الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الحل ، لحقن دماء سكان قطاع غزة في المستقبل؟

ريهام عودة

2022 / 8 / 9
القضية الفلسطينية


مع انتهاء جولة التصعيد القصيرة التي استمرت لمدة 3 أيام م بدءً من تاريخ 5-8-2022 ، بين حركة الجهاد الإسلامي و الجيش الإسرائيلي ، و التي أطلق عليها الاحتلال الإسرائيلي مسمى عملية " الفجر الصادق " ، و أدت للأسف إلي سقوط عدد كبير من الشهداء و الجرحى في صفوف الشعب الفلسطيني بقطاع غزة ، إضافة الي التسبب بحالة كبيرة من الرعب و الذعر لأطفال غزة بسبب صوت القصف الإسرائيلي ، إضافة إلي حالة القلق و التوتر الشديد التي أصابت معظم سكان القطاع جراء الخوف الشديد على حياتهم وحياة أطفالهم في ظل انقطاع الكهرباء ، و الحر الشديد ، و استرجاع الذكريات الأليمة لتصعيد مايو 2021 ، الذي قضى على أهم معالم شوارع قطاع غزة الرئيسية ، ودمر أبراج سكنية بأكملها ، وشرد أعداد كبيرة من العائلات.

تساءل البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، هل كُتب القتال على سكان قطاع غزة كل فترة زمنية و أخرى ، فحتى الآن لم يتم اعادة إعمار عدد كبير من البيوت التي تدمرت خلال تصعيد مايو 2021 ، ومازال أصحابها يقطنون بشقق مؤقته بالايجار، فما بال أن يتورط القطاع بجولة جديدة من التصعيد العسكري قبل ترميم جروح تصعيد مايو 2021.

للرد على هذا التساؤل لابد من التذكير أولاً ، أن هذه الجولة الجديدة من القتال بين حركة الجهاد الاسلامي و الاحتلال الاسرائيلي، لم تبدأها الجهاد الاسلامي ، بل فٌرضت عليها من قبل الجيش الإسرائيلي الذي قام بضربة استباقية ، استهدفت القادة العسكريين للجهاد الإسلامي ، مما أدى ذلك لرد الجهاد الإسلامي على اسرائيل ، عبر إطلاق الصواريخ من غزة للانتقام و الثأر لاستشهاد أبرز قادة الجهاد الإسلامي العسكريين ، و ذلك تحت مسمى معركة وحدة الساحات ، كرسالة للاحتلال الإسرائيلي أن الهم الوطني واحد ، و لا يمكن الفصل بين ما يحدث بالضفة الغربية من اعتقالات إسرائيلية ضد المقاومين الفلسطينيين ، وما يحدث في غزة من مقاومة مسلحة ضد الجيش الإسرائيلي.

لذا معظم المواطنوان الفلسطينيون يعلمون جيداً ، أن إسرائيل هي من بدأت الحرب ، و الهجوم على القطاع، و ليس أي فصيل فلسطيني ، وهذا ما جعل عدد كبير من سكان القطاع يتعاطفون مع حركة الجهاد الإسلامي التي شعرت بألم الغدر الإسرائيلي.

لكن ما أريد أن أطرحه هنا ، هو موضوع أخر، لا يتعلق بمن بدء المعركة أم لا ؟ أو من فاز بالمعركة أم لا ؟

ما أريد أن أطرحه هنا في هذا المقال ، هو ضرورة البحث عن حلول جذرية لسكان قطاع غزة ، تضمن لهم العيش بكرامة دون سفك دمائهم و استشهاد أطفالهم و إصابة نسائهم و شيوخهم بجراح الحرب ، و دمار منازلهم و سبل عيشهم.

حيث يجب التعامل مع قطاع غزة من وجهة نظر أخرى ، ليست عسكرية و لا حتى انسانية ، يجب أن يتم التعامل مع قطاع غزة، و سكانه كجزء من الحل النهائي للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، و كشعب يستحق الحياة ، يتم توظيفه لبناء الدولة الفلسطينية المستقبلية على حدود 1967 ، و ليس التعامل معه فقط كمجرد أدة لإدارة الصراع و المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي ، أو قربان للحروب التي يتم شنها من حين لأخر.

ولإخراج قطاع غزة و سكانه من قوقعة الحروب و الدمار ، لابد من اعتماد استراتجية وطنية عملية لإنهاء الانقسام الفلسطيني، و التعامل مع سكان قطاع غزة بصفتهم شركاء في بناء الوطن مع إخوانهم في الضفة الغربية و القدس ، و ليس بصفتهم محكومين يتلقون مساعدات انسانية من حين لأخر ، أو موظفين عاطلين عن العمل يتلقون رواتبهم من السلطة الفلسطينية كالتزام اداري من السلطة تجاهم .

يجب أن يتم أيضا التخلص من روح تضخيم الذات و القدرات الفلسطينية عند بعض الفصائل الفلسطينية ، و العمل على تقييم ذاتي للفصائل الفلسطينية لمعرفة نقاط الضعف و القوة لديهم ، دون الانفصال عن الواقع الشعبي، و دون استخدام لغة الشعارات و الوعود الرنانة ، و دون أيضاً توريط سكان قطاع غزة في حروب مدمرة أكبر من طاقتهم البشرية ، تحت أوهام البطولة الخيالية المذكورة في قصص وروايات العصور الوسطى .

إن سكان قطاع غزة ،هم في النهاية بشر عاديين ،وليسوا أنبياء أصحاب معجزات ، أو ربورتات ألية يتم التحكم بها عن بعد ، فهم بشر لهم طاقة تحمل محدودة للصمود في ظل هذه الحروب المدمرة التي لا تقوى عليها الجبال ، والتي بالتأكيد ستغير في المستقبل من الجينات النفسيه للأجيال القادمة من سكان قطاع غزة ، فنحن بكل بساطه لا نريد أن يتحول قطاع غزة في المستقبل ، لمصحة للأمراض النفسية و العقلية بسبب سوء تقدير قيادة الفصائل الفلسطينية لمدى قدرة تحمل النساء و الأطفال و الشباب و الكهول و الشيوخ في القطاع ، لويلات الحروب و الدمار و ألام فقدان الأحباب و الأعزاء.

لابد النظر إلي سكان قطاع غزة كمدنيين بالدرجة الأولى ، و كبشر من دم و لحم مثلهم مثل أي مواطن فلسطيني في المحافظات الأخرى بالوطن ، و ليس كأناس مطلوب منهم وحدهم دفع ضريبة الوطن من دمهم ، ومن دم أبناءهم ، للدفاع عن كل الوطن لوحدهم ، ونيابة عن الجميع!
وأخيرا ، يمكن القول أن الحل النهائي الذي يمكن اعتماده لحقن دماء شعب قطاع غزة في المستقبل، و لابعاد شبح الحرب و الموت مرة أخرى عن القطاع ، هو العمل على تبني طرق حل الصراع السلمية ، عبر استخدام أدوات المقاومة السلمية و القانون الدولي و المفاوضات الشفافة و المهنية و التي تضمن للشعب الفلسطيني الاطلاع على أسباب فشل المفاوضين الفلسطينين في الماضي، و الاستفادة من الدروس السابقة للوصول لحل سلمي نهائي للقضية الفلسطينية ، مع إتاحة المجال للشعب الفلسطيني بأن يكون شاهدا على ما يحدث داخل أروقة المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية ، لتقييم أداء فريق المفاوضات الفلسطينية ، ومدى مهنيتهم في التفاوض ، بدلا من التسبب بإحباط الشعب الفلسطيني في كل مرة عبر نشر أخبار سلبية عن فشل مفاوضات السلام ، و عدم الوصول لحل نهائي للصراع دون التسبب بخسائر بشرية ، أم مادية في صفوف المدنيين.

الحل هو أيضاً ، الترويج لثقافة الأمل و البناء و التطوير الإيجابي ، و عدم الترويج لأدوات الهدم و الدمار، والصراعات الداخلية و عدم بث روح الفتنة و الشقاق بين أبناء الوطن الواحد.

الحل هو السماح بكل بساطه للشعب الفلسطيني، بأن يمارس بكل حرية حقه الديمقراطي لانتخاب قادة الأمل ، الذين يستطيعون طرح حلول عملية و ذكية لمشاكل قطاع غزة الانسانية و الاجتماعية و الاقتصادية و الصحية ، و الذين يستطيعون مد يد المساعدة لشعبهم ، لكي يكونوا جزءً أساسياً من عملية بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية الموحدة ، بدلا من إقحام سكان القطاع في أتون الصراعات الداخلية و الحروب المدمرة.

الحل هو أن نعيش من أجل الوطن لنبنيه حجرا حجرا، وأن لا نستسلم للموت، كقربان يٌقدم في كل مرة على مذبح الحرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران