الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كي لاننسى

حسن شنكالي
كاتب

()

2022 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


من قصص الفاجعة الكبرى 3/آب/2014

أفزعها أزيز الرصاص الذي كان يخترق الآفاق كوابل من المطر مرعوبة من هول الصدمة وكأن السماءطبقت على الأرض لتصحى من نوم عميق كانت تغط فيه لتنقلها من عالم اليقظة الى عالم الأحلام واضعة عشرها على رأسها غارقة في حلمها الذي لم يكتمل بعد أن تعذر عليها إستذكار ما حلمت به لتعبث بخصلات شعرها المتدلي على وجنتيها مغمضة العينين ترتجف من الفزع فلا أنيس يؤنسها ولا قريب يواسيها سوى مواء قطة صغيرة دأبت على إطعامها ومداعبتها تحسبها أحدافراد أسرتها لتجد نفسها وحيدة في منزلها الذي غادره أهلها تحت جنح الظلام دون علمها خوفاَ من الوقوع في شباك عصابات داعش الاجرامية التي داهمت القرية على حين غرة وتقع فريسة سهلة بيد أعداء الإنسانية لتكون سبية تباع في سوق النخاسة في إحدى دول الجوار وهي لا تتعدى الثانية عشر من عمرها لتتلقى شتى أنواع التعذيب على يد سجانيها لا لشيء سوى عدم الرضوخ لمطالبهم الرخيصة والتي ما أنزل الله بها من سلطان ناهيك عما تقوم به كخادمة لخدمتهم ليلاَ ونهاراَ , وكل حلمها الذي كان يراودها أن تكمل دراستها الجامعية وتتأهل كطبيبة تخدم بني جلدتها حيث إبتعدت عن مقاعد الدراسة عنوة لضعف حالة ذويها المادية وحينها ذهبت كل أحلامها أدراج الرياح , حاولت جاهدة لمرات عديدة وتحينت الفرص للخلاص من قبضة السفاحين لتغير مسار حياتها ويحدوها الأمل في النجاة من قبضة المجرمين بمساعدة أحدهم حتى تمنكت يوما" من الإفلات سراَ بعد ترك باب الزنزانة مفتوحا"دون قصد وفي ساعة متأخرة من ليلة ليلاء لتنجو بنفسها بعد أن قطعت عشرات الكيلومترات سيرا" على الأقدام وهاجس الخوف يسيطر عليها حتى وصلت منطقة الأمان بعيدة عن عيون المتوحشين وكأنها تشم نسيم الحرية لأول مرة وفي مخيلتها تبحث عن أغلى ما عندها من المفقودين من أفراد أسرتها ناسية لغتها الأم بعد سنوات عجاف عاشتها في غياهب السجون وفي كنف عديمي الضمائر وعشاق الدماء وتخزن في ذاكرتها قصة عذاب يندى لها جبين الإنسانية من سوء المعاملة الوحشية التي تلقتها على يد أولئك الأوباش لتعيش وحيدة بقية عمرها بعد أن علمت بفقدان أفراد أسرتها بإنفجار لغم تحت عجلات سيارتهم التي أقلتهم هرباَ من بطش الحاقدين ومن خلال مواقع التواصل الإجتماعي تمكنت من التعرف على أحد أقربائها وبمساعدة أحد الخيرين وصلت الى منطقة تم تحديدها حيث استقبلت من قبل ما تبقى من ذويها وكأنها ولدت من ساعتها بالرغم من الحزن الذي تكتمه بين جنبيها وظلت تصارع الزمن والذكريات الأليمة التي تراود مخليتها بين فترة واخرى لتتغلب على مشاق الحياة حتى تحينت الفرصة ووجدت من يشاركها حياتها لتندمج مع المجتمع الذي بات غريبا"عنها وتنهي بذلك مسلسل المآسي التي جعلت منها إنسانة قوية تتحمل الصعاب في أشد المواقف بالرغم حداثة سنها .
هذه قصة معاناة لاحدى الفتيات الناجيات من قبضة الدواعش الانجاس كنموذج من بين آلاف الضحايا اللاتي وقعن أسارى وأصبحن سبايا بين ليلة وضحاها بيد خوارج العصر مجرد أنهن لا يتفقن معهم في العقيدة والرأي وهو أمر خارج عن إرادتهن لأنهن ولدن وترعرعن في عوائل تحمل تلك العقيدة بل ويصل الأمر إلى تكفيرهن وإنزال القصاص بحقهن , يا ترى في أي زمن نعيش وبأي عقلية نفكر بعد آلاف السنين من تعاقب الأديان السماوية التي تدعو جميعها الى التسامح والإخوة والمساواة , أين نحن من حقوق الإنسان في زمن التكنولوجيا وعصر العولمة خلافاَ لمبدأ التعايش السلمي بين أطياف المجتمع كافة بجميع مللهم ونحلهم وطوائفهم وقومياتهم وأديانهم ومذاهبهم والذي نص عليه الدستور العراقي في المادة 15 ما نصه
(لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق او تقييدها الا وفقا للقانون وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة) . ألسنا أحراراَ في عقيدتنا وتفكيرنا أم لا زلنا عبيداَ نباع ونشترى في سوق النخاسة كما يحلو لهم بعيدا"عن مبدأ الإنسانية , ألم يقل الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ( لكم دينكم ولي دين ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا