الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذور ومصادرالشيوعيه العراقية -اللاارضوية-؟/3

عبدالامير الركابي

2022 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن ثمة من مفر بعد ثورة تموز من تعديل التوازن المختل كليا لصالح اللاارضوية كحصيلة لطور الاصطراعية بين 1914 يوم نزول القوات البريطانيه في الفاو، وعام 1958 عام الثورة اللاارضوية الثانيه غير الناطقة. وكان من افدح الاخطاء التي تصل حد جرائم مخالفة قواعد التاريخ التي ارتكبتها الحملة البريطانيه، كونها دخلت من جنوب العراق، وظلت على مدى ثلاث سنوات تصعد الى "بغداد"، مسجلة بذلك خرقا استثنائيا غير مسبوق على الاطلاق في تاريخ العراق المديد، في بلد مشرعة جهاته الثلاث، الشرقية، والغربيه، والشمالية، لانصباب السلالات والاقوام من الجبال والصحارى الجرداء، باتجاه ارض الخصب، وهو مالم يسبق ان جرت مخالفته، ولاشذ عنه اي غاز، ومنحدر من الاعلى، على الاطلاق، فكان جنوب سومر هو "نقطة الامان" المجتمعي الثايته، المتواكبه مع الوجود والكينونه التي خرقها لسوء طالعه المحتل الحديث اليوم، وجعل من وجوده يتحول الى تهديد كينونه، استحث ردة فعل لامثيل لها وقعت في اواخر حزيران 1920، وليس ثمة مايشابهها من ردات الفعل على الاحتلالات التقليدية، مايضعنا امام حدث مطابق لنوع المجتمعية اللاارضوية العراقية، ببنيتها وتكوينها، وادخل الوجود الانكليزي ابتداء، نوع اصطراعية ليست من صنف الاصطراع الاستعماري المتعارف عليه تقليديا، ليرفعه لمستوى التصادميه الافنائية.
وماتقدم لم يسبق ان جرت ملاحظته على الاطلاق، بالاخص من قبل فطاحل "الوطنية" النقلية الايديلوجيه والحداثيين من الباحثين والاكاديميين الافذاذ، وبمقدمهم عبقري " علم الاجتماع" على الوردي على سبيل المثال (1)، ماجعل من غير المتوقع بناء عليه الذهاب للتساؤل عما كان متوقعا ان يكون عليه الحال، لو ان الحملة البريطانيه دخلت من جهة ايران او سوريا افتراضا، اي من الشمال كما هي القاعدة التناوبيه البر انيه السارية من دخول هولاكو،واحتلت بغداد، وطردت منها العثمانيين، وكيف كانت ردة فعل ارض السواد ستكون وقتها، وهل كانت ستاتي مواكبه ومترافقه مع بدابة الاحتلال، وقبل استقراره وتوضعه، بعد ثلاث سنوات على دخوله العاصمه المنهارة، لتستمر بناء عليه حلقات السلسله وردود الافعال ذهابا لاضطرار الانكليز لفبركة الكيانيه، و "الدولة" مظهر الافنائية الثاني العملي، كحاجة ووسيلة لاغنى عنها، جوهرها هو الاخر افنائي، لنوع كيانيه امبراطورية متعدية للكيانويه، ماكان من الممكن من دونها، الحلم بالبقاء، أواستمرار شكل من الوجود الانكليزي الذي كان مزمعا على الانسحاب عسكريا، ووضع الخطط لذلك، لولا استدراك متاخر(2)
وهكذا تتوزع الاحتداميه التشكلية الحديثة خلال قرابه أربعة قرون من 150 تمردا ومعركة عسكرية ايام العثمانيين، الى سلسلة الانتفاضات والاضرابات والانتفاضات العمالية الفلاحية التي لاتتوقف، حيث عرف العراق مابين 1921 / 1958 بالتعاقب 59 وزارة، اي مايقرب من وزارة كل ست الى ثمانية اشهر، بعضها لم يتعد عمرها الايام، كما عرف 16 مجلسا نيابيا، لم يكمل دورته من بينها سوى مجلس واحد فقط، ( الدورة النيابيه العراقية في العهد الملكي تستغرق اربع سنوات) واعلنت الاحكام العرفية في البلاد خلال 38 سنه 16مرة، وفي العراق قام عام 1936 اول انقلاب عسكري في العالم الثالث، هو الذي دشن ظاهرة الانقلابات العسكرية في هذا الجزء من العالم، كما عادت لتسقط فيه لاحقا ولم تعد مجدية، وسيلة الانقلابات العسكرية، وثبت ان الحركة المجتمعية المضادة تفوق طاقة العسكريين على السيطرة، ماجعل قضية الحزب العقائدي، ومعسكر "العمالة المفهومية" الحزبية الايديلوجيه، يتحول الى خيار دولي، حاسم، لايمكن التفكير بغيره، بالاخص بعد تجارب العسكريين وانقلاباتهم منذ ثورة تموز 1958 والعارفين، ماقرر خيار الحزب العقائدي/ الريع النفطي، والنواة العائلية القرابية، ليغدوقدرا لايمكن من دونه تدارك الاسوأ، في بلاد تقف على حافة حوض النفط العالمي، وفي بلد قالت عنه الايكونوميست البريطانية يوم 9 شباط في عز المذبحة الدامية 1963 "لقد عاد الحصان الجامح الى حظيرته " قبل ان يعود كيسنجر ليصرح اثتاء الغزو الامريكي فيقول: "مشكلتنا نحن الغربيون ليست مع صدام، بل مع العراق، هذا البلد القوي، ربما ياتي احد بعد صدام ويقوده باتجاه مضاد لمصالحنا في الشرق الاوسط، وعليه يجب تحطيم العراق"فهل هذا كله غير كاف للدلالة على درجة عنفوان الاليات المحركة للصراع، أي "الوطن كونية المضمرة والياتها المحركة"غير الناطقه، بناء لقاعدة الازدواج البنيوي الكياني، وكونها دالة على حضور اللاثباتية واللامجتمعية.
ويخرج كليا عما يمكن ان ينتظمه التناول الحالي، وصف ومتابعة درجة الاحتدام والغزارة الدينامية المجتمعية، ناهيك عن اشكال تحوراتها، واكتساب الظواهر بما فيها المنقولة صفات ولعب ادوار مخالفة، ان لم تكن من غير جنسها وطبيعتها، بما يتوافق وديناميات الازدواج المجتمعي ضمن اشتراطات وجدت للمرة الاولى مختلفة عن سابقاتها من الدول البرانيه، واخرها العثمانية لان الحاضر الاحتلالي الجديد الانكليزي الغربي، يحمل دونا عما سبقه، مشروعا ونموذجية كيانيه وتفكرية تحويرية واكراهية للاخر، ولمختلف امم وشعوب المعمورة، وقد جاء هنا ليصطدم بنمط ونموذجية مجتمعية تاريخيه تاسيسية بدئية، من نوع وصنف آخر.
وهكذا صار العراق وبناء لاحكام وديناميات قاعدة اصطراعيته بعد ثورة 14 تموز اللاارضوية الثانيه غير الناطقة، غيره كليا بالمقارنه بذلك الذي كان قائما بين 1921/1958 في الوقت الذي تبدلت تماما معطيات الاصطراعية الناشئة عن الانتقال من " البرانيه" كمرحلة تاريخيه استمرت لسبعة قرون، الى "الريعيه العقائدية"، وما اقتضته من تصفية الحزب الشيوعي اللاارضوي كراس حربة للاارضوية، وقتل زعيمه مع الالاف من اعضائه، ليكون اخر القتلى من القادة الشيوعيين من حزب اللاارضويين*، بعد "فهد" المقتول لاسباب، وثمنا للتاسيسية الخطرة، وقفت وراءها اصراعية بين المخابرات البريطانيه والروسية، بينما قتل سلبام عادل لاسباب تتعلق بتعديل التوازن المختل، لينتهي زمن القادة المشنوقين والمقتولين، لصالح اخرين يعيشون لاكثر من تسعين عاما، وحتى الى القرن، من امثال عزيز محمد، وكريم احمد، و بهاء الدين نوري، الاكراد المتحصنين بالجبال، والذين ارادوا ان يبيعوا البعث المحوّر، الصدامي كردستان من خلال توكيلهم هناك ليصبحوا " بعثيي الجبال"، فقاتلوا ضد ابناء جلدتهم الى جانب الجيش العراقي بداية السبعينات، ليكسب عزيز محمد "الجبهة الوطنيه والقومية التقدميه" عام 1973، وبقف جنبا الى جنب اثناء انتفاضة خان النص عام 1977 مع البعث على الارض، قبل ان يطرد ليتحول فجاة الى مقاتل يحمل السلاح، وله "انصار" في كردستان، ليكتمل مشهد من اكثر مايمكن تخيله من مشاهد التاريخ مدعاة للسخرية والدهشه، وصولا الى حميد مجيد وشيوعية بريمر الممنوعه من استعمال تعابير "الاستعمار" و "الامبرايالية"، كشرط لقبولها في البطانه، وصولا الى الدكانه التي تاتمر باوامر السفارة الامريكيه القائمه اليوم، وهي توحي بانها ترفع اياغالا في السخرية السوداء، ولو باطنيا، شعارات عائدة للنين وماركس.
ـ يتبع ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من قبيل مناقشته الاستشراقية الساذجه لكوتلوف وكتابه عن ثورة العشرين.
(2) "فقد حدثت في نهاية 1919 ، ونهاية 1921، احداث جسيمة في العراق كادت تؤدي الى هزيمة محققة لقوات الاحتلال البريطاني. فلقد قامت الثورة في نهاية حزيران 1920، واشتعلت نيرانها في الفرات الاوسط، وسرعان ماانتشرت الى منطقة الغراف والعمارة وديالى، وبقية انحاء العراق، ولقد تكبد البريطانيون خسائر كبيرة مما اضطرهم الى الشروع بالانسحاب كليا من العراق، وبالفعل اعد الكولونيل ولسن مشروعا مفصلا بالانسحاب العسكري من العراق، لكن السلطات البريطانية في لندن رات انه مازالت هناك فرصة لتدارك الهزيمة، فاستدعت السير برسي كوكس واطلعته على الموضوع، فاشار الى ان هناك املا "خمسين بالمئة" بالنجاح في انقاذ النفوذ البريطاني في العراق، ولكن "بشرط تشكيل حكومة عراقية تستعمل كواجهة للحكم البريطاني في العراق" علاوي 56/ وتكتب وقتها مس بيل رسالة لاحدى الجهات، واصفة حال الجيش البريطاني ابان ثورة 1920 فتقول:" ان نهاية الامبراطورية الرومانية، تعتبر اقرب حدث تاريخي يقارن بوضعنا في الوقت الحاضر" بيل 498 كوتلوف/ ابراهيم علاوي ( البترول العراقي والتحرر الوطني)/ دار الطليعة / بيروت/ ص56 نقلا عن كتابي ولسن" الولاء" و " تعارض الولاء"، وكذلك رساله جريتورد بيل حيث تحتوي على فصل كتب من قيل برسي كوكس، يشير بوضوح الى هذه القضية/ راجع الهامش ذات الصفحه.
* يلفت الانتباه هنا "صدفة" انتقال قيادة الحزب الشيوعي الارضوي المقتولة، من الناصرية/ المنتفك، الى النجف، اي نفس ايقاع الفترتين التشكليتين الحديثتين، القبلية الاولى، والانتظارية النجفية الثانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة