الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حقوق الإنسان و الطبقات و حرّية الصحافة و سلاسل العمل – التزويد ] ( -5- الصحافة و حرّية الصحافة )

شادي الشماوي

2022 / 8 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حقوق الإنسان و الطبقات و حرّية الصحافة و سلاسل العمل – التزويد ] ( -5- الصحافة و حرّية الصحافة )
جريدة " الثورة " عدد 746 ، 11 أفريل 2022
https//revcom.us /en/bob_avakian/interview-bob-avakian

ما يلى نصّ إجابة على أسئلة حوار طُرحت على بوب أفاكيان ، المنظّر الشيوعي و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة و رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة . و الأسئلة المطروحة في هذا الحوار ستّة وهي ترد بالخطّ العريض و يشار إلى صاحبها ب " المحاوِر " بينما أجوبة بوب أفاكيان ترد بعد ذكر إسمه . و نلفت نظر القرّاء إلى أنّ الأسئلة قد أعدّت قبل غزو روسيا لأوكرانيا و ما تلى ذلك من أحداث و إلى أنّ بوب أفاكيان أتمّ إجابته عنها بُعيد بداية الحرب التي نجمت عن ذلك الغزو .
و قبل إيراد الأسئلة و الأجوبة ، ترد بعض التعليقات التقديميّة من المحاوِر و بعض الملاحظات من بوب أفاكيان .
----------------------
( الأرقام بين قوسين في فقرات الأسئلة تحيل على المراجع أوّلا على سنة نشر (2016 ) كتاب بوب أفاكيان " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " و ثانيا ، على رقم الصفحات في ذلك الكتاب ) .
[ ملاحظة : تقسيم الحوار المجرى من طرف جريدة " الثورة " يقدّم سبعة أجزاء و المترجم أدمج الجزء الأوّل و الثاني].

المُحاوِر :
عقب قراءة " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " (2016) و التفكير في المواضيع التي برزت بحدّة أكبر في السنوات الخمس فقط منذ نشره ، و تجلّت أكثر مع وباء كوفيد - 19 ، ندرك بصفة إستعجاليّة حتّى أسطع الحاجة إلى تغييرات في " النظام الذى يمثّل جوهريّا مصدر الكثير من البؤس و العذابات في العالم " (1) . و المحاور التي أرجو أن نتناولها بالحديث في حوارنا عديدة : البيئة و الهجرة و حقوق الإنسان و الطبقات و حرّية الصحافة و سلاسل العمل – التزويد .
بوب أفاكيان :
قبل تناول الأسئلة الخاصة التي ستلقيها وهي جدّية و هامة و تتّصل بتطوّرات هامة و حارقة في العالم ، أودّ أن أسوق بإختصار بعض الملاحظات العامة إستنادا إلى قراءاتى بصدد هذه القضايا . الإجابة على هذه الأسئلة من جهة بسيطة و أساسيّة و من الجهة الأخرى معقّدة : بسيطة و أساسيّة بمعنى أنّ المشاكل المعنيّة قابلة للمعالجة – و لا يمكن معالجتها إلاّ – بثورة و نظام مختلف راديكاليّا ، نظام إشتراكي غايته الأسمى عالم شيوعي ؛ و معقّدة بمعنى أنّ القيام بهذه الثورة عمليّا و تاليا تحقيق التغييرات التي سيسمح بها هذا النظام الجديد راديكاليّا سيتطلّب العمل و النضال عبر بعض الأوقات الصعبة و التناقضات الشديدة التعقيد . و في إجاباتي هنا ، سأبذل قصارى الجهد لتوفير ما يتناول بالحديث المسائل الأساسيّة المعنيّة بينما أحيل على أعمال توفّر المزيد من النقاش الأشمل و الأعمق لما تثيره هذه الأسئلة . و بوجه خاص ، أحيل القرّاء على " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته . و قد صيغ هذا الدستور و المستقبل في الذهن – كمرشد ينطوى على جملة من الأهداف و المبادئ و الإجراءات الملموسة قصد إنشاء مجتمع إشتراكي من خلال الإطاحة بالنظام الرأسمالي- الإمبريالي الذى يحكم الآن هذه البلاد و يهيمن على العالم ككلّ . و في إجاباتي على الأسئلة المطروحة في هذا الحوار ، إقتبست بصفة واسعة جدّا فقرات من هذا الدستور بإعتبار أنّه يقدّم أجوبة هامة بصيغة مكثّفة .
و في ما يتعلّق بالإقتصاد الإشتراكي و تعاطيه مع البيئة الوسع ، مفيد للغاية هو كذلك مقال " بعض المبادئ المفاتيح للتطوّر الإشتراكي المستدام " . و فضلا عن كتاب " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " ، هناك عمل آخر من أعمالي ، " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " المناسب كخلفيّة و لمزيد التعمّق في ألجوبة على الأسئلة الهامة المطروحة في هذا الحوار . و يحلّل عمل حديث من أعمالي بعمق لماذا يمكن القيام بثورة فعليّة في الولايات المتّحدة نفسها ، في خضمّ التناقضات الحادة و المتفاقمة التي تميّز المجتمع و العالم ككلّ و كيف يمكن أن تُنجز هذه الثورة – ثورة تمكّن من إحداث ضروب من التغييرات العميقة المناقشة في هذا الحوار . ( و هذا العمل هو " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة - أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة " قد كُتب قبل الغزو الروسيّ لأوكرانيا و مزيد إحتدام التناقضات بين الإمبرياليّة الروسيّة و الإمبرياليّة الأمريكيّة / الناتو التي رافقت هذه الحرب ، مع الخطر المتصاعد لنزاع عسكريّ مباشر بينهما ؛ غير ّانّ هذا العمل يوفّر تحليلا أساسيّا للقوى الكامنة و المحرّكة للنزاعات الكبرى في هذه البلاد و في العالم الأوسع و إمكانيّة معالجتها معالجة إيجابيّة بواسطة الثورة ) . و تتوفّر هذه الأعمال و " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " و التحليل الجاري للحرب فى أوكرانيا و أحداث عالميّة كبرى أخرى على موقع أنترنت revcom.us .
يقع ذكر " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " – كلّ من الكتاب و المنهج و المقاربة بصورة عامة – مرّات عديدة في هذا الحوار ، في الأسئلة و الأجوبة على حدّ سواء ، و رغم أ،ّ هذا ليس مجال النقاش الواسع لمبادئ الشيوعيّة الجديدة و مبادئها ، يبدو أنّه من المفيد و المناسب الإشارة إلى لبّه : تمثّل الشيوعيّة الجديدة و تجسّد معالجة لتناقض حيويّ وُجد صلب الحركة الشيوعيّة في تطوّرها إلى يومنا هذا ، بين منهجها و مقاربتها العلميّين جوهريّا من جهة و مظاهر من الشيوعيّة مضت ضد ذلك من الجهة الأخرى ؛ و ما هو الأكثر جوهريّة و أساسيّة في الشيوعيّة الجديدة هو مزيد تطوير الشيوعيّة و تلخيصها كمنهج و مقاربة علميّين و التطبيق الأكثر صراحة لهذا المنهج و هذه المقاربة العلميّين على الواقع عامة و على النضال الثوريّ للإطاحة بكافة أنظمة و علاقات الإستغلال و الإضطهاد و إجتثاثها و التقدّم نحو عالم شيوعيّ خاصة . و يشكّل هذا المنهج و هذه المقاربة أساس و قاعدة كلّ العناصر الجوهريّة و المكوّنات الأساسيّة لهذه الشيوعيّة الجديدة .
و تعبير مكثّف لهذا هو التوجّه و المقاربة الأساسيّين للبحث علميّا عن الحقيقة و البحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه بما في ذلك تاريخ الحركة الشيوعيّة في ما يتعلّق ليس بمظهرها الرئيسي فحسب - مكاسبها الواقعيّة جدّا و الحقيقيّة - بل كذلك ثانويّا لكن بشكل هام بأخطائها الحقيقيّة و أحيانا حتّى المريرة ( ما أشرت إليه على أنّه " حقائق مزعجة " ).
و إمتداد حيويّ لهذا هو المبدأ المناقش في عدد من أعمالي بما فيها في ذلك " " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " أنّ :
الشيوعيّة الجديدة تنبذ تماما وهي مصمّمة على أن تجتثّ من الحركة الشيوعيّة الفهم و الممارسة السامين القائلين بأنّ " الغاية تبرّر الوسيلة " . و المبدأ الأساسيّ للشيوعيّة الجديدة هو أنّ " وسائل " هذه الحركة يجب أن تنبع من " الغايات " الجوهريّة و أن تكون منسجمة معها للقضاء على كلّ الإستغلال و الإضطهاد عبر الثورة المقادة على أساس علميّ . "
هذا هو التوجّه و المنهج و المقاربة الأساسيّين الذين طبّقتهم في نقاش مسائل هامة أُثيرت في هذا الحوار .
و في الختام ، كمقدّمة ، أودّ أن أشكر أناسا آخرين إطّلعوا على أسئلة هذا الحوار و قدّموا ملاحظات مساعدة بهذا المضمار و خاصة منهم ريموند لوتا الذى وفّر تعليقات قيّمة .
---------------------
[-5- الصحافة و حرّية الصحافة ]

المُحاوِر
الصحافة المرتبطة بالشركات ليست حرّة طالما أنّها " مملوكة و تتحكّم فيها مصالح قويّة . إنّها في الواقع آلة دعاية الطبقة الحاكمة الرأسماليّة الإمبرياليّة " ( 14 ) .
إنّ إمتلاك الشركات لوسائل الإعلام تشير إلى الحاجة إلى المزيد من الصحافة المستقلّة . و يُكرّس صحفيّون لا عدّ لهم و لا حصر متشبّثون بأخلاقيّات المهنة حياتهم ليبحثوا بعمق و لينشروا تقاريرا دقيقة برغم المخاطر المحدقة بذلك و الأجور الزهيدة بشكل بارز .
و في هذه اللحظة ، كيف يمكنكم تصوّر تخلّص وسائل الإعلام السائدة من ملكيّة الشركات ؟
بوب أفاكيان :
لنبدأ بسؤالك الأخير هنا ، الحقيقة الصريحة هي أنّه لا مجال في ظلّ هذا النظام ل تخليص وسائل الإعلام السائدة من ملكيّة الشركات .
" ملكيّة الشركات " لوسائل الإعلام بالتأكيد أمر واقع . فبوسعك النظر إلى ايّ عدد من الدراسات حول نموّ تمركز ملكيّة الصحف و محطّات الإذاعة و التلفزة و التسجيل/ النسخ في صناعة الموسيقى ... و ما إلى ذلك و القائمة طويلة . لكن الواقع الأكثر جوهريّة هو أنّ وسائل الإعلام في ظلّ هذا النظام تنحو إلى أن تكون و ليس بوسعها إلاّ أن تكون أداة بيد الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، حتّى و العديد من وسائل الإعلام تمثّل فئات مختلفة من هذه الطبقة الحاكمة – و على سبيل المثال ، وسائل إعلام مثل السي أن أن و الأم أس أن بى سى و جريدتي النيويورك تايمز و الواشنطن بوست ، الذين يمثّلون الفئة السائدة من هذه الطبقة الحاكمة ، هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، فوكس " نيوز " الممثّلة للفئة الفاشيّة .
على الرغم من الإختلافات الواقعيّة و الحادة جدّا بينهما ، وسائل الإعلام السائدة في هذه البلاد ( بما فيها " وسائل الإعلام الرقميّة الكبرى المعتمدة على الأنترنت ) كلاهما " السائدة " و الفاشيّة في الواقع أدوات دعاية بيد الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبرياليّة .
و لعلّ لا شيء قد جسّد هذا بأكثر وضوح من كيف تتعاطى وسائل الإعلام هذه مع الغزو الروسيّ لأوكرانيا . فرغم بعض موقف عدّة فاشيّين و بصفة بارزة دونالد ترامب الذى مدح فلاديمير بوتن ، فإنّ " تغطية " هذا الغزو و هذه الحرب ( و ما يحفّ بها من أحداث ) من طرف وسائل الإعلام السائدة قد مثّلت بصفة طاغية إن لم تكن كلّية ، دعاية غير مزوّقة تروّج لمصالح إمبرياليى الولايات المتّحدة و " حلفائها " في تعارض مع مصالح الإمبرياليّة الروسيّة . و كان هذا هو الحال منذ البداية مع وسائل الإعلام الممثّلة للفئة " السائدة " من الطبقة الحاكمة لكن حتّى الحزب الجمهوريّ الفاشيّ و الناطقين بإسمه إنضمّوا إلى درجة لها دلالتها إلى هذا الخطّ – حتّى و هم على جبهات عدّة يواصلون مهاجمة بيدن و الديمقراطيّين ( و تظلّ الإنقسامات العميقة صلب الطبقة الحاكمة و في المجتمع ككلّ و ستطلّ تؤكّد نفسها و تتفاقم ).
و كما هو الحال دائما في مثل هكذا وضع ، تميّزت وسائل الإعلام بظهور في كلّ مكان ل " محلّلين " متشكّلين من ضبّاط عسكريّين سابقين و من أعوان السى آي آي و عملاء و موظّفين آخرين تابعين للسلطات الإمبرياليّة للولايات المتّحدة و الجرائم ضد الإنسانيّة . و قد تمّت ملاحظة أنّ هذه " التغطية " للحرب في أوكرانيا و الحداث المتّصلة بها تفتقر إلى مشاركة أناس يمثّلون أيّة آفاق أخرى مغايرة لهذا .
و كما كتبت بشأن الغزو الروسيّ لأوكرانيا و صلته بالوضع الأشمل للنزاع بين القوى الإمبرياليّة :
" من الأكيد أنّ القوّة العظمى للإرهاب و العدوان الروسيّ و غزوها لأوكرانيا مثال واضح على ذلك و شيء على جميع النزهاء و الشرفاء معارضته . لكن لا يجب على أيّ إنسان نزيه و شريف أن يقف إلى جانب إمبرياليّي الولايات المتّحدة في نزاعها مع الإمبرياليّة الروسيّة . و للأسباب التي سأتعمّق فيها ، من النفاق التام و المقيت بالنسبة لإمبرياليّي الولايات المتّحدة و الناطقين الرسميّين بإسمهم في وسائل الإعلام و غيرهم من ممثّليهم أن يقدّموا أنفسهم على أنّهم يندّدون بصفة شرعيّة بهذا الغزو الروسي بينما الولايات المتّحدة هي البلد الذى إلى درجة بعيدة جدّا قد قام بأكبر عدد من الغزوات و عمليّات التدخّل العنيف الأخرى في شؤون البلدان الأخرى .
بشكل ما ، هؤلاء " المتعلّمون " قد " نسوا " غزو الولايات المتّحدة و إحتلالها ل " بلد مستقلّ " آخر هو العراق سنة 2003 – على أساس أكاذيب صارخة عن الإمتلاك المفترض للعراق ل " أسلحة دمار شامل " و إرتباطه الوثيق بالإرهابيّين الأصوليّين الإسلاميّين كالقاعدة . و كان هذا الغزو للولايات المتّحدة جريمة حرب عالميّة بارزة ، نجمت عنها حركات أودت بحياة مئات آلاف البشر و جعلت الملايين لاجئين و أطلقت العنان ل دوّامة موت و دمار في تلك الناحية من العالم . ( أحد أهمّ المشاهد المقيتة المعروضة بوسائل الإعلام " السائدة " هذه الأيّام مثل السي أن أن ، مشهد وجود مسؤوليّين حكوميّين من " قدماء المحاربين " المشاركين في جريمة حرب الولايات المتّحدة في العراق و هم يندّدون بغطرسة الغزو الروسي لأوكرانيا على أنّه عمل غير قانوني لبلد قويّ يعتدى على بلد أضعف منه ، و بشكل ما ، " إستبعدت " وسائل الإعلام هذه النفاق المثير للغضب لمجرمي الحرب الأمريكيّين هؤلاء و هم يندّدون بجرائم حرب الآخرين " إستبعدت " ذلك النفاق عمدا و تجاهلته ). "
( و قد ورد هذا في مقال " الشوفينيّة الأمريكيّة الوقحة : " معاداة الإستبداد " ك " غطاء " لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة " الذى يمكن العثور عليه على موقع أنترنت revcom.us ، إلى جانب مقال " مصاحب " : " الطفيليّة الإمبرياليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي و الطبقي في الولايات المتّحدة من سبعينات القرن العشرين إلى اليوم : إستكشاف النزعات و التغيّرات " ) .
في كلّ هذا ، الواقع ليس ببساطة أنّ وسائل الإعلام هذه تملكها شركات قويّة و مؤسّسات ماليّة تتحكّم في مليارات الدولارات؛ المشكل ألعمق يكمن في واقع أنّ البنية الفوقيّة لهذا النظام – المؤسّسات السياسيّة و القانونيّة و كذلك مجال الثقافة و الإيديولوجيا بما فيه وسائل الإعلام – ستتماشى و يجب أن تتماشى جوهريّا مع طبيعة النظام و بصفة خاصة مع النظام الاقتصادي الكامن ، أو نمط الإنتاج . و في عدد من الأعمال منها " " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " ، حلّلت بشيء من العمق لمذا ذلك كذلك. و هنا النقطة الأساسيّة يمكن أن تلخّص بإقتضاب في فهم أنّه إذا كانت البنية الفوقيّة بأيّة طريقة هامة و طوال أيّة فترة زمنيّة هامة ، خارج العلاقات و الديناميكيّة الأساسيّين لنمط الإنتاج الكامن ، سيشهد المجتمع فوضى جدّية و في نهاية المطاف لن تقدر الأمور على أن تسير . ( و تعبير مدهش لهذا ذكرته في كتاب " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " هو واقع أنّه في ظلّ هذا النظام ، لا يمكن أن يوجد " حقّ الأكل " – أو بصفة أعمّ ، لا حقّ في الحاجيات الأساسيّة للحياة – بمثال من الفوضى و الإنهيار الناجمين عن ذلك ضمن حدود هذا النظام حيث الحاجيات الأساسيّة للحياة تنتج كسلع يجب أن تشترى عبر تبادل سلعة أخرى هي المال ، و يُعلن القانون أنّ للناس " حقّ الأكل " و هذا يعنى أنّه إذا لم نستطع شراء حاجياتنا الأساسيّة ، بوسعنا الحصول عليها بلا مقابل ! ) .
و بالعودة إلى دور وسائل افعلام ، هذه العلاقة بين البنية الفوقيّة و نمط الإنتاج الكامن تعنى أنّ وسائل الإعلام السائدة في هذه البلاد ( حتّى بإختلافات واقعيّة جدّا بين فئات مختلفة من الطبقة الحاكمة ) ستتماشى و يجب أن تتماشى و أن تكون تعبيرا عن المصالح الأساسيّة للنظام الرأسمالي
- الإمبريالي و طبقته الحاكمة – واقع مسجّل بشكل دقيق كلّما كانت المصالح الحيويّة للرأسماليّة – الإمبرياليّة الأمريكيّة موضع رهان و بصفة بارزة تكون على الصعيد العالمي المصالح " القوميّة " ( أي الإمبرياليّة ) لهذه الطبقة الحاكمة معنيّة بصورة لها دلالتها . و هذا الواقع يشرح صعوبة أيّة محاولة حقيقيّة للإستقلال و نقصد عمليّا محاولة إيجاد عمليّا صحافة باحثة عن الحقيقة . و يشدّد هذا على أهمّية دعم الذين يبحثون حقّا عن تكريس هكذا صحافة .
لكن ، مجدّدا و بأكثر جوهريّة ، يتحدّث هذا عن الحاجة إلى طابع و دور مختلفين راديكاليّا لوسائل الإعلام - و الواقع هو أنّ هذا يتطلّب مجتمعا مغايرا جذريّا . و كما جرى الكلام عن ذلك في المقتطف أعلاه من بياني للسنة الجديدة 2021 ( ردّا على السؤال الثالث ) ، توجّه و هدف المجتمع الإشتراكي الجديد المرتأى في دستور ذلك المجتمع ، هما " تمكين الناس من البحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح فكر نقدي و فضول علميّ ، و بهذه الطريقة المعرفة المستمرّة للعالم لإمتلاك قدرة أفضل على المساهمة فى تغييره وفق المصالح الجوهرية للإنسانية. ". و ينسحب هذا ليس على النظام التعليمي فحسب و إ،ّما أيضا على وسائل الإعلام – على مؤسّسات المجتمع عامة . و كما يتناول ذلك " دستور الجمهورية الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " بالحديث ، ستوجد وسائل إعلام تابعة للدولة في المجتمع المرتأى لكن بدور مختلف جدّا عن دور وسائل الإعلام المهيمنة لهذا النظام ( و بالمناسبة ، دور مختلف بدلالة عن وسائل الإعلام في المجتمعات الإشتراكيّة السابقة ). سيكون الدور الأساسي
" توفّر الحقيقة و المعلومات الهامة و التحاليل الهامة لشؤون الدولة و تطوّرات أخرى هامة فى المجتمع و العالم للناس فى المجتمع ... و خدمة لهذا الهدف ذاته ، إضافة إلى إنشاء و تسهيل عمل وسائل إعلام بديلة مستقلّة عن الحكومة ، فإنه يجب السماح بدرجة هامة بتقديم وجهات نظر و تحاليل متنوّعة بما فى ذلك تلك التى تختلف و تتعارض مع التى تقدّمها الحكومة وممثّلوها ، و توفير الوقت و الفرصة لذلك عبر وسائل الإعلام ذاتها."
و فضلا عن ذلك ، لا يجب فحسب توفير الإعتمادات و التمويلات و غيرها من الموارد لوسائل الإعلام المستقلّة و إنّما ينبغي أيضا لهذا أن
" يجب تسهيل تنوّع الرؤى و الآراء و تشجيعها و نشرها مع تمثيل هام لرؤى و لآراء تذهب ضد رؤى الحكومة و آراءها فى أي وقت معطى ، بما فى ذلك بعض التى يمكن أن تعارض ليس فقط سياسات و أعمال معينة للحكومة لكن أيضا المبادئ و الأهداف الأساسية للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا."
و هذه المبادئ المتّصلة بوشسائل الإعلام ( المنصوص عليها في الفقرة الأولى و القسم 2 ، I من هذا الدستور ) معتمدة على و تنجم عن الفهم القائم على العلم بأنّ السيرورة موضوع الكلام هنا مهما كانت معقّدة و حتّى مضطربة أحيانا ، ستساهم بطريقة حاسمة في بلوغ الجماهير الشعبيّة فهما متنامي العمق للواقع و على هذا النحو يتمّ تعزيز قدراتها على تغيير الواقع تغييرا جوهريّا في مصلحة الإنسانيّة للتحرّك صوب إلغاء و إجتثاث كلّ علاقات الإستغلال و الإضطهاد .
------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟


.. سيارة جمال عبد الناصر والسادات تظهر فى شوارع القاهرة وسط أكب




.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم