الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- رسالة خاصة جدا ..الى سعدي يوسف -

خالد السلطاني

2006 / 9 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اخي وعزيزي ابو حيدر المحترم
تحية
اتمنى ان تكون بخير وبصحة تامة .
قد اكون مقصرا تجاهك بعدم الكتابة اليك سابقا ، لكني في اوقات واوقات كثيرة اشعر بان ما تكتبه ولاسيما في الشأن السياسي العراقي ، لا يمثلني ولا يجعلني ان اتعاطف معه ، بيد انني داومت على قراءة كل ما تكتب ، في الاقل حتى ادرب نفسي على ممارسة قبول التعددية التى احاول ان اكون احد مناصريها ، وان احترم الرأى الاخر حتى ولو كان بالضد لما اعتقد به ، وهي سلوكية ، كما تعرف ، ليست سهلة المجاراة في وقتنا العصيب هذا ، الوقت الملعون ، الشرس والمتلون وناهب الامال ومبعد الاحلام ! .
على ان باعث كتابتي اليك الان هو ما قرأته اخيرا لك " سيمفونيات ناقصة حقا ً " ، ودهشت لقوة تأثير نصك علي ّ ، انه ذات التأثير الذي تتركه ابيات قصائدك واحاديثك الممتعة التى كنت اصغي اليها في " دارتك " بعمان ، عندما ازورك ، ونجلس التينة ، وليس كما كان يقول احد اصدقاءك ، ونحتسي عرق " السبت " الصباحي ! .
على كل حال ان ما كتبته عن اناشيد المدرسة الابتدائية اثار في ّ ايضا شعورا خاصا ومربكا ؛ خاصا : لجهة ترديدى انا ايضا لهذا النشيد في طفولتي ، ومربكا : لاني الان فقط اعي معاني تلك المفردات التى كنت لم افقه منها ، لقد كنت مغرم باللحن الموسيقي للنشيد اكثر بكثير من كلماته ، ذلك اللحن الذي لا يشبه الاناشيد الاخرى المألوفة لدينا العادية ولا ايقاعها ، انه ذو ايقاع خاص فخم ويبدو مثقف وذات نفس يشم منه " الاخر " : الاخر المتعلم المثقف .. والغريب ، انه حقا سيمفونية ، وقد تكون ناقصة المعمار ، لكنها سيمفونية على الاقل لا تماثل اغانيينا ااو بستاتنا ، ان لحنه لا يزال محفوظا في الذاكرة ، على عكس كلماته، وعندما قرأتها الان في مقالك " لحصاها فضل على الشهب ... " تعجبت من معانيها واصطفاءتها اللفظية وتجانس مفرداتها : لحصاها ؛ اي كلمة عجيبة هذه ، و" اللام " الخاص بها و " هاءها " الاخيرة ، انها بدت لي فخمة ومترعة بنخبويتها ! ؛ في السابق كنت اتصورها كلمة واحدة ، من دون ان اعي معناها ، لكن عندما قرأتها الان بدت حقا ذات نفس سيمفوني ، متحولة الى اغنية والى ترنيمة لذكرى اوقات مرت بي ، استعيدها في الليالي الطوال ( ما اطولها حقا ! ) يا عزيزي سعدي ! .

ما تقوله عن خير الدين الزركلي ، وما يقوله الزركلي في بيته الرائع " الروحُ بعد فراقها الوطنا لا ساكنا ً الفِت ولا سكَنا " ، وما تمثله تلك الحقبة الزمنية ، هي مدار اعادة تفكير بها بالنسبة الى ّ ، اعادة قراءة مجددا لها والى رجالاتها وانجازاتها ، واحاول ان اتناول كل ذلك من دون استنتاجات مسبقة او احكام قَبَلية ، وربما وجدت فيها مرحلة بطولية عن مهمة تأسيس بلد ونظام ، يتماهى فيه الرجال ، رجال تلك الفترة ، مع ذلك الهدف النبيل ، وارى فيهم استعدادا كافيا لتحمل اداء تبعات المرحلة وصيرورتها ، واقدر فيهم ما انجزوه . بالطبع لا اتوقع لاعادة القراءة هذه التى انا منهمك بها تعاطفا او تأييدا من الاخرين ؛ بيد ان مجرد رؤية المنجز المعماري ، وهو مدار اهتمامي المهني والشخصي ، ودلالاته يمكن ان يولد شعورا حقيقيا بالامتنان لها والى اناسها .
ما يقوله الزركلي ( شبيه صاحبك فرنادو بيسوا البرتغالي ) صحيح جدا ، لكن قوله يظل مشوبا ايضا بالندم ، ندم على قرارات اتخذت سابقا وسعينا دائما لتقديمها كونها قرارات صائبة ومفيدة .. وحتى لذيذة ؛ بيد انها في حقيقتها جعلت منا " لا ساكنا الفت ولا سكنا .. " وهو امر مرعب ومخيف لجهة التعاطي معه بشكل منطقي بعيدا عن التبريرات التى ما فتأنا نكررها .
لا يمكن لي ان افيدك ، لا في ارسال قصيدة / نشيد " لحصاها .. " ؛ ولا النص الكامل لقصيدة خير الدين ، لكني ارسل اليك صور البصرة ، بصرتك الجميلة ابان عهد الزركلي ، وابان عهد نشيد " لحصاها .. " ؛ فقد تشي رؤيتها الى استعادة ذكريات تلك الفترات التى تتكلم عنها، وانا واثق ستجد في خلفية الصورة المرسلة " اكتمال " للسيمفونية الناقصة ، والتى احتفظت عدسة المصور بيناعة و حداثة تلك المباني والتى اجزم بانها قد شوهت الان بشكل كبير من قبل الزمن .. والاخرين ، ولاسيما الاخرين الساعين بكل ما اتوا من حيل لحرماننا من متعة النظر اليها والتلذذ بسماع خلفيات موسيقاها الاثيرة لدينا .. جميعا !.
شكرا ياعزيزي ابو حيدر لكلماتك الرائعة .
ارجو ان تقبل مني تحياتي الاخوية ومودتي الصادقة لك ، ايها العزيز ؛
اخوك
خالد السلطاني
كوبنهاغن
‏الجمعة‏، 22‏ أيلول‏، 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية