الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اهتماماً بالورق المسرحيّ وَرَدَّاً للاعتبار إليه..

حكمت الحاج

2022 / 8 / 4
الادب والفن


اهتماماً بالورق المسرحيّ وَرَدَّاً للاعتبار إليه.. (في ذكرى قاسم مطرود العطرة)..
في مطلع الستينات من القرن العشرين، قرر العالم كله الاحتفال بالمسرح في يوم خاص به أسوة بباقي الأعياد. ومنذ ذلك الحين يحتفل المسرحيون في السابع والعشرين من شهر مارس آذار من كل عام وفي كل أرجاء المعمورة بهذه المناسبة.
ونحن في العراق لسنا استثناءاً من هذا التقليد الذي أصبح راسخا، عاما بعد عام، انطلاقا من أول كلمة ألقاها الكاتب الفرنسي جان كوكتو في باريس عام 1962.
لست أدري كيف سيتم الاحتفال عراقيا هذه السنة ومن سيلقي كلمة المسرح العراقي هذا العام بهذه المناسبة؟ ولست أدري أيضاً ماذا ستتضمن ولمن ستتوجه وبماذا ستوصي. كل ما أدريه بيقين هو إن المسرح العراقي العريق والعتيد ناضل ويناضل بشرف من أجل أن تبقى شعلة الفن الرابع متقدةً على الدوام وناشرةً نورها الوضّاء رغم كل ما قدْ مَرّ ويَمُرّ به العراق في السنوات الأخيرة.
إن هذا اليوم العالمي للمسرح لهوَ مناسبة مهمة لكي نفكر في المسرح العراقي اليوم خارج نطاق أعراف المناسبة وتقاليد الاحتفال، وبعيدا عن الرغبة في مجاراة الآخرين في احتفالاتهم أو في تعداد مناقبهم، فنحن لنا مسرحنا وهم لهم مسارحهم.
سنلتقي معهم في المناسبة ولكن سنفترق عنهم في الهموم.
سنستذكر في هذا اليوم تاريخ مسرحنا العراقي و(التأرخة) لمسرحنا العراقي.
وبين التاريخ والتأريخ، بهمزة وبدونها، بون شاسع.
فهل صحيح إن لدينا تاريخا موثقا موثوقا للمسرح العراقي منذ نشأته وإلى الآن؟
هل لدينا تأريخ بالنصوص المسرحية المكتوبة في العراق؟
هل لدينا تأريخ بالعروض المسرحية المقدمة على مختلف مسارح العراق؟
يجب أن نلحّ في هذا.
بل يجب أن نلحّ في استذكارنا لموضوع التصدي لكتابة تاريخ دقيق وعلمي وموثق لمسرحنا العراقي، نصاً وإخراجا وتمثيلا وأزياء وديكورات ومؤثرات وإنارة و.. و.. الخ..
يجب توثيق الذاكرة المسرحية العراقية وتسجيلها وتبويبها،
فهي الأساس للفاعلية الفنية في الحاضر،
وهي الأساس لولوج المستقبل.
فهل لدينا ذاكرة مسرحية حقيقية لا تأبه بالنسيان؟
وهل نحن جميعا مدعوون إلى لملمة أشلاء ذاكرةٍ بعثرها الزمان وعبثت بها صروف الدهر وتقلبات الأيام؟
لنترك الذاكرة ولنتقدم "هنا والآن"، ولنتساءل، ونحن في مناسبة اليوم العالمي للمسرح، عن العراق المسرحي، وكيف تجلى دائماً بعظمةٍ، في فكر وعمل رواده وصانعيه ودارسيه ومدرسيه وتلاميذه ومريديه ومحبيه وجمهوره العجيب العظيم الذي ظل وفياً لخشبات المسارح رغم كل ما، وكل مَنْ.
أين هم الآن؟
وهل كل واحد ما زال في موقعه يؤدي ما عليه إيمانا منه بقيمة الفن العليا وبسمو الفكر الإنساني الناشد الحق والخير والجمال والعدل والسلام؟
لنكن أيضاً مبتهجين هنا والآن بهذا اليوم العالمي للمسرح عراقياً، ونقول بضرورة ردّ الاعتبار وردّ الاحترام للأدب المسرحي، سواء ذلك المكتوب للقراءة، أم ذاك المكتوب بغرض التقديم المشهدي على الخشبة.
فبدون هذا (الورق) لا وجود لمسرح حقيقي للنظر أو للمشاهدة.
المؤلفون المسرحيون أو كتاب (الورق المسرحي) قليلون. ليس في العراق فحسب. هم في كل مكان قليلون. لكننا في العراق كدنا أن نصل إلى مرحلة الشّحّة وانعدام وجود أدب مسرحي مطبوع ومنشور.
لا مسرح لديك على الورق؟ إذن لا مسرح لديك على الخشبة.
هذه معادلة عراقية في الأقل، ويجب علينا جميعا القبول بها.
يجب اعتماد استراتيجيات ناجعة لتشجيع المؤلف المسرحي مثل المسابقات والمنافسات وشراء النصوص المسرحية من قبل مسرح الدولة ومسارح القطاع الخاص والمبادرة إلى تبني طبع النصوص المسرحية ونشرها وتوزيعها على نطاق واسع. يجب خلق المؤلف المسرحي إن لم يكن موجودا.
الكتابة في المسرح، الكتابة للمسرح العراقي، الكتابة عن المسرح العراقي، الكتابة في نقد وانتقاد المسرح العراقي، الكتابة في تأريخ المسرح العراقي. كل هذه الأنماط الكتابية (المُتمَسرحَة) هي الدماء الحقيقية لقيامة الروح الفنية التي سيحملها على عاتقه الممثل والمخرج والمؤدي كي يقدموا لجمهور النظارة آلاء الفن المسرحي الراقي الجميل النبيل الذي نأمله جميعاً أن يكون عراقياً بامتياز.
نعم، هكذا كنا، وهكذا أبداً إلا أن نكون.
حاشية ضرورية:/
كتبت هذا المقال في لندن بناءا على تكليف من صديقي الكاتب المسرحي الراحل قاسم مطرود (1961-2012)، وتم نشره يوم 27 مارس آذار عام 2012 في "مسرحيون"، الموقع الإلكتروني المرموق الذي كان يشرف عليه ويحرره، وكذلك نشر في موقع الف ياء الزمان أونلاين، وموقع الحوار المتمدن. كان الراحل قاسم مطرود حريصا على خلق تقليد مسرحي اعلامي عراقي يتكرر كل عام بمناسبة يوم المسرح العالمي، وكان يحب ان يطلق عليه اسم "اليوم العراقي للمسرح العالمي"، وكان اقترح ايضا في اكثر من مناسبة ان يخصص يوم 21 مارس آذار كعيد عراقي للمسرح. ومنذ ذلك الحين وأنا على العهد مع قاسم بكتابة مقال في هذه الذكرى السنوية العالمية. وفي كل مقام يتم فيه هذا، إنما أضع عبر الكلمات باقات زهور على مثواه الأخير لتعبق بأريج ذكراه العطرة. إلى جنان الخلد يا قاسم مطرود، يا صديق الوطن والمنفى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??