد لأبعد من بغداد والنجف وربما طهران ، وليس لها اي تأثير عالمي ، وان كل ما يريد ان يقوله المالكي من نشر هذه الصورة لا يتعدى المعنى الشائع العام عن الفارس المقدام ، وانه بطل حلبة الصراع الشيعية ، وان شجاعته لا حدّ لها ، وانه قادر على مواجهة المحتجين والمتظاهرين ضده . وسيحضى المالكي بالتقدير من أنصاره ومحبي سياسته بل والاحترام من مجتمع عشائري يكن احتراماً للشجعان ويفوضهم اموره ، وهم يفضلون الشجاع على الأمين : بسبب من ان الشجاع يمكن له ان يوفر لهم الحماية في مجتمع مكوّن من عشائر متناحرة : كل منها تحتفظ برصيد هائل من الهوسات والمخيلات والقصائد في مدح الذات يفوق بعشرات المرات ما تحتفظ به من قصائد في الوطنية والوطن : فالمالكي يريد ان يسجل شجاعته ويوثقها بالصورة ، وهو يذكر بشجاعته السابقة في مواجهة الصدريين في " صولة الفرسان " ، وانه لن يسمح للمتظاهرين والمحتجين الذين اخترقوا السياج الكونكويتي للمنطقة الخضراء ، وتوجه قسم منهم : الى البرلمان لاحتلاله ومنع اي جلسة تنعقد فيه ، وخاصة جلسة التصويت على مرشح المالكي لرئاسة مجلس الوزراء ، ( قبل ان يخذلهم قائدهم بدعوتهم الى الانسحاب ) وتوجه القسم الآخر الى تحرير البيت الحكومي الذي يحتله المالكي ، رغم انتهاء ولايته منذ ثمان سنوات : تحريره هو جميع البيوت التي تحتلها الاحزاب الحاكمة منذ 2003 ، وقد يتسبب هذا التحرير بسقوط قتلى ، سيسحلهم البعض من المتظاهرين وربما شاركهم بعض افراد الحمايات : على طريقة العراقيين في قتل ملوكهم وزعاماتهم ايام الانقلابات والانتفاضات والثورات وسحلهم في شوارع بغداد : ثأراً وانتقاماً مما اقترفه الملوك والزعامات السياسية من جرائم بحق ( العوام ) او ( الدهماء ) أو ( الغوغاء) ...

لكن مقتدى الصدر الذي تعلم خلال عقدين من الزمان كيف يحوّل تياره الى كتلة صماء ، ويدربها على الطاعة العمياء ، ويقتل فيها حس النقد والاحتجاج : امرهم بتغريدة من سطرين لا اكثر ، ان يغادروا المنطقة الخضراء : فغادروها طائعين وهم يسبّحون بحمد القائد ألذي سيصبح بعد فترة وجيزة على شاكلة " الولي الفقيه " في ايران نائب الامام ، وقائد الدين والدنيا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم