الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المال السياسي
أحمد فاروق عباس
2022 / 8 / 11مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أننا نريد الديموقراطية ولكننا لا نعرف أهم مكوناتها ، ونريد حرية التعبير بشرط أن تمس معتقدات وآراء الآخرين ، لا أرائنا نحن ..
الديموقراطية هى تنافس أطراف ذات ثقل اجتماعى واقتصادي للوصول إلى سلطة القرار في الدولة ، واستخدامها لتحقيق مصالحها ، ومن هنا كانت الديموقراطيات العريقة تقوم على أساس أحزاب للرأسماليين - كحزب المحافظين في بريطانيا والحزب الجمهوري في أمريكا - وأحزاب للعمال والطبقات الوسطى ( كحزب العمال فى بريطانيا والحزب الديمقراطى في أمريكا ) وذلك بصفة عامة ..
أى أن الديموقراطية في الدول التى نحاول تقليدها هى - ظاهرياً على الأقل - تعبير سياسى عن واقع اقتصادى معين ، ومن هنا كان المال للديموقراطية والتنافس على أساسها ضرورة وجود ..
وفى مصر ترتفع مع كل إنتخابات الأصوات محذرة من خطر المال فى السياسة ، ويبدو أن الناس يطالبون بديموقراطية خيالية ، فالديموقراطية بمفومها وتطبيقها الغربي - الذي نحاول تقليده - تعطى المال الكلمة الأولى في القصة كلها ..
وبغض النظر عن أن الموضوع يستخدم فى مصر بطريقة " خام " إلا أن المنطق واحد ..
المال شئ طبيعى فى أى عملية تنافس سياسي ، فما يتم التنافس حوله هو السلطة وصولجانها ، وهى مطمع كل أصحاب المطالب والمصالح ..
واذا كان المال يستخدم أحياناً فى مصر كرشوة مباشرة للناخبين ، فإنه يستخدم في أمريكا فى شكل إعلانات ودعاية على الشاشات وفى الصحف ، وحملات انتخابية تستخدم فيها كل أنواع المؤثرات ، وهى أمور مكلفة جداً ، فجذب الزبون - أو الناخب - أو الضحك عليه ، ناحية هذا المرشح أو ذلك يستلزم هناك أيضاً أموالا طائلة ..
كما أن المال السياسى المقدم لتمويل الحملات الانتخابية لمرشحى الرئاسة أو الكونجرس أو حكام الولايات يصل إلى مليارات ، وتنفقه شركات ومراكز قوى تنتظر رد الجميل بعد الانتخابات !!
إذا أردنا الديموقراطية فيجب أن نعرف عيوبها ، حتى نكون على بينة مما نطالب به ، وهى عيوب ليست جديدة ، ويتكلم فيها العالم كله ..
المال والدعاية فى الديموقراطية على الطريقة الغربية إذن هو أساس وجودها .
ومن ناحية أخرى لم تنجح الديموقراطية فى النظم الاشتراكية واليسارية ، لأن تنافس الطبقات والفئات الإجتماعية تم منعه ، وابعدت الطبقة الرأسمالية وازيحت ، كما أن أغلب الطبقة العاملة في تلك المجتمعات يعملون كمستخدمين وموظفين وعمال لدى الدولة وهيئاتها ومؤسساتها الإنتاجية والخدمية ، وبمنع الطبقة الرأسمالية وشراء الطبقة العاملة امتنع مبرر ومعنى التنافس السياسي للوصول إلى السلطة العليا في المجتمع ، ومن هنا كان التنافس السياسي فى النظم اليسارية والاشتراكية باهتاً وغير مقنع ، بعكس الدول الغربية التى تركت حرية التنظيم للفئات الاجتماعية بضوابط تجعلها تحت السيطرة ، واصطنعت شكلاً براقاً بغض النظر عن محتواه الفعلى ..
وللديموقراطية ، بخلاف المال السياسي مشاكلها الأخرى ،
ومن عيوب الديموقراطية - باختصار - بجانب المال السياسى الجوانب الآتية :
- أنها قد تستخدم لتقوية مجموعات عرقية أو طائفية أو مناطقية كما يحدث الآن في العراق ، وكما حدث سابقاً فى لبنان ، فعدم تكَّون مفهوم الدولة أو تراجعه يفتح الطريق فوراً لظهور تكوينات ما قبل الدولة ؛ كالعشيرة والطائفة والعرق والإقليم ، وعندما تأتى الديموقراطية فى ظروف كهذه فهى وصفة ممتازة لتمزق الدول وتفتيتها ..
- أن الديموقراطية وعلى خلاف ما هو شائع هى باب واسع لوصول انتهازيين وفاسدين بل وقادة عصابات أحيانا للسلطة فى بعض البلاد ، ومن قرأ شيئاً عن الانتخابات فى الهند ( إنتخابات الولايات والانتخابات البرلمانية ) سيجد أموراً عجيبة ، ذكر بعضها الكاتب الأمريكى فريد زكريا فى كتابه " مستقبل الحرية " ، وقصة ساركوزي في فرنسا والأموال التى أوصلته إلى السلطة - ومنها أموال القذافى الذي شارك ساركوزي فى دمار بلده وقتل القذافى نفسه - شاهد ودليل ..
- أنها باب مفتوح لوصول تيارات متطرفة إلى سلطة القرار في الدولة ، أو وصول مرشح متعصب ، أو مرشح عالى الصوت إلى مواقع حساسة ، يصبح من خلالها متحكما فى مصير عشرات الملايين ومصير دولة بأكملها ، وهناك أمثلة كثيرة لدول سلمت مصيرها لمرشحين من هذا النوع ، وفى أرقى البلدان علماً وثقافة كألمانيا ، فلم يصل هتلر - الذي كان سبباً فى أكبر مجزرة في تاريخ البشرية والتى ذهب فيها ٦٠ مليون إنسان وهى الحرب العالمية الثانية - لم يصل إلى السلطة سوى بصناديق الإنتخابات !!
هذه ليست دعوة لكراهية الديموقراطية .. اطلاقاً
بل هى دعوة لفهم ما نطالب به ونتمنى تحقيقه في بلادنا ، ومشاكله وعيوبه التى يتكلم عنها العالم أجمع سوانا ، فنحن مازلنا في المرحلة الرومانسية فى النظر إلى الديموقراطية وتطبيقها ..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد
.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي
.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-
.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا