الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأديب الجزائري مولود فرعون المغتال الذي ظلمه أبناء جلدته

بوياسمين خولى
كاتب وباحث متفرغ

(Abouyasmine Khawla)

2022 / 8 / 13
الادب والفن


لم يحظى "مولود فرعون" دائمًا بالترحيب في الجزائر إلا مؤخرا، رغم أنه أغتيل على يد "منظمة الجيش السري" (OAS) - الاستعمارية حتى النخاع - في الجزائر العاصمة في 15 مارس 1962 ، قبل أقل من أسبوع من توقيع "اتفاقيات إيفيان" التي كرست استقلال الجزائر.

لطالما كان لإبداع مولود فرعون منتقدوه ، وأيضا محبين ومدافعين، لكن - وهذه من المفارقات - أن اللوم الموجه إلى فرعون خلال حياته هو نفسه الموجه إليه اليوم، وكأن السياق الاجتماعي والسياسي والثقافي في الجزائر ظل ساكنا ولم يتغير.

بالمقارنة مع الكتاب الجزائريين الآخرين من جيله، لم يتم الاعتراف دائمًا بشرعية مولود فرعون كمواطن ، ناهيك عن كونه وطنيا وقوميا ، في صفوف النخب الرسمية. ويبدو في عيون الكثيرين أن فرعون لم يجسد "الجزائر الأصيلة" كما فعل الكاتب "محمد ديب" ، أنه مستبعد منها كما هي حالة الكاتب "معمري".

"مولود فرعون" القبايلي – نسبة للقبايل بالجزائر- كاتب ناطق بالفرنسية ، كان وي نظر العديد من رفاقه مكانة خاصة ، مقارنة بغيره من الكتاب الجزائريين الناطقين بالفرنسية ، بدءًا من الأديب "كاتب ياسين". لقد وجد البعض في كتاباته الرضا عن فرنسا الاستعمارية ، وصنفه آخرون على أنه كاتب إثنوغرافي بسيط. في حين رأت ، كريستيان شوليت عاشور - المتخصصة في الأدب الشمال أفريقي – عمله "أدب التصحيح وليس التساؤل والمساءلة".

ظل مولود فرعون واضحا ، وهو يعمم موقفه بإشراك جميع زملائه ، ويشير إلى غياب "الجزائري" في أعمال "ألبير كامو" و"إيمانويل روبليس" ، ويكتب من جانبه مولود فرعون قائلا: "موقفنا ليس متناقضًا كما قد يتصور المرء. في الواقع ، نحن لسنا "بين كرسيين" بل نحن بمفردنا ".

في يونيو 1956 ، رد الجنرال "جان أوليه" - Jean Olié - "صديق الكتب" ورئيس الأركان السابق للجنرال ديغول ، على أولئك الذين كانوا يشككون في الكاتب مولود فرعون، إذ أكد "نحن نثق به". وهذا ما أضر به: إن علامة الثقة هذه ، الصادرة عن ضابط رفيع المستوى في الجيش الاستعماري ، عززت شكوك بعض الوطنيين بخصوصه.
وعلق مولود فرعون على هذا الكلام قائلا:
"هذا كله ممتع جدا بالنسبة لي. لكنني أعتقد أنه في المعسكر الآخر أيضًا ، أستمتع بنفس التقدير ونفس الثقة ونفس عدم الثقة أيضًا. أنا في توازن بشكل غير مستقر على حبل ضيق للغاية ورفيع للغاية. لنفترض أنه هذا الأسبوع ، ربما أعطيت انطباعًا للمقاتلين بأنني أميل إلى الجانب الفرنسي، ومع ذلك ، فهم يعرفون جيدًا أنه في وضعي لا يمكنني تجنب حفلات الاستقبال الرسمية هذه ... وسأضطر إلى رفض الدعوة الرسمية التالية لاستعادة التوازن غير المستقر (...) لأنني ، بكل بساطة ، أرفض أن أكون إلى جانب يتعامل. أفضل أن أعاني مع أبناء وطني على أن أشاهدهم وهم يعانون ؛ هذا ليس الوقت المناسب للموت كخائن لأن المرء يمكن أن يموت كضحية".

حتى أصحاب "العقل المستنير" مثل عالم الاجتماع "مصطفى الاشراف (1917-2007)- الدبلوماسي ووزير التربية الوطنية - لم يتردد في ضرب رواية "ابن الفقراء"- أول عمل أدبي لمولود فرعون- حيث أنها تعبر عن الرضا على النظام الاستعماري بحجة أن فرعون كان يمارس "الفرانكفونية الإيجابية". وهذا موقف مفاجأة صادر عن مدافع عن ثنائية اللغة قبل أن يقر بالمصادقة على التعريب الذي فرضته السلطة. وفي مقابلة نُشرت عام 1963 ، كان مصطفى الاشراف حدة مما كان عليه مع غيره من الكتاب إذ قال :
" كان لهذه الروايات لها رواج لفترة طويلة ، لكن يجب الاعتراف ، من الناحية الموضوعية، أنها كانت تفتقد في أحيان كثيرة دائمًا للأساس الجيد. إذا كان هؤلاء الؤلفون ، من الناحية الفنية ، يقتربون من الكمال ، فهم لم يكونوا بعد انعكاسًا حقيقيًا للمجتمع الجزائري ، خاصة على مستوى الجماهير العاملة والمستغلة والشعب بشكل عام ، بفضائله ، وإنسانيته ، و مقاومته الصامتة أو المعلنة للقمع الاستعماري".

في دراستها المخصصة لمولود معمري - ولكن جزء كبير منها تطرق مطولاً لمولود فرعون - لا تتردد "هند سعدي" في التذكير بتناقض "كريستيان شوليت عاشور" الذي ينعكس في هذه السطور:
"مولود فرعون ، كاتب مليء بالرزانة وجهده وتطبيقه واضحان ، يشعر بشكل كبير بتجربته كمدرس [...] وهذا لم يخدمه ، لا سيما في مذكراته ، الوعي بعدم التكافؤ الشديد الذي حركه على صعيد السياسة الوطنية ، مما جعله يوسم بالتعاون مع المستعمر و ويروج للوهم الاستعماري."

لاحقًا ، ستقوم نفس الناقدة الأدبية - "كريستيان شوليت عاشور" - بتنظيف قلمها من كل آثار الحقد ، عندما توقع على تقديم النسخة الجزائرية من كتاب "رسائل مولود فرعون إلى أصدقاه" والتي جاء فيها:
"إن اكتشاف كاتب على الجانب الآخر من المرآة هو متعة متجددة دائمًا: هذا ما تمنحها المراسلات التي جمعها "إيمانويل روبليس" في المجلد ، الذي نُشر لأول مرة في عام 1969 ، رسائل إلى أصدقائه. إن قراءة هذه الرسائل تستدعي نكهة الكلمات الراسخة في زمان ومكان محددين (...): ينسج فرعون روابط وشبكات من "وطنه" ، وإذا كان يباعد بين كتاباته وأوراق صداقته ، فإنه يشعر أن العزلة تجتاحه أكثر ... تكشف الرسائل الموجهة إلى أصدقائه جزءًا مهمًا من شخصية فرعون ، هذا المتسلق لجبال "القبايل" فخور بأصوله ، هذا الإنسان الممزق الذي يدعو الناس لمزيد من الأخوة (...)".

لكن إذا كانت "كريستيان شوليه عاشور" قد انتقدت مولود فرعون في رواياته لإخفاء أحداث الحرب "التي كان على علم بها منذ أن سجلها في مذكراته" ، في مقدمته لنفس المذكرات -1955-1962 - كتبت بشكل غير متوقع:
"اليوميات هي نص لرجل يراقب بلده وقد مصدوم وممزق ، يراقب بلده وقد استسلم للعنف. كتب فرعون نفسه أنه "مراقب يقظ يعاني من كل معاناة الرجال ويسعى إلى الرؤية بوضوح في عالم تتنازع فيه القسوة مع الغباء لاحتلال المركز الأول" (6 يناير 1957). "شعب اعتاد تلقي الضربات ، والذي يستمر في تلقي الضربات ولكنه متعب ، متعب ، على وشك اليأس (...)أهل بلدنا يدعون للشفقة وأشعر بالخجل من راحة بالي" (9 سبتمبر ، 1956) (...) نحن بعيدون جدًا عن الصورة الإيجابية للأدب الدعائي أو قصص الحياة الأخرى للفاعلين في النضال ، لشعب يكافح عن طريق الاقتناع والضرورة التاريخية ".

فرعون "عميل الاستعمار ومتعاون معه" و "مندمج" عند البعض و "جبان" بالنسبة للآخرين. في سنة 2007 ، خلال مؤتمر في دار الثقافة في "تيزي وزو" بالقبايل ، رد الكاتب والصحفي "أرزقي مطرف" على هؤلاء "الموزعين للنعوت واليافطات": "أعتقد أن فرعون كان دائمًا رجلاً لا يوافق على العنف (...). وعلاوة على ذلك ، فإن اغتياله على يد "منظمة الجيش السري" (OAS) – الاستعمارية المتطرفة ، على النحو الذي تم به ، يتجاوز كل التفسيرات لموقفه من الاستعمار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع