الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظراء الحرباء

حسن مدن

2022 / 8 / 12
كتابات ساخرة


من قال إن الممثل هو ذاك الذي نراه على خشبة المسرح فقط، أو على شاشة السينما، أو التلفاز؟

آية الممثل الجيد هو قدرته على تقمّص الشخصيات، فيكون في عمل من الأعمال ساخراً، وفي آخر مجنوناً، وفي ثالث باكياً، أو حزيناً. وهو يفعل ذلك من دون أن نحسّ بأي تكلف، أو افتعال في تقمصه للشخصية التي يقدّمها أمامنا، حتى نكاد نصدق أن الممثل الذي يؤدي دور «هاملت» في مسرحية شكسبير هو نفسه الأمير الدنماركي الذي رسم ملامحه الكاتب، وأن المرأة التي تؤدي دور «آنا كرنينا» في فيلم مأخوذ عن رواية تولستوي الشهيرة هي آنا كارنينا نفسها التي في الرواية، وفي الحياة.

وهل بوسعنا الفصل بين صورة «زوربا اليوناني» في رواية نيكوس كازانتزاكيس التي تحمل الاسم نفسه، وبين أنطوني كوين على الشاشة، وهو يؤدي الدور، فكأن كل ملامح زوربا في الرواية تجسّدت في أنطوني كوين، ولأننا ذكرنا اسم كوين فبوسعنا أن نضيف هذا السؤال: أكان يمكن للعجوز سانتياجو في رائعة إرنست همنجواي «العجوز والبحر» أن يكون مختلفاً فعلاً عن الصورة التي قدّمه بها أنطوني كوين نفسه في الفيلم الشهير الذي لا نملّ من مشاهدته؟

أشعر بما يدور في خلدكم الآن، من أن ليس كل الممثلين، سواء على المسرح، أو على الشاشة، أفلحوا في تقديم الشخصيات التي اختيروا لأدائها، وأن الكثيرين منهم شوّهوا تلك الشخصيات وأساؤوا إليها، وأنه كان من الأفضل لو أننا احتفظنا بصورتها كما بدت على صفحات النصوص التي كتبتها.

هذا صحيح تماماً، ولن نخوض فيه أكثر، لأننا بصدد الحديث عن ممثلين آخرين غير أولئك الذين نشاهدهم على المسرح، أو على الشاشة. إنهم الممثلون في الحياة. لينظر كل منا حواليه ويبحث عن أمثال هؤلاء القادرين على تقمص أدوار تبلغ درجة الاختلاف بينها حدّ التناقض، ولكنهم لا يأبهون.

يوصف هؤلاء، بالفصحى وبالدارجة أيضاً، ب«المتلونين»، ويُشبّهون ب«الحرباء» القادرة على تغيير لونها وفق متغيرات البيئة، ويتميزون بمقادير يحسدون عليها من مهارة القفز، وبمنتهى الخفة والرشاقة، من الموقع إلى نقيضه.

ويقال عنهم أيضاً: «يعرفون من أين تؤكل الكتف». وقد أطلقت العرب هذا التعبير لأن أكل الكتف لا يكون بطريقة «خذوه فغلّوه»، وحسب القواميس: «تؤكل الكتف من أسفلها، أما من أعلاها فيشقّ أكلها عليك، لأن المرقة تجري بين لحم الكتف والعظم، فإذا أخذتها من أعلى انصبت عليك المرقة، وإذا أخذتها من أسفل انقشرت عن عظمها وبقيت المرقة ثابتة مكانها».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان


.. كل يوم - الناقد الرياضي فتحي سند : فرص الأهلي في الفوز بالبط




.. كل يوم - الناقد الرياضي فتحي سند : لو السوبر الأفريقي مصري خ