الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسيين .. ومذكراتهم التى لم يكتبوها

أحمد فاروق عباس

2022 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


هناك عادة سياسية مصرية قبيحة ، وهى عدم كتابة السياسيين والمسئولين السابقين لمذكراتهم ، أو عدم - وهو الأهم - تركهم لاوراقهم التى كتبوها أثناء توليهم لمسئولياتهم ، إن كانوا كتبوا شيئاً من الأساس ..

فى الغرب نادرا ما نجد مسئولاً كبيراً فى الدولة فى قطاعها التنفيذي أو التشريعي أو العلمى أو حتى الثقافى والرياضى من لم يقل كلمته بعد تركه منصبه سواء فى مذكرات - لا مجرد ذكريات - أو فى أوراق أو يوميات كتبها اثناء عمله يذكر فيها تجربته ، وماذا حدث وكيف حدث ، وكيف تصرف وفيم اخطأ أو أصاب ..

ولهذا الموضوع فوائد عديدة :
١ - ازدياد خبرة ووعى الشعوب ، وفهمها لمنطق الدولة الذي يختلف تماما عن منطق الأفراد ، وفهمها للمصاعب المختلفة من منظور الرجال المسئولين عن التعامل معها ، والممكن والمستحيل فى السياسة ، وهى خبرة للشعوب لا تقدر بثمن ..

٢ - البديل لعدم قول المسئولين السابقين لكلمتهم عن زمنهم وماذا فعلوا فيه هو وجود حقب مصرية كاملة مجهولة ، واقربها لنا هو عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك ، فأغلبنا عاش فى ذلك العصر ، وكلنا لدينا فكرة ما - كشعب - عن العصر وما فيه ، ولكن المؤثرين فى ذلك العصر وقادته لم يتكلموا حتى الآن ، ويبدو أنهم لن يفعلوا ، ليس بغرض تبرئة ساحتهم ، ولكن لمغزى أهم ، وهو ذكر المسكوت عنه فى عصرهم ، والصعاب التى واجهتم ، وما الذى حكم تصرفهم فى المواقف المختلفة .. كل ذلك يدخل في ذاكرة الشعوب ، ويرفع من منسوب فهمها للواقع ..

طبعا من المتوقع أن يكون فى كلام المسئول عن نفسه بعض المبالغات وربما الأكاذيب ، وهو ما سيتكشف حتما مع كلام الجميع عن نفس العصر والمقارنات المتوقعة بين كلام هذا السياسى وآخر ..

إن مكتبات الولايات المتحدة مليئة بأوراق ايزنهاور وكينيدى وترومان وجونسون الخاصة ، كما كتب كلينتون وكارتر وبوش وأوباما مذكراتهم الطويلة ، وكذلك فعل وزراء الخارجية والدفاع ومديرى ال cia ، وفعل مثلهم علماء وفنانين وأدباء ..

وكذلك فعل أغلب قادة أوربا وبعض قادة آسيا ، الذين تركوا لشعوبهم أوراق تعبر عن هموم ومشاكل أصحاب السلطة وهم فيها ، وطبيعة ممارسة هذا المسئول أو ذلك للسلطة التى في يده ، بل وطموحه ومخاوفه وهواجسه ، وقدرت الشعوب صنيعهم هذا ..

ولكن هنا فى مصر يسدل المسئول على نفسه ستار الصمت بعد تركه منصبه ، ولا يتكلم أو يشرح لأحد تجربته وماذا حدث ، وإن كان مذنباً - فى نظر شعبه - لا يبرئ حتى نفسه أمام الناس ، ويترك كل شئ للظنون ثم للنسيان ، ويعيش الشعب فى مجموعة لا تنتهى من التخمينات والقيل والقال ، وما نسميه النميمة السياسية ، والنتيجة أن تظل حقب كاملة نائمة في حضن الظلام ، فلن تجد أحدا من عهد الملك فؤاد سوى أثنين أو ثلاثة من كتب يوميات أو مذكرات أثناء وجوده في الحكم ، وكذلك فى عهد الملك فاروق ، وحتى من فعل ذلك فقد كتب مجرد ذكريات أو أجرى بعض الحوارات فى الصحف عن الفترة التى كان فيها فى السلطة ..

ربما كان الاستثناء الوحيد نسبياً هو عصر جمال عبد الناصر ، الذى ترك هو أوراقه الخاصة بخطه ويومياته ، وقد نشرتها ابنته الدكتورة هدى فى عدة مجلدات ، ثم عاد الأمر سيرته الأولى مع السادات ومبارك وطنطاوى ومرسى وعدلى منصور ، وكلهم تركوا مناصبهم - اياً كانت الطريقة التى ذهبوا بها - ولم يقولوا كلمتهم بصدق - أو حتى بكذب - أمام الشعب الذى حكموه لفترة طالت أو قصرت ..

ومازلنا نعيش في غموض حتى حول أقرب الفترات عن زمننا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال