الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية الفكر في الإسلام

عطا درغام

2022 / 7 / 31
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يُعد كتاب "حرية الفكر في الإسلام" للكاتب عبد المتعال الصعيدي ، هو نموذج للفكر الإسلامي الصحيح الذي يستهدف الحرية بمعناها الحقيقي؛ لأن التضييق علي الناس في باب الحرية لا يتفق وصحيح الدين،لأن التعسف في باب الحرية هو صناعة بشرية خالصة لا علاقة لها بالدين،والإسلام لم يغلق قط باب الاجتهاد علي الناس،والمجتهد لا إثم عليه، فيما اجتهد فيه ولو أخطأ طريق الصواب.
وليس في الإسلام ما يجوز قتل أي فرد أو جماعة اجتهدت، حتي لو أخطأ في اجتهادها. والمؤلف هو واحد من علماء الإسلام، ويري أن المجتهد لا يعذر في خطئه حتي إذا مضي إلي آخر ما يتصوره العقل في حدود اجتهاده.
وقد ذهب الشيخ محمود شلتوت في كتابه الشهير:" الإسلام عقيدة وشريعة" إلي التأكيد علي أن الحرية الدينية مطفولة للجميع لدرجة أن من لا يؤمن بالله ولا برسله ولا بنحو ذلك،لا تجري عليه أحكام المسلمين فيما بينهم وبين الله،وفيما بينهم بعضهم وبعض، وليس معني ذلك أنه بكون كافرًا عند الله ويخلد في النار، بل معناه أن لا تجري عليه في الدنيا أحكام الإسلام، فلا يطالب بما فرضه الله علي المسلمين ولا يصلي عليه إذا مات،ولا يرثه قريبه المسلم،كما لا يرث هوقريبه المسلم إذا مات.
أما الحكم بكفره فهو يتوقف علي أن يكون قد أنكر العقائد، بعد أن بلغته علي وجهها الصحيح؛ فإذا لم تبلغه تلك العقائد أو بلغته بصورة منفرة فإنه لا يكون كافرًا، ولا يعيب الإنسان وهو يبحث عن الحقيقة أن يضل طريقه، ولم يخول الله سبحانه وتعالي فردًا أو جماعة لكي تتلمس عورات الناس ، أو تفتش في ضمائرهم فالأمر كله متروك إلي الله.
رقد راح المؤلف ،وقد تملك كل مصادر التشريع يطرق قضايا رآها بديهية ؛فاستقر ضميره إليها بينما رأيناها في مجتمعاتنا المعاصرة خلافًا وصراعًا استبحنا من أجلها رقاب البشر،ورحنا نفتش في ضمائرهم اعتقادًا منه بأننا ندافع عن الإسلام، لذا انفردنا عن كل شعوب الدنيا المعاصرة بأن استبحنا دم المخالفين ونصبنا أنفسنا نوابًا لله في الأرض.
واختزلنا الإسلام في نماذج منفرة أصابت الإسلام ونالت من قيمة الإنسانية السمحة،حتي وسائل العلم الحديث أخلت مفاهيمنا الضيقة وأضفينا علي الإسلام رؤيتنا الضيقة بينما العلوم المعاصرة لا سلطان فيها إلا للعقل.
لقد ذهب المؤلف في اجتهاده لدرجة قوله بأن العلم يطلب علي إطلاقه دون تحديد الغاية منه، فلا يقتصر طلبه علي أن يكون لأجل الوصول إلي الإيمان بالله فقط، بل يطلب لكل الغايات بما يحقق سعادة الناس في الدنيا والآخرة إعمالًا لقاعدة فقهية شهيرة:"يكمن شرع الله حيث تكمن مصلحة المسلمين".
وبقدر ما شغل العقل مكانة بارزة في الإسلام عني الشيخ عبد المتعال الصعيدي بحرية تفكير الإنسان وحقه الطبيعي في أن يفكر،وليس مقبولًا أن يخشي الإسلام التفكير وهو يدعو إليه ولا أن يخشي العلم وهو يدعو إليه أيضًا. ولا تناقض بين الاثنين،وليكن للعلم سلطانه المطلق أيضًا.
لعل مما أرهق المسلمين وشاعف من ساحة الخلاف بينهم اعتمادهم علي النقل علي حساب العقل،وفي اعتمادهم راحوا يقرءون التراث قراءات متباينة مما ضاعف من حجم خلافاتهم ، بينما أراحو العقل وعطلوا وظيفته بينما الإسلام فتح باب الاجتهاد فأعطي للعقل سلطانه علي النقل يستنبط ما شاء بهدف سعادة الناس وتحقيق مصالحهم، حتي لا يكون علي الناس حرج، لأن الدين يسر لا عسر وتسهيل وسعادة لا شقاء.
لم يترك المؤلف قضية من قضايانا المعاصرة إلا وتطرق إليها بحثًا وتحقيقًا ووعيًا .فالأمة مصدر كل السلطات ،وما يترتب علي ذلك من اتساع في حقوق الأمة ورقابتها وفق القواعد والإجراءات التي يرتضيها المجتمع.
ولم يغفل الإسلام حقوق الأقلية المعترضة الرافضة لسياسات الأغلبية، بل لهم مل الحقوق والتي كفلها الإسلام للأغلبية ،لأن الإسلام يستهدف فالإنسان الفرد والجماعة معًا بصرف النظر عن مواقعهم الاجتماعية والسياسية.
ويذكر الدكتور صابر أبو عرب : " أن الشيخ عبد المتعال الصعيدي واحدًا من مدرسة كبيرة شعارها العقل ووسيلتها التفكير وهدفها المصلحة بالمعني الذي استهدفه الإسلام، لذا سادت روح الإسلام المتسامجة الصافية..ما أحوجنا إلي أن نشيع فيما بيننا ثقافة الإسلام الصحيح من خلال كتابات الشيخ محمد عبده ومحمود شلتوت والشيخ عبد المتعال الصعيدي وغيرهم صونًا لحياتنا الإسلامية ، رسالة وشريعة وحياة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول بيان للمعارضة السورية بعد سقوط نظام الأسد


.. أول تحرك من العراق بعد سقوط نظام الأسد في سوريا




.. احتفالات في مدينة حلب بعد إسقاط المعارضة نظام الأسد


.. طائرات يعتقد أنها إسرائيلية تستهدف قاعدة جوية جنوب سوريا




.. سوريا.. انتهاء عصر آل الأسد بعد أكثر من خمسة عقود