الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


27 تموز كان يوما حافلا ل -خبراء- نشر الرعب في العراق

محمد رضا عباس

2022 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ان من حق المواطن ان يتظاهر , وهذا ما تكفله الدستور العراقي , ولكن التظاهر له قواعده واصوله وأول هذه القواعد عدم التعدي على الممتلكات العامة والخاصة و احترام هيبة الدولة وعلى راسها المؤسسة التشريعية التي وظيفتها حماية العملية السياسية والنظام من خلال تشريع القوانين . وعند انتهاك حرمة هذه المؤسسة يكون النظام السياسي و الحكومي في خطر وعلى القوى الأمنية استخدام كل الوسائل الممكنة لحماية النظام والسلطة القضائية ومحاسبة المخالفين والمشاغبين . لم يحدث هذا في تظاهرة يوم الأربعاء 27 تموز , بل على العكس , الفضائية العراقية الإخبارية بدلا من ان تكون عراقية , أصبحت ذلك اليوم صوت " للخبراء " المشعوذين وقراء الفال وهي تكرر احاديثهم مرة بعد أخرى بان التظاهرات كانت شعبية و سلمية وانها خرجت من اجل محاربة المحاصصة و محاربة الفاسدين , وانهم عادوا الى بيوتهم بعد أداء ركعتين من الصلاة كما اوصاهم رئيس التيار الصدري السيد مقتدى الصدر.
المراقب للتظاهرة لا يصل الا الى نتيجة واحدة وهي ان التظاهرة كانت ليست عفوية وانما رتبت بشكل دقيق , وان التظاهرة لم تكن شعبية تمثل العراق, وانما تمثل رغبات التيار الصدري , وان التظاهرة قد خرقت القانون العراقي كونها احتلت مجلس النواب العراقي والذي يعد من المقدسات في الدول الديمقراطية , الا ان الفضائية العراقية لم تتحدث عن هذا الخرق , وانما استهلكت وقت نشراتها الإخبارية كيف كان المتظاهرون رائعين . وطالما وان المكان الذي صلى افراد من المتظاهرين بناءا على دعوة السيد الصدر هو مكان محتل فان الصلاة فيه غير مقبولة , ولا اعرف كيف غابة هذه القضية عن السيد الصدر وهو رجل دين !
التظاهرة فتحت قريحة جملة من "الخبراء" المعروفين بتوجهاتهم السياسية وهم ينشرون الرعب في قلوب العراقيين , فمنهم من يطالب الاطار بمراعات رغبة الصدر وانصاره وبعكسه فان العراق سيمر بالتجربة السريلانكية , واخر يطلب من الاطار بترشيح شخصية مستقلة " بالمعنى الحقيقي" , واخر يطالب ب " تغيير الية اختيار أعضاء الحكومة والابتعاد عن المحاصصة الحزبية والطائفية" , واخر يقول ان " المتظاهرين لا يمثلون سوى واحد في المئة من قدرات التيار الصدري". بكلام اخر أصبحت وظيفة رئيس الوزراء هدف لجميع أنواع "التفاكه" على قول المثل العراقي .
اليك مثل واحد من هذه التصريحات والتي ليس لها علاقة بالتظاهرة ولا بأهدافها . فيما ان بيان السيد الصدر كان واضحا بان المتظاهرون كانوا يريدون من توصيل رسالتهم الى المسؤولين برفضهم المحاصصة والفساد , يخرج علينا احد " الخبراء في الشأن العراقي " ويقول , ان " التظاهرات كانت سلمية ورفعت العلم العراقي , وهو احتجاج على الظلم واستمرار احتكار الطبقة السياسية الحاكمة السلطات ورفضها اجراء تعديلات جوهرية جذرية في بنية النظام السياسي ومغادرة المحاصصة الطائفية ". ان هذا "الخبير" الفذ نسى حقيقتين : أولهما ان التيار الصدري كان وما زال مشاركا في جميع الحكومات التي تشكلت بعد التغيير وعليه فانه يتحمل جزء من الفشل , وثانيا, ان رئيس الوزراء الحالي السيد مصطفى الكاظمي ليس محسوبا على أي حزب او كتلة سياسية شيعية , ولا يفسر من حديث هذا "الخبير" الا توجهه الطائفي .
بينما المطالبة بالقضاء على المحاصصة والفساد المنتشر في دوائر الدولة مطالب عادلة , ولكن استهداف الاطار التنسيقي دون الأحزاب و الكتل السياسية الأخرى تدعو الى التساؤل . التحالف الثلاثي الذي قاده السيد مقتدى الصدر كان نوع من المحاصصة الطائفية ولو نجح التحالف بالحصول على ثلثي مقاعد البرلمان العراقي لكان أيضا رئيس الجمهورية من الاكراد و رئيس الوزراء من الشيعة , بعد ان حصل السيد محمد الحلبوسي (السني)منصب رئيس البرلمان العراقي. ولو قاد البلاد حزب معين منذ التغيير لكان من المعقول ان نرمي موجة الفساد على عاتق ذلك الحزب , ولكن جميع الكتل والأحزاب السياسية شاركت في قيادة الحكومات المتعاقبة بعد التغيير , وبذلك من العيب ان يرمموا قادة الشيعة السياسيون بالفساد دون الأحزاب والكتل الأخرى .
احد الخبراء الذي يتكرر ظهوره على الفضائية العراقية على الأقل مرتين في اليوم الواحد , خرج ليقول , ان " القوى السياسية كانت تعتقد ان انسحاب الصدر ترك الساحة لهم , وتعاملت بشكل من اشكال الإصرار الذي لم يعد مجزيا , مرجحا ان يكون " ما حدث هو البداية". ماذا يطلب هذه " المحلل" المريض العراقيين ؟هل الدماء التي فاضت بها شوارع مدن العراق كانت غير كافية له ؟ الا يكفيه دماء مذبحة سبايكر؟ بادوش؟ ام الحرب مع داعش ؟ هل تسره مناظر الثكلى و اليتامى؟ اكاد ان اجزم ان هؤلاء " الخبراء" ليس لهم شغل بالوطنية ولا بحياة المواطنين بقدر تصريف بضاعتهم الفاسدة .
على كل حال ان قرار السيد مقتدى الصدر استخدام سلطة الشارع لأسقاط محاولات الاطار التنسيقي لتشكيل الحكومة عمل غير منطقي وكان من الاحرى به الانتظار واختبار رئيس الوزراء القادم مهما كانت هويته الحزبية , لا ان يفترض الفساد قبل وقوعه . ان رمي الأبرياء بتهم لم تحدث محرم شرعا كما يعرفه فضيلة السيد . إدارة الدولة يجب ان لا تتحكم بها نزوات فردية و الخلافات الشخصية , خاصة وان البلد يمر بأزمات مستمرة ويحتاج الى معالجات سريعة . المواطن يحتاج عمل , يحتاج سكن , ويحتاج الى خدمات , وان انشغال القادة السياسيون بملاء وظائفهم الشاغرة لا تقدم للبلد الا التخلف و الفقر , والاضطراب السياسي . المواطن العراقي لا يهمه من يقود البلد , وانما يهمه من يقدم الخدمات له .
الوقت حان لجميع الأحزاب والكتل السياسية في العراق الابتعاد عن المناكفات السياسية والتفكير الجدي بحاضر ومستقبل البلاد , وعدم إعطاء فرصة "للخبراء" في بث سمومهم بين مكونات الشعب من اجل حفنة من الدولارات او من اجل زيادة عدد المشاركين في برامجهم وذلك عن طريق اطلاق تصريحات غير مسؤولة تخيف الشارع العراقي مثل ,ان " اقتحام البرلمان "ليس سوى الخطوة الأولى ", و ان " الصدر وانصاره مستعدون للذهاب ابعد من ذلك". الا يفهم هؤلاء الذين ينشرون الرعب والخوف بين أبناء الشعب , ان الفقراء وحدهم سيكونون حطب الاقتتال الداخلي ؟ الا يكفيهم الاعداد المتزايدة من يتامى الأطفال والارامل ؟ الا يعلموا هؤلاء "الخبراء" ان الفقراء من يتحمل اوزار الحرب وان الأغنياء (كبار الساسة) من يجني ثمارها ؟ الا يعلم هؤلاء الساسة ان أبناء الفقراء وليس ابناء الزعماء من يتورط بالحروب الداخلية ؟ و قديما قال الحكماء " خير الكلام ما دل على هدى , او نهى عن ردى".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع