الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أول الليل - محمد اسماعيل

محمد اسماعيل

2022 / 8 / 1
الادب والفن


وبعد أن نزلتُ من التاكسي
خطوتُ أول خطواتي نحو مكان جديد
أحب الأماكن إليّ تلك التي لم تطأها قدمي من قبل
أخذت أتحرك بانسيابية سجين رأى الشارع لأول مرة منذ زمن
وراحت تتحرك يدي وعيني بحرية عارمة محتلة
من نشوة الجمال الداخلي الطافح
وسط النسيم المحيط يشدو ويصفق لي ويعانقني
ووقت أن كانت السيارات تطلق عوادما في الهواء
كنت أتنفس عادمي لداخل رئتي
خطوات سريعة، أخشى أن يسبقها كدَرٌ مباغت
حتى وصلت لذاك المكان
اخترت مقعدي
واخترت شرابي وقطعة جاتوه
واخترت أن أعيش وقتا بمحض الاختيار
كانت السهرة في البدايات
وشغفي على أوُجِّه كذلك في البدايات
الموسيقى الناعمة والضوء الخافت
والأجساد الناعمة كالنجوم متناثرة بالمكان
وأنا تخطفني النجوم
وبانهماك غير إرادي تدور عيني في تفاصيل النجوم
ما أجمل الكون وموجوداته حين يمنحك ذلك الشغف!

أتتني نجمة بالشراب وانحنت بابتسامتها العذبة
وتسللت نظراتي لحيث يجب ألا تذهب هناك
حيث إحدى أسرار النجوم المحتجبة
كان الدخان يتسابق لرئتيها من الداخل مع العطر الخاص
ووجدت في عينيها غفوة مُسكرة
سرعان ما اجتهدت في قتلها واختفت
ووددت بعد انطفائها لو وضعَت لي مع الشراب كلمة إضافية غير كلمات الترحيب المعهودة

معاطف الرجال معلقة على كراسيهم
وبدا كل شيء رتيبا في مكانه غير نجمات تحوم
وأعين الرجال تدور حيث تحوم
وعيني المختارة كمخبر سرِي
أو كرادار على الطريق السريع يرصد السيارات
وهناك في الركن
سيارة فيراري تخطف النظر من أول وهلة
شربتُ ما بقي من الشراب بلذة
ولعقت شفتاي بلساني
وقلت في نفسي:
لن أنتظر فوات الوقت
ولن أنصرف حتى النهاية
لكني لا أحب أن أدخل في عراك مع الرغبات والأوضاع الراهنة
ولن أقوم من مكاني رغم انطلاق كياني نحوها.

ثم اعتدلتُ،واستأنفت:
ولن أرتجف كما ارتجف قلبي.

ارتديت معطفي وحبكت رابطة عنقي
فأنا سيد في نفسي ولن تستعبدني رغبة
:هنا وقت السهر واللهو وحضرة النجوم، لا مكان للسيادة.
سمعت شيئا بداخلي يخبرني بذلك
وفورا خلعتُ معطفي
سوف أحاول أن أضع بصمتي
وأفوز بمعركة محتملة بيني وبين محاربين محتمَلين
خلعوا معاطفهم مثلي
وسوف أتشبث بالشفتين الظامئتين وأنا غريق في النهر
أو ربما تنتشلني هي من الدرك الأسفل من طرف لساني
أنفس سيجارتي بعنف
ويتعرق جبيني رغم تكييف المكان
ولكنه سفر الشهوات المفاجيء المستبد
أشم روائح النجوم
أحب تفاصيل النجوم وأتوق لأميَزِها
وأعشق السفر لجغرافيا لم تطأها قدمي من قبل
وأحب قطع الفراسخ ماشيا بغرف المساء حافيا
وقت أن يحل اللقاء كالربيع
حين يضطجع على صدر الطبيعة
كأن الربيع مخضرٌ بأمطارها
واستعان على نبت أزهاره بمائها

نحن الرجال رعاة ليل وقناديل ظلام
نحن الرجال نخلع معاطفنا وننبذ ما يبعد بنا عن لألآت النجوم
نطبخ اللحم بالليل وتلوكه أسناننا
ونقيم المعارك مثل ليوث الغابات كذلك لأجل اللحم.

لا زال كل شيء في مكانه
بينما سافرتُ في أعماق نفسي
وحين أفقتُ من غفوتي على نجمتي
وجدتها تلملم أشياءها لتذهب
ولم أتحرك كما تحرك قلبي وارتجفت أعضائي
رغم أن عيني ترصدها كرادار يرصد سيارات الطريق
وأقول في نفسي: آه، إنها حقا فيراري
وهيهات لفقير مهما أعجبته أن يركبها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??