الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الصدري والدعوة لإسقاط النظام السياسي

حميد حبيب المالكي

2022 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تغيرت نسبة مقاعد البرلمان للأحزاب السياسية في العراق خلال السنوات السابقة على مدى عدة دورات انتخابية، لكن لم يكن التغيير فعلياً بكل المرات، بل بعضها كان بسبب لعب اللعبة الانتخابية بصورة ذكية، ووجود عزوف شعبي كبير عن الانتخاب، وهذا بالتحديد ما حصل في انتخابات 2021، فقد تعامل التيار الصدري بصورة فاعلة مع العملية الانتخابية ما مكنهم من كسب 73 مقعد، وهذا الرقم تقريباً ضعف ما حصلوا عليه في الانتخابات السابقة، والسؤال هو؛ هل تضاعفت شعبية التيار الصدري وازداد ناخبوه الى الضعف؟
إن هذا الرقم تحقق بفضل تعامل فاعل وكفوء مع العملية الانتخابية كما أسلفنا، أما حسابياً فالقاعدة الشعبية للتيار الصدري لم تتغير تقريباً، فالتيار الصدري هو الممثل للفئة الأكثر فقراً ومحرومية وتهميشاً في الوسط الشيعي، ولم نلاحظ حصول انتقال جماهير كبيرة لتأييد التيار في آخر فترة بما يجعل جمهوره وناخبيه يكبر ليتضاعف عدد مقاعده البرلمانية.
في الشق الشيعي الرئيسي الثاني، فإن مقاعد باقي القوى الشيعية تعرضت لتغييرات حادة بين دورة انتخابية وثانية، حصلت انتقالات لجمهور الناخبين خصوصاً خلف من بيده رئاسة الوزراء، فقد حقق تحالف المالكي 105 مقاعد برلمانية في انتخابات 2014 وهو أكبر ماحققه حزبه على الاطلاق في الوقت الذي كانت ادارة الدولة في أضعف حالاتها وداعش يجتاح اجزاء واسعة من الاراضي العراقية والاجهزة الامنية منهارة.
وحقق حيدر العبادي حوالي 50 مقعداً في البرلمان بعد توليه لدورة في رئاسة الحكومة، العبادي الذي كان يفوز بمقعد برلماني بأصوات حزبه لا بأصواته الشخصية ولم يكن من قيادات الخط الأول قبل تكليفه برئاسة الوزراء.
لكن حصل تغيير واضح في الانتخابات الاخيرة على مستوى الوسط الشيعي تمثل بزيادة ملفتة في عدد مقاعد المستقلين ممن نزلوا فردياً أو في قوائم مؤيدة لمظاهرات تشرين، وهذه الزيادة في مقاعد المستقلين كانت على حساب مقاعد الشق الشيعي الثاني.
على الأرض فإن الشارع الشيعي حالياً منقسم بين التوجهات الثلاث، جمهور التيار الصدري، وجمهور الاطار التنسيقي، والجمهور الذي يعارض كلا التوجهين ويحملهمها مسؤولية تدهور إدارة الدولة، وهو جمهور تشرين والمستقلين.
أما فرض الإرادات، فمن الصعب أن تقوم جهة بفرض إرادتها على باقي التوجهات، والسبب أن نظام المحاصصة الطائفي الحزبي قد تمأسس وترسخ في العراق، كما إن الأحزاب لها جمهورها سواء من المقتنعين بتوجهاتها أو المنتفعين منها، ومظاهرات تشرين بقوتها وسعتها وانتشارها لم تتمكن إلا من تغيير الحكومة دون تغيير النظام.
والأحزاب والقوى السياسية لها مصالح في هذا النظام، لها دوائر اقتصادية تستولي على العقود الحكومية لأحزابها، وبنوك تشارك بمزاد بيع العملة، وأفواج مسلحة تتبعها تحت مسميات وتعريفات مختلفة، وتسيطر هذه الأحزاب على وزارات ومؤسسات وتتحكم بها لمنفعة الحزب الخاصة دون أي حسيب أو رقيب، فتعاظمت قوة هذه الأحزاب وتتحكم بأدوات تحفظ لها قوتها ووجودها.
وتغيير هذا النظام سينسف كل هذه المنافع الخاصة للأحزاب وقد ينهي وجودها ولايُستبعد أن يتعرض قيادات وأعضاء الاحزاب للمساءلة القانونية والمحاكمة على أفعالهم وفسادهم في السنوات الماضية.
لذلك لن تتخلى الأحزاب عن كل ذلك ولن تستسلم بسهولة لدعوات إسقاط النظام بل ستقاتل بكل قوتها لضمان بقاء هذا النظام الذي هو بقاءها، ولدينا شاهد قريب هو ما قامت الأحزاب الحاكمة بفعله ضد متظاهري تشرين وقتلهم وتعذيبهم بكل شراسة للحيلولة دون إسقاط النظام.
قد يجد التيار الصدري نفسه وحيداً في تصديه لمهمة اسقاط النظام، وحتى التشرينيون الذين قاتلوا سابقاً وقدموا التضحيات لأسقاط ذلك النظام وفساده، قد لايشترك منهم إلا القليل مالم يستجد مستجد يغير نظرتهم للتحرك ويدفعهم للمشاركة بقوة.
أما الكتل والأحزاب السنية والكردية التي اختارت الجلوس على التل فلن يطول جلوسها عليه إذا ما وجدت تحركات اسقاط النظام قد صارت جدية وحقيقية، لأنها هي الأخرى مستفيدة من هذا النظام المشلول الفاسد، وأكبر أحزابها إما ستتجه للتحالف مع المعارضين لمواجهة التحركات الصدرية، أو تنتهز الفرصة وتدعو للانفصال في ظل طموحات غير خفية لدى قياداتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا