الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوبيا التظاهرات وديمقراطية التيار الصدري

محمد باني أل فالح

2022 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


التظاهر هو أعلى مظاهر الديمقراطية سلوكاً وممارسة في التعبير عن حالة الرفض الشعبي لسلطة النظام وأفرازات سياستها العامة سواء على صعيد السلطة التنفيذية أو القضائية أو التشريعية وهي حالة زخم جماهيري يؤمن بالتغيير وفق قواعد الانتقال السلمي للسلطة ومنظور الشعب مصدر السلطات وتأتي هذه الحالة بعد ضغوط تمارسها السلطة التنفيذية وسياسات لا تتفق ورغبة عامة الناس في التغيير أو إنحراف السلطة عن مسار العملية السياسية بما يحدث شرخاً في العقد الأجتماعي الذي تكونت من خلاله قواعد اللعبة السياسية وتأخذ فوبيا الديمقراطية أبعاداً أخرى في فرض الهيمنة وأستمرار دوام السلطة من خلال إيجاد وهم أو خرافة لكسر أرادة الجماهير وأتخاذ مفردة المؤامرة بعبع لكسب الكثير من الوقت وتحقيق للمصالح الحزبية والشخصية على حساب تأمين مستلزمات الحياة وأسباب تطورها .
تأخذ تظاهرات التيار الصدري بعداً جماهيرياً غير معتاد في طبيعة الزخم البشري ونوعية الحراك الجماهيري وأثرها في طبيعة المطالب السياسية وفي ذلك تختزل الوقت والجهد لنيل مطالبها دون بقية الأمم الأخرى من عامة الشعب حيث ترتكز تلك التظاهرات الى حالة الأيمان بشخص السيد مقتدى الصدر كزعيم روحي وقائد ميداني يمتلك مقومات القيادة برغم أبتعاده عن عالم السياسة وهو طالب علم حوزوي على شاكلة والده محمد الصدر (قدس سره) الذي يعد سر قوة التيار الصدري وبعده العقائدي في الثبات والأصرار على المواجهة والتحدي لذلك كان التيار الصدري مبعث قلق دائم لجميع الحكومات المتعاقبة ومعها التأريخ الناصع في مواجهة الوجود الامريكي الذي كان يخشى الصدام مع أشباح جيش المهدي كما يسميهم أحد قادة الجيش الأمريكي في المعارك التي دارت خلال المواجهات مع القوات الامريكية المتمركزة في محيط مدينة النجف القديمة ومقبرة وادي السلام والتي أنتهت في الشهر الثامن من عام 2004 بعد عودة السيد السيستاني الى البلاد وخروج ألاف المتظاهرين صوب مدينة النجف لدعم ونصرة السيد مقتدى الصدر .
الصراع السياسي بين أقطاب البيت الشيعي وطبيعة تعاملها مع ملف الوجود الأمريكي كان السبب في عزلة التيار الصدري ونهجه في تسمية الأمور بمسمياتها برغم بعض الهفوات والأخطاء التي رافقت مسيرة التيار على مدى أكثر من عقد فهناك الكثير من القوى السياسية لم تكن راضية على مواجهة الصدر للقوات الامريكية في حينها ولا على طبيعة الخطاب السياسي في بعض الفترات برغم مشاركة جيش المهدي في الحرب الطائفية التي مهدت لها القوات الامريكية وحالة الدفاع العقائدي التي كان يمارسها في الدفاع عن الشيعة والمدن الشيعية لذلك ومع التحولات السياسية التي شهدتها البلاد بعد أحداث حزيران 2014 أخذ التيار الصدري على عاتقه الوقوف بوجه محاولات القوى الفاسدة ومحاربة الفساد بطرق ناعمة منها سحب أتباعه من العملية السياسية وترك المناصب والحقائب الوزارية التي كانت أستحقاق أنتخابي في كل دورة حكومية للتعبير عن رفضه لحالة الفساد التي سادت الوضع السياسي وتصدرت قائمة دول العالم في الفساد وبرغم وجود بعض الشوائب في القواعد السياسية للتيار ألا أنه كان يعالج ذلك بنظام الكصكوصة المتعارف عليه بين أوساط التيار الصدري بينما كان أتباع بقية الأحزاب في منأى عن المحاسبة والردع بل كان بعضهم ينال درجات عليا في المناصب والأستحقاق السياسي وهو ما يعد العلامة البارزة التي تميز سياسة التيار عن بقية أطياف البيت الشيعي .
تعددت أساليب التيار الصدري في التعبير عن رفضه لطبيعة وشكل أدارة العملية السياسية التي عمدت الى توفير الغطاء اللازم للفاسدين ومعها توفير الدعم الأقليمي لأقطاب الفساد السياسي وكان من بينها دعوات الخروج للتظاهر في ساحة التحرير وأمام المنطقة الخضراء وقد أستمر ذلك طيلة سنوات كما في حكومة السيد العبادي والسيد عادل عبد المهدي وصولاً الى حكومة مصطفى الكاظمي ورفضها العلني لفساد الأحزاب السياسية وطبيعة تناولها للسلطة وكابينتها الوزارية وشهدت تلك التظاهرات أنفراد لأتباع التيار الصدري في التظاهر دون بقية شرائح الشعب بسبب بعض المخاوف من تسييس تلك التظاهرات وأقتصار مطالبها على بعض المصالح السياسية الحزبية لذلك كان أنعدام الثقة في الشارع السياسي أحد مفاصل عزوف الأخرين عن المشاركة في تظاهرات التيار الصدري برغم كثرة زخمها البشري ولكن الغاية من مطالبة التيار بمشاركة الأخرين هو أصباغها بصفة التظاهرات الشعبية الوطنية وليس بتظاهرات صدرية وهي الكتلة التي أعلنت خروجها من البرلمان بدعوة من السيد الصدر مما فتح الباب على مصراعيه أمام الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة الأمر الذي يشكل فيه الأخرين على تظاهرات التيار الصدري وجدوى المشاركة فيها بعد خروجهم من العملية السياسية ولذلك كانت المخاوف حقيقية لدى الأخرين من تحول التظاهرات الى حالة تصادم بين القوى الشيعية وهو ما يرفضه البعض وينأى بنفسه في عدم المشاركة بالتظاهرات برغم صواب دعواتها المطلبية بالأضافة الى خشية الأخرين من المطالب السياسية الحزبية لتلك التظاهرات وهناك خشية مذهبية لدى البعض وحالة الأصطفاف السياسي لبعض الجماعات وكذلك هناك خشية تدويل القضية وأنفلات الأمور عن السيطرة وأنتشار الفوضى وعدم الأستقرار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه