الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريب في مدينة أليفة 10

علوان حسين

2022 / 7 / 31
الادب والفن


صحوت لا أدر ِ من القصيدة أم من النوم توجهت فورا ً إلى مديرة النزل متسائلا ً :
_ هل ترين شيئا ً في عيني َ ؟
قرب مني قليلا ً خليني أشوف ثم أمعنت النظر فيهما وقالت :
_ لا شيء عيناك سليمتان ..
_ كيف أشرح لك الأمر ؟ أعني أترين فيهما شيئا ً غريبا ً ؟
_ لا شيء على الأطلاق .. ماذا تشعر أنت ؟
_ ألا ترين كلمات تتلألأ كحبات اللؤلؤ مثلا ً ؟
_ كلمات وحبات لؤلؤ أهذا كل ما لديك ؟ تود أن تسخرمني أم تمزح معي عند الصباح ؟
_ لا والله أتكلم جديا ً ألا ترين قصيدة ً تسبح بين أجفاني ؟
_ لم أرَ لا قصيدة ولا سمكة تسبح بين أجفانك _ عجيب أنا في نومي كالنهر أتدفق شعرا ً , الكلمات تعوم كالسمك صعب الإمساك بها ترى أين تبخرت كل تلك الكلمات ؟
عدت إلى غرفتي أوصدت الباب بي رغبة بالعودة للنوم لكن النعاس جافاني والأفكار إنسلت كالبخار في الشمس لا أقوى على الجلوس ولا رغبة لي بالخروج في طقس صيفي في مدينة مثل بغداد الصباح فيها يتقلب في حضن الشمس لا فرق فيها بين الضحى والظهر حتى النهر لم يعد يلطف الجو كأنه ترك مهمته للرياح والعواصف بعد أن تغير مزاجه هو الآخر . جواب مثلي ومشاء لا يمكن أن تعتقله شمس بين الجدران . أنا فلاح أعشق الزراعة وسقي الأشجار ليت لي أرض أربي فيها الأشجار والدجاج والنحل . كنت أود لو أن بغداد تعود إلى نفسها ويعود إليها بحثت في بغداد عن شارع النهر وعن النساء الأنيقات . أين ذهبت الأناقة وذلك الجمال يرصع وجه بغداد ؟ أين النهر والشعراء ولياليها الثملة بالخمرة والأغاني ؟ هل تعود أرواح علمائها وموسيقييها صفوها لطافتها النبات والبنات يرتدين الثياب من نجوم ٍ وزمرد ٍ ضاحكات راقصات يمشين بكعوب ٍ عالية ٍ فوق الغيوم ينتثر تحت أقدامهن حين يسرن غبار الذهب ؟
رأيت بغداد ترتدي السواد تخفق فوق بيوتها رايات سود كأنها مدينة أرامل ينعب فيها غراب بدلا ً من بلبلها الصادح ناظم الغزالي قُيل أن الغناء ممنوع فيها ويسمح فقط للندب واللطم والعويل وشق الثياب . نحن في شهر محرم وأيام بغداد تبدو كلها عاشوراء حيث القانون سنه السلاطين الجدد بأن يعلن الناس الحداد ويعم الحزن ويطرد الفرح من المدينة لتختفي الإبتسامة والضحكة عن وجوه أهلها النادبين حظهم في عاشوراء اللاطمين الخدود تعبيرا ً عن مكبوت الحزن الذي يسكن أعماق نفوسهم . الغريب أن الناس تبكي على رجال ٍ يفترض بأنهم الآن يعيشون في جنة ٍ عرضها السموات والأرض سعداء راضين ومرضيين يرتدون ثيابا ً خضرا ً من سندن ٍ ومن حولهم ملائكة ويطوف بهم غلمان يسقونهم الخمر التي منعوها على العباد يصغون إلى موسيقى عذبة ثملين بحب نساء خلقن من لؤلؤ ٍ مكنون . كارهو الحياة الذين طعنوا الجمال بمقتل ٍ لو بأيديهم الملطخة بدم شهداء تشرين لقتلوا روحها التي تأبى على الموت . وحيدا ً أسير بين الزحام في بغداد أبحث عن بغداد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين


.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض




.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن