الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معه

مزن مرشد

2006 / 9 / 24
الادب والفن


لم أعد أذكر من عمري إلا أربعة أيام ، لا أدري إن كنت عشتها حقيقة أم كانت مجرد أحلام يقظة، المهم أن أربعة أيام كن حياتي كلها.
تمنيت وقتها أن تطلب مني البقاء،لكن ما حصل كان أقوى مني ومنك .
تركتني أرحل، هكذا دون أن اشعر ولو لبرهة انك تريد بقائي .
أردتك أن تقولها:(ابقي)، فقط لأطمئنك بأنني سأرحل،وبأن الحياة التي تنتظرني لن تكون أنت أحد أركانها أبدا.
مشيت،أغلقت خلفي باب الحنين ورحلت ، قررت في تلك اللحظة أن أغلقه إلى الأبد،أي حنين ذاك الذي سيكون لشخص دون ذكريات.
قررت أن أمحو ذاكرتي أن أعود مثل شخص فقد ذاكرته عن سبق الإصرار ليتخلص من عذاب الحنين.
توقف الوقت في اللحظة التالية لأن اسعد اللحظات هي تلك التي نتركها خلفنا ونغلق في وجهها متاريس الذكرى عنوة.
في تلك اللحظة تيقنت أن من رحلت ، لست أنا ، كانت امرأة أخرى تلبس وجهي.
وبقيت أنا الحقيقية هناك أسكن الغرف ، تتسلل روحي في مسامات الجدران ، انتظر حلول الليل لأندس في فراشك وارقد مثل قطة خائفة على صدرك.
رحلت وانغمست من جديد في حياتي البليدة دون نوم دون دفء دون حواس.
في الرحيل يكبر الحب وفي البعد يتضخم وحش الشوق ليأكل من الأحشاء طويلا ولا يترك للفرح أي مكان.
قرأت مرة قصة لجبران ورويتها لك عن ابنة ملك غرمت بخادمها وهربت معه فأمر الملك بملاحقة العاشقين وقتلهما الا ان احدا لم يجدهما ومضت السنوات الى ان وجد راعيا هيكلين عظميين وبجانبهما حجر كتب عليه :" جمعنا الحب فمن يفرقنا وأخذنا الموت فمن يرجعنا " .
أعدت لك الحكاية عشرين مرة ، حتى حفظت تلك الجملة وصرت ترددها كالببغاء ما أن ابدأ برواية القصة من جديد ، كنت تضحك مني ، تظنني حمقاء ، طفلة ، لا اعلم أي نظرة كانت لي عندك؟
خوفك علي الذي لم أجد له مبررا اكتشفت انه خوفك على نفسك .
بالنسبة لي لم يكن الموت يخيفني فقد يكون أبدية ً لحب أظنه لن يتكرر في تاريخي ولن يقوى قلبي على هجره، في الموت تتسع الحياة لاحتمالات اكثر جنونية لفضاءات أوسع من كل التخيلات، لماذا نخشى الموت مادمنا نكون قد حققنا ما نريد وما فائدة الحياة بلا مغزى ولا معني ولا وجود.
حين التقينا أول مرة لم أنتبه للعقد الصغير في عنقك ، لم تكن وقتها تعنيني المذاهب ولم أشأ أن أفكر أبعد من اللحظة.
لم البس في حياتي أي رمز يدل على أصولي المنحدرة من جبال بعيدة هربت من جور المذابح لتسكن هذه الجبال الجنوبية القاحلة. ولم اهتم يوما لأي رمز قد يلبسه سواي .
أحببتك أنت ، بلا طوائف ، بلا ملل ، ولا أديان.
عدت إلى القرية ، كما هي لم ولن يتغير فيها شيء ، أزقتها، حاراتها ، بيوتها الحجرية السوداء لا تزال شاهدة على أيام تظن أنها لم تمر منذ مائة عام ، دخلت الدار العتيقة ، أبى العجوز يجلس على كرسيه في ركن الدار ينتظر قدوم الضيوف الذين لا يعرفون وقتا محددا لزياراتهم ، قهوته جاهزة ومضافته الكبيرة مهيأة للقادمين ، فمكانته في البلدة يحددها حجم زواره.
ركضت إليه ركعت أمام ركبتيه قبلت يديه،طلبت غفرانه،حضنني بحيرة ،نظر نحوي بعطف وشفقة لم أر مثلهما ، بكيت بين يديه، بكيت طويلا وعبثا ظل يحاول إيجاد مبررات لتصرفي، لكن ضيفا فاجأه. تركني وأسرع لملاقاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟