الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية ركوع لويس التاسع علي أبواب المنصورة

عطا درغام

2022 / 8 / 8
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


المنصورة"عروس الدلتا" جزيرة الألف عام،مدينة مصرية حتي النخاع وعاصمة وطنية لمحافظة الدقهلية ، تقع في شمال مصر، تظل علي الضفة الشرقية لنهر النيل فرع دمياط ، تبلغ مساحتها 20 كم 2 تقع علي مسافة 120 كم شمال القاهرة ُيقابلها علي الضفة الغربية مدينة طلخا.
كان يُطلق عليها اسم"جزيرة الورد" لأنها كانت مُحاطة بالمياه من ثلاث جهات وكانت بها أكبر حدائق ورود في مصر.
قال المقريزي:"إن الملك الكامل أسماها المدينة المنصورة؛ تيمنًا بانتصاره العظيم سنة 1221 م ، فسُميت بعد النصر الذي حققه الشعب المصري في معركته علي الحملة السابعة ب"المنصورة"..وهو اسم ارتبط بالانتصارات التي حققها الشعب المصري علي جيوش المسلمين التي حاولت مرارًا اكتساح العالم العربي.
إحدي مدن الشرق القليلة التي لم تنحن قط للجبروت الآتي من الغرب، بل إنها لقنت هذا الغرب دروسًا لن ينساها.نقل ابن دقماق من كتاب"الانتصار عن كتاب تقويم البلدان" للمؤيد للمؤيد عماد الدين بأن المنصورة بناها الملك الكامل ابن الملك العادل عند مفترق النيل علي دمياط وأشموم، وبينهما جزيرة البشمور..بناها في وجه العدو لما حاصرها دمياط".
تُعد بتاريخها المشرف مقبرة لكل من تسول له نفسه العبث بها أو ترويع أهلها.كانت- أرض الرجال الذي لم يعرف عدوها ومن يريد إرهابها أو الاستيلاء عليها طمعًا للانتصار فيها وهذا يتضح من تاريخها العظيم.
هذه المدينة الباسلة التي وصفها المؤرخ الفرنسي جروسيه " بأنها مقبرة الجيش الصليبي.. وضرب شعبها أروع قصص البطولة والفداء في أقوي معاركه التاريخية ضد القوات الصليبية بقيادة لويس التاسع ..الذي صور لنفسه سفهًا أن يستولي علي ربوعها في أيام معدودات، لكنه أخطأ التقدير ، فلم يضع في حساباته صلابة هذا الشعب وقدراته الفائقة علي بذل التضحيات.حفاظًا علي كل حفنة تراب من أرض هذا الوطن العالي علي كل أبنائه.
وقد كشفت معركة المنصورة الخالدة عن شجاعة وبراعة المصريين في فن الحروب وتلاحم الجيش مع الشعب من أجل النصر في أروع صورة.
وذلك في الفترة من 8 إلي 11 فبراير سنة 1250 ، حيث وقعت أحداث المعركة بين القوات الصليبية( الفرنج) بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا، الذي عُرف بالقديس لويس فيما بعد، أو الملك الحزين.
وشع بالمنصورة والقوات الأيوبية بقيادة الأمير فخر الدين يوسف ابن شيخ الشيوخ ،وفارس الدين أقطاي الجمدار وركن الجين بيبرس البندقداري.
فخاض الشعب والجيش ، بعد أن انصهروا في بوتقة الفداء،معركة ضاربة ضد العدوان الغاشم، وسجل التاريخ أروع صفحات المجدد لكل ابن من أبناء هذا البلد الخالد.. الرجال والنساء والأطفال والشيوخ..الذين انقضوا جميعًا علي الغزاة،من كل مكان في الشوارع وبين الأزقة ومن فوق أسطح المنازل، في شجاعة لا مثيل لها ،أقبلوا علي الموت بصمود راسخ رسوخ عقيدة الجهاد من أجل حرية وطن كل أماني أبنائه أن يعيشوا في سلام.
وأراد الله أن يتحقق النصر الحاسم لهذا الشعب العريق وجيشه الباسل عند ما سقط لويس أسيرًا في أيدي الأبطال في قرية منية أبي عبد الله"ميت الخولي" حاليًا..واقتيد إلي دار فخر الدين ابن لقمان بن أحمد بن محمد الشيباني الأسعردي(دار ابن لقمان) كاتم سر السلطان..هذه الدار لا تزال باقية حتي الآن بجوار مسجد الشيخ الموافي.وفيها أبقوه في حراسة أمرت أن تعامله بما يليق بمقامه من الاحترام لمدة 22 يومًا.
وبعد مفاوضات مريرة من أجل الإبقاء علي حياته افتدته زوجته بمبلغ أربعمائة ألف قطعة ذهبية..علي أن يكمل الباقي بعد وصوله إلي عكا.
وخان العهد والقسم الذي أقسمه بأنه إذا أخلف وعده معهم صار بريئًا عن الديانة المسيحية والمعمودية..مُنكرًا للمسيح والصليب والعذراء والحواريين ، والقديسين والقديسات..ورغم ذلك لم يدفع باقي الفدية.
أسفرت المعركة عن هزيمة الصليبيين هزيمة منكرة، منعتهم من التفكير من التفكير في إرسال حملة صليبية جديدة إلي مصر ،فكانت المنصورة هي حائط الصد بشعبها وجيشها.
وأُطلق سراح لويس التاسع بعد أن قدم نصف الفدية ،وكان أول عمل قام به بعد تحريره من الأسر أن ابتاع مئات المخطوطات الثمينة والنادرة وحملها إلي سفينته علي 14 بغلًا.
وبعد وصوله سالمًا توجه إلي أتباعه بالوصية التالية، التي اعتبرت وثيقة مهمة حفظت في دار الوثائق القومية في باريس، ويقول فيها:(إنه لا يمكن الانتصار علي المسلمين من خلال حرب،وإنما يمكن الانتصار عليهم بواسطة السياسة باتباع ما يلي:
أولًا: إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين ،وإذا حدثت فليعمل علي توسيع شقتها ما أمكن حتي يكون هذا الخلاف عاملًا في إضعاف المسلمين.
ثانيًا: عدم تمكين البلاد الإسلامية والعربية أن يقوم فيها حكم صالح.
ثالثًا: إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء ،حتي تنفصل القاعدة عن القمة
رابعًا: الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه، يضحي في سبيل مبادئه.
خامسًا: العمل علي الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة.
سادسًا: العمل علي قيام دولة غربية في المنطقة العربية تمتد حتي تصل إلي الغرب
وفي هذا الصدد يأتي كتاب الأستاذ محمد شلبي أمين بعنوان "حكاية ركوع لويس التاسع علي أبواب المنصورة"، الذي يتناول بطولات الشعب المصري في المصورة ، وكيف تغلب علي جحافل الصليبيين ،ولقنوهم درسً في فنون القتال، وتلاحم الجيش مع الشعب من أجل النصر في أروع صورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستقبل الجولاني في سوريا.. ما إمكانية رفع اسمه من قوائم الإر


.. الجزيرة ترصد تأمين قوات المعارضة السورية معبر يابوس الحدودي




.. بشار الأسد في روسيا التي كان يزورها باستمرار وحيث يعيش نجله


.. وزير الخارجية الأيراني: الأسد -لم يطلب أبدا- مساعدة طهران ضد




.. الدبلوماسي السابق مسعود معلوف: إسرائيل هي الشريك الإقليمي ال