الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حول أهمية صياغة الفلسفة الثورية والدفاع عنها
خليل اندراوس
2022 / 7 / 30ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
هدف كاتب هذه السطور والمقالات عن الفلسفة الماركسية الاستمرار في نشر أسس هذه الفلسفة وتعميق المعرفة بهذا الفكر والفلسفة الثورية لدى جماهير الشعب الواسعة، وعند بداية كتابتي لهذا المقال، وجدت عن طريق محرك البحث "غوغل" بأن عدد زوار "موقع د. خليل إندراوس" ضمن موقع "الحوار المتمدن" بلغ 2877201، وهذا الأمر دليل برأيي على أن الاضطلاع على أسس الفلسفة الماركسية والفكر العلماني الأممي القومي الثوري ما زال وسيبقى الطريق الوحيد لإحداث التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التقدمية، من أجل خلق تراكمات تقدمية كمية حتى نصل إلى إحداث الثورة الاجتماعية والانتقال إلى مجتمع المستقبل، مجتمع حرية الإنسان والإنسانية.
والأحزاب اليسارية، وخاصة الأحزاب الشيوعية، بحاجة إلى التعمق في دراسة وممارسة الفلسفة الثورية الماركسية، فلا يعقل أن يكون الشخص ينتمي إلى أحزاب يسارية، وخاصة شيوعية، ولا يعرف ولا يقرأ دراسات عن الفلسفة الماركسية، ولا يمارسها خلال العمل الثوري أو الاجتماعي السياسي بين جماهير الشعب الواسعة، وخاصة الطبقة العاملة.
في المجتمع الرأسمالي، الأحزاب اليسارية وخاصة الأحزاب الشيوعية، يجب أن تمثل الطبقة العاملة، وتمارس نضالها السياسي الاجتماعي الثوري من خلال تبني الفلسفة الماركسية الثورية، لأن الفلسفة الماركسية تعطي التفسيرات الأكثر عمومية لطبيعة العالم ولمكان البشرية ومصيرها فيه، أي نظرتنا العامة إلى العالم. وإذا اعتبرنا أن فلسفتنا الماركسية هي نظرتنا العامة إلى العالم، ستبرز أمامنا مهمة بناء هذه النظرة بشكل منظم وبالتفصيل، وتحويلها من خلال الممارسة الصحيحة التقدمية الثورية إلى نظرية متماسكة حسنة الصياغة والممارسة، بهدف تعميق معرفة الطبقة العاملة وجماهير الشعب الواسعة بهذه الفلسفة الثورية الإنسانية، والتي تسعى إلى إحداث الثورة الاجتماعية والانتقال من المجتمع الطبقي الرأسمالي إلى مجتمع المستقبل، مجتمع حرية الإنسان والإنسانية – المجتمع الشيوعي.
حين يكون المجتمع مقسمًا إلى طبقات، وقد تقسم المجتمع إلى طبقات دائمًا، منذ انحلال المشاعية البدائية، أي طوال الفترة التاريخية التي ينتمي إليها تاريخ الفلسفة، فإن مختلف الأفكار الجارية والسياسات والإعلام والاقتصاد في المجتمع تعكس دائمًا نظرات ومصالح مختلف الطبقات، ومن هنا نستطيع أن نستنتج أن مذاهب الفلاسفة دائمًا تعبر أيضًا عن نظرية طبقية تخدم مصالح طبقة معينة في المجتمع، فهي ليست في الواقع إلا البناء المنسق والصياغة النظرية لنظرة طبقة ما، أو بتعبير أفضل، لأيديولوجية طبقة معينة، وهكذا كانت دومًا منذ ظهور المجتمعات أو التشكيلات الاجتماعية الطبقية، فالإنسان لا يفكر ولا يستطيع أن يفكر في عزلة عن المجتمع، وبالتالي في عزلة عن المصالح الطبقية، وخاصة الآن في المجتمع الرأسمالي الإمبريالي.
قال لينين في رثائه لإنجلز: "يمكننا أن نعبر في بضع كلمات عن الخدمات التي أداها ماركس وإنجلز للطبقة العاملة على الوجه التالي: "لقد علما الطبقة العاملة أن تعرف نفسها وأن تعي ذاتها، وأحلا العلم محل الأحلام". والثورة الاجتماعية في المستقبل لا يمكن تحقيقها بنجاح إلا إذا قامت أغلبية السكان، وبالدرجة الأولى أغلبية العمال بعمل إبداعي ثوري تاريخي مستقل، ولن يكون انتصار للثورة الاجتماعية والانتقال إلى مجتمع المستقبل، مجتمع حرية الإنسان والإنسانية، إلا إذا وجدت الطبقة العاملة في نفوسها ما يكفي من الإدراك والإخلاص الفكري والتفاني والصلابة. والإخلاص صفة مهمة لمن يمارس الفلسفة الماركسية، لأن الفلسفة الماركسية هي مدرسة النضال الثوري المثابر وتوسيع قاعدته، ومن يخون رفيقه يخون الطريق. وهنا أذكر بعض أقوال لينين: "المثقفون هم أقدر الناس على الخيانة، لأنهم أقدر الناس على تبريرها"، "من خان رفيقه فقد خان القضية"، "تصبح الكذبة حقيقية إذا تم تكرارها بما يكفي...".
وهذه الممارسات تنعكس بشكل سلبي على أغلبية الشعب، فالمهمة الأولى للحزب الثوري الذي يتبنى الفكر الماركسي هي إقناع أغلبية الشعب بصحة برنامجه وتكتيكه وطريقة السياسي. وكما قال لينين: "لا يكفي المرء أن يكون ثوريًا ونصيرًا للاشتراكية أو شيوعيًا بوجه عام، إنما ينبغي له أن يعرف كيف يجد، في كل فترة خاصة، الحلقة الخاصة بها، والتي يجب عليه التمسك بها بكل قواه، من أجل مسك السلسلة كلها، وتحضير الانتقال إلى الحلقة التالية تحضيرًا متينًا، مع العلم أن توالي الحلقات وشكلها وترابطها والخصائص التي تميز بعضها عن بعض ليست بسيطة ولا بدائية في سلسلة الأحداث التاريخية، كما في سلسلة عادية خرجت من يدي الحداد" (لينين – المهام المباشرة أمام السلطة السوفييتية – المختارات المجلد 8 – ص52). وعلمنا ماركس وإنجلز أن الطبقة العاملة دون حزبها -المستقل عن كل الأحزاب البرجوازية- لا تستطيع بالتأكيد أن تنتصر على الرأسمالية، لا تستطيع أن تقود المجتمع كله نحو إلغاء الرأسمالية وإقامة الاشتراكية، وطور لينين التعاليم الماركسية عن الحزب، وأوضح أن على الحزب أن يعمل كطليعة لطبقته، كأكثر أقسام طبقته وعيًا، وأنه هو سلاح كسب السلطة السياسية وتدعيمها، ولكي يستطيع الحزب -أي حزب شيوعي- أن ينجز هذا الدور، فمن الواضح أن عليه امتلاك المعرفة والفهم والبصيرة، وبعبارة أخرى، يجب أن يكون مسلحًا بنظرية ثورية يقيم عليها سياسته ويسترشد بها في نشاطه، وهذه النظرية هي الفلسفة الماركسية اللينينية، وهذه النظرية ليست مجرد نظرية اقتصادية، ولا هي مجرد نظرية سياسية، بل هي نظرة شاملة للعالم – فلسفة. وحين يدرك حزب الطبقة العاملة ذلك كله، فإنه لا يستطيع إلا أن يصوغ فلسفته الحزبية الماركسية، وأن يتمسك بها بعد صياغتها ويطورها ويكتنزها، وفي هذه الفلسفة الماركسية، وخاصة المادية الجدلية الماركسية، تجسد الأفكار العامة التي عن طريقها يفهم الحزب العالم الذي يسعى إلى تغييره، ووفقًا لتعبيراتها يصوغ أهدافه ويحدد طريق نضاله لتحقيقه. في الفلسفة الماركسية، تجسد الأفكار العامة التي يسعى الحزب الماركسي عن طريقها إلى تنوير الطبقة كلها وتنظيمها، وإلى التأثير في كل جماهير الشعب العامل وقيادتها وكسبها، موضحًا النتائج التي يجب أن تستخلص من كل مرحلة من مراحل النضال، ومساعدًا الشعب على أن يعرف من خبرته الذاتية كيف يسير قدمًا نحو المستقبل، نحو مجتمع حرية الإنسان والإنسانية، لذلك يوجب على حزب الطبقة العاملة إذا أراد أن يكون قيادة ثورية حقيقية لطبقته وألا يضللها، استيراد أفكار رأسمالية معادية، بسياسة تتوافق مع هذه الأفكار، أن يهتم بصياغة فلسفته الثورية والدفاع عنها ونشرها بين الطبقة العاملة وجماهير الشعب الواسعة في جميع دول العالم، بما في ذلك العالم الرأسمالي، والبنية الأساسية لتحقيق الثورة الاشتراكية تتمثل في بناء حزب ثوري قادر على قيادة الجماهير لانتصار الثورة، ومهمة الحزب الشيوعي الاندماج داخل الطبقات العمالية، ليتكون منها بالأساس، فهو ليس حزبًا مستقلًا بمعزل عن النضالات الجزئية للجماهير. إن التوازن بين الممارسة النضالية وبين ربط الخطاب السياسي والبنية الاقتصادية الطبقية ومآلاتها هي أهم الأفكار المؤسسة للحزب دون حلقية (بتفريغ النضال من البعد السياسي) ودون انتهازية (بفصل المعارك عن أسبابها الطبقية والسياسية في الدولة الرأسمالية)، وهي ما افتقده العديد من الأحزاب الشيوعية، وخاصة الحزب الشيوعي السوفييتي.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم
.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة
.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.
.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة
.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال