الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في وثائق المؤتمر الوطني الثامن للحزب الشيوعي العراقي / مسودة النظام الداخلي - 1

جاسم هداد

2006 / 9 / 24
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


منذ المؤتمر الوطني الخامس للحزب الشيوعي العراقي ( 12ـ25 تشرين الأول 1993) ، والذي كان بحق مؤتمرا للديمقراطية والتجديد ،اصبح تقليدا لدى الحزب بنشر مسودات وثائقه قي الصحافة ووسائل الأعلام الأخرى ، وإشراك ابناء الشعب العراقي بإختلاف مشاربهم الفكرية في دراسة وثائقه ، ولم يحصرها بأعضاء التنظيم الحزبي فقط ، ويكاد ينفرد الحزب الشيوعي العراقي بهذه المبادرة .

وكان المؤتمر الوطني الخامس محطة هامة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ، خاصة وانه جاء بعد الزلزال الذي اصاب الحركة الشيوعية العالمية بإنهيار الأتحاد السوفيتي والمنظومة الأشتراكية . وقتذاك غيرت بعض الأحزاب الشيوعية أسماءها ، وبعضها ارتدت قميص الأشتراكية الديمقراطية بعد ان خلعت قميص الشيوعية عنها ، واخرى اصابها الأنشطار ، وغيرها اغمضت عينيها وتمترست بجمودها العقائدي ولا تريد للتجديد ان يطرق ابوابها ، ولكن الحزب الشيوعي العراقي ، وقف في مؤتمره الخامس وقفة شجاعة وجريئة واحدث نقلة نوعية في حياته الداخلية ، فألغى المراتبية الحزبية في الهيكلة التنظيمية وفكك القوالب الجامدة التي تؤطر بعض آليات عمله ، مستفيدا من اسباب الزلزال الذي عصف بالحركة الشيوعية العالمية ، وشخص بصواب ان الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية هي الوسيلة الوحيدة لنهوض الحزب بمهامه النضالية ، وهكذا كان ، ويحق للشيوعيين العراقيين الفخر بتسمية مؤتمرهم الخامس بمؤتمر " الديمقراطية والتجديد " .

ولقد سبق للحزب وان تناول موضوعة التجديد في اجتماع لجنته المركزية في آذار 1990 التي اكدت على ان ( الضرورة الموضوعية والحاجة الذاتية لتجديد الحزب على اساس اشاعة الديمقراطية فيه ) ،
وتواصل هذا المسعى في اجتماع اللجنة المركزية في ايلول 1991 الذي اقر فيه مشروعا الوثيقة البرنامجية للحزب والنظام الداخلي ، كما جرى التوقف عند موضوعة التجديد في اجتماع اللجنة المركزية في تشرين الأول 1992 .

وفي المؤتمر السادس المنعقد في 26ـ 29 تموز 1997 اكد الحزب في تقريره السياسي على ( مواصلة العمل بجد على ترسيخ روح الديمقراطية والتجديد ) وفي المؤتمر السابع المنعقد في 25 ـ 28 آب 2001 ، جاء في البلاغ الذي صدر عن المؤتمر ( في شأن عملية الديمقراطية والتجديد في الحزب ، التي دشنها مؤتمره الخامس ، شدد المندوبون على الحاجة الى مواصلتها وتنشيطها وتعميقها ، واكدوا ان ذلك هو ما يرسخها ويجعلها ظاهرة ثابتة في حياة الحزب ومسيرته ) ، وفي كلمته امام المؤتمر قال الرفيق سكرتير اللجنة المركزية للحزب ( ان على الشيوعيين العراقيين ان يواصلوا الجهد لأستلهام توجهات عملية الديمقراطية والتجديد حتى في ظروفهم الصعبة ، وان يكيفوا معانيها وفقا لواقعهم الملموس ، ومواقع نشاط منظماتهم ، وبما يزيد من قوتهم التنظيمية ، وعلاقاتهم الجماهيرية ، وحضورهم السياسي ـ الفكري ) ، وهناك اصرار على مواصلة نهج الديمقراطية والتجديد وان النكوص عنهما اصبح في حسابات الماضي .

ومن سمات الديمقراطية في الحزب الشيوعي العراقي ، ان ما يكتب الآن على صفحات وسائل الأعلام كان في السابق من المحرمات والخطوط الحمر ويكون تحت طائلة العقاب من يتجاوزها .
فالديمقراطية والتجديد في الحزب لابد وان يسايرا عمله للنهوض بمهامه كما اسلفنا ، فالتجديد في الأساليب النضالية لعمل الحزب ووفق المتغيرات المعقدة التي جرت وتجري في العراق ، من اجل كيفية جذب الجماهير وتعبئتها وتنظيمها للدفاع عن مصالحها والذي يزيد من التفافها حول الحزب امر هام وضروري ، وتبني مطاليبها الآنية ورفع الشعارات المناسبة والملائمة ، هي السبل الضامنة لتوسيع القاعدة الحزبية ، ولفظ ما شاخ وهرم من المقولات والنصوص الجامدة والتي لم تزكيها الحياة مطلوب وضروري ، واشاعة الديمقراطية في مفاصله التنظيمية واعتماد الشفافية في التعامل مع الرفاق او مع الجماهير ، هي التي تنقل الحزب من حزب للعمل السري الى حزب انتخابي .

مع الأخذ بنظر الأعتبار ان جميع الأنحرافات في الحركة الشيوعية تلحفت بغطاء التجديد والأصلاح ، ويكون المناخ ملائما لها ، عندما تحصل خلخلة في التركيبة الطبقية لعموم التنظيم الحزبي وخصوصا في قيادته ، ولما كان مطلوبا وضروريا اعادة قراءة النظرية والأفكار الماركسية لنطرح ما شاخ منها ولم يعد يناسب العصر ، فليس ان يتم ذلك عبر رفع كل ما يشير الى الماركسية ، وان لا يتم ذلك وفق طريقة الصينيين في اعادتهم لقراءة ماركس من جديد ، حيث تم " وضع الماركسية على الرف لصالح توجهات التكنولوجيا والعولمة " ، كما اشار الى ذلك " جوزيف كاهن " ( الشرق الأوسط في 3/9/2006 ) حيث تم تغيير كتب التاريخ في الدراسة الثانوية ، و تم حذف أي ذكر للثورات الشيوعية ، وتم تقليص الفصل الخاص بالأشتراكية من " 52 " فصل الى فصل واحد قصير ، وتم ذكر ماو مؤسس الصين الحديثة مرة واحدة عند الأشارة الى تنكيس الأعلام ، وتمت الأشارة الى تجربة الشيوعية الصينية قبل عملية الأصلاح بجملة واحدة ، اما الثورتين الفرنسية والروسية فاصبحت الأشارة لهما عابرة ، كل ذلك تم بحجة ( جعل التاريح اكثر راهنية وعملية ) كما قال " زو تشونشينغ " احد المؤلفين للكتب الدراسية الجديدة وبدأت التجربة في مدارس شنغهاي .

وليس جديدا القول ان النظام الداخلي لأي حزب هو الدستور الذي ينظم ويقنن الحياة الداخلية له ، ويبين حقوق وواجبات العضو الحزبي وهيئاته التنظيمية بأختلاف تدرجها التنظيمي ووصولا الى اللجنة القيادية للحزب وسكرتيرها ، وكذلك من النظام الداخلي يمكن الأستدلال على الهوية الطبقية والفكرية للحزب والفئات الأجتماعية التي يمثلها ويدافع عن مصالحها .

لدى قراءة مسودة النظام الداخلي ، يتولد انطباع بأن هذه الوثيقة تضع الحزب على سكة قطار الأحزاب الأشتراكية الديمقراطية ، او النية لتحويله الى حزب لليسار بشكل عام ، كما يبشر له بعض الماركسيين ، مع الأحترام لآرائهم وهم احرار في طرح هذا الرأي او غيره ، ولكن شتان مابين حزب شيوعي وحزب لليسار ، والذي يعني الغاء الصفة الطبقية للحزب ، وعندها يكون بدون لون ولا رائحة كما قال الرفيق الخالد فهد .

ومن وجهة نظري ان التعديلات الجديدة والتغييرات المراد ادخالها على النظام الداخلي لأعرق حزب سياسي في الساحة السياسية العراقية ، تدلل على ذلك :

1ـ تم تغيير تعريف الحزب الشيوعي من " اتحاد طوعي لمواطنين ومواطنات تجمعهم الماركسية " الى " يجمعهم الدفاع عن مصالح الجماهير الكادحة " وكأن الماركسيين ليس هم المدافعون الأصلاء عن مصالح هذه الجماهير .
2ـ في النظام الداخلي الذي تم اقراره في المؤتمر الوطني السابع للحزب ورد : يسترشد الحزب في سياسته وتنظيمه ونشاطه بالماركسية ، وفي المسودة الحالية المطروحة للأقرار في المؤتمر الوطني الثامن " يسترشد بالفكر الماركسي " ولربما ستكون في المؤتمر الوطني التاسع " يسترشد بالفكر الأشتراكي " او يتم رفع حتى " الأشتراكي " .
3ـ تم رفع كل ما يعرف بالماركسية او يشير لها كما في :
ـ المادة رقم ( 1 )
ـ المادة رقم ( 7 ) : فيما يخص حقوق وواجبات الخلية الحزبية حيث تم حذف الفقرة التي تشير الى " تنظيم التثقيف بالماركسية ودراسة تجربة الحزب وتاريخ الحركة العمالية والوطنية "
ـ المادة رقم ( 17) : والمتعلقة بمهام اللجنة المركزية وصلاحياتها ، تم حذف الفقرة التي تشير الى ان من مهامها نشر " الثقافة الماركسية واغناؤها وتطبيقها الخلاق .....الخ "
4ـ الغاء المادة التي تحدد فترة الترشيح للمنتمي للحزب ، وبهذا سيتم تحويل الحزب الى نادي او جمعية ، ويصبح المنتمي عضوا حزبيا بمجرد دفع بدل الأشتراك واقرار النظام الداخلي وبرنامج الحزب ، وهذا هو الحاصل في الجمعيات والنوادي .
5ـ تجميد دور المجلس الحزبي العام وحصر انعقاده برغبة اللجنة المركزية ، وليس حق تنظيمي
6ـ الغاء لجنة الرقابة المركزية من النظام الداخلي ، رغم اهميتها وضرورتها لمتابعة وتدقيق مدى التقيد والألتزام ببرنامج الحزب ونظامه الداخلي وتنفيذ سياسة الحزب من قبل جميع هيئاته ومنظماته ، ومراقبة النشاط الأداري والمالي ، وتفصل في الشكاوى والأعتراضات والخلافات الحزبية .
7ـ تم غلق الباب امام توسيع اللجنة المركزية والتي يفرضها توسع التنظيم الحزبي واتساع رقعته الجغرافية ، حيث تم الأستعاضة عن ذلك بـ " المجلس الأستشاري " الذي تم حصر مهامه برفع الأستنتاجات والمقترحات الى اللجنة المركزية .
8ـ نصت الوثيقة على اهمية الأخذ " بمبدأ التجديد للهيئات في كل دورة " بينما لم يرد مثل ذلك للجنة المركزية ومكتبها السياسي وسكرتيرها .

ولابد من الأشارة الى ان الرفيق الخالد فهد قبل ثلاثة وستين عاما اشار وبصواب الى اسباب وجذور الأنحرافات في الحركة الشيوعية في كراسه الموسوم بـ " حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية " ، ( 5 كانون الأول 1943 ) وفضح فيه غايات الساعين الى " تكييف الشيوعية الى الأشتراكية الديمقراطية "

وارى ان التجديد يكون كما جاء في كلمة الرفيق سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي امام المؤتمر السابع للحزب ، من اجل ان يكون الحزب ( حزبا واقعيا ، عصريا ، متجددا بأستمرار ورافضا للجمود الفكري والتكلس التنظيمي ، حزبا ديمقراطيا في بنائه الداخلي ، جماعيا في قيادته ، منظما في علاقة هيئاته المنتخبة بأرادة رفاقه ، حيويا في نشاطه وعلاقاته ، امينا في مبادئه ، صادقا في تعامله ) ، وان يكون التجديد ( كضرورة ترتبط بهويته الفكرية والطبقية ، وكحاجة ماسة لتواصل نشاطه الحالي والمستقبلي ) .

فتحية لحزب فهد وهو يخوض النضال في ظروف صعبة ومربكة ، فمن احتقان طائفي وتصفيات على الهوية تنذر بإندلاع حرب اهلية ، واستشراء الفساد المالي والأداري والسياسي ، الى تغليب المصالح الفئوية الحزبية الضيقة على مصالح الشعب والوطن ، وتعميق المحاصصة الطائفية القومية لكل المفاصل ألأدارية ، وفقدان الأمن وسوء الخدمات وتفشي البطالة .

ويبقى حزب العراقيين كل العراقيين رافعا الصوت عاليا : لا للأرهاب ..لا للطائفية .. لا لأنتهاك حقوق الأنسان ... نعم للوحدة الوطنية في العراق .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا


.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب


.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط




.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟